ظاهرة الاختلاط
العجب أن ظاهرة الاختلاط أصبحت ظاهرة اجتماعية مألوفة، والأعجب أن الذي يدعو إلى عدم الاختلاط يعد هذا تخلفاً ورجعية.
وهذه بعض صور الاختلاط المحرمة والتي انتشرت في المجتمع المسلم:
1- اختلاط الأولاد الذكور والإناث -ولو كانوا إخوة- بعد سن التميز في المضاجع، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتفريق بينهم في المضاجع، فقد أخرج أبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع».
2- اتخاذ الخدم الرجال واختلاطهم بالنساء والعكس.
3- الاختلاط في دور التعليم كالمدارس والجامعات والمعاهد والدروس الخصوصية.
4- الاختلاط في وسائل المواصلات.
5- الاختلاط في الوظائف والأندية والأسواق والمستشفيات.
6- الاختلاط بين الجيران وفي الزيارات العائلية.
7- الاختلاط في الأعراس (الأفراح) والحفلات.
فلا ينبغي للمرأة أن تخالط الرجال فهذا مما حرمه الشرع، وهذا مما يدل عليه القرآن وسنة الحبيب العدنان.
الأدلة من القرآن على تحريم الاختلاط:
1- قوله تعالى: ?وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى? [الأحزاب:33].
ووجه الدلالة من الآية: أن الله تعالى أمر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرات والمطهرات الطيبات بلزوم بيوتهن، وهذا الخطاب عام لغيرهن من نساء المسلمين لما هو متقرر أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإذا كن مأمورات بلزوم البيوت إلا إذا اقتضت الضرورة خروجهن، فكيف يقال بجواز الاختلاط الذي نراه الآن مع قلة الوازع الديني عند كثير من النساء، وخلعهن جلباب الحياء، وخروجهن متبرجات سافرات، مع قلة الغيرة عند محارمهن؟!
فالآية تدل على أن الأصل ألا تخرج المرأة في بيتها، ولا يقال للمرأة متبرجة إلا إذا خرجت في بيتها، ولذلك قرن الله التبرج بالخروج؛ لأنها لو تبرجت في بيتها لم تكن متبرجة.
ويقول ابن باز -رحمه الله-: “وقد سمى الله مكث المرأة في بيتها قراراً، وهذا المعنى من أسمى المعاني الرفيعة، ففيه استقرار لنفسها، وراحة لقلبها، وانشراح لصدرها، فخروجها من هذا القرار يفضي إلى اضطراب نفسها، وقلق قلبها، وضيق صدرها، وتعريضها لما لا تحمد عقباه”.
2- قوله تعالى: ?وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ? [الأحزاب:53].
قال ابن جرير-رحمه الله- في تفسير هذه الآية: “وإذا سألتم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متاعاً، ?وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ? [الأحزاب:53]، أي: من وراء ستر بينكم وبينهن”.
3- قوله تعالى: ?وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ? [النور:31]، وجه الدلالة من الآية: أنه تعالى منع النساء من الضرب بالأرجل -وإن كان جائزاً في نفسه- لئلا يكون سبباً إلى فتنة الرجال وذلك بسماع صوت الخلخال فتثير دواعي الشهوة عندهم، وإذا كان الأمر هكذا فكيف برؤية وسماع المرأة؟!
وغير ذلك من الأدلة القرآنية لكن في هذا قدر الكفاية.
أما الأدلة من السنة على عدم مشروعية الاختلاط:
فقد أخرج الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلى المساجد، وبيوتهن خير لهن»، وفي رواية: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن».
وأخرج الطبراني في الكبير عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «النساء عورة، وإن المرأة لتخرج من بيتها وما بها بأس فيستشرفها الشيطان فيقول: إنك لا تمرين بأحد إلا أعجبتيه، وإن المرأة لتلبس ثيابها فيقال: أين تريدين؟ فتقول: أعود مريضاً، وأشهد جنازة، وأصلي في المسجد، وما عبدت امرأة ربها مثل أن تعبده في بيتها».
قال الحافظ في الفتح (2/ 495): “ووجه كون صلاتها في الأخفى أفضل، تحقق الأمن فيه من الفتنة، ويتأكد ذلك بعدما أحدث النساء من التبرج والزينة”.
والخلاصة: أن البيت بالنسبة للمرأة هو حصنها الحصين، ومحل استقرارها وراحتها وطمأنينتها، وهو خيرُ حجاب لها فلتلزمه، ولا تغادره إلا لحاجة وضرورة، وإذا خرجت فبالشروط المشروعة، وبذلك تحافظ على كرامتها وكرامة المجتمع.
فإذا خرجت لضرورة أو خرجت إلى المسجد، فهناك من الشروط والقيود التي وضعها الشارع لمنع الفتنة والاختلاط:
1- ألا تخرج متعطرة.
2- جعل باب خاص بالنساء للدخول والخروج منه.
3- تكون في منأى عن الرجال حيث لا تُرى.
4- تتصرف النساء قبل الرجال حتى لا يقع الاختلاط.
5- تمشي في حافة الطريق ولا تمشي في وسطه حتى لا يقع الاختلاط أيضاً.