مواسم الخيرات ودور المحتسب فيها
مواسم الخيرات ودور المحتسب فيها
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين، نبينا محمد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن أيام الله ليست كلها عند الله سواسية، بل فضَّل بحكمته بعضها على بعض، واختار بعضها من بعض، فلله خواص من الأزمنة والأمكنة والأشخاص, فقال الله تعالى: ?وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ? [القصص:68].
من رحمة الله عز وجل بهذه الأمة المرحومة، أمة النبي محمد-صلى الله عليه وسلم- أن جعل لها مواسم للخير والثواب، أياماً وليالي يعظم أجرها، ويكثر فضلها، هي مواسم أو فرص ذهبية, تتحفز فيها الهمم، وتنشط فيها العزائم, الكل يتنافس ويتسابق.
وقد اختار الله من الأيام أيامًا جعلها مواسم خيراتٍ، وأيام عباداتٍ، وأوقات قرباتٍ، وهي بين أيام السنة كالنفحات، والرشيد السعيد من تعرض لها ونهل من خيرها، كما جاء عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «افعلوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يؤمن روعاتكم». [أخرجه الطبراني في الكبير حديث:719 وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة1890].
ومواسم الخيرات: هي عطاياه التي تهب من رياح رحمته، وتجليات مقربات يصيب بها الله تعالى من يشاء من عباده.
وإن مما لاشك فيه أن للمحتسب دوراً مهماً في بيان تلك النفحات، وما فيها من فضل عظيم من الله تبارك وتعالى، وبيان الهدي النبوي في استغلال تلك النفحات التي هي رحمة الله تعالى على العباد؛ وأن أول الخطوات في استقبال موسم الخيرات: هو شكر الله تبارك وتعالى على أن مدَّ في عمره إلى أن أدرك وقت تلك النفحات، وكذلك على المحتسب أن يبين للناس أن يستعينوا بالله تبارك وتعالى على اغتنام هذه المواسم.
وإن من أهم النفحات بعد شهر رمضان: هي صوم الست من شهر شوال، وكذلك يليها العشر الأول من شهر ذي الحجة، و يستحب من العبادات فيها: الحج، والصيام، وصوم يوم عرفة لغير الحاج، والأضحية يوم العيد، والإكثار من التحميد والتهليل والتكبير المطلق، والتكبير دبر الصلوات.. وغير ذلك من أعمال البر.
وكذلك صوم شهر الله المحرم، وكذلك يليها من مواسم الخيرات: صوم يومي الإثنين والخميس من كل شهر طوال العام.
فلتبادر أخي المحتسب باغتنام تلك المواسم وتلك الأيام الفاضلة، وتحذر الناس من التفريط فيها قبل أن يندم المفرّط على ما فعل، وقبل أن يسأل الرّجعة فلا يُجاب إلى ما سأل.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من عباده الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر, إنه ولي ذلك والقادر عليه.