الرفقة السيئة والمصير المظلم
الصحبة السيئة تقودك إلى مصير مظلم، شاب سقط بسبب الصحبة السيئة في جحيم المخدرات، أتعب نفسه وأتعب أهله، وأتعب المجتمع الذي يعيش فيه، أبعد عن البلد الذي يعيش فيه إلى بلد آخر، ذهب إلى هناك، وهناك تعرف على صحبة صالحة دلوه على طريق الخير، بدأت جذوة الإيمان تنير في قلبه، صلحت حاله فقرر الرجوع إلى بلده السابق.. إلى أهله، وبالفعل رجع، وقابله صديق له سابق صلحت حاله مثل هذا، ففرح باللقاء وهنّأ كل منهما صاحبه على التوبة، عاش أياماً سعيدة، اطمأن قلبه وارتاحت نفسه، ولكن أصدقاءه السيئين السابقين حينما علموا بوصوله جاءوا إليه، ومازالوا به حتى أرجعوه إلى المخدرات، جاء إلى صاحبه الصالح يبكي: أنقذني يا فلان فقد رجعت إلى أصدقاء السوء، هدأه صاحبه وطلب منه عدم الذهاب إليهم مهما كلف الأمر، أصبح هذا بين مدٍ وجزر، يأتيه أصحابه السيئين فيذهب معهم، ثم لا يلبث أن يرجع مرة أخرى إلى صاحبه الصالح يبكي نادماً على فعله، احتار الشاب الصالح في أمره ماذا يفعل له، لقد بذل كل الأسباب التي في وسعه لإبعاد هذا الشاب عن الرفقة السيئة، قرر استشارة بعض الدعاة في أمره، أرشده الداعية إلى بعض الأشياء، قال فعلتها وهذه فعلتها، قرر هذا الداعية الاتصال بي، لم تحصل المكالمة بيننا لسبب أو آخر، علم هذا الداعية بمجيئي إلى هذا البلد فقرر مقابلتي لإخباري بالقصة، وبالفعل تمت المقابلة بيننا، أخبرني القصة كاملة، وقبل أن أبدأ بالكلام قال لي: ولكن الآن لا فائدة، لقد اتصل بي صاحبي الليلة الماضية وأخبر أن صاحبه توفي بسبب إبرة هيروين.
يا أيها الشاب! أصدقاء السوء لا تظن أنهم من الجن أو أنهم شياطين، صديق السوء يلبس كلبسك ويخرج معك، ويدخل السرور إلى نفسك، لكنه سرور مؤقت، نهايته سيئة وحزن وندامة، صديق السوء يعطيك أرقاماً تعاكس عن طريقها، صديق السوء يعطيك أسماء مواقع على الإنترنت تشاهد من خلالها ما يسوء، صديق السوء يدعوك إلى الذهاب إلى الأسواق والشواطئ للنظر الحرام، صديق السوء يدعوك إلى الاستمتاع بالقنوات الفضائية في الاستراحة أو الشقة أو عنده في منزله، صديق السوء يدعوك إلى السفر إلى الخارج وربما تكفل بنفقاتك، صديق السوء يهون عليك المعصية، لو رآك تصلي قال: هل تطوعت يا فلان؟ هل وسوست؟ يضحك منك ويسخر بك، صديق السوء يعطيك الأفلام الجنسية، ويرغبك في سهرات حمراء أو زرقاء، صديق السوء يعطيك أول سيجارة ثم إذا سقطت أعطاك سيجارة الحشيش، أو يهديك حبة منشطة تساعدك في المذاكرة، ويتدرج بك كخطوات الشيطان حتى يوقعك في الإدمان.
وحينها ستعلم أي شيء أوصلك إليه، أنت لا تشعر أنه عدو بل ستشكر له صنيعه وشهامته في دلالتك على ما يسعدك في ظنك.
أتظن أن هذا ينفعك؟ ستعلم يوم القيامة ماذا صنع بك: ?وَيَوْمَ يَعَضُّ الظالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا? [الفرقان:27].
سيكون غداً عدواً لك تلعنه ويلعنك: ?حَتى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ? [الزخرف:38] ?الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ? [الزخرف:67].
أيها الشاب! لا تخدعك الشهوة العاجلة، فلا خير في لذة يعقبها النار، في الحديث عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ! هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ، هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لا وَاللَّهِ يَا رَبِّ. وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ! هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ».
لا تنخدع باستتارك وبعدك عن أعين الناس، فالله يعلم كل شيء: ?أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلا هوَ سَادِسهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ? [المجادلة:7].
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل *** خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل طـرفــة *** ولا أن ما تخفي عليه يغيب
أيها الشاب! يا من عرفت الفواحش، يا من سعى إلى الكبائر، يا من يزني، يا من يلوط، يا من يتعاطى المخدرات، يا من يتهاون في الصلاة، أنسيت الله، أنسيت الرقيب.
يا من يسافر إلى المعاصي، ويبذل ماله وصحته ووقته لأجلها، أنسيت الله؟ أنسيت الجبار القوي القهار؟
إذا ما خلوت بريبة في ظلمة *** والنفس داعية إلى العصيان
فاستح من نظر الإله وقل لها*** إن الذي خلق الظلام يراني
أتخشى رجال الهيئة ورجال الشرطة ولا تخشى من الله؟!
لا تغتر بحلم الله، لا تستصغر الذنب فإن الذنوب يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه.
لما حضرت أبا عطية الوفاة بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: وما لي لا أبكي، وإنما هي ساعة فلا أدري أين يسلك بي.
ولما حضرت إبراهيم النخعي الوفاة بكى، فقيل له في ذلك، فقال: “إني أنتظر رسولاً يأتيني من ربي لا أدري هل يبشرني بالجنة أو بالنار”.
ولما حضرت ابن المنكدر الوفاة بكى فقيل له: “ما يبكيك؟ فقال: والله ما أبكي لذنب أعلم أني أتيته ولكن أخاف أن أكون قد أذنبت ذنباً حسبته هيناً وهو عند الله عظيم”.
أما والله لو علم الأنــام *** لما خلقوا لما هجعوا وناموا
لقد خلقوا ليوم لو رأتـه *** عيون قلوبهم ساحوا وهاموا
ممات ثم نشر ثم حشـر *** وتوبيخ وأهـوال عظــام
ليوم الحشر قد عملت أناس*** فصلوا من مخافته وصاموا
ونحن إذا أُمرنا أو نهينا *** كأهل الكهف أيقاظ نيام
أيها الشاب! ?إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنةَ يُرْزَقونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ? [غافر:39-40].
ألا كم ذا التراخي والتمادي *** وحادي الموت بالأرواح حادي
تنادينـا المنيـة كـل وقت *** فما نصغي إلى قول المنادي
فلـو كنا جمـاداً لا تعظـنا *** ولكنا أشـد مـن الجمـاد
وأنفاس النفوس إلى انتقاص *** ولكن الذنـوب إلى ازديـاد
نعم. إنه الموت يفاجئك في غير موعد، ويدخل بابك من غير استئذان، فماذا تريد لنفسك أن تكون في هذه الحال؟
فكم من مغتر بشبابه *** وملك الموت عند بابه
الموقع: شبكة نور الإسلام