صعود جبل الرحمة بقصد النسك
1- اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وبعد: فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الاستفتاء الوارد من فضيلة رئيس محكمة مكة، عن طريق سماحة وزير العدل برقم (1639) وتاريخ (1 /11 /1391هـ)، إلى صاحب الفضيلة رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، والمحال إليها من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (97 /2) وتاريخ (18/ 1/ 1392هـ) حول توسيع الممر المؤدي إلى أعلى قمة الجبل الذي اشتهر باسم جبل الرحمة؛ حلًا لمشكلة الزحام الذي سهل على النشالين سرقة حجاج بيت الله الحرام حول إمكان إزالة المصلى الواقع في وسط هذا الممر تحقيقًا للتوسعة.
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بما يلي:
لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حث على صعود جبل عرفات الذي اشتهر عند الناس باسم جبل الرحمة.
ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم صعود هذا الجبل في حجه ولا اتخذه منسكًا، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني مناسككم».
ودرج على ذلك الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة ومن تبعهم بإحسان، فلم يكونوا يصعدون على هذا الجبل في حجهم ولا اتخذوه منسكًا لهم؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
والذي ثبت أنه صلى الله عليه وسلم وقف تحت هذا الجبل عند الصخرات الكبار؛ وقال: «وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة».
ولذا قال كثير من العلماء: إن صعود هذا الجبل في الحج على وجه النسك بدعة، منهم الإمام النووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ صديق خان.
وبهذا يعلم أنه لا ينبغي توسعة هذا الممر، ولا السعي في جعله طريقًا مسلوكًا؛ لما فيه من تقرير البدعة وتسهيل الطريق لفاعليها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد».
ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم أن يصلي نفلًا بموقف عرفات، بل اكتفى بصلاة الظهر والعصر في مسجد نمرة جَمعًا وقَصرًا، ولا اتخذ مصلى بما يسمى جبل الرحمة ليُصلِّي فيه مَن صعِد على هذا الجبل نافلة أو فريضة في يوم عرفات, بل اشتغل بعد صلاته الظهر والعصر بذكر الله تسبيحًا وتهليلًا وتحميدا وتكبيرًا وتلبية، وبدعاء ربه والضراعة إليه؛ حتى غربت الشمس.
فاتخاذ مصلى أو مسجد على هذا الجبل ليُصلِي فيه مَن صعد عليه من البدع التي أحدثها الجُهَّال.
فينبغي إزالة المصلى الحالي لا لتوسعة الممر، بل للقضاء على البدعة، ولئلَّا يَتمكَّن أهل المنكر والخداع من التلبيس على الأغرار من حجاج بيت الله الحرام، وقطعًا لأطماع هؤلاء من الصعود بالحجاج إلى قمة هذا الجبل أو إلى مُصَلَّاه، وتعريض الحجاج للمتاعب وسرقة أموالهم.
على أن المكان الذي في هذا الجبل ليُصلِي فيه من صعد على الجبل لا يُعطَى أحكام المساجد، وعلى هذا جرى التوقيع.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
2- فضيلة الشيخ: محمد بن صالح ابن عثيمين -رحمه الله-:
السؤال: رجل أثناء الحج وقبل أن يذهب إلى عرفات حصلت له حادثة فلم يستطع صعود جبل عرفات فما الحكم في ذلك مع أنه وصل عرفات؟
الجواب: استمع بارك الله فيك! الصعود إلى جبل الرحمة -كما يسمونه جبل الرحمة-: غير مشروع وليس هو مسنون، وليس عليه شيء إذا لم يصعد, وأقول لك: لا تصعد إلى الجبل؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يصعد إلى الجبل, إنما الجهال الذين لا يعرفون هم الذين يقولون بوجوب صعوده.
ولو سألتني: هل الأفضل أن أصعد الجبل أو لا أصعد؟ لقلت لك: الأفضل ألَّا تصعد، ومتى وصل أرضَ عرفات يكفي، فيقف هناك -ولو بقي فيها في السيارة-.