كن على الخط المستقيم
إن البدء بالصواب والاتباع بالاستقامة والتحرك على الخط المستقيم، تفرحك بالهدف وبلوغ الغاية وتسرك بالبشرى الربانية؛ لذا لا بد من الحذر عن الانحراف ولو كان جزءاً بسيطاً؛ لأن الانحراف إذا استمر يتوسع المجال بين اتجاه الانحراف والخط المستقيم، وكلما استمر استمر التوسع والبعد في مجال الانحراف، “وهذا يعني أن الخط المستقيم يضرب مثلاً للزوم الصواب في الرأي والعمل؛ لأن الخط المستقيم هو أقرب الخطوط وأضمنها توصيلاً إلى النقطة المعنية، وكذلك الرأي الصائب والعمل الموفّق -يوصل صاحبة إلى ما يرجوه من النفع والخير- والعائد عن الصواب، فمثله مثل السائر من خط مائل أو منحرف أو منكسر فقد يحسب أنه سائر على الدرب الصحيح وفي الاتجاه المطلوب، وهو سائر في المتعرج وفي عكس الاتجاه، فلا يمكن أن يصل إلى المقصود إلا أن ينعطف أخيراً إلى جهة الخط المستقيم”(1).
ونحن معاشر الدعاة لا بد أن نجعل هذا الفهم في صميم تحركنا وأخلاقياتنا وأعمالنا التربوية والتنظيمية، وفي كافة مجالات الدعوة؛ لأن بالاستقامة تتقي من الانحراف بكافة أشكاله، سواء كان إثماً مقصوداً وزلات متكررة، أو آفات لسانية أو نفسية أو اعوجاج في التصور.
وقدوة البشرية يؤكد على هذا الفهم بشكل أوسع وأوضح بالمثال والتصوير والبيان المبين، حيث قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: «خطَّ لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطَّاً ثم قال: هذا سبيل الله، ثم خطَّ خطوطاً عن يمينه وعن شماله، قال: هذه سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، وقرأ»: ?وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ? [الأنعام:153]، ومن سار عليه كان في الدنيا من المهتدين، وفي الآخرة من الفائزين، وهو الإسلام الذي تضمن سعادة الدنيا والآخرة(3).
1) لا شك في أن مجالات الخير كثرت، وتوسعت أساليب الدعوة، فكلما كثرت المجالات، واتبعوا المنهج الرباني فذلك بشرى، وتأتي النتائج المفرحة.
2) لا خوف من الخطوط المستقيمة، فذلك توافق وتوازن، ولكن المهم عدم الانحراف عن بداية الاستقامة.
3) يجب على الأخ الداعية أن يجعل القاعدة الروحية نصب عينيه ويلتزم بها، وهو أن حسنات الأبرار سيئات المقربين.
4) ولا شك أن الأمانة والضمان في الوقوف على الخط المستقيم، والخطر كل الخطر فيما حوله من الشهوات وخطوات الشياطين ومؤامرات الأعداء وحيل النفس.
5) ولا شك أن البعيد بسبب الانحراف لا يرى الحقيقة، ويختلط عليه الأمور، لا يستثمر الرؤية البصرية للعبرة، ولا يملك البصيرة العقلية والروحية للاتباع، ويبقى بين أوهام الأماني وخدع التسويف.
6) ولا شك أن الاستقامة تأتي بالايجابية المطلقة، وتأتي بالكرامة والتكريم الإلهي، كما سار عليه قدوات من أمة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أن الاستقامة أولى من الكرامة، وأعلى درجات الكرامة، الالتزام بمنهج الاستقامة، فاستقم فلا شك تأتيك ثمرات التكريم في الدنيا والآخرة، وفق القاعدة الربانية: ?إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ? [الحجرات:13] معادلة قرآنية، والخير لمن عمل بها بصدق ويقين.
وما علينا إلا نأخذ العبرة، ونستنبط الدروس ونتبع المسار.
المصدر: المختار الإسلامي.
_______________
(1) المختار- الشيخ محمد عبد الله دراز.
(2) مرشد الدعاة – الشيخ محمد نمر الخطيب.