همسات في أذن داعية
الهمسة الأولى:
أخلص بدعوتك وجه الله العلي القدير، ولا تنتظر المدح، ولا ترقب الجزاء إلاّ منه -تعالى-، علّق كل ما تقوله وتفعله لصالح السبيل الذي تدعو له، إتباعاً لسنة محمد -صلى الله عليه وسلم- واعلم أن ما تجده من ثمرات ناتجة عن دعوتك فإنما هي فضل من الله يؤتيه من يشاء، وأن ما يواجهك في طريق الدعوة من مكاره وعوائق إنما هي ابتلاء لثباتك واختبار لموقفك فاصبر ولا تهن، واثبت ولا ترضخ للشيطان وأعوانه.
الهمسة الثانية:
سيأتي يوم وتجد أن من يتابعك من الناس كثير، وأن من يحضر لسماع ما تقول جموع قد يصعب عدها، وتزيد نشاطاتك، وتتضاعف اتصالاتك عندها فتش عن قلبك، ومحص إيمانك وأسأل نفسك هل صال الرياء بين أضلعها وجال، وكيف أنت وحب الظهور؟ وهل اختلفت أهدافك من الدعوة أم..؟ فإن للشهرة ضرائب، وللنفس أعداء وأضداد، والإيمان يزيد وينقص.
الهمسة الثالثة:
كن واضحاً جلياً في دعوتك، وابتعد عن الألغاز والمبهمات، صّور موضوع دعوتك للناس كأنهم يرون مشهداً تعبيرياً، أنر للناس طرقهم المظلمات، وأعلم أنك من مصابيح الدجى، ومعلمي الهدى، لا تتبع سبل التشويق الكاذب، والتصوير الخادع، والنقل الزائف، احذر من تلبيس الناس وجعلهم في حيرة، إذا أوردت لهم الأقوال فانقل لهم الراجح بأدلته، وإذا عرضت لهم النصائح فأخبرهم بالأهداف من اتباعها، وإذا شرحت لهم المسائل فاختم الشرح بالفوائد والأحكام.
الهمسة الرابعة:
عزّز الهمة العالية بين جوانح قلبك، واسق ثمارها يوماً بعد يوم، واجعل نظرتك سامية، وخطوتك واثقة، ولا تتأثر بأهل السفه والطيش، ولا تراقب أهل الزيغ والانحراف إلا إذا كنت تنوي إيضاح الحق لهم أو نصحهم وإرشادهم، واعلم أن اليأس والقنوط واستعمال النتائج والغضب علامات للهمة الضعيفة، وأمارات للفشل السريع.
الهمسة الخامسة:
دع لسانك دائماً لاهجاً بالدعاء، متمثلاً بذكر الله -تعالى-، فالدعاء من أهم وسائل النصر والثبات، واستعن بالله -تعالى- ولا تعجز، وأطلب الثبات على الحق، وأن يجعلك من الهاديين المهديين، الناصحين المرشدين، الداعين إلى الخير.
الهمسة السادسة:
لا يهمك ما تجد في طريقك للدعوة من منغصات وأكدار، فاصبر فإنما ذلك طريقك إلى الجنة بإذن الله، وهو نفس الطريق الذي تعب فيه الأنبياء، قال ابن القيم -رحمه الله-: “والطريق طريق تعب فيه آدم، وناح لأهله نوح، ورمي في النار الخليل، وأضطجع للذبح إسماعيل، وبيع يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونشر بالمناشير زكريا، وذبح السيد الحصور يحي، وقاسى الضر أيوب، وزاد على المقدار بكاء داود، وسار مع الوحش عيسى، وعانى من أنواع الأذى كلها محمد -صلى الله عليه وسلم-“.
وبعد فهاك أخي الكريم هذه الهمسات، واجعلها برنامج عملك الدعوي القادم، وعُد إليها بين الفينة والأخرى، واعلم أنك في المجتمع قدوة، وبين أهلك وناسك نجم يهتدى به، نفع الله بعلمك ودعوتك.
المصدر: المختار الإسلامي.