يا بني! احفظ الله
يلحظ المتأمل لحال كثير من الناس كيف تؤدي بأبنائها إلى أن تنصرف نفس النشء عن مراقبة الله، وتغفل عن خشيته، وتَعظم في نفسه خشية الناس ومراقبتهم؛ وذلك بسبب ما يلقى في روعه منذ الصغر بأن عليه أن يفعل الأمر رغبة في رضا الوالدين أو الناس عموماً، وكسب ثنائهم، وترك ما نهوا عنه؛ تحاشياً لسخطهم وملامتهم، والغفلة عن رضا الله تعالى وسخطه، وذلك كقولهم عند نهيه عن فعل محرم: تجنب هذا حتى لا يضحك عليك الناس، أو لا تفعل هذا وإلا غضبت عليك، أو كقولهم: “ماذا يقال عنا وعنك حينما تعمل كذا وكذا وأنت فلان بن فلان؟!”.
ولهذا النوع من التربية آثار سيئة، منها:
1- هذا المسلك يورث في النشء -من حيث لا يشعر المربي- الرياء وترك الطاعة عند غياب الرقيب البشري.
2- ويجعله يأتي بما يوافق آراء الناس وأهوائهم من غير النظر إلى رضا الله سبحانه وتعالى وسخطه، وهذا مزلق خطير قد يوقع صاحبه في الشرك.
3- ومن آثاره السيئة صعوبة التخلي عن العمل وتصحيحه إذا تبين له الخطأ فيه؛ خوف انتقاد الناس وتعييرهم له.
ولقد ورد في القرآن الكريم تصوير لواقع هذه الفئة المنحرفة، حيث قال تعالى: ?وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ? [البقرة:8-9].
فالمربي -سواء الأب أو الأم- مطالب بأن يذكِّر ابنه دائماً برقابة الله له، ويغرس في نفسه اطلاع الله عليه في جميع أفعاله وأقواله، وسره وعلانيته، في أي مكان وفي أي زمان، فإن نجح المربي في هذه المهمة فقد حصل له -بإذن الله- استقامة ابنه وسلامته من الانحراف إذا غاب عنه الرقيب البشري، سواء رقابة الوالدين أو رقابة مجتمعه عندما يغيب عنه بسفر أو غيره.
«يا غلام! إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء إلا قد كتبه الله عليك، جفت الأقلام ورفعت الصحف» [رواه الإمام أحمد والترمذي والحاكم عن ابن عباس وصححه الألباني].
المصدر: بوابة آسية الإلكترونية.