احتساب أنس بن مالك رضي الله عنه
(10 ق هـ – 93 هـ = 612 – 712 م)
اسمه ونسبه:
هو أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم النجاري الخزرجي الأنصاري، أبو ثمامة، أو أبو حمزة([1]).
فضله ومكانته:
أنس بن مالك صحابي جليل، صحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخدمه، وروى عنه (2286) حديثاً، أي أنه من المكثرين في الرواية، عن النبي -عليه الصلاة والسلام-. ولد بالمدينة، وأسلم صغيراً، وخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أن قبض، ثم رحل إلى دمشق، ومنها إلى البصرة، فمات فيها، وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة([2]).
ومن فضائله:
دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- له فعن أم سليم قالت: يا رسول الله أنس خادمك، ادع الله له، قال: فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((اللهم أكثر ماله، وولده، وبارك له فيما أعطيته)) قال حجاج في حديثه: فقال أنس: أخبرني بعض ولدي أنه قد دفن من ولدي وولد ولدي أكثر من مائة([3]).
وكان من علماء الصحابة -رضي الله عنه-، فعن قتادة قال: لما مات أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال مورق العجلي: اليوم ذهب نصف العلم، قالوا: كيف ذاك؟ قال: كان الرجل من أهل البدع إذا خالفنا في الحديث قلنا: تعالى إلى من سمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم-([4]).
سيرته الاحتسابية
كان لأنس بن مالك -رضي الله عنه- سيرة حافلة بالحسبة، والاحتساب، وقول الحق، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومن مواقفه في ذلك:
1- إنكاره على عدم تسوية الصفوف:
فعن بشير بن يسار الأنصاري، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أنه قدم المدينة، فقيل له: ما أنكرتَ منا، منذ يوم عهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: “ما أنكرتُ شيئاً إلا أنكم لا تقيمون الصفوف”([5]).
2- إنكاره على مَن يُنكر الحوض:
عن علي بن زيد، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: أن قوماً ذكروا عند عبيد الله بن زياد الحوض، قال حسن: علي بن زيد، عن الحسن أنه ذكر عند عبيد الله بن زياد الحوض فأنكره، وقال: ما الحوض؟، فبلغ ذلك أنس بن مالك، فقال: لا جرم، والله لأفعلن، فأتاه فقال: ذكرتم الحوض؟ فقال عبيد الله: هل سمعتَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكره؟ فقال: نعم، أكثر من كذا وكذا مرة، يقول: ((إن ما بين طرفيه كما بين أيلة إلى مكة، -أو ما بين صنعاء ومكة- وإن آنيته أكثر من نجوم السماء)) قال حسن: وإن آنيته لأكثر من عدد نجوم السماء”([6]).
وفي رواية: عن أنس، أن زياداً، أو ابن زياد، ذكر عنده الحوض، فأنكر ذلك، فبلغ ذلك أنساً، فقال: أما والله لأسوءنه غداً، فقال: ما أنكرتم من الحوض؟ قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكره؟ قال: نعم، ولقد أدركت عجائز بالمدينة لا يصلين صلاة إلا سألن الله تعالى أن يوردهن حوض محمد -صلى الله عليه وسلم-([7]).
3- إنكاره على من اتخذ نفساً هدفاً للرمي:
فعن هشام بن زيد، قال: دخلتُ مع أنس على الحكم بن أيوب، فرأى غلماناً، أو فتياناً، نصبوا دجاجة، يرمونها، فقال أنس: نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تصبر البهائم([8]).
4- إنكاره على معترض:
فعن بكر، عن أنس -رضي الله عنه-، قال: سمعتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- يلبي بالحج والعمرة جميعاً، قال بكر: فحدثت بذلك ابن عمر، فقال: لبى بالحج وحده، فلقيتُ أنساً فحدثته بقول ابن عمر، فقال أنس: ما تعدوننا إلا صبياناً، سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لبيك عمرة وحجاً))([9]).
وفي رواية: عن بكر بن عبد الله، عن أنس بن مالك، قال: قلت لأنس بن مالك: كيف صنعتم في حجكم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يقول لبيك عمرة وحجاً، قال: فحججت فلقيت ابن عمر فقلت له: وأخبرته فقال: أهللنا بالحج، فأخبرته بقول أنس، فقال -رحمه الله- نسي، فرجعت، فأخبرت أنس بن مالك بقول ابن عمر، فغضب، وقال كأنا صبيان([10]).
5- إنكاره على الحجاج:
عن بلال بن أبي موسى، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: أراد الحجاج أن يجعل ابنه على قضاء البصرة، قال: فقال أنس: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من طلب القضاء، واستعان عليه، وكل إليه، ومن لم يطلبه، ولم يستعن عليه، أنزل الله ملكاً يسدده))([11]).
6- موقف آخر من إنكاره على الحجاج:
عن محمد بن سهل العمار، حدثني أبي أنه كان في مجلس الحجاج بن يوسف، وهو يعرض خيلاً، وعنده أنس بن مالك -رضي الله عنه-، فقال: يا أبا حمزة أين هذه من الخيل التي كانت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: تلك والله كما قال الله -عز وجل-: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال (60)] وهذه هيئت بالرياء والسمعة، فغضب الحجاج، وقال: لولا كتاب أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان إلي لفعلت ولفعلت، فقال له أنس: إنك لن تطيق ذلك، لقد علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أحترز به من كل شيطان رجيم ومن كل جبار عنيد، فجثا الحجاج على ركبتيه، وقال: علمنيهن يا عم، فقال: لست لها بأهل، قال: فدس إلى عياله وولده، فأبوا عليه، قال محمد بن سهل: قال أبي: حدثني بعض بنيه أنه قال: “بسم الله على نفسي وديني، بسم الله على ما أعطاني ربي -عز وجل-، بسم الله على أهلي ومالي، الله أكبر، الله ربي، الله أكبر، الله ربي، لا أشرك به شيئاً، أجرني من كل شيطان رجيم، ومن كل جبار عنيد، إن وليي الله الذي نزل الكتاب، وهو يتولى الصالحين، فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم”([12]).
7- إنكاره على إهانة رجل من الأنصار:
عن علي بن زيد، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن مصعب بن الزبير أخذ عريف الأنصار فَهَمَّ به، فقال له أنس بن مالك: أنشدك الله، ووصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأنصار، قال: وما أوصى فيهم؟ قال: أن يقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم، قال: فنزل مصعب عن فراشه، وتمعن، أو قال: تمعك على بساطه، وألصق خده به، وقال: أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الرأس والعينين، وأرسله وتركه، قال البيهقي -رحمه الله-: تمعن تصاغر له، وتذلل انقياداً،، وقيل: تمعن: اعترف بحقه، وروي تمعك عليه، ولم يضبطه شيخنا([13]).
8- إنكاره على ابنته:
عن مرحوم، قال: سمعتُ ثابتاً، يقول: كنتُ مع أنس جالساً، وعنده ابنة له، فقال أنس: جاءت امرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: يا نبي الله، هل لك في حاجة؟ فقالت ابنته: ما كان أقل حياءها، فقال: هي خير منك، رغبت في رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعرضت عليه نفسها([14]).
9- إنكاره على قارئ يرفع صوته:
عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس قال: جاء زياد إلى أنس، فقال له: اقرأ , فقرأ فرفع صوته، فرفع أنس الخرقة عن وجهه، وكانت على وجهه خرقة سوداء، فقال أنس: ما هكذا يصنعون! فقال حماد: حدثني من شهد الحسن قال: رفع إنسان صوته بالقرآن، عند الحسن، فرفع كفاً من حصباء، فضرب وجهه، وقال ما هذا؟([15]).
10- إنكاره على قتل الأسير الذي أمنه:
عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال: لما افتتح أبو موسى تستر، فأتي بالهرمزان أسيراً، فقدمتُ به على عمر بن الخطاب، فقال له: ما لك؟ فقال الهرمزان: بلسان ميت أتكلم أم بلسان حي؟ قال له: تكلم فلا بأس، قال الهرمزان: إنا وإياكم معاشر العرب، كنا ما خلى الله بيننا وبينكم لم يكن لكم بنا يدان، فلما كان الله معكم لم يكن لنا بكم يدان، فأمر بقتله، فقال أنس بن مالك: ليس إلى ذلك سبيل فقد أمنته، قال: كلا، ولكنك ارتشيت منه، وفعلت وفعلت، فقلت: يا أمير المؤمنين ليس إلى قتله سبيل، قال: ويحك أنا استحييه بعد قتله البراء بن مالك، ومجزأة بن ثور، ثم قال عمر: هات البينة على ما تقول، فقال له الزبير بن العوام: قد قلت له تكلم، فلا بأس، فدرأ عنه عمر القتل، وأسلم، ففرض له عمر في العطاء على ألف أو ألفين ، الشك من هشيم([16]).
12- إنكاره على قوم مخالفة السنة:
عن حفص بن عمر، قال: انطلق بي أنس إلى عبد الملك بن مروان، في أربعين راكباً، من الأنصار، ففرض لنا، فلما رجعنا معه، حتى إذا كنا بفج الناقة، صلى الظهر ركعتين، ثم سلم، فدخل فسطاطه، فقام القوم فصلوا إلى ركعتيه ركعتين أخراوين، فقال لابنه أبي بكر: ما يصنع هؤلاء؟ قال: يضيفون إلى ركعتيك ركعتين، فقال أنس: قبح الله الوجوه، والله ما أصابت السنة، ولا قبلت الرخصة؛ إني سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن قوما يتعمقون في الدين يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية))([17]).
13- إنكاره على تتبع المساجد:
عن أبي قلابة الجرمي قال: انطلقنا مع أنس نريد الزاوية قال: فمررنا بمسجد، فحضرت صلاة الصبح، فقال أنس: لو صلينا في هذا المسجد؛ فإن بعض القوم يأتي المسجد الآخر، قالوا: أي مسجد؟ فذكرنا مسجداً، قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يأتي على الناس زمان يتباهون بالمساجد، لا يعمرونها إلا قليلاً -أو قال: يعمرونها قليلاً)) قال أبو بكر: الزاوية قصر من البصرة على شبه من فرسخين([18]).
[التعليق] 1321 – قال الألباني: إسناده ضعيف. . وإنما يصح الذي بعده.
14- إنكاره على رجل:
عن ابن سيرين، عن أنس -رضي الله عنه-، قال: استلقى البراء بن مالك على ظهره، ثم ترنم، فقال له أنس: اذكر الله أي أخي، فاستوى جالساً، فقال: أي أنس، أتراني أموت على فراشي، وقد قتلت مائة من المشركين مبارزة، سوى من شاركت في قتله([19]).
15- إنكاره على بناء مقبرة وسط قبور:
عن قتادة، أن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، مر على مقبرة رماد، وهم يبنون مسجداً، فقال أنس: “كان يكره أن يُبنى مسجد في وسط القبور”([20]).
16- إنكاره على التباهي في المساجد:
عن أبي قلابة، قال: غدونا مع أنس بن مالك، فقال: متى أُحدث هذا المسجد؟ قلنا: الآن،
فقال أنس: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد))([21]).
17- إنكاره على رجل:
وعن حميد، عن أنس بن مالك حدث بحديث من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رجل: أنت سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فغضب غضباً شديداً، فقال: والله ما كل ما نحدثكم سمعناه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن كان يحدث بعضنا بعضاً([22]).
أقواله وآراؤه الاحتسابية
المتتبع لسيرة الصحابي الجليل أنس بن مالك -رضي الله عنه- الاحتسابية، يجدها مليئة بالأقوال الاحتسابية، والآراء والاجتهدات المتعلقة بالحسبة والاحتساب، ومن ذلك:
1- ما جاء عن الزبير بن عدي، قال: أتينا أنس بن مالك -رضي الله عنه-، فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج، فقال: “اصبروا، فإنه لا يأتي عليكم زمان، إلا الذي بعده شر منه، حتى تلقوا ربكم، سمعته من نبيكم -صلى الله عليه وسلم-“([23]).
2- وأخرج البخاري عن غيلان، عن أنس -رضي الله عنه- قال: “إنكم لتعملون أعمالاً، هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا لنعدها على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- من الموبقات” قال أبو عبد الله: “يعني بذلك المهلكات”([24]).
3- وعن حميد الطويل: أنه سمع قتادة يسأل أنس بن مالك عن القطع، فقال أنس: حضرت أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- فقطع سارقاً في شئ ما يسرني إنه لي بثلاثة دراهم([25]).
مروياته الاحتسابية
كان أنس -رضي الله عنه- مكثراً في الرواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ ولهذا كثرت مروياته المتعلقة بالحسبة والاحتساب، وسنذكر طرفاً منها:
1- عن مكحول، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال: قيل: يا رسول الله متى نترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؟ قال: ((إذا ظهر فيكم ما ظهر في الأمم قبلكم)) قلنا: يا رسول الله وما ظهر في الأمم قبلنا؟ قال: ((الملك في صغاركم، والفاحشة في كباركم، والعلم في رذالتكم)) قال زيد: تفسير معنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((والعلم في رذالتكم)) إذا كان العلم في الفساق([26]).
2- وعن الحسن، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قلنا: يا رسول الله، لا نأمر بالمعروف، حتى نعمل به، ولا ننهى عن المنكر حتى نجتنبه كله؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “بل مروا بالمعروف، وإن لم تعملوا به كله، وانهوا عن المنكر، وإن لم تجتنبوه كله”([27]).
3- وعن سفيان بن عيينة، عن أسلم، أنه سمع سعيد بن أبي الحسن، يذكر عن أنس بن مالك-رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أنتم اليوم على بينة من ربكم، تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، وتجاهدون في الله، ثم تظهر فيكم السكرتان: سكرة الجهل، وسكرة حب العيش، وستحولون عن ذلك، فلا تأمرون بمعروف، ولا تنهون عن منكر، ولا تجاهدون في الله -عز وجل-، القائمون يومئذٍ بالكتاب والسنة له أجر خمسين صديقاً)) قالوا: يا رسول الله منا أو منهم؟ قال: ((بل منكم))([28]).
4- وعن علي بن زيد، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار، قال: قلتُ من هؤلاء؟ قالوا: خطباء من أهل الدنيا، ممن كانوا يأمرون الناس بالبر، وينسون أنفسهم، وهم يتلون الكتاب، أفلا يعقلون))([29]).
5- وعن زربي، قال: سمعتُ أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: جاء شيخ يريد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأبطأ القوم عنه، أن يوسعوا له، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا))([30]).
6- عن أبي سعد الساعدي، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يتبع حماماً، فقال: ((شيطان يتبع شيطاناً))([31]).
7- وعن أبي طلحة الأسدي، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، خرج فرأى قبة مشرفة، فقال: ((ما هذه؟)) قال له أصحابه: هذه لفلان رجل من الأنصار، قال: فسكت، وحملها في نفسه، حتى إذا جاء صاحبها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسلم عليه في الناس، أعرض عنه، صنع ذلك مراراً، حتى عرف الرجل الغضب فيه والإعراض عنه، فشكا ذلك إلى أصحابه، فقال: والله إني لأنكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالوا: خرج فرأى قبتك، قال: فرجع الرجل إلى قبته فهدمها حتى سواها بالأرض، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم فلم يرها، قال: ((ما فعلت القبة؟)) قالوا: شكا إلينا صاحبها إعراضك عنه، فأخبرناه، فهدمها، فقال: ((أما إن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما لا، إلا ما لا)) يعني: ما لا بد منه([32]).
8- وعن يحيى بن سعيد، قال: سمعت أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد، فزجره الناس، فنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما قضى بوله أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذنوب من ماء فأهريق عليه([33]).
9- وعن أبي قلابة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتباهى الناس في المساجد([34]).
10- وعن قتادة بن دعامة، قال: حدثنا أنس بن مالك-رضي الله عنه-، أن رجلاً جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد توضأ، وترك على قدمه مثل موضع الظفر، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ارجع فأحسن وضوءك))([35]).
11- وعن أخشن السدوسي، قال: دخلتُ على أنس بن مالك-رضي الله عنه- قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((والذي نفسي بيده -أو والذي نفس محمد بيده- لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض، ثم استغفرتم الله لغفر لكم، والذي نفس محمد بيده -أو والذي نفسي بيده- لو لم تخطئوا لجاء الله بقوم يخطئون، ثم يستغفرون الله، فيغفر لهم”([36]).
12- وعن حميد، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أن ناساً من عرينة قدموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة، فاجتووها، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة، فتشربوا من ألبانها وأبوالها)) ففعلوا، فصحوا، ثم مالوا على الرعاء، فقتلوهم وارتدوا عن الإسلام، وساقوا ذود رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-، فبعث في أثرهم، فأتي بهم، فقطع أيديهم، وأرجلهم، وسمل أعينهم، وتركهم في الحرة، حتى ماتوا([37]).
13- وعن الأعمش، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يحول الحصى في الصلاة، قال: ((ذاك حظك من صلاتك))([38]).
14- وعن ابن سيرين، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أن عمر بن الخطاب رأى رجلاً وعليه قلنسوة بطائنها من جلود الثعالب، فألقاه عن رأسه, وقال: ما يدريك، لعله ليس بذكي، وفي هذا ما قد دل أنه لو علم أنه ذكي لم يكره له لبس ما هو فيه([39]).
15- وعن حميد، عن أنس -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان في بيته فرأى رجلاً اطلع عليه، فأهوى له بمشقص في يده كأنه لو لم يتأخر لم يبال أن يطعنه([40]).
16- وعن حميد، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى نخامة في القبلة، فشق ذلك عليه، حتى رئي في وجهه، فقام، فحكه بيده، فقال: ((إن أحدكم إذا قام في صلاته، فإنه يناجي ربه، أو إن ربه بينه وبين القبلة، فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته، ولكن عن يساره أو تحت قدميه)) ثم أخذ طرف ردائه، فبصق فيه ثم رد بعضه على بعض، فقال: أو يفعل هكذا([41]).
17- وعن ثابت، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أن اليهود دخلوا على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: السام عليك، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((السام عليكم)) فقالت عائشة: السام عليكم يا إخوان القردة والخنازير، ولعنة الله وغضبه، فقال: ((يا عائشة، مه)) فقالت: يا رسول الله أما سمعت ما قالوا؟ قال: ((أوما سمعت ما رددت عليهم؟ يا عائشة، لم يدخل الرفق في شيء إلا زانه، ولم ينزع من شيء إلا شانه))([42]).
18- وعن ثابت، عن أنس -رضي الله عنه-، قال: لما طعن عمر -رضي الله عنه- أعولت عليه حفصة، فقال عمر: أما سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((المعول عليه يعذب))([43]).
([1]) انظر ترجمته في: الإصابة في تمييز الصحابة (1/ 275) والبداية والنهاية (5/ 353) وسير أعلام النبلاء (3/ 395) والأعلام للزركلي (2/ 24) وغيرها.
([8]) أخرجه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب ما يكره من المثلة والمصبورة والمجثمة (7/ 94-5513) ومسلم في الصيد والذبائح، باب النهي عن صيد البهائم رقم (1956).
([14]) أخرجه ابن ماجه (3/ 167-2001) وأحمد (21/ 333-13835) وقال محققو المسند: “إسناده صحيح على شرط الشيخين”.
([19]) المعجم الكبير للطبراني (1/ 245-692) وحلية الأولياء وطبقات الأصفياء (1/ 350) ومصنف عبد الرزاق الصنعاني (5/ 233-9469) وجامع معمر بن راشد (11/ 6-19742).
([26]) أخرجه ابن ماجه (2/1331-4015) أحمد (20/ 273-12943) وهو في شعب الإيمان (10/ 52-7149) والبدع لابن وضاح (2/ 139-195) ومسند الشاميين للطبراني (2/ 385-1547) وحلية الأولياء وطبقات الأصفياء (5/ 185) وقال الألباني في ضعيف سنن ابن ماجه (9/15-4015): “ضعيف الإسناد”.
([28]) أمثال الحديث لأبي الشيخ الأصبهاني (ص: 275-233) وحلية الأولياء وطبقات الأصفياء (8/ 49) والزهد لابن أبي الدنيا (ص: 228-533) وذم الدنيا (ص: 184-462).
([30]) أخرجه الترمذي في أبواب البر والصلة، باب ما جاء في رحمة الصبيان (4/ 321-1919) وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (4/ 419-1919).
([31]) أخرجه ابن ماجه في كتاب الأدب باب اللعب بالحمام (2/ 1239-3767) وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة (8/ 267-3767).
([32]) أخرجه أبو داود في أبواب النوم، باب ما جاء في البناء (4/ 360-5237) وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود (ص: 2-5237).
([34]) أخرجه ابن حبان (4/ 492-1613) وصححه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (3/ 198-1611).
([35]) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب تفريق الوضوء (1/ 44-173) وأحمد (19/ 471-12487) وقال محققو المسند: “إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين” وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ص: 2-173).