احتساب ميمون بن مهران
رحمه الله
(37 – 117 هـ = 657 – 735 م)
اسمه:
ميمون بن مهران الرقي، أبو أيوب.
فضله ومكانته:
ميمون بن مهران، فقيه من القضاة، كان مولى لامرأة بالكوفة، وأعتقته، فنشأ فيها، ثم استوطن الرقة (من بلاد الجزيرة الفراتية) فكان عالم الجزيرة، وسيدها، واستعمله عمر بن عبد العزيز على خراجها وقضائها، وكان على مقدمة الجند الشامي، مع معاوية بن هشام بن عبد الملك، لما عبر البحر غازياً إلى قبرس، سنة 108 هـ وكان ثقة في الحديث، كثير العبادة([1]).
روى عن: ابن عباس، وابن عمر، والضحاك بن قيس، وعمر بن عبد العزيز، وعمرو بن عثمان بن عفان، وأم الدرداء، وصفية بنت شيبة، ولها رؤية، ونافع مولى ابن عمر.
روى عنه: الأعمش، وحميد الطويل، وأيوب السختياني، والأوزاعي، وجعفر بن برقان، وأبو فروة الكوفي، والفرات بن السائب، والحكم بن عتيبة، والحجاج بن أرطأة، وأبو بشر جعفر بن أبي وحشية، وابنه عمرو بن ميمون، وحبيب بن الشهيد، وأبو المليح الحسن بن عمر الرقي، وعبد الكريم بن مالك الجزري، وبرد بن سنان أبو العلاء، ومحمد بن زياد الميموني، وزيد بن أبي أنيسة، وأبان بن أبي راشد القشيري، وسلمة بن عبد الحميد، وخصيف الجزري([2]).
وعن عمرو بن ميمون قال: “ما كان أبي بكثير الصيام والصلاة، ولكنه كان يكره أن يعصى الله”([3]).
وعن ميمون بن مهران، قال: كنت عند عمر بن عبد العزيز فلما قمت من عنده قال: “إذا ذهب هذا وضرباؤه لم يبق من الناس إلا رجاج”([4]).
وعن جعفر وفرات قالا: كان عمر بن عبد العزيز إذا نظر إلى ميمون، قال: إذا ذهب هذا وقرنه صار الناس من بعدهم رجاجاً([5]).
وعن سليمان بن موسى قال: إن جاءنا العلم من الحجاز عن الزهري قبلناه، وإن جاءنا من الشام عن مكحول قبلناه، وإن جاءنا من الجزيرة عن ميمون قبلناه، وإن جاءنا من العراق عن الحسن قبلناه([6]).
وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل: قال سمعت أبي يقول: ميمون بن مهران ثقة أوثق من عكرمة([7]).
وعن أبي المليح، قال: قال ميمون بن مهران: “ما أحب أن لي ما بين باب الرها إلى حران بخمسة دراهم”([8]).
وعن أبي المليح: سمعت عبد الكريم يقول: لا علم لنا بكم يا أهل الرقة، من رأيناه من جانب ميمون علمنا أنه مستقيم، ومن رأيناه يكره ناحيته علمنا أنه يأخذ ناحية أخرى، يعني الجعد([9]).
وعن إبراهيم بن محمد السمري قال: صلى ميمون بن مهران في سبعة عشر يوماً سبعة عشر ألف ركعة، فلما كان يوم الثامن عشر انقطع في جوفه شيء فمات([10]).
وعن أبي المليح، قال: سمعت ميمونا، يقول: “العلماء هم ضالتي في كل بلدة، وهم بغيتي، ووجدت صلاح قلبي في مجالسة العلماء”([11]).
وعن أبي المليح الرقي، عن حبيب بن أبي مرزوق، قال: قال ميمون: “وددت أن إحدى عيني ذهبت وبقيت الأخرى أتمتع بها وأني لم آل عملا قط. قلت: ولا لعمر بن عبد العزيز؟ قال: ولا لعمر بن عبد العزيز، ولا خير في العمل لعمر ولا لغيره”([12]).
سيرته الاحتسابية
كان لميمون بن مهران رحمه الله سيرة احتسابية حافلة بالمواقف الاحتسابية، نذكر منها طرفاً، منها:
1- إنكاره على رجل من أهل الإرجاء:
عن عبد الله بن أبي النعمان شيخ من أهل الجزيرة عن ميمون بن مهران، قال: خاصمه رجل في الإرجاء، قال: فبينما هما على ذلك؛ إذ سمعا امرأة تغني، فقال ميمون: أين إيمان هذا من إيمان مريم بنت عمران؟
قال: فلما قالها انصرف الرجل، ولم يرد عليه شيئاً([13]).
وعن ميمون بن مهران: أنه رأى جارية تغني، فقال: “من زعم أن هذه على إيمان مريم بنت عمران فقد كذب”([14]).
2- إنكاره على القدرية:
عن أبي المليح عن ميمون قال: لا تجالسوا أهل القدر، ولا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ولا تعلموا النجوم([15]).
3- إنكاره على قولٍ لنافع:
جاء في السير: وبلغنا: أنهم تذاكروا حديث إتيان الدبر الذي تفرد به نافع، عن مولاه، فقال ميمون بن مهران: إنما قال هذا نافع بعد ما كبر، وذهب عقله([16]).
4- إنكاره على من لم يُحسن إلقاء السلام:
عن أبي سوقة، قال: لقيني ميمون بن مهران، فقلت: حياك الله.
فقال: “هذه تحية الشباب، قل بالسلام”([17]).
5- مشاركته في الغزو وهو نوع من الحسبة:
عن عبد الملك بن أبي زائدة قال: ضرب على أهل الرقة بعث، فجهز فيه ميمون بن مهران بنبال، فقال مسلمة بن عبد الملك: لقد أصبح أبو أيوب في طاعتنا شمريا”ً([18])،([19]).
6- إنكاره على الأهواء:
عن جعفر بن برقان، قال: سمعت ميمون بن مهران، يقول: “إياكم وكل هوى يسمى بغير الإسلام”([20]).
7- إنكاره على تفضيل علي على أبي بكر وعمر:
عن فرات بن السائب، قال: سألت ميمون بن مهران، قلت: علي أفضل عندك أم أبو بكر وعمر؟ قال: فارتعد، حتى سقطت عصاه من يده، ثم قال: “ما كنت أظن أن أبقى إلى زمان يعدل بهما، ذرهما، كانا رأسي الإسلام، ورأسي الجماعة.
فقلت: فأبو بكر كان أول إسلاماً أم علي؟ قال: والله لقد آمن أبو بكر بالنبي صلى الله عليه وسلم زمن بحيرى الراهب حين مر به، واختلف فيما بينه وبين خديجة رضي الله تعالى عنها حتى أنكحها إياه، وذلك كله قبل أن يولد علي([21]).
8- إنكاره على سؤال الناس:
عن أبي المليح عن ميمون قال: كتب إلى ابنه أن أحسن معونة فلان، وأعطه من مالك، ولا تسأل الناس، فإن المسألة تذهب بالحياء([22]).
9- إنكاره على لبس الكتان:
عن عيسى بن سالم، ثنا أبو المليح، ثنا بعض أصحابي، عن ميمون، قال: مشيت معه فإذا علي ثوب كتان، قال: “أما بلغك أنه لا يلبس الكتان إلا غني أو غوي”([23]).
وعن أبي المليح، عن ميمون، قال: “شر الناس العيابون، ولا يلبس الكتان إلا غني أو غوي”([24]).
10- إنكاره على مادح:
عن أبي المليح، عن ميمون: أنه أتاه رجل فقال له: لا يزال الناس بخير ما كنت فيهم.
قال: “لا يزال الناس بخير ما اتقوا الله”([25]).
وعن أبي المليح قال: قال رجل لميمون بن مهران: يا أبا أيوب ما يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم، فقال له ميمون: أقبل على شأنك أيها الرجل، فلا يزال الناس بخير ما اتقوا ربهم([26]).
11- إنكاره على ولده:
وعن عمرو بن ميمون بن مهران قال: خرجت بأبي أقوده في بعض سكك البصرة فمررت بجدول، فلم يستطع الشيخ يتخطاه، فاضطجعت له فمر على ظهري، ثم قمت فأخذت بيده فدفعنا إلى منزل الحسن، فطرقت الباب، فخرجت جارية سداسية، فقالت من هذا؟ فقلت: هذا ميمون بن مهران، أراد لقاء الحسن، فقالت كاتب عمر بن عبد العزيز؟ قلت لها: نعم، قالت: شقي ما بقاؤك إلى هذا الزمان السوء، قال: فبكى الشيخ، فسمع الحسن بكاءه، فخرج إليه، فاعتنقا، ثم دخلا، فقال ميمون: يا أبا سعيد إني قد أنست من قلبي غلظة لي منه فقرأ الحسن: بسم الله الرحمن الرحيم، {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء: 205- 207] قال: فسقط الشيخ، فرأيته يفحص برجله، كما تفحص الشاة المذبوحة، فأقام طويلاً، ثم أفاق، فجاءت الجارية، فقالت: قد أتعبتم الشيخ، قوموا تفرقوا، فأخذت بيديه فخرجت به، ثم قلت له: يا أبتاه هذا الحسن قد كنت أحسب أنه أكبر من هذا، قال: فوكز في صدري، ثم كره، ثم قال: يا بني لقد قرأ علينا آية لو تفهمتها لألفى لها فيها كلوماً([27]).
12- إنكاره على رقية امرأة هشام:
عن أبي المليح قال: سمعت ميمون بن مهران وأتاه رجل فقال: إن رقية امرأة هشام ماتت وأعتقت كل مملوك لها، فقال: يعصون الله مرتين، يبخلون به، وقد أمروا أن ينفقوه، فإذا صار لغيرهم أسرفوا فيه([28]).
13- إنكاره على من أساء الفهم:
عن سوار بن عبد الله قال: بلغني أن ميمون بن مهران كان جالساً عنده رجل من قراء أهل الشام، فقال: إن الكذب في بعض المواطن خير من الصدق، فقال الشامي: لا الصدق في كل موطن خير، فقال ميمون: أرأيت لو رأيت رجلاً يسعى وآخر يتبعه بالسيف، فدخل الدار، فانتهى إليك، فقال: أرأيت الرجل ما كنت قائلاً؟ قال: كنت أقول: لا، قال: فذاك([29]).
أقواله المأثورة
كان لميمون بن مهران رحمه الله الكثير من الأقوال المأثورة، نذكر منها طرفاً منها:
1- قال ميمون: “ما أتى قوم في ناديهم المنكر إلا عند هلاكهم”([30]).
2- وعن ميمون بن مهران، قال: كان يقال: “الذكر ذكران: ذكر الله باللسان، وأفضل من ذلك أن تذكره عند المعصية إذا أشرفت عليها”([31]).
3- وعن أبي المليح الرقي، عن ميمون، قال: “لا تعذب المملوك، ولا تضرب المملوك في كل ذنب، ولكن احفظ ذاك له، فإذا عصى الله عز وجل فعاقبه على معصية الله تعالى، وذكره الذنوب التي أذنب بينك وبينه”([32]).
4- وعن أبي المليح، عن ميمون، قال: “إنما الفاسق بمنزلة السبع، فإذا كلمت فيه فخليت سبيله، فقد خليت سبعاً على المسلمين”([33]).
5- وعن أبي المليح، عن ميمون، قال: “من أساء سراً فليتب سراً، ومن أساء علانية فليتب علانية؛ فإن الله يغفر ولا يعير، والناس يعيروك ولا يغفرون”([34]).
6- وعن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال: “ما من صدقة أفضل من كلمة حق عند إمام جائر”([35]).
7- وعن أبي المليح، عن ميمون بن مهران، قال: “ما أحب أني أعطيت درهماً في لهو، وأن لي مكانه ألفاً، نخشى من فعل ذلك أن تصيبه هذه الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6] الآية([36]).
8- وعن أبي المليح، قال: سمعت ميمون بن مهران، يقول: “لا خير في الدنيا إلا لرجلين: رجل تائب، ورجل يعمل في الدرجات”([37]).
9- وعن أبي المليح، قال: سمعت ميمون بن مهران، يقول: “لو أن أهل القرآن أصلحوا لصلح الناس”([38]).
10- وعن أبي المليح، عن ميمون بن مهران، في قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} [إبراهيم: 42] قال: “وعيد للظالمين، وتعزية للمظلوم”([39]).
11- وعن أبي المليح، عن ميمون بن مهران، في قوله تعالى: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا} [النبأ: 21] و{إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14] “فالتمسوا لهذين الرصدين جوازاً”([40]).
12- وعن جعفر بن برقان، قال: سمعت ميمون بن مهران، يقول: “إن هذا القرآن قد خلق في صدر كثير من الناس، والتمسوا ما سواه من الأحاديث، وإن فيمن يبتغي هذا العلم من يتخذه بضاعة يلتمس بها الدنيا، ومنهم من يريد أن يشار إليه، ومنهم من يريد أن يماري به، وخيرهم من يتعلمه ويطيع الله عز وجل به”([41]).
13- وعن جعفر بن برقان، قال: سمعت ميمون بن مهران، يقول: “من تبع القرآن قاده القرآن حتى يحل به في الجنة، ومن ترك القرآن لم يدعه القرآن يتبعه حتى يقذفه في النار”([42]).
14- وعن أبي المليح، عن ميمون بن مهران، قال: نظر رجل من المهاجرين إلى رجل يصلي فأخف الصلاة، فعاتبه، فقال: إني ذكرت ضيعة لي، فقال: “أكبر الضيعة أضعته”([43]).
15- وعن أبي المليح قال: سمعت ميمون بن مهران يقول: يا أصحاب القرآن لا تتخذوا القرآن بضاعة، تلتمسون به الشف، يعني الربح في الدنيا، والتمسوا الدنيا بالدنيا والتمسوا الآخرة بالآخرة”([44]).
16- وعن فرات بن سليمان، عن ميمون بن مهران، قال: ثلاث لا تبلون نفسك بهن: لا تدخل على السلطان وإن قلت آمره بطاعة الله، ولا تدخل على امرأة وإن قلت أعلمها كتاب الله، ولا تصغين بسمعك لذي هوى، فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك منه”([45]).
17- وعن أبي المليح، قال: سمعت ميموناً يقول: “لأن أؤتمن على بيت المال أحب إلي من أن أؤتمن على امرأة”([46]).
18- وعن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، قال: “لا يسلم للرجل الحلال حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزاً من الحلال”([47]).
19- وعن أبان بن أبي راشد القشيري قال: كنت إذا أردت الصائفة أتيت ميمون بن مهران أودعه فما يزيدني عن كلمتين: اتق الله، ولا يغيرك غضبك، ولا طمعك([48]).
20- وعن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، قال: “ما عرضت قولي على عملي إلا وجدت من نفسي اعتراضاً”([49]).
21- وعن أبي المليح، قال: سمعت ميمون بن مهران، يقول: “أول من مشيت معه الرجال وهو راكب الأشعث بن قيس الكندي، ولقد أدركت السلف وهم إذا نظروا إلى رجل راكب ورجل ماش يحضر معه قالوا: “قاتله الله، جبار”([50]).
22- وقال ميمون: يقول أحدهم: “اجلس في بيتك، وأغلق عليك بابك، وانظر هل يأتيك رزقك. نعم والله، لو كان له مثل يقين مريم وإبراهيم عليهما السلام، وأغلق بابه، وأرخى عليه ستره”([51]).
23- وقال ميمون: “لو أن كل إنسان منا تعاهد كسبه، ولم يكسب إلا طيباً، ثم أخرج ما عليه، ما أحتيج إلى الأغنياء، ولا احتاج الفقراء”([52]).
24- وعن أبي المليح، قال: قال لنا ميمون بن مهران ونحن حوله: “يا معشر الشباب قوتكم اجعلوها في شبابكم، ونشاطكم في طاعة الله، يا معشر الشيوخ، حتى متى؟”([53]).
25- وعن مروان عن شيخ من بني شيبان كان يسكن الجزيرة يقال له إبراهيم، قال: دخل ميمون بن مهران على سليمان بن عبد الملك أو هشام منزله فلم يسلم عليهما بالإمرة، فقال له: يا أمير المؤمنين لا ترى أني جهلت، ولكن الوالي إنما يسلم عليه بالإمرة إذا جلس للناس في موضع الأحكام([54]).
26- وعن جعفر بن برقان، قال: سمعت ميمون بن مهران، يقول: “إن العبد إذا أذنب ذنباً نكت في قلبه بذلك الذنب نكتة سوداء، فإن تاب محيت من قلبه، فترى قلب المؤمن مجلى مثل المرآة، ما يأتيه الشيطان من ناحية إلا أبصره، وأما الذي يتتابع في الذنوب، فإنه كلما أذنب ذنبا نكت في قلبه نكتة سوداء، فلا يزال ينكت في قلبه حتى يسود قلبه، ولا يبصر الشيطان من حيث يأتيه”([55]).
27- وعن جعفر بن برقان قال سمعت ميمون بن مهران يقول: لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه وحتى يعلم من أين مطعمه ومن أين ملبوسه ومن أين مشربه أمن حلال ذلك أم من حرام([56]).
28- وعن جعفر بن برقان، قال: كان ميمون بن مهران يقول: “في المال ثلاث خصال، إن نجا رجل من خصلة كان قمنا أن ينجو من اثنتين، وإن نجا من اثنتين كان قمنا أن لا ينجو من الثالثة، ينبغي للمال أن يكون أصله من طيب، فأيكم الذي يسلم كسبه فلم يدخله إلا طيباً، فإن سلم من هذه فينبغي له أن يؤدي الحقوق التي في ماله، فإن سلم من هذه فينبغي له أن يكون في نفقته ليس بمسرف ولا مقتر”([57]).
29- وعن فرات بن سليمان عن ميمون بن مهران قال: رجلان لا يصحبهما صاحب مأكل سوء وصاحب بدعة([58]).
30- وقال ميمون: “أهون الصوم ترك الطعام والشراب”([59]).
31- وعن أبي المليح، عن ميمون بن مهران، أنه كان يقول: “الدنيا حلوة خضرة، فقد حفت بالشهوات، والشيطان عدو حاضر فطن، وأمر الآخرة آجل، وأمر الدنيا عاجل”([60]).
32- وعن الحسن بن عمر الفزاري عن ميمون بن مهران قال: رجلان لا تعظهما ليس تنفعهما العظة، رجل قد لهج بكسب خبيث، وصاحب هوى قد استغرق فيه([61]).
33- وعن الحسن، عن ميمون، قال: “يا ابن آدم، خفف عن ظهرك، فإن ظهرك لا يطيق كل الذي تحمل عليه من ظلم هذا، وأكل مال هذا، وشتم هذا، وكل هذا تحمله على ظهرك، فخفف عن ظهرك”([62]).
34- وعن حصين بن عبد الرحمن، عن ميمون، قال: “أربع لا تكلم فيهن: علي، وعثمان، والقدر، والنجوم”([63]).
35- وقال ميمون: لقد أدركت من لم يتكلم إلا بحق، أو يسكت، وأدركت من لم يملأ عينيه من السماء فرقاً من ربه، وقد أدركت من كنت أستحي أن أتكلم عنده([64]).
36- وعن أبي المليح قال: قال ميمون بن مهران: إن الظالم والمعين على الظالم والمحب له سواء([65]).
37- وعن أبي المليح عن ميمون: أنه قال: ما يعجبني الذي يجد طيلساناً، ثم يلبس البت إلا أن يقدم الفضل، فإما أن يلبس يعني البت ويضع الدراهم بعضاً على بعض فلا يعجبني([66]).
38- وعن أبي المليح الرقي وهو الحسن بن عمر قال: جاء رجل إلى ميمون، يخطب إليه ابنته فقال: لا أرضاها لك، قال: ولم؟ قال: لأنها تحب الحلي والحلل، قال: فعندي من هذا ما تريد قال: فالآن الذي لا أرضاك لها([67]).
39- وعن أبي المليح قال: قال ميمون بن مهران: إذا أتى رجل باب سلطان فاحتجب عنه، فليأت بيوت الرحمن، فإنها مفتحة فليصل ركعتين؛ وليسأل حاجة([68]).
40- وعن أبي المليح عن ميمون قال: قال لي محمد بن مروان: في الديوان أنت؟ قلت: لا، قال: فما يمنعك أن تكتب في الديوان، فيكون لك سهم في الإسلام، قلت: إني أرجو أن تكون لي سهام في الإسلام، فقال: من أين ولست في الديوان؟ قلت: شهادة أن لا إله إلا الله وحده سهم، والزكاة سهم، وصيام رمضان سهم، والحج سهم، قال محمد: ما كنت أحسب أن لأحد في الإسلام سهم إلا من كان في الديوان، قال: قلت: هذا ابن عمك حكيم بن حزام لم يأخذ ديواناً قط؛ وذلك أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم مسألة، فقال: “استعف يا حكيم خير لك” قال: ومنك يا رسول الله؟ قال: “ومني” قال: لا جرم لا أسألك ولا غيرك شيئاً أبداً، ولكن ادع الله أن يبارك لي وصفقتي، يعني التجارة، فدعا له([69]).
41- وعن فرات قال: سمعت ميموناً يقول: لو نشر فيكم رجل من السلف ما عرف إلا قبلتكم([70]).
42- وعن جامع بن أَبي راشد: سمعت ميمون بن مهران يَقُولُ: ثلاث يؤدين إِلَى البر والفاجر: الرحم توصل برة كانت أو فاجرة، والأمانة تؤدي إِلَى البر والفاجر، والعهد يوفى بِهِ للبر والفاجر([71]).
43- وعن ميمون بن مهران: التودد إِلَى الناس نصف العقل، وحسن المسألة نصف الفقه، ورفقك فِي المعيشة يلقي عنك نصف المؤونة([72]).