كتاب
أَحْكَام السُّوقِ
أو:
النظر والأحكام في جميع أحوال السوق
المؤلف:
مؤلف الكتاب هو “يحيى بن عمر بن يوسف بن عامر الكناني الأندلسي، الجياني، أبو زكريا: فقيه مالكي، عالم بالحديث، من موالي بني أمية، من أهل جيان، نشأ بقرطبة، وسكن القيروان، ورحل الى المشرق، ثم استوطن سوسة، وبها قبره، وكانت الرحلة إليه في وقته”([1]).
نسبته:
هو: “يحيى بن عمر بن يوسف بن عامر الكناني، وقيل: البلوي، وهو مولى بني أمية، أندلسي، من أهل جيان، وعداده في الإفريقيين”([2]).
مولده:
“مولده بالأندلس، سنة ثلاث عشرة، ومائتين”([3]).
شيوخه، وتلامذته:
“سمع بإفريقية من سحنون، وعون، وأبي زكريا الجفري، وسمع بمصر من ابن بُكير، وابن رمح، وحرملة، وأبي الطاهر، وهارون بن سعيد الإيلي، والحارث بن مسكين، وعبيد بن معاوية، وأبي زيد بن أبي الغمر، وأبي إسحاق البرقي، والدمياطي، وغيرهم من أصحاب ابن وهب، وابن القاسم، وأشهب.
وسمع أيضاً بالحجاز وغيرها من أبي مصعب الزهري، ونصر بن مرزوق، وابن كاسب، وأحمد بن عمران الأخفش، وابراهيم بن مرزوق، ومحمد بن عبيد، وسليمان بن داود، ويحيى بن سليمان، وزهير بن عبّاد، وغيرهم.
سمع منه الناس، وتفقه عنه خلق كثير، منهم: أخوه محمد، وأبو بكر بن اللباد، وأبو العرب، وعمر بن يوسف، وأبو العباس الأبياني، وأحمد بن خالد الأندلسي، وغيرهم، وإليه كانت الرحلة في وقته”([4]).
ذِكْر فضله وعلمه والثناء عليه -رحمه الله تعالى-:
“عداده في كبراء أصحاب سحنون، وبه تفقه، وكانت له منزلة شريفة عند الخاصة والعامة والسلطان”([5]).
“قال القاضي أبو الوليد: كان فقيهًا حافظًا الرأي، ثقة ضابطًا لكتبه، قال ابن حارث: كان يحيى متقدمًا في الحفظ، وسكن القيروان، فشرفت بها منزلته عند العامة والخاصة، ورحل الناس إليه، لا يروون المدونة والموطأ إلا عنه”([6]).
مؤلفاته:
“قال ابن أبي خالد في تعريفه: له من المصنّفات نحو أربعين جزءًا”([7]).
“منها (المنتخبة) في اختصار المستخرجة، فقه، و(أحمية الحصون) و(الوسوسة) و(النساء) و(فضائل المنستير([8]) والرباط) و(الرد على الشافعيّ) و(الرد على الشكوكية) و(الرد على المرجئة) و(أحكام السوق – ط)([9]).
وفاته:
“توفي -رحمه الله تعالى- بسوسة في ذي الحجة سنة تسع وثمانين ومائتين، وسنّه سبعون سنة”([10]).
وقيل: “توفّي -رحمه الله تعالى- في شهر [ذي] القعدة”([11])، “وهو ابن ست وسبعين سنة”([12]).
وصف الكتاب:
“يبدو أن هذا الكتاب أقدم كتاب مستقل في «الحسبة» وصل إلينا، ويوجد في مكتبة حسن حسني عبد الوهاب بتونس، كما يوجد موجز له في كتاب «المعيار المغرب» لأحمد بن يحيى التلمساني الونشريسي (المتوفى 914 هـ/ 1508 م)”([13]).
وهو: “كتاب فريد في بابه، أبان فيه نظام المدائن في الإسلام، ومهمة الحسبة، وهو -فيما عرفنا -أقدم من ضبط أصولها، وأحكامها”([14]).
وهذا “الكتاب كان قد طُبع قديمًا، بتحقيق الشيخ حسن حسني عبد الوهاب…، لكن تلك الطبعة نادرة الوجود.
وقد طُبع أيضًا جزء من الكتاب ضمن مجلة الدراسات الأندلسية، نقلًا عن معيار الونشريسي الذي حفظ لنا الكثير من الكتب والنصوص.
والكتاب في أصل وضعه عبارة عن مسائل أجاب عنها الإمام الكناني؛ ولذا فهي مسائل عملية أكثر منها نظرية، وإجابات واقعية أكثر منها بحوث تفصيلية، كما هو شأن كتب الفتاوى والنوازل.
ولا يظهر فيها أثر صنعة التصنيف المعهودة، حيث إن المسائل جاءت متفرقة مختلفة؛ وذلك ظاهر واضح، فإنه من أوائل التصنيفات في هذا الباب، وهذا شأن بدايات التصنيف في الفقه الإسلامي، كما هو معروف.
وقد اعتنى الشيخ حسن حسني بالجانب الاجتماعي للكتاب، واهتم ببيان أوجه الحياة الاقتصادية في تلك المرحلة”([15]).
وهذا الكتاب رواه أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن سعيد القصري([16]).
بدأ المؤلف الكتاب بقوله: “بسم الله الرحمن الرحيم، القولُ فيما ينبغي النظر فيه من الأسواق: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن، قال: سمعتُ يحيى بن عمر يقول: ينبغي للوالي الذي يتحرّى العدلَ أن ينظر في أسواق رعيته…”([17]).
وختمه بقوله: “وقال أبو القاسم محمد بن يزيد بن خالد الطرزي لحمديس القطان وأنا أسمع حاضر: أخذنا غلماناً مرداً بطالين يفسدون بالدراهم، فوضعت في أرجلهم القيد، فقال حمديس: احبسهم عند آبائهم، ولا تحبسهم في السجن، وصوّب له حمديس القطان القيد، وتركه مقيداً عند أبيه، تم كتاب النظر والأحكام في جميع أحوال السوق، والحمد لله أولا ًوآخراً”([18]).
عرض الكتاب:
بدأ الكتاب بعنوان “القولُ فيما ينبغي النظر فيه من الأسواق” ومما ذكره تحت هذا العنوان:
أن من وظيفة الولي العدل:
- النظر في أسواق رعيته.
- يأمر ثقة بمعاهدة الأسواق.
- تعيير الصنج والموازين والمكاييل.
- معاقبة من يغير الموازين، وإخراجه من السوق حتى يتوب.
- متابعة الدراهم المبهرجة، أو المخلوطة بالنحاس، ومعاقبة من يفعل ذلك.
المكيال والميزان والأمداد([19])، والأقفزة ([20])، والأرطال، والأواقي:
أجاب المصنف عن سؤال، ومما ذكره:
- يضع الولي العدل أرطالهم على الأوزان التي أوجب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة العين من الذهب والفضة بها.
- ويضع مكاييل رعيته من الويبات([21])، والأقفزة على الكيل الذي فرض رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- زكاة الحبوب به.
- يعاقب الولي من خالف الموازين والمكاييل الموضوعة للناس، ويُخرج من السوق.
- إن كان المسلمون في موضع ضيع الوالي هذا من رعيته، أو لم يكن معهم والٍ، فليقم خيارهم وأهل الفضل والصلاح منهم بما كان على الوالي من شأن الموازين والمكاييل.
الحكم في القيم والتسعير:
تحدّث عن مسألة التسعير، ومما ذكره:
- السنة جاءت بترك التسعير، واختار المصنف ألا يُسعَّر على أحد، وكل من حط من السعر الذي في السوق يُخرج.
- لو اجتمع أهل السوق أن لا يبيعوا إلا بما يريدون، مما قد تراضوا عليه، مما فيه المضرة على الناس، وأفسدوا السوق، كان إخراجهم من السوق حقًّا على الوالي.
- وكذلك يرى المصنف أن يُفعل بمن نقص من السعر الذي عليه أهل السوق.
في حكم الأسواق القريبة من البلدان:
وحكمها فيه اختلاف، إلا أن المصنف رأى أن الأسواق القريبة تختلف عن أسواق البلدان.
في حكم الحناطين([22]):
أجاب المصنف ألا يُباع القمح والشعير والفول والعدس والحمص، وجميع القطاني([23])، حتى يُغربل.
في حكم التين المدهون بالزيت، واللبن المخلوط بالماء:
- رأى المصنف أن يُنهى عن ذلك وغيره، فإن فعل بعد النهي يُتصدق بالتين على المساكين، أدبًا له.
- وكذلك الحكم إذا نقص الخبز.
في حكم الفواكه تباع في السوق قبل أن يطيب جلُّها:
فأجاب مفصّلًا:
- إن كان كثيراً في بلده فلا بأس.
- وإن كان قليلًا فلينه عن ذلك، وعن قطعه حصرمًا([24])، فإنه يضر بالعامة، ويطلبونه إذا طلب فلا يوجد، ويقل ويغلو، فلأجل ذلك كره قطعه حصرمًا.
- وإذا اشتراه أهل الأسواق فليردوه على بائعه، ولا يُباع بأسواق المسلمين، فإن كان مما نُهي عن بيعه يُتصدّق به أدبًا له.
في حكم الخبز يُوجد فيه حجارة:
فأجاب مفصّلًا:
- يُردّ ما بقي منه.
- ويكون عليه قدر ما أكل منه على أن فيها حجارة.
- ويرجع على من باعه بالثمن الذي اشتراه به.
- ويرجع بائعه على صاحب الفرن بما اشتراه به، ويكون عليه قيمته على أن فيه حجرًا، ويُنهى صاحب الفرن عن ذلك.
- وإن ركب النهي يتصدق به أدبًا له.
في حكم الخبز الناقص:
- رأى المصنف أن يُؤدّب على الخبز الناقص، ويُخرَج من سوق المسلمين.
- وإذا عرف صاحب الحانوت بنقصانه، أو بتغييره قبل بيعه، فالأدب عليه، وعلى صاحب الفرن.
في حكم القمح الطيب يُخلط مع القمح الدنيء:
- ينهى أول مرة ألا يخلط الدون بالجيد، فإن ركب النهي وخلطه، وجب تأديب الفاعل، وإخراجه من السوق.الحكم في صاحب الفرن يطحن في المطحنة بإثر نقشها:
فأجاب المصنف:
- أنه يؤدّب، ويغرّم قمحًا مثله.
- قال أصبغ: وإن كان قد علم صاحب القمح بصب قمحه بإثر نقش الحجر، ورضي به، فلا يلزم صاحب الفرن غرمه.
فيمن دلّس في مكيال، أو طعام، أو غير ذلك:
أجاب المصنف:
- لا يبيع جيدًا يخلطه بطعام رديء، فإذا تقدم إليه ألا يفعل، ولم ينته، وعاد إلى فعله، فيخرج من السوق، ولا يترك أن يبيع فيه، حتى تتبين توبته.
- يُعطى اللبن المغشوش بالماء للمساكين.
- الزعفران أو المسك إذا غُش، ففيه تفصيل:
- إذا كان صاحبه هو الذي غشه؛ فهو كاللبن المغشوش.
- وإذا لم يكن هو الغاش له فلا يعطى للمساكين.
في لبن البقر والغنم يخلطان جميعًا:
أجاب المصنف:
- إن خلط زبد البقر بزبد الغنم، أو لبن الغنم بلبن البقر، ثم باع ولم يُبين، يُفسخ البيع، ويُتصدق به، ويُؤدَّب إن عاد ثانية.
- إن باع الزبد الذي خرج من خليط لبن البقر والغنم؛ فلا يُبين ذلك إن باع، والأحبُّ ألا يُخلط.
في خلط العسل الطيب بالرديء:
أجاب المصنف:
- خلط الجيد من العسل أو السمن أو الزيت بالرديء غش.
- يجوز الخلط إذا كان للأكل.
في خلط الزيت القديم بالجديد:
فأجاب المصنف مفصلًا:
- إذا كان طيِّب الزيت الجديد مثل طيب الزيت القديم:
- فخلطهما سهل.
- ويُبين ذلك للمشتري.
- فإن باع ولم يبين ذلك للمشتري فهو بالخيار، إن أحب تمسك به، وإن أحب رده.
- وأما إن خلط زيتاً ليس بطيب بجديد أو قديم طيب، فقد غش، وفعل ما لا يحل له.
- فإن عُذِر بجهالة، مثل البدوي فليتقدم إليه بالنهي: ألا يبيع مثل هذا في سوق المسلمين، فإن عاد نكُّل، وتصدق به على المساكين.
في حكم خلط الشيء بعضه ببعض، وما يُفعل بالجزارين إذا فعلوا ذلك ومثله:
أجاب المصنف:
- لا يحل أن يخلط الزيت الدون بالجيد، والسمن الجيد بالدون، والقمح الدون بالجيد.
- وإذا اشترى رجل ما كان مخلوطًا من جيد وردئ، وهو لا يعلم، فله رده على البائع، ويأخذ منه الثمن الذي دفعه إليه.
- ثم يتقدم إلى البائع: ألا يبيع مثل هذا، فإن نُهي، ثم باع أُخرج من السوق.
- فإن عاد ثانية أُدّب، وطُرح في السوق، ويطاف به السوق، ويخرج من السوق بعد ذلك.
- النفخ في اللحم مكروه عند أهل العلم، فليُنه عنه أشد النهي، فإن عاد أُخرج من السوق.
- يُباع لحم المعز، ولحم الضأن، كلًّا على حدته، وكلًّا بسعره.
في الجزارين والبقالين وغيرهم يخلون السوق لواحد منهم يبيع فيه اللحم:
فأجاب المصنف:
- إذا أخلى أهل السوق السوق لرجل، وإن لم ينقص من السعر شيئًا:
- إن كان مضرة على العامة نهوا عن ذلك.
- وإن لم يكن على العامة فيه ضرر فذلك لهم.في الرطب يغمر، وفي البسر([25]) يرطب، ويباع كل واحد منهما في السوق:
- ذكر المصنف عن مالك في البسر الذي يرطب ويغمر بالخل، ويعمل حتى يرطب أنه يتقدم إليهم: أن لا يبيعوه مغمرًا، فإن ذلك يضر بالبطون إذا أكل، وأن يضرب الذي استعمله.
- ويرى المصنف أنه لا يُباع مثل الرطب المخلّل وإن بينه، لأنه لعل مشتريه لا يعلم أنه يؤذيه إذا أكله.
في الثياب تلبس، ثم تقصر([26]) ثم تباع:
أجاب المصنف:
- لا بد أن يُبين لمن يشتري الثياب المقصَّرة؛ لأنه عيب وغش.
- إن باع ولم يُبين، يفسخ بيعه، ويعاقب إذا دلس بإخراجه من السوق إذا فعل ذلك مرة بعد مرة.
- إن هرب الجزار الذي يغش، أو الخباز، فيعضل عليهما، فإذا خيف فساد الطعام، فيباع عليه، ويوقَف الثمن.
ما جاء في الوليمة، وما يكره من السماع فيها:
أجاب المصنف:
- لا يجيب إلى وليمة فيها بوق، أو طنبور، أو عود.
- لا بأس أن يجيب إليها إذا كان فيها الكَبَر([27])، والمِزْهَر([28]) المدور.
- ولا يجيب إذا علم أن فيها مسكرًا.
- وعن أشهب قال: سألتُ مالك بن أنس عمن يدعى إلى الوليمة، وفيها إنسان يمشي على الحبل، وآخر يجعل على جبهته خشبة كبيرة، يركبها إنسان وهو على جبهته؟
قال: قال مالك: لا أرى أن تُؤتى، وأرى ألا يكون معهم.
قيل له: أرأيتَ إن دخل ثم علم بهذا أترى له أن يخرج؟
فقال: نعم؛ لقول الله سبحانه: {فَلَا تقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثلُهُمْ} [النساء: 140].
مسألة في بيع الدُوّامات([29]) والصور:
أجاب المصنف:
قال: سُئل مالك عن التجارة في العظام تُتخذ قدر الشبر، فيُجعل منها صور تلعب بها الجواري، فقال: لا خير في الصور.
الحكم في القدور تتخذ لعمل النبيذ:
أجاب المصنف:
- إذا لم يكن لها منفعة غير عمل النبيذ، فيُغيّر حالها، وتُكسر، وتُصيّر نحاسًا، وتُرد عليهم، كما يفعل بالبوق إذا كُسِر.في دخول النساء الحمام من غير مرض ولا نفاس:
أجاب المصنف:
- يُؤمر صاحب الحمام ألا يُدخل إلا مريضة، أو نفساء.
- ولا يدخل الرجل إلا بمئزر.
- فإن عاد بعد النهي نكل به، وعُوقب على قدر ما يراه الإمام.
- ولكن لا يهجم على النساء، ولكن يأمرهن بلبس ثيابهن، ويستترن بما يخرجن به، ويقول لهن: قد علمتن النهي، وكراهة العلماء لذلك، ويؤدبهن قدر ما يرى.
في بكاء أهل الميت على الميت:
أجاب المصنف:
- الصراخ العالي، والاجتماع عليه مكروه، والنهي فيه قائم.
- وأما بكاءٌ ليس فيه شيء يكره، فلا نهي عنه.
في خروج النساء إلى المقابر:
أجاب المصنف:
- أنه لا يرى للنساء أن يخرجن للمقبرة للترحم على الأزواج والأولاد.في النهي عن الخف والنعل الصرار([30]) :
أجاب المصنف:
- يُنهَى الخرّازون([31]) عن عمل الأخفاف الصرارة، فإن عملوها بعد النهي فعليهم العقوبة.
- وتُمنع النساء عن لبس هذه الأخفاف، فإن لبسنها بعد ذلك تشق خرازة الخف، ويدفع إليهن، وعليهن الأدب بعد النهي.
في إهراق الماء أمام الدور والحوانيت:
أجاب المصنف نقلًا عن ابن القاسم:
- إن كان رشًّا خفيفًا لم يكن عليه شيء.
- وإن كان كثيرًا لا يشبه الرش خشيت أن يضمن.
في كنس الطين من الأسواق:
أجاب المصنف:
- لا يجب على أرباب الحوانيت كنس الطين إذا كثر في الأسواق؛ لأنه من غير فعلهم.
- وإذا كنسوه وجمعوه وتركوه في وسط السوق أكداسًا؛ فيجب عليهم كنسه.
في طعام اليهود والنصارى:
أجاب المصنف:
- من تشبه من اليهود والنصارى بالمسلمين، وليس عليه رقاع، ولا زنار، وهو يحمل ما يعصر به الخمر؛ فيُعاقب بالضرب والسجن، ويُطاف في موضع اليهود والنصارى.في حكم أبواب الدور:
أجاب المصنف:
- إذا كان في الزقاق جيران، فليس له أن يحدث بابًا في الزقاق، ولا أن يحوله من مكانه.
- وله ذلك في النافذ ما لم يضر بغيره.
في أهل الضرر من أهل البلايا: (هل يُنهى عن بيع المائع؟):
أجاب المصنف:
- يُمنع الضرير من بيع الزيت، أو الخل أو المائع أو لبن أو جبن من غنمه، أو بيض دجاجه.
- إن علم المشتري جاز، ولكن لا يبيعه للمسلمين.
ما جاء في المكيال والميزان والقضاء فيه:
أجاب المصنف:
- على الكيّال أن يكيّل، ولا يطفف؛ ولكن يملأ الكيل إلى منتهاه.
- وفي الميزان يضع حتى يستوي لسان الميزان معتدلًا.
- وللسلطان أن يضرب الناس على الوفاء.
- والوفاء إذا أملأ رأس الميزان، وأما الردم([32])، والزلزلة([33])، فليس من الوفاء.
- كره مالك مسح رأس الويبة([34])، ورآه تطفيفًا، وكرهه كراهة شديدة.
في الجبر ببيع التسعير:
أجاب المصنف:
- عن مالك: أنه لا خير في أن يسعِّر صاحب السوق في السوق.
- وعن مالك: لو أن رجلاً حطَّ من السعر يريد بذلك فسادًا في السوق، فرأى أن يقال له: إما أن تلحق بالناس، وإما أن تخرج من السوق.
التطفيف في الكيل:
تكرر مضمون هذا العنوان في العنوان السابق: “ما جاء في المكيال والميزان والقضاء فيه”.
في حكم من غش، أو نقص من الوزن:
فيه التفصيل الآتي:
- يعاقبه الإمام بالضرب والسجن، أو الإخراج من السوق إن كان قد عُرف الغش والفجور من عمله.
- أما ما خف قدره من اللبن إن شابه بالماء، أو الخبز إذا نقص من وزنه، فلا بأس أن يُفرّق على المساكين تأديبًا له.
- ينبغي للإمام ألا يرد إليه ما غُش من المسك والزعفران وغيره، مما عظم قدره، ولكن يأمر ببيع ذلك عليه من أهل عمل [الطيب] ممن يُؤمن ألا يغش به أحدًا ببيعه.
- وما كثر من الخبز إذا نقص من وزنه، فيكسر الخبز، ثم يسلم إلى صاحبه.
- وما كثر من اللبن إذا غُش بالماء، أو السمن إذا غُش بالشحم، أو العسل إذا غُش بالماء، فيُباع عليه، على تبيان ما فيه من الغش، ممن يأكله، ويتأدم به، ممن يؤمن ألا يبيعه مغشوشًا.
- وهكذا العمل في كل من غش في تجارات السوق، أو فجر فيها.
ما جاء في تسعير الطعام:
أجاب المصنف:
- ينبغي للإمام إذا غلا السعر، واحتاج الناس إلى ما عندهم من فضل طعامهم، أن يأمر بإخراج ما كان عندهم من فضل قوت عيالهم لسنة، ولا يسعّر عليهم.ما جاء في الحُكْرَة، وما يجوز فيها:
أجاب المصنف:
- في حكم المحتكرين أن يُباع عليهم، فيكون لهم رأس أموالهم، والربح يُؤخذ منهم، ويتصدق به أدبًا لهم، وينهوا عن ذلك، فإن عادوا كان الضرب والطواف والسجن لهم.
- على صاحب السوق أن يأمر البدويين ألا يبيعوا ما معهم من طعام، إلا في أسواق المسلمين، حيث يدركه الضعيف والقوي والشيخ الكبير والعجوز.
- لا يُمكَّن من أراد أن يشتري قوت سنة في الغلاء، وإن كان لا يعرف أن يبيع القمح، ولا الاحتكار.
- إن كان الناس ليس لهم سوقٌ يُصب فيها الطعام؛ فيكون بحوانيتهم([35])، ويبرزوه للناس في السوق.
- ويمنع الحناطون أن يشتروا في الدور إذا كان السعر غاليًا مضرًا بالأسواق.
- وإذا كان السعر رخيصاً، ولا يضر بالسوق خُلي بين الناس وبين السوق أن يشتروا ويدخروا ويشتروا في الفنادق، وفي الدور، وحيث ما أحبوا.
في البيع من المسترسل([36]):
أجاب المصنف:
- غبن المسترسل حرام.
- ويرجع على البائع، فيأخذ منه ما بقي من سعر السوق.
في بيع اللحم مع الفؤادات والبطون:
أجاب المصنف:
- لا يجوز أن يباع اللحم مع البطون، وإنما يباع اللحم خاصة وحده.في بيع أزيار([37]) الصير([38])، والأحمال القائمة:
أجاب المصنف في مسألة شراء الزير والسلال والقفاف بما يظهر، ثم يعود المشتري للبائع مدّعيًا التدليس:
- إذا اشترى بما رأى من أوله -وكذلك تُشترى هذه الأشياء- ويقبضونها على ذلك، ويغيبون بها، فإذا غابوا عليها، وادعوا الخلاف، فهم مدّعون، فعليهم البينة أنهم من حين أخذوها لم تفارقهم ألبتة، حتى ظهر هذا الخلاف، وإلا حلف البائع: ما باع الأعلى إلا مثل الأسفل، والأسفل مثل الأعلى.في الرماد الذي يبيض به الغزل حكم الغش فيه:
أجاب المصنف فيمن ادعى غش هذا الرماد:
- يُختبر الرماد إن كان بقي منه شيء:
- إن كان جيداً فلا شيء على البائع.
- وإن خرج رديئًا رجع عليه بالثمن.
- وإن لم يبق منه شيء:
- حلف بالله أنه ما باع إلا جيدًا.
- إلا أن تُقام البينة على الغش والتدليس؛ فيرجع على البائع بالثمن.
- وإن نكل البائع عن اليمين؛ رجع اليمين على المشتري؛ فحلف ورجّع بالثمن.الحكم في الصيارفة:
أجاب المصنف:
- في رجل اشترى من صيرفي دراهم مسماة، فأراه المشتري الدينار فنقره -أي طار من يده- بائع الدراهم؛ فضاع؛ فهو ضامن.
- وكذلك لو غصبه الصراف، أو اختلس منه.
- وإن أُذن للصيرفي في النقر فنقره نقرًا لا يعطب من مثله، فطار في ذلك فلا شيء عليه.
- وأما إن كان أخرق ضمن.
- وإن تعدى رجل على دينار فكسره:
- فيغرم مثله في وزنه وسِكتِّه.
- وإن كان رديئًا لا مثل له، فيقدره أهل الخبرة.
- لو أُعطي دينار لرجل، فوضع بين أسنانه ليختبره -وهذه سنة الدنانير في الاختبار- فكسره؛ فلا ضمان عليه.ما جاء في التين يُشترى، أو الفول أو المغالي([39])، فيدعى ورقه، و[المغالي]([40]) يدعى حب القطن وغباره:
أجاب المصنف:
- قصب الفول الأخضر للمشتري، إلا إذا كان لأهل البلد سنة، فيُحملوا عليها.
- ورق التين المباع للبائع، وما يصلح به السلال من الورق للمشتري.
- إن اشتُري الفول الأخضر، والمقاثي([41])، والبطيخ من البحائر([42])، وفيها الحشيش؛ فالحشيش للبائع، إلا أن يشترطه المشتري.
- القطن المحبب يدفع إلى العامل يحله، أو يندفه، فالحب والغبار لصاحب القطن، ولا يجوز اشتراطه للعامل مع إجارته؛ لأنه اشتراط بمجهول، وكذلك الحال بالنسبة لطحّان القمح، والتقصيص من الثياب عند الخياطين.
فيما يأخذه صاحب السوق من الباعة:
ذكر المصنف:
- المشهور من المذهب:
- أنه إذا كان مستغنيًا عن الأخذ فالحرمة.
- وأما إن كان محتاجًا غاية الاحتياج، فلا بأس أن يأخذ.
- لكن على شرط ألا يركن إليهم.
- وليراعِ المصلحة، والمعروف لجميع الناس.في دُور الأذى والفجور:
- أوتي إلى سحنون بامرأة يقال لها: حكيمة، كانت تجمع بين الرجال والنساء، فضُربت وحُبست، وطُيِّن باب دارها بالطين والطوب، وأُمر أن تجعل بين قوم صالحين.
- وذَكَرَ أن غلمانًا مردًا بطالين، يفسدون بالدراهم، فوُضع في أرجلهم القيد، وأُمر بحبسهم عند آبائهم.
[2])) الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، إبراهيم بن علي بن محمد، ابن فرحون، برهان الدين اليعمري (المتوفى: 799هـ) تحقيق وتعليق: الدكتور محمد الأحمدي أبو النور، دار التراث للطبع والنشر، القاهرة، (2/ 354).
([3]) ترتيب المدارك وتقريب المسالك، أبو الفضل القاضي عياض بن موسى اليحصبي (المتوفى: 544هـ)، جزء 1: ابن تاويت الطنجي، 1965 م-جزء 2، 3، 4: عبد القادر الصحراوي، 1966 -1970 م-جزء 5: محمد بن شريفة-جزء 6، 7، 8: سعيد أحمد أعراب 1981-1983م، مطبعة فضالة -المحمدية، المغرب، الطبعة: الأولى، (4/ 364).
[13])) تاريخ التراث العربي، لسزكين، فؤاد سزكين، نقله إلى العربية: د محمود فهمي حجازي، راجعه: د عرفة مصطفى -د سعيد عبد الرحيم، أعاد صنع الفهارس: د عبد الفتاح محمد الحلو، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية1411 هـ -1991 م (3/ 161).
([14]) الإمام المازري، حَسن حُسني بن صالح بن عبد الوهاب بن يوسف الصُّمادحي التجيبي التونسي (المتوفى: 1388هـ) دار الكتب الشرقية – تونس، (ص: 28).
([16]) هو أحمد بن محمد بن عبد الرحمن، أبو جعفر القصري، فقيه من أهل القيروان، له عناية بالعلم، ورواية الحديث، وجمع الكتب ونسخها وتصحيحها، نسبته إلى قصر الأغلب (على ميلين من جنوب القيروان) كان يقول: لي أربعون سنة ما جفّ لي قلم، وكان ربما باع بعض ثيابه واشترى بثمنه كتاباً، أو رقوقاً لنسخ كتاب. ينظر: الأعلام للزركلي (1/ 206).
[19])) المد: بالضم كيل وهو رطل وثلث عند أهل الحجاز فهو ربع صاع؛ لأن الصاع خمسة أرطال وثلث، والمد رطلان عند أهل العراق، والجمع أمداد ومداد بالكسر. ينظر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 566).
[20])) القفيز: كأمير: مكيال معروف، وهو ثمانية مكاكيك، عند أهل العراق، ومن الأرض: قدر مائة وأربع وأربعين ذراعاً. وقيل: هو مكيال يتواضع الناس عليه، وفي التهذيب: القفيز: مقدار من مساحة الأرض، ج، أقفزة وقفزان، بالضم، وبالكسر. ينظر: تاج العروس (15/ 285).
([21]) قال في المحكم والمحيط الأعظم (10/ 570): “الْوَيْبَةُ: مِكْيالٌ مَعْروفٌ” وفي مشارق الأنوار على صحاح الآثار (1/ 376):
الويبة: أَرْبَعَة أَربَاع، وَقيل: عشرُون مداً.
([23]) القطنية: اسم جامع للحبوب التي تطبخ؛ وذلك مثل العدس والباقلاء واللوبياء والحمص والأرز والسمسم، وليس القمح والشعير من القطاني والقطن معروف. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 509).
([24]) في سهم الألحاظ في وهم الألفاظ (ص: 54): (الحُصْرُمُ) بضمتينِ، كهُدْهُد، للعنبِ ما دامَ أَخْضَرَ، والصوابُ أنْ يُقالَ: حِصْرِمٌ، بكَسْرَتَيْنِ، كزِبْرِجٍ.
([25]) (البسر): أوله طلع، ثم خلال بالفتح، ثم بلح بفتحتين، ثم بسر، ثم رطب، ثم تمر، الواحدة (بسرة) و(بسرة) والجمع (بسرات) و(بسر) بضم السين في الثلاثة. مختار الصحاح (ص: 34).
[28])) قال ابن حجر: “الدف بضم الدال وفتحها، والضم أشهر، ويقال له: الكربال بكسر الكاف، وهو الذي لا جلاجل فيه، فإن كانت فيه جلاجل فهو المزهر. فتح الباري (2/440-441).
[29])) دوامة الغلام: برفع الدال، وتشديد الواو، وهي التي تلعب بها الصبيان، فتدار، والجمع دوام. لسان العرب (12/ 216)، وسبب كراهة بيع الدوامات للصبيان، قال محمد بن رشد: إنما كره ذلك له من أجل بيعه إياها من الصبيان، ولا يدري هل أذن لهم في ذلك آباؤهم أم لا؟ إلا أنه لما كان الأظهر أنهم مطلعون على ذلك ليسارة ثمنه كرهه، ولم يحرمه. مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (4/ 266).
([30]) في صبح الأعشى: النعال الصَّرارة المرواني، وهي النعال التي لها صوت عند السير بها لقوتها وجدِّتها، وكان يلبسها بنو مروان في العصر الأموي. المعجم العربي لأسماء الملابس (ص: 499).
([32]) كذا بالأصل، ولعله الرذم، ومنه حديث عطاء في الكيل «لا دق ولا رذم ولا زلزلة» هو أن يملأ المكيال حتى يجاوز رأسه. النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 217).
([34])الويبة: اثنان وعشرون، أو أربع وعشرون مداُ بمد النبي -صلى الله عليه وسلم- القاموس المحيط (ص: 954).
([36]) الذي لا يحسن المماكسة في البيع ونحوه الذي يطمئن إلى البائع، فيأخذ ما يعطيه، ويعطيه ما يطلب من غير مجادلة. معجم لغة الفقهاء (ص: 427).
([37]) زِير [مفرد] ج أَزْيار وزِيار وزِيَرَة وأَزْوار: جَرَّة كبيرة واسعة الفم، يوضع فيها الماء. معجم اللغة العربية المعاصرة (2/ 1015).