المؤلف:
هو “أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزالي، الملقب حجة الإسلام زين الدين الطوسي الفقيه الشافعي، لم يكن للطائفة الشافعية في آخر عصره مثله، اشتغل في مبدأ أمره بطوس على أحمد الراذكاني ، ثم قدم نيسابور واختلف إلى دروس إمام الحرمين أبي المعالي الجويني، وجَدَّ في الاشتغال حتى تخرج في مدة قريبة، وصار من الأعيان المشار إليهم في زمن أستاذه، وصنف في ذلك الوقت، وكان أستاذه يتبجح به، ولم يزل ملازمًا له إلى أن توفي، فخرج من نيسابور إلى العسكر، ولقي الوزير نظام الملك فأكرمه وعظَّمه وبالغ في الإقبال عليه، وكان بحضرة الوزير جماعة من الأفاضل، فجرى بينهم الجدال والمناظرة في عدة مجالس، فظهر عليهم واشتهر اسمه وسارت بذكره الركبان.
ثم فوض إليه الوزير تدريس مدرسته النظامية بمدينة بغداد، فجاءها وباشر إلقاء الدروس بها، وذلك في جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وأربعمائة، وأعجب به أهل العراق وارتفعت عندهم منزلته، ثم ترك جميع ما كان عليه في ذي القعدة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وسلك طريق الزهد والانقطاع وقصد الحج [وناب عنه أخوه أحمد في التدريس]، فلما رجع توجه إلى الشام فأقام بمدينة دمشق مدة يذكر الدروس في زاوية الجامع في الجانب الغربي منه، وانتقل منها إلى البيت المقدس، واجتهد في العبادة وزيارة المشاهد والمواضع المعظمة، ثم قصد مصر وأقام بالإسكندرية مدة، ويقال إنه قصد منها الركوب في البحر إلى بلاد المغرب على عزم الاجتماع بالأمير يوسف بن تاشفين صاحب مراكش، فبينا هو كذلك بلغه نعي يوسف بن تاشفين المذكور، فصرف عزمه عن تلك الناحية.
ثم عاد إلى وطنه بطوس واشتغل بنفسه وصنف الكتب المفيدة في عدة فنون منها ما هو أشهرها كتاب ” الوسيط ” و ” البسيط ” و ” الوجيز ” و ” الخلاصة ” في الفقه، ومنها “إحياء علوم الدين” وهو من أنفس الكتب وأجملها، وله في أصول الفقه ” المستصفى ” فرغ من تصنيفه في سادس المحرم سنة ثلاث وخمسمائة، وله المنحول والمنتحل في علم الجدل وله تهافت الفلاسفة ومحك النظر ومعيار العلم والمقاصد والمضنون به على غير أهله والمقصد الأقصى في شرح أسماء الله الحسنى ومشكاة الأنوار والمنقذ من الضلال وحقيقة القولين وكتبه كثيرة وكلها نافعة.
ثم ألزم بالعود إلى نيسابور والتدريس بها بالمدرسة النظامية، فأجاب إلى ذلك بعد تكرار المعاودات، ثم ترك ذلك وعاد إلى بيته في وطنه، واتخذ خانقاه للصوفية ومدرسة للمشتغلين بالعلم في جواره، ووزع أوقاته على وظائف الخير: من ختم القرآن ومجالسة أهل القلوب والقعود للتدريس، إلى أن انتقل إلى ربه. ويُروَى له شعر”([1]).
قال الذهبي: “رحم الله الإمام أبا حامد، فأين مثله في علومه وفضائله، ولكن لا ندعي عصمته من الغلط والخطأ، ولا تقليد في الأصول”([2])، و هذا هو منهج علمائنا في التعامل مع من وقع منه أخطاء من علماء الأمة، وقد قال هذا القول بعد ما قال: “وللإمام محمد بن علي المازري الصقلي كلام على (الإحياء) يدل على إمامته، يقول: وقد تكررت مكاتبتكم في استعلام مذهبنا في الكتاب المترجم بـ (إحياء علوم الدين) ، وذكرتم أن آراء الناس فيه قد اختلفت، فطائفة انتصرت وتعصبت لإشهاره، وطائفة حذرت منه ونفرت، وطائفة لكتبه أحرقت”([3])، فيُلاحظ من كلام الإمام اختلاف أهل العلم في كتاب الإحياء فمنهم من مدحه ومنهم من ذمه، والقول الوسط هو أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها، والحق أن يُؤخذ الصواب، وأن يُرد الباطل، ويُبيَّن للناس.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ” الإحياء ” فيه فوائد كثيرة؛ لكن فيه مواد مذمومة فإنه فيه مواد فاسدة من كلام الفلاسفة تتعلق بالتوحيد والنبوة والمعاد فإذا ذكر معارف الصوفية كان بمنزلة من أخذ عدوا للمسلمين ألبسه ثياب المسلمين. وقد أنكر أئمة الدين على ” أبي حامد ” هذا في كتبه. وقالوا: مرضه ” الشفاء ” يعني شفاء ابن سينا في الفلسفة. وفيه أحاديث وآثار ضعيفة؛ بل موضوعة كثيرة. وفيه أشياء من أغاليط الصوفية وترهاتهم. وفيه مع ذلك من كلام المشايخ الصوفية العارفين المستقيمين في أعمال القلوب الموافق للكتاب والسنة، ومن غير ذلك من العبادات والأدب ما هو موافق للكتاب والسنة ما هو أكثر مما يرد منه فلهذا اختلف فيه اجتهاد الناس وتنازعوا فيه”([4]).
نسبته:
“قال عبد الغافر الفارسي: وقولهم: الغزَّالي، والعطاري، والخبازي، نسبة إلى الصنائع بلسان العجم، بجمع ياء النسبة والصيغة”([5]).
قال الذهبي: “قرأت بخط النواوي – رحمه الله -: قال الشيخ تقي الدين ابن الصلاح: وقد سئل: لم سمي الغزالي بذلك؟ فقال:
حدثني من أثق به، عن أبي الحرم الماكسي الأديب، حدثنا أبو الثناء محمود الفرضي، قال:
حدثنا تاج الإسلام ابن خميس، قال لي الغزالي: الناس يقولون لي: الغزَّالي، وَلَسْتُ الغَزَّالِي، وَإِنَّمَا أَنَا الغَزَالِيُّ مَنْسُوْب إِلَى قَرْيَةٍ يُقَالَ لَهَا: غَزَالَةُ، أَوْ كَمَا قَالَ”([6]).
قال ابن خلكان: “والغزالي – بفتح الغين المعجمة وتشديد الزاي المعجمة وبعد الألف لام – هذه النسبة إلى الغزّال، على عادة أهل خوارزم وجرجان فانهم ينسبون إلى القصّار القصّاري، وإلى العطّار العطّاري، وقيل: إن الزاي مخففة نسبة إلى غزالة وهي قرية من قرى طوس، وهو خلاف المشهور، ولكن هكذا قاله السمعاني في كتاب الأنساب، والله أعلم”([7]).
بداية رحلة طلبه للعلم:
“قال أبو العباس أحمد الخطيبي: كنت في حلقة الغزالي، فقال: مات أبي، وخلف لي ولأخي مقدارًا يسيرًا ففني بحيث تعذر علينا القوت، فصرنا إلى مدرسة نطلب الفقه، ليس المراد سوى تحصيل القوت، فكان تعلمنا لذلك، لا لله، فأبى أن يكون إلا لله”([8]).
مولده ووفاته:
“كانت ولادته سنة خمسين وأربعمائة، وقيل سنة إحدى وخمسين بالطابران، وتوفي يوم الاثنين رابع عشر جمادى الآخرة سنة خمس وخمسمائة بالطابران،… بفتح الطاء المهملة والباء الموحدة وراء مهملة وبعد الألف الثانية نون، وهي إحدى بلدتي طوس”([9]).
وصف الكتاب:
هذا الكتاب هو الكتاب التاسع من ربع العادات وهو الربع الثاني من كتاب إحياء علوم الدين، فليس كتابًا مستقلًا، وإن كان البعض أخرجه وطبعه في كتاب مستقل، وكتاب الإحياء “مرتب على أربعة أقسام: ربع العبادات، وربع العادات، وربع المهلكات، وربع المنجيات.
في كل منها عشرة كتب:
في الأول: العلم، قواعد العقائد، أسرار الطهارة، أسرار الصلاة، أسرار الزكاة، أسرار الصيام، أسرار الحج، تلاوة القرآن، الأذكار، والأوراد.
وفي الثاني: آداب الأكل، آداب الكسب، آداب النكاح، الحلال والحرام، آداب الصحبة، العزلة، آداب السفر، السماع، الأمر بالمعروف، وآداب المعيشة، وأخلاق النبوة.
وفي الثالث: شرح عجائب القلب، رياضة النفس، آفة الشهوتين، آفات اللسان، آفة الغضب، ذم الدنيا، ذم المال، ذم الجاه والرياء، ذم الكبر والغرور.
وفي الرابع: التوبة، الصبر والشكر، الخوف والرجاء، الفقر والزهد، والتوحيد، المحبة، النية والصدق، المراقبة، التفكر وذكر، الموت.
فالجملة: أربعين كتابًا”([10]).
وقد بدأ المصنف كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقوله: “بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي لا تستفتح الكتب إلا بحمده ولا تستمنح النعم إلا بواسطة كرمه ورفده والصلاة على سيد الأنبياء محمد رسوله وعبده وعلى آله الطيبين وأصحابه الطاهرين من بعده
أما بعد فإن الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ هُوَ الْقُطْبُ الأعظم في الدين، وهو المهم الذي ابتعث الله له النبيين أجمعين. ولو طُوى بساطه، وأهمل علمه وعمله؛ لتعطلت النبوة، واضمحلت الديانة، وعمت الفترة، وفشت الضلالة، وشاعت الجهالة، واستشرى الفساد، واتسع الخرق، وخربت البلاد، وهلك العباد، ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التناد. وقد كان الذي خفنا أن يكون فإنا لله وإنا إليه راجعون؛ إذ قد اندرس من هذا القطب عمله وعلمه، وانمحق بالكلية حقيقته ورسمه، فاستولت على القلوب مداهنة الخلق، وانمحت عنها مراقبة الخالق، واسترسل النَّاسُ فِي اتِّبَاعِ الْهَوَى وَالشَّهَوَاتِ اسْتِرْسَالَ الْبَهَائِمِ، وعز عَلَى بِسَاطِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ صَادِقٌ لَا تَأْخُذُهُ في الله لومة لائم، فمن سعى في تلافي هذه الفترة وسد هذه الثلمة إما متكفلًا بعملها، أو متقلدًا لتنفيذها مجددًا لهذه السنة الداثرة ناهضًا بأعبائها ومتشمرًا في إحيائها كان مستأثرًا من بين الخلق بإحياء سنة أفضى الزمان إلى إماتتها ومستبدًا بقربة تتضاءل درجات القرب دون ذروتها، وها نحن نشرح علمه في أربعة أبواب:
الباب الأول: في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفضيلته.
الباب الثاني: في أركانه وشروطه.
الباب الثالث: في مجاريه وبيان المنكرات المألوفة في العادات.
الباب الرابع: في أمر الأمراء والسلاطين بالمعروف ونهيهم عن المنكر”([11]).
عرض الكتاب:
بعد مقدمة بدأ المصنف كتابه كما يلي:
الباب الأول: في وجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وفضيلته، والمذمة في
إهماله وإضاعته:
- أخبر المصنف أن الوجوب دل عليه بعد إجماع الأمة عليه وإشارات العقول السليمة إليه الآيات والأخبار والآثار.
- ذكر الإمام آيات واستنبط منها من الأحكام ما يتعلق بالباب، وهي:
- أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية لا فرض عين، وأنه إذا قام به أمة سقط الفرض عن الآخرين، وإن تقاعد عنه الخلق أجمعون عم الحرج كافة القادرين عليه لا محالة.
- الهاجر للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خارج عن المؤمنين المنعوتين في قوله تعالى: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: 71].
- ترك الأمر بالمعروف يستوجب اللعن.
- النهي عن المنكر طريق النجاة.
- ترك النهي إثم.
- الإصلاح نهي عن البغي، وإعادة إلى الطاعة، وذلك هو النهي عن المنكر.
- ثم ذكر بعد ذلك من الأخبار منها الصحيح ومنها غير ذلك بل منها المنكر الذي لا أصل له، واستنبط منها ما يتعلق بالباب، وهي:
- لا يجوز دخول دور الظلمة والفسقة، ولا حضور المواضع التي يشاهد المنكر فيها ولا يقدر على تغييره.
- لا يجوز مشاهدة المنكر من غير حاجة اعتذارًا بأنه عاجز.
- ثم ثلَّث بذكر آثار، واستنبط منها ما يلي:
- من عجز عن الأمر بالمعروف؛ فعليه أن يبعد عن ذلك الموضع، ويستتر عنه حتى لا يجري بمشهد منه.
- وأخبر أن من لم يقدر إلا على نفسه فقام بها، وأنكر أحوال الغير بقلبه، فقد جاء بما هو الغاية في حقه.الباب الثاني: في أركان الأمر بالمعروف، وشروطه:
وفيه أخبر أن الأركان أربعة، وهي المحتسِب والمحتسَب عليه والمحتسَب فيه ونفس الاحتساب، وأن لكل منها شروطًا.
- بدأ بذكر شروط المحتسِب، وهي:
- الشرط الأول التكليف، وهو شرط للوجوب.
- إمكان الفعل وجوازه فلا يستدعي إلا العقل حتى إن الصبي المراهق للبلوغ المميز- وإن لم يكن مكلفًا- فله إنكار المنكر، وله أن يريق الخمر، ويكسر الملاهي، وإذا فعل ذلك نال به ثوابًا، ولم يكن لأحد منعه من حيث إنه ليس بمكلف.
- الأمر بالمعروف قربة، وليس حكمه حكم الولايات.
- يشترط للولاية التكليف.
- للعبد وآحاد الرعية الأمر بالمعروف.
- الشرط الثاني وهو الإيمان.
- الشرط الثالث وهو العدالة: وأخبر أن هناك من العلماء من ذهب إلى أن الفاسق لا يحتسب، وذكر من أدلتهم، ووصفها بأنها خيالات، وأنها مخالفة للإجماع، ورد على ما أوردوه من أدلة نقلية وعقلية وقد بدأ بالرد على العقلية منها.
- ومما استدل به أن القرآن العزيز دال على نسبة آدم عليه السلام إلى المعصية، وكذا جماعة من الأنبياء.
- أخبر أن الاحتساب نوعان:
- الوعظ، وهذا يبطل بالفسق، والعدالة مشروطة فيه.
- الحسبة القهرية: فلا يشترط فيها ذلك؛ فلا حرج على الفاسق في إراقة الخمور وكسر الملاهي وغيرها.
- الشرط الرابع كونه مأذونًا من جهة الإمام والوالي: وأخبر أن قومًا شرطوا هذا الشرط، ولم يثبتوا للآحاد من الرعية الحسبة وهذا الاشتراط فاسد.
- أخبر أن الروافض زادوا، فقالوا: لا يجوز الأمر بالمعروف ما لم يخرج الإمام المعصوم وهو الإمام الحق عندهم.
- وأخبر أن الحسبة لها خمس مراتب، وهي:أولًا: التعريف.
ثانيًا: الوعظ بالكلام اللطيف.
ثالثًا: السب والتعنيف: وليس المقصود بالسب الفحش بل أن يقول يا جاهل يا أحمق ألا تخاف الله وما يجري هذا المجرى.
رابعًا: المنع بالقهر بطريق المباشرة، ككسر الملاهي، وإراقة الخمر، واختطاف الثوب الحرير من لابسه، واستلاب الثوب المغصوب منه ورده على صاحبه.
خامسًا: التخويف والتهديد بالضرب، ومباشرة الضرب له حتى يمتنع عما هو عليه، كالمواظب على الغيبة والقذف؛ فإنّ سَلْب لسانه غير ممكن، ولكن يحمل على اختيار السكوت بالضرب.
- وأخبر أن المراتب الأربع الأولى لا تفتقر إلى إذن الإمام، بخلاف المرتبة الخامسة.
- استمرار عادة السلف بالحسبة على الولاة قاطع بإجماعهم على الاستغناء عن التفويض منهم للإتيان بالحسبة.
- وتحدث عن حسبة الولد على الوالد:
- وأخبر أن للولد الحسبة على الوالد بالرتبتين الأوليين، وهما التعريف ثم الوعظ والنصح باللطف.
- وليس له الحسبة بالسب والتعنيف والتهديد ولا بمباشرة الضرب.
- والأظهر في القياس أنه يثبت للولد المنع بالقهر بطريق المباشرة، بل يلزمه أن يفعل ذلك، ولا يبعد أن ينظر فيه إلى قبح المنكر وإلى مقدار الأذى والسخط من الوالد.
- وكذلك الحكم بالنسبة للعبد وللزوجة مع السيد والزوج.
- وأما الرعية مع السلطان فالأمر فيها أشد من الولد فليس لها معه إلا التعريف والنصح، و أما الرتبة الثالثة ففيها نظر.
- وأما حسبة التلميذ على الأستاذ فالأمر فيما بينهما أخف.
- الشرط الخامس :كونه قادرًا.
- يسقط الوجوب بالعجز الحسي.
- وللمحتسب مع عدم إفادة الإنكار، وخوف المكروه أربعة أحوال، وهي كما يلي:
- أن يجتمع المعنيان، فلا تجب عليه الحسبة، بل ربما تحرم في بعض المواضع.تنبيه:
- لا يلزم مفارقة البلدة والهجرة إلا إذا كان يرهق إلى الفساد أو يحمل على مساعدة السلاطين في الظلم والمنكرات ويقدر عليها.
- الإكراه لا يكون عذرًا في حق من يقدر على الهرب من الإكراه.
- أن ينتفي المعنيان، فيجب عليه الإنكار، وهذه هي القدرة المطلقة.
- أن يعلم أنه لا يفيد إنكاره لكنه لا يخاف مكروهًا؛ فلا تجب عليه الحسبة، ولكن تستحب.
- أن يعلم أن إنكاره يفيد، لكنه يخاف مكروهًا؛ فلا تجب عليه الحسبة، ولكن تستحب.
- يجوز للمحتسب بل يستحب له أن يعرّض نفسه للضرب وللقتل إذا كان لحسبته تأثير في رفع المنكر أو في كسر جاه الفاسق أو في تقوية قلوب أهل الدين.
- تعريض النفس للهلاك من غير أثر، فلا وجه له بل ينبغي أن يكون حرامًا.
- إن علم المحتسب أن المكروه لن يقتصر عليه، فلا تجوز له الحسبة بل تحرم، ولكن إن كان المكروه هو الأذى بالشتم والسب؛ فهذا فيه نظر، ويختلف الأمر فيه بدرجات المنكرات في تفاحشها، ودرجات الكلام المحذور في نكايته في القلب، وقدحه في العرض.
- وهناك من دقائق المسائل المتأرجحة بين مصالح ومفاسد ما يلزم المحتسب اتباع اجتهاده فيها.
- ينبغي للعامي أن لا يحتسب إلا في الجليات المعلومة كشرب الخمر والزنا وترك الصلاة.
- الظن الغالب في هذه الأبواب في معنى العلم.
- إن غلب على المحتسب الظن أنه يُصاب لم تجب عليه الحسبة، وإن غلب أنه لا يصاب وجبت، ومجرد التجويز لا يسقط الوجوب، وإن شك فيه من غير رجحان فهذا محل النظر.
- التعويل في الحكم بوقوع المكروه على ذي اعتدال الطبع وسلامة العقل والمزاج.
- المكروه الذي يسقط الوجوب قسمان، هما:
- خوف امتناع المنتظر من علم أو صحة أو ثروة أو جاه: وهذا كله لا يُسقط وجوب الحسبة؛ لأن هذه زيادات امتنعت، وتسمية امتناع حصول الزيادات ضررًا مجاز.تنبيه:
-يستثنى من هذا كل ما تدعو إليه الحاجة ويكون في فواته محذور يزيد على محذور السكوت على المنكر.
-و الأمر فيها منوط باجتهاد المحتسب ويُرجِّح بنظر الدين لا بموجب الهوى والطبع.
– المداراة أن يرجح السكوت عن الإنكار بموجب الدين.
-المداهنة أن يرجح السكوت عن الإنكار بموجب الهوى والطبع.
- فوات الحاصل فهو مكروه ومعتبر في جواز السكوت في الأمور الأربعة إلا العلم فإن فواته غير مخوف إلا بتقصير منه.-درجة الجاه المعتبر فواتها هي المعبَّر عنها بسقوط المروءة ،كالطواف به في البلد حاسرًا حافيًا، فهذا يرخص له في السكوت؛ لأن المروءة مأمور بحفظها في الشرع.
الركن الثاني للحسبة: المحتسَب فيه، وشروطه هي:
الأول كونه منكرًا: ويُعنى به أن يكون محذور الوقوع في الشرع، وإن عُدَّ فاعله ليس بآثم، ويشمل الكبيرة والصغيرة.
الثاني أن يكون موجودًا في الحال:
- فالمعصية لها ثلاثة أحوال، وهي:
- أن تكون متصرمة، فالعقوبة على ما تصرم منها حد أو تعزير، وهو إلى الولاة لا إلى الآحاد.
- أن تكون المعصية راهنة، وصاحبها مباشر لها؛ فإبطال هذه المعصية واجب بكل ما يمكن ما لم تؤد إلى معصية أفحش منها أو مثلها، وذلك يثبت للآحاد والرعية.
- أن يكون المنكر متوقعًا؛ فلا يثبت للآحاد سلطنة على العازم عليها إلا بطريق الوعظ والنصح، فأما بالتعنيف والضرب فلا يجوز للآحاد ولا للسلطان إلا إذا كانت تلك المعصية عُلمت منه بالعادة المستمرة، وقد أقدم على السبب المؤدي إليها، ولم يبق لحصول المعصية إلا ما ليس له فيه إلا الانتظار.الثالث: أن يكون ظاهرًا للمحتسب بِغَيْرِ تَجَسُّسٍ:
- كل من أغلق باب داره، وتستر بحيطانه؛ فلا يجوز الدخول عليه بغير إذنه؛ لنعرف المعصية إلا أن يظهر في الدار ظهور يعرفه من هو خارج الدار.
- التجسس هو طلب الأمارات المعرفة. إن حصلت الأمارة المعرفة، وأورثت المعرفة جاز العمل بمقتضاها. فأما طلب الأمارة المعرفة فلا رخصة فيه أصلًا.
- الإبداء والظهور يُعرف بحاسة السمع أو الشم أو البصر أو اللمس، وهي تفيد العلم.
الرابع: كونه منكرًا معلومًا بغير اجتهاد، فكل ما هو في محل الاجتهاد فلا حسبة:
ومما ذكره تحت هذا الشرط:
- لم يذهب أحد من المحصلين إلى أن المجتهد يجوز له أن يعمل بموجب اجتهاد غيره.
- على كل مقلد اتباع مقلده في كل تفصيل، فمخالفته للمقلد متفق على كونه منكرًا بين المحصلين وهو عاص بالمخالفة.
- تنقسم المسائل إلى:
- ما يتصور أن يقال فيه كل مجتهد مصيب، وهي أحكام الأفعال في الحل والحرمة، وذلك هو الذي لا يُعترض على المجتهدين فيه.
- وما لا يتصور أن يكون المصيب فيه إلا واحد،كمسالة الرؤية والقدر، فهذا مما يُعلم خطأ المخطئ فيه قطعًا.
- الحسبة في البدعة أهم من الحسبة في كل المنكرات.
- متى ينكر على البدعة؟
- يُنظر إلى البلدة التي أُظهرت فيها تلك البدعة، ويكون ذلك على حالتين:
- إن كانت البدعة غريبة والناس كلهم على السُّنة فلهم الحسبة عليه بغير إذن السلطان.
- إن انقسم أهل البلد إلى أهل البدعة وأهل السنة، وكان في الاعتراض تحريك فتنة بالمقاتلة؛ فليس للآحاد الحسبة في المذاهب إلا بنصب السلطان.الركن الثالث: المحتسَب عليه:
- شرطه أن يكون بصفة يصير الفعل الممنوع منه في حقه منكرًا وأقل ما يكفي في ذلك أن يكون إنسانًا ولا يشترط كونه مكلفًا.
- الحسبة عبارة عن المنع عن منكر لحق الله صيانة للممنوع عن مقارفة المنكر.
- مسألة ضياع المال:
- يجب على المسلم حفظ مال المسلم من الضياع كاسترسال البهائم في الزرع شريطة أن يقدر على ذلك، و ألا يناله تعب في بدنه أو خسران في ماله أو نقصان جاهه.
- وإذا كان فوات المال بطريق هو معصية كالغصب أو قتل عبد مملوك للغير، فهذا يجب المنع منه، وإن كان فيه تعب.
- الضرر الذي ينال الساعي في حفظ حق الغير، على درجات، وهي:
- له طرف في القلة لا يُشك في أنه لا يُبالي به.
- وطرف في الكثرة لا يُشك في أنه لا يلزم احتماله.
- ووسط يتجاذبه الطرفان ويكون أبدا في محل الشبهة والنظر.الركن الرابع: نفس الاحتساب:
وذكر أن له درجات وآداب، وأما الدرجات، فهي:
الدرجة الأولى: وهي التعرف وهي طلب المعرفة بجريان المنكر وذلك منهى عنه وهو التجسس.
- لو أخبر عدلان تقبل شهادتهما ابتداء من غير استخبار بأن فلانًا يشرب الخمر في داره أو بأن في داره خمرًا أعده للشرب فيجوز دخول داره ولا يلزم الاستئذان.
- وإن أخبر عدلان أو عدل واحد وبالجملة كل من تقبل روايته لا شهادته ففي جواز الهجوم على داره بقولهم فيه نظر واحتمال والأولى أن يمتنع.
الدرجة الثانية: التعريف: فيجب التعريف باللطف من غير عنف.
الدرجة الثالثة: النهي بالوعظ والنصح والتخويف بالله تعالى؛ وذلك فيمن يقدم على الأمر وهو عالم بكونه منكرًا أو فيمن أصر عليه بعد أن عرف كونه منكرًا، وكل ذلك بشفقة ولطف من غير عنف وغضب؛ بل ينظر إليه نظر المترحم عليه.
الدرجة الرابعة: السب والتعنيف بالقول الغليظ الخشن، وهو أن يخاطبه بما فيه مما لا يعد من جملة الفحش كقوله يا فاسق يا أحمق يا جاهل ألا تخاف الله، وما يجري هذا المجرى وذلك يعدل إليه عند العجز عن المنع باللطف، وظهور مبادئ الإصرار والاستهزاء بالوعظ والنصح.
- ولهذه الرتبة أدبان، أحدهما: أن لا يقدم عليها إلا عند الضرورة والعجز عن اللطف.والثاني: أن لا ينطق إلا بالصدق ولا يسترسل فيه فيطلق لسانه الطويل بما لا يحتاج إليه بل يقتصر على قدر الحاجة، فإن علم أن خطابه بهذه الكلمات الزاجرة ليست تزجره فلا ينبغي أن يطلقه.
الدرجة الخامسة: التغيير باليد، ويتصور ذلك في بعض المعاصي دون بعض، فأما معاصي اللسان والقلب فلا يقدر على مباشرة تغييرها، وكذلك كل معصية تقتصر على نفس العاصي وجوارحه الباطنة.
- وفي هذه الدرجة أدبان، أحدهما: أن لا يباشر بيده التغيير ما لم يعجز عن تكليف المحتسَب عليه ذلك.الثاني: أن يقتصر في طريق التغيير على القدر المحتاج إليه.
- الزجر إنما يكون عن المستقبل، والعقوبة تكون على الماضي، والدفع على الحاضر الراهن.
- ليس إلى آحاد الرعية إلا الدفع.الدرجة السادسة: التهديد والتخويف.
- الأدب في هذه الرتبة أن لا يهدده بوعيد لا يجوز له تحقيقه.
- وله أن يزيد في الوعيد على ما هو في عزمه الباطن إذا علم أن ذلك يقمعه ويردعه؛ إذ الخلف في الوعيد ليس بحرام.
الدرجة السابعة: مباشرة الضرب باليد والرجل وغير ذلك مما ليس فيه شهر سلاح، وذلك جائز للآحاد بشرط الضرورة، والاقتصار على قدر الحاجة في الدفع، فإذا اندفع المنكر فينبغي أن يكف.
- يراعي المحتسب التدريج، فإن احتاج إلى شهر سلاح وكان يقدر على دفع المنكر بشهر السلاح وبالجرح؛ فله أن يتعاطى ذلك ما لم تثر فتنة.
- ولا فرق في ذلك بين ما يتعلق بخاص حق الله وما يتعلق بالآدميين.
الدرجة الثامنة أن لا يقدر عليه بنفسه ويحتاج فيه إلى أعوان يشهرون السلاح.
- كل من قدر على دفع منكر فله أن يدفع ذلك بيده وبسلاحه وبنفسه وبأعوانه.باب آداب المحتسب.
- جميع آداب المحتسب مصدرها ثلاث صفات في المحتسب، بها تصير الحسبة من القربات وبها تندفع المنكرات: العلم والورع وحسن الخلق.
- لا يشترط أن يكون فقيهًا مطلقًا؛ بل فيما يأمر به، وينهي عنه.
- ومن الآداب تقليل العلائق حتى لا يكثر خوفه وقطع الطمع عن الخلائق حتى تزول عنه المداهنة.الباب الثالث: في المنكرات المألوفة في العادات:
قبل ذكر المنكرات بين أنها تنقسم إلى:
- مكروهة: فالمنع منه مستحب، والسكوت عليه مكروه وليس بحرام، إلا إذا لم يعلم الفاعل أنه مكروه فيجب ذكره له من باب تبليغ الأحكام الشرعية.
- منكر محظور: يكون السكوت عليه مع القدرة محظورًا.
- ثم بدأ بذكر المنكرات في المساجد:
- ترك الطمأنينة في الركوع والسجود وهو منكر مبطل للصلاة، يجب النهي عنه إلا عند الحنفي.
- كل ما يقدح في صحة الصلاة من نجاسة على ثوبه لا يراها أو انحراف عن القبلة بسبب ظلام أو عمى، فكل ذلك تجب الحسبة فيه.
- يجب النهي عن قراءة القرآن باللحن.
- القراءة باللحن على حالتين:
- إن كان قادرًا على التعلم؛ فليمتنع من القراءة قبل التعلم فإنه عاص.
- إن كان لا يطاوعه اللسان:
أ-فإن كان أكثر ما يقرؤه لحنًا فليتركه وليجتهد في تعلم الفاتحة وتصحيحها.
ب- وإن كان الأكثر صحيحًا، ولا يقدر على التسوية، فله أن يقرأ مع خفض صوته، ولمنعه سرًّا وجه إلا إذا كان ذلك منتهى قدرته وكان له أنس بالقراءة، فلا بأس.
- انشغال المعتكف في المسجد بالحسبة على أصحاب اللحن في القراءة أفضل من انشغاله بالذكر وغيره.
- لا يجوز للمحتسب ترك الحسبة طلبًا لزيادة الدنيا، ويسقط الوجوب إن احتاج إلى الكسب لقوت يومه.
- ومنها تراسل المؤذنين في الأذان وتطويلهم بمد كلماته وانحرافهم عن صوب القبلة بجميع الصدر في الحيعلتين أو تداخل أصوات المؤذنين فيستحب المنع منه.
- ومن المكروهات تكثير الأذان مرة بعد أخرى بعد طلوع الفجر في مسجد واحد دون حاجة.
- ومنها أن يكون الخطيب لابسًا لثوب يغلب عليه الإبريسم أو ممسكًا لسيف مذهّب فهو فاسق والإنكار عليه واجب.تنبيه: لبس الخطيب للأسود هو ترك للأحب وليس ببدعة.
- ومنها كلام القصاص والوعاظ الذين يمزجون بكلامهم البدعة.
- كلام الواعظ المائل إلى الإرجاء وتجرئة الناس على المعاصي هو منكر.
- إن كان الواعظ شابًا متزينًا للنساء في ثيابه وهيئته كثير الأشعار والإشارات والحركات وقد حضر مجلسه النساء فهذا منكر يجب المنع منه.
- ويجب أن يضرب بين الرجال والنساء حائل يمنع من النظر.
- ويجب منع النساء من حضور المساجد للصلوات ومجالس الذكر إذا خيفت الفتنة بهن.
- وقراءة القراء بين يدي الوعاظ مع التمديد والألحان على وجه يغير نظم القرآن منكر مكروه شديد الكراهة.
- يجب منع أهل الشعبذة والتلبيسات وأرباب التعويذات ففي الأغلب يتوصلون إلى بيعها بتلبيسات على الصبيان والسوادية([12])، وهذا حرام في المسجد وخارج المسجد.
- يحرم اتخاذ المسجد دكانًا على الدوام، ويمنع من ذلك.
- تباح الخياطة وبيع الأدوية والكتب والأطعمة في المسجد شريطة أن يجري في أوقات نادرة وأيام معدودة، ولا يحرم إلا بعارض وهو أن يضيق المحل على المصلين ويشوش عليهم صلاتهم.
- لا بأس بدخول الصبي المسجد إذا لم يلعب، ولا يحرم عليه اللعب في المسجد، ولا السكوت على لعبه إلا إذا اتخذ المسجد ملعبًا وصار ذلك معتادًا فيجب المنع منه.
- لا بأس بدخول المجانين المسجد إلا أن يُخشى تلويثهم له أو شتمهم أو نطقهم مما هو فحش أو تعاطيهم لما هو منكر في صورته ككشف العورة وغيره.
- إظهار أثر الفاحشة فاحشة، والمعاصي يجب تركها، وبعد الفعل يجب سترها، وستر آثارها.
- من يظهر عليه أثر السكر يجوز ضربه في المسجد وغير المسجد.
ثم ذكر منكرات الأسواق:
- منها الكذب في المرابحة وإخفاء العيب.
- يجب إنكار الربويات، والشروط الفاسدة المعتادة بين الناس، فإنها مفسدة للعقود.
- ومنها بيع الملاهي وبيع أشكال الحيوانات المصورة في أيام العيد لأجل الصبيان.
- بيع الأواني المتخذة من الذهب والفضة.
- بيع ثياب الحرير وقلانس الذهب والحرير التي لا تصلح إلا للرجال.
- جميع أنواع العقود المؤدية إلى التلبيسات.ثم ذكر منكرات الشوارع:
- كل ما يؤدي إلى تضييق الطرق واستضرار المارة فهو منكر يُمنع منه.
- الشوارع مشتركة المنفعة، وليس لأحد أن يختص بها إلا بقدر الحاجة.
- تحميل الدواب من الأحمال ما لا تطيقه منكر يجب منع الملاك منه.
- ذبح القصَّاب في الطريق منكر يُمنع منه.
- ومنها طرح القمامة على جواد([13]) الطرق.
- ترك مياه المطر والأوحال والثلوج في الطرق من غير كسح فذلك منكر.
- ويُمنع كلب عقور على باب دار إن كان مؤذيًا أو مضيقًا للطريق.
ثم ذكر منكرات الحمامات:
- منها الصورة التي تكون على باب الحمام أو داخل الحمام فيجب إزالتها، وإلا فلا يدخله إلا لضرورة.
- ومنها كشف العورات والنظر إليها، ومسها، وكشف العورة للحجام الذمي من الفواحش.
- ومنها غمس اليد في الأواني النجسة في المياه القليلة وغسل الإزار والطاس النجس في الحوض وماؤه قليل فإنه منجس للماء إلا على مذهب مالك فلا يجوز الإنكار فيه على المالكية.
- ومنها أن يكون في مداخل بيوت الحمام ومجاري مياهها حجارة ملساء مزلقة أو يترك صابون، يزلق عليها الغافلون؛ فهذا منكر ويجب قلعه وإزالته.ثم ذكر منكرات الضيافة:
- منها فرش الحرير للرجال.
- ومنها تبخير البخور في مجمرة فضة أو ذهب أو الشراب أو استعمال ماء الورد في أواني الفضة أو ما رؤوسها من فضة.
- ومنها إسدال الستور وعليها الصور.
- ومنها سماع الأوتار أو سماع القينات.
- ومنها اجتماع النساء على السطوح للنظر إلى الرجال.
- لا يجوز الجلوس مع من لبس الحرير أو خاتم الذهب من غير ضرورة.
- الصحيح أن الثوب على الصبي غير البالغ المميز منكر ويجب نزعه.
- كما يجب منع الصبي من شرب الخمر.
- تثقيب أذن الصبية حرام، والمنع منه واجب والاستئجار عليه غير صحيح، والأجرة المأخوذة عليه حرام.
- حكم وجود مبتدع في الضيافة:
- إن كان المبتدع لا يتكلم ببدعته فيجوز الحضور مع إظهار الكراهة عليه والإعراض عنه.
- وإن كان يتكلم في بدعته فيجوز الحضور لمن يقدر على الرد عليه على عزم الرد.
- لا يجوز الحضور في وجود مضحك بالحكايات وأنواع النوادر، إن كان يضحك بالفحش والكذب.
- ومن المنكرات الإسراف في الطعام والبناء.
- وفي المال منكران أحدهما: الإضاعة، والآخر: الإسراف.
- فالإضاعة: تفويت مال بلا فائدة يعتد بها كإحراق الثوب من غبر غرض، وفي معناه صرف المال إلى أنواع الفساد.
- والإسراف: يطلق لإرادة صرف المال إلى النائحة والمطرب والمنكرات، وقد يطلق على الصرف إلى المباحات في جنسها ولكن مع المبالغة.
- التزيين والتجمل بالثياب والأطعمة فذلك مباح في جنسه ويصير إسرافًا باعتبار حال الرجل وثروته.
- ثم تحدث عن المنكرات العامة:
- واجب أن يكون في مسجد ومحلة من البلد فقيه يعلم الناس دينهم، وكذا في كل قرية.
- وواجب على كل فقيه فرع من فرض عينه وتفرغ لفرض الكفاية أن يخرج إلى من يجاور بلده ليعلمهم دينهم وفرائض شرعهم ويستصحب مع نفسه زادا يأكله ولا يأكل من أطعمتهم فإن أكثرها مغصوب.
- يجب التبليغ على أهل العلم، فكل من تعلم مسألة واحدة فهو من أهل العلم بها.
- وكل عامي عرف شروط الصلاة، فعليه أن يُعرّف غيره وإلا فهو شريك في الإثم.
- كل من تيقن أن في السوق منكرًا يجري على الدوام أو في وقت بعينه، وهو قادر على تغييره، فلا يجوز له أن يسقط ذلك عن نفسه بالقعود في البيت، بل يلزمه الخروج.
- وإن كان لا يقدر على تغيير الجميع، وهو محترز عن مشاهدته، ويقدر على البعض لزمه الخروج.الباب الرابع: في أمر الأمراء والسلاطين، ونهيهم عن المنكر:
ومما ذكره:
- الجائز من جملة درجات الأمر بالمعروف مع السلاطين رتبتا التعريف والوعظ.
- وأما المنع بالقهر فليس ذلك لآحاد الرعية مع السلطان؛ فإن ذلك يحرك الفتنة، ويهيج الشر، ويكون ما يتولد منه من المحذور أكثر.
- وأما التخشين في القول كقوله: يا ظالم، يا من لا يخاف الله، وما يجري مجراه:
- فإن كان يحرك فتنة يتعدى شرها إلى غيره لم يجز.
- وإن كان لا يخاف إلا على نفسه فهو جائز بل مندوب إليه.
- ثم ذكر من الحكايات ما يعرف به وجه الوعظ وكيفية الإنكار عليهم.