نصاب الاحتساب
المؤلف:
مصنف الكتاب هو الشيخ عمر بن محمد بن عوض السنامي الحنفي، وقد كانت له قدم راسخة في التقوى والديانة والاحتساب في الأمور الشرعية، ولد ونشأ بأرض الهند، وقرأ العلم على الشيخ كمال الدين السنامي، واشتغل بالحسبة مدة من الزمان، واشتغل بالتذكير أكثر من ثلاثين سنة، وكان شديد النكير على أهل البدع والأهواء، لا يهاب فيه أحدًا، ولا يخاف في الله لومة لائم، وكان يجتمع في مجالس وعظه خلق كثير، يربو عددهم على ثلاثة آلاف من الخاصة والعامة، ولا يستطيع أحد ممن حضر ذلك المجلس أن يلتفت إلى شيء آخر غير الاستماع إليه، وكان ينقم على الشيخ نظام الدين محمد البدايوني سماعه الغناء، والشيخ لا يجيبه إلا بالمعذرة، وإظهار الانقياد لحكمه، ويكرمه غاية الإكرام.
قال الشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي في أخبار الأخيار([1]): إن السنامي لما مرض، وأشرف على الموت، جاء الشيخ يعوده فاستأذن، فأمر السنامي أن تفرش عمامته ليضع القدم عليها، فلما جيء بالعمامة، وضعها الشيخ على الرأس، وقبّلها، وحضر لديه، ولكن السنامي ما رفع إليه نظره استحياء منه؛ ولما خرج الشيخ من عنده توفي إلى رحمة الله سبحانه، فبكى عليه الشيخ، وقال: مات من كان متفرداً في حماية الشرع والذب عنه، انتهى.
وقال الشيخ عصمة الله بن محمد أعظم السهارنبوري في رسالته في باب السماع: إنه لما استأذن الشيخ في دخوله أجاب السنامي أنه لا يحب أن يرى المبتدع في آخر عهده من الدنيا، فأجابه الشيخ أن المبتدع جاء تائباً من البدعة، فأمر السنامي أن تفرش عمامته ليضع الشيخ قدمه عليها، انتهى.
وقال القاضي ضياء الدين البرني في تاريخه: إن والده -أي والد السنامي- كان من العلماء المتبحرين.
وللسنامي اليد البيضاء في تفسير القرآن الكريم، وكشف حقائقه، كان يُذَكِّر في كل أسبوع ويحضر مجلسه ثلاثة آلاف من الناس من كل صنف ويتأثرون بمواعظه، حتى أنهم كانوا يجدون حلاوتها إلى الأسبوع الآخر، وكان له إنكار على طريقة الشيخ نظام الدين محمد البدايوني، انتهى.
من مصنفاته:
نصاب الاحتساب؛ كتاب مفيد في بابه مرتب على خمسة وستين باباً، أوله:
الحمد لله الحسيب الرقيب على نواله إيماناً واحتساباً…، الخ.
ومنها: تفسير سورة يوسف من القرآن الكريم، وله الفتاوى الضيائية”([2]).
تاريخ مولده ووفاته:
اختلف في تحديد مولده ووفاته رحمه الله، حيث ذكر البعض أنه توفي عام 696هـ-1297م([3])، بينما ذهب محقق الكتاب إلى أنه ولد في حدود منتصف القرن السابع، وتوفي خلال الربع الأول من القرن الثامن”([4]).
وصف الكتاب:
كتاب نصاب الاحتساب: لمؤلفه عمر بن محمد بن عوض السنامي، الحنفي، ويتميز هذا الكتاب بأن مؤلفه مارس الحسبة بنفسه مدة طويلة، مما يجعل هذا الكتاب نتاج خبرة عملية طويلة، كما أنه عاش في الهند، فقدّم معلومات لم يسبق أن تطرق لها أحد ممن سبقه من مؤلفي كتب الحسبة، فكان أثر البيئة واضحًا فيه، كما أنه انفرد بأبواب وموضوعات لا وجود لها في غيره من كتب الحسبة.
النسخة التي بين أيدينا تقع في أربعمائة وست عشرة صفحة وهي من إصدارات مكتبة الطالب الجامعي بمكة المكرمة، الطبعة الأولى، 1406هـ-1986م، وأصلها رسالة علمية تقدم بها الباحث مريزن سعيد مريزن عسيري، لنيل درجة الماجستير من قسم الحضارة والنظم الإسلامية، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة الملك عبد العزيز -رحمه الله-.
بدأ المؤلف الكتاب بقوله:
“بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، وَبِه نستعين: الْحَمد لله الحسيب الرَّقِيب على نواله إِيمَانًا واحتسابًا، وَالصَّلَاة على رَسُوله مُحَمَّد الحسيب النسيب وَآله، مَا لَا يُحْصى كتابًا وَلَا حسابًا، وَبعد:
فقد جمع عَبده الغريق فِي بَحر فَضله الطامي، عمر بن مُحَمَّد بن عوض السنامي، ألهمه الله تَعَالَى تقواه، فِيمَا يكْتب، وَيجْعَل لَهُ مخرجًا، وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب، فِي تصنيف هَذَا الْكتاب، وَهُوَ نِصَاب الاحتساب؛ مسَائِل اختصت بِالنِّسْبَةِ إلى منصب الْحِسْبَة من كتب مُعْتَبرَة بَين الْفُقَهَاء، معول عَلَيْهَا عِنْد الْعلمَاء، بَعْدَ مَا تحمل فِي جمعه نصبًا، وكمل فِي قَيده نصبًا، وَصرف إِلَى تنقيحه وتصحيحه مُدَّة مديدة، وتكلف فِي ترتيبه وتهذيبه شدَّة شَدِيدَة؛ ليَكُون للمبتلى بِهِ آيَة يعرف بهَا فِيمَا يحْتَاج إليه غَايَة، وَهِي مرتبَة على أَبْوَاب”([5]).
وختمه بقوله:
“مسألة: وإذا أتت المرأة الغريبة للتعزية فتنوح على الميت هل يجوز للمحتسب أن يخرجها من بيت غيره إذا لم يخرجها أهله.
الجواب: نعم لأن عمر رضي الله عنه أخرج أخت أبي بكر رضي الله عنه من بيته حين ناحت عليه، من صحيح البخاري.
تم بعون الله الملك المعين”.
عرض الكتاب:
بعد ذكر المصنف لمقدمة قصيرة، بدأ بعرض أبواب كتابه، وهي كما يلي:
الباب الأول: في تفسير اللفظين المتداولين في هذا الكتاب، أحدهما: الاحتساب، والثاني: الحسبة:
وفيه تناول بالتعريف لفظ الاحتساب والحسبة.
- حيث ذكر أن الاحتساب لغة يطلق على معنيين، هما:
- الْعدَد والحساب.
- الْإِنْكَار.
- والحسبة تطلق أَيْضاً على معنيين، هما:
- الْحساب.
- التَّدْبِير.
- ثم عرّف الحسبة شرعًا بقوله: “وَفِي الشَّرْع هِيَ الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ إِذا ظهر تَركه، وَالنَّهْي عَن الْمُنكر إِذا ظهر فعله”.
- ثم ذكر أن العلاقة بين التعريف اللغوي والشرعي للحسبة هي الاستعارة، وبيَّن وجه ذلك.
- وذكر أن الحسبة في الشريعة تتناول كل مشروع يُفعل لله تعالى، كالأذان، والإقامة، وأداء الشهادة، مع كثرة تعدادها؛ ولهذا قيل: القضاء باب من أبواب الحسبة، وقيل: القضاء جزء من أجزاء الاحتساب.
- وبيَّن أن الحسبة في العرف تختص بأمور، ذكر منها خمسين أمرًا، منها:
- إراقة الخمور.
- كسر المعازف.
- إصلاح الشوارع بفصولها، من وضع الميزاب، واتخاذ الدكاك على الباب.
- النّظر بَين الْجِيرَان فِي التَّصَرُّفَات الْمضرَّة، كالنظر، وسد الضَّوْء، لَا فِيمَا يرجع إِلَى الْملك، كغصب قِطْعَة من الأَرْض.
- تَقْوِيم الموازين.
- زجر النَّاس عَن الْغناء وَالنوح.
- منع الرجال عن التشبه بالنساء، ومنع النساء عن التشبه بالرجال.
- وغير ذلك.
الباب الثاني: الاحتساب على من يستخف بالحروف والكواغد([6])، ونحوها.
وفي هذا الباب ذكر ما يلي:
- أن المكتوب عليه اسم الله تعالى يكره بسطه، والقعود عليه، واستعماله، ولو قُطّعت بعض الحروف حتى لا تبقى الكلمة على صورتها؛ لِأَنَّهُ بقيت الْحُرُوف، وللحروف المفردة حُرْمَة؛ لِأَن نظم الْقُرْآن وأخبار النَّبِي -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- بِوَاسِطَة هَذِه الْحُرُوف.
- وذكر أنهم يمنعون من الكتابة على كل ما هو مبتذل، كالعصا والطشت والإبريق والقدح، وغلاف السروج، ونحوها.
- ويكرهون استعمال الكواغد في وليمة؛ ليمسح بها، ولعل المقصود بذلك الورق الجيد، دون الرديء، الذي لا يصلح للكتابة.
- وذكر أن المكتوب فيه اسم الله تعالى، ويُراد الاستغناء عنه، يمكن من خلال محو الاسم، ثم إلقائه في الماء الجاري، أو دفنه في الأرض الطيبة، أو فعل ذلك قبل المحو، ولا يحرق بالنار([7]).
- وذكر أنه يُكره وضع الأشياء في كاغد مكتوب عليه اسم الله تعالى، ولا بأس بذلك في الكيس؛ لأن الكيس يُعظم دون الكاغد.
- وذكر أنه لا ينبغي أن يضع الكتاب على التراب، ويكره أن يصغر حجم المصحف، وأن يُكتب بخط رقيق.
- ثم ذكر مسألة الاستئجار على تعليم القرآن، وبيّن ما يلي:
- أنه لا يجوز الاستئجار على تعليم القرآن؛ لأنه من باب الحسبة، ولا تجب الأجرة على فعل الاحتساب.
- وأما وجه جواز الإجارة، فلظهور التواني في الأمور الدينية، ولانقطاع وظائف المعلمين، عن بيت المال، وقلة المروءة في الأغنياء.
- وذكر أنه في زمانهم كرهوا ذلك لقوة حرصهم على الحسبة، ووفور عطائهم في بيت المال، وكثرة المروءة في التجار والأغنياء، فكانوا مستغنين عن أخذ الأجرة.
الباب الثالث: في الاحتساب على المخنث:
ومما ذكره في هذا الباب:
- أخبر أن غزل الرجل إذا كان على مثال غزل المرأة يكره؛ لأنه تشبه بهن.
- وأن دخول المخنث في البيت كان جائزًا في ابتداء الإسلام، ثم نسخ.
- يُحتسب على من يدعو المخنث إلى بيته للنوح بين النساء لوجهين:
- لدخوله بين النساء الأجنبيات.
- والثاني: لنوحه.
الباب الرابع: في الفرق بين المحتسب المنصوب والمتطوع:
حيث ذكر وجوهًا للتمييز بينهما، وهي:
أحدها: يُعذر المحتسب المتطوع عند عجزه، ولا يُعذر المنصوب؛ لأنه يمكنه أن يستعين بأعوانه، فإن لم يكفه أعوانه، فبأعوان السلطان، وأما المتطوع فيستعين بأهل الصلاح، فإن لم يعنه أحد يعذر في ذلك، يعني لا يكون آثماً بتركه، وأما ثواب الاحتساب فلا يناله إلا بفعل؛ لأن الأجر جزاء العمل، حيث يقول بقلبه ولسانه: إن هذا منكر، وعندئذٍ يستحق الثواب عليه.
الثاني: أن المحتسب المنصوب كفايته في بيت المال من الجزية والخراج ونحوهما، بخلاف المتطوع؛ لأنه غير محبوس لذلك.
الثالث: إن الحسبة قد تجب على المنصوب بحسب عقد آخر، وعلى غير المنصوب لا تجب ابتداءً، نظيره إذا رأى المودع سارقًا يسرق الوديعة، فلم يمنعه، وهو يقدر على منعه ضمنه؛ لأنه بترك المنع ترك الحفظ الملتزم، فيضمن، وأما المنصوب فلا يضمن فيما قصر فيه؛ لأن التضمين لا يلحق الحاكم ونحوه، وإلا لامتنع الناس عن التقليد، فيلزم الضرر العام، فلو امتنع الناس عن الاستيداع يلزم الضرر الخاص، فافترقا.
الرابع: أن من حفر بئرًا في الطريق العام؛ ليستقي منها الماء، فوقع فيها إنسان ضمنه، وإن كان ما أقام حسبة؛ لأنه جناية من حيث إنه أبطل حق المرور على الناس، وأبطل الرأي والتدبير على الإمام أيضًا؛ لأنه فعله بغير إذنه، ففعْل ذلك منه جناية، والإمام لو فعله لا يضمن؛ لأنه صاحب ولاية.
الباب الخامس: في التعزير:
صدَّر المؤلف هذا الباب بقاعدة، وهي: الأصل أن الإنسان يُعزَّر لأجل التهمة، ثم ضرب أمثلة لذلك، وهي:
- إذا رأى الإمام رجلًا جالسًا مع الفساق في مجلس الشرب عزّره، وإن كان هو لا يشرب.
- إذا رأى الإمام رجلًا يمشي مع السُّرَّاق عزَّره.
- الـمُدَّعى عليه بالسرقة إذا أنكر السرقة، فقد حُكي عن الفقيه أبي بكر الأعمش: أن الإمام يعمل فيه بأكبر رأيه، فإن كان أكبر رأيه أنه سارق، وأن المال عنده عزره، ويجوز له ذلك، وعامة المشايخ أن الإمام يعزره؛ لأنه وجده في موضع التهمة.
- ثم ذكر مسألة: في وجوه التفريق بين الحد والتعزير، وهي:
- الأول: أن الحد مقدّر شرعًا، والتعزير مفوَّض إلى رأي الإمام.
- الثاني: أن الحدود تدرأ بالشبهات، والتعزير يجب مع الشبهات (ولهذا يُستحلف([8]) فيما يوجب التعزير، ويحكم فيه بالنكول)([9]).
- الثالث: أن الحد لا يُشرَع على الصبي، والتعزير يُشرع عليه.
- الرابع: أن الحد يطلق على الذمي إذا كان مقدرًا، والتعزير لا يطلق عليه، وإنما يسمى عقوبة؛ لأن التعزير شرع للتطهير، والكافر ليس من أهل التطهير، وإنما يسمى في حق أهل الذمة إذا كان غير عقوبة.
- ثم ذكر من أسباب وجوب التعزير، وهي:
- رجل له غريم فجاء إنسان وانتزعه من يده، فإنه يعزر، ولا يضمن المال الذي على المدين، أما التعزير فلأنه جنى، وأما عدم الضمان فلأنه لم يتلف المال.
- ومنها لو قال: أنا لا أعمل بفتوى الفقهاء، أو ليس كما قال العلماء، فإنه يعزر، ولا يكفر.
- إذا أُخذ رجل مع أجنبية، وعاينوا منه عليها شيئًا من الدواعي بدون الجماع، فإنه يبلغ التعزير أقصاه.
- في حالة كتابة الصكوك والخطوط بالتزوير.
- سقي الابن الصغير الخمر.
- ومنها الممازحة في أحكام الشريعة.
- إذا دفع إنسان بكرًا، فزالت عذرتها بالدفع اتفاقًا، وفي وجوب المهر على الدافع اختلاف.
- فيمن قطع ذنب برذون، أو حلق شعر جارية؛ وذلك ينقصها، فإنه لا شيء عليه، إلا أنه يُؤدَّب.
- لو أكره السلطان رجلًا على قتل مسلم بغير حق، أو وعده بقوله: إن لم تقتله أقتلك، فقتله، فالقصاص على السلطان، والتعزير على القاتل.
- إذا أَكْره رجل غيره على الزنا، فزنى يجب على الذي أكرهه التعزير، وعلى هذا الزاني الحد.
- إذا أدخل المسلم في مصر المسلمين خمرًا، أو خنزيرًا، فرأى الإمام أن يؤدبه بأسواط، ويحبسه حتى يظهر توبته من ذلك الفعل له ذلك، وله أن يقتصر على الضرب، أو الحبس.
- وإن فعله ذمي فإن كان جاهلًا بحرمة هذا الفعل يُترك ويُعلَّم، وإن كان عالماً عُزّر بالحبس والضرب، أو بأحدهما.
- ومن موجبات التعزير الزهد البارد، وذكر ما رُوي أن رجلًا وجد تمرة ملقاة في سوق المدينة، في زمن عمر بن الخطاب، فأخذها، وقال: من فقد هذه التمرة؟ وهو يكرر كلامه، ويُعرّفها، ويُظهر زهده، ومراده من هذا الكلام إظهار زهده وورعه وديانته على الناس، فسمع عمر -رضي الله تعالى عنه- كلامه، وعرف مراده، فقال: كل يا بارد، فإنه ورع بغضه الله تعالى، وضربه بالدرة.
- ومن موجبات التعزير إباق المملوك، حيث يحبسه إلى أن يجيء له طالب، ويكون هذا الحبس بطريق التعزير، ولكن لا يُحبس الضال؛ لأنه لا يستحق التعزير.
- ومما لا يوجب التعزير اليمين الغموس، والبيع الفاسد، والإجارة الفاسدة.
- ثم تحدث عن قدر التعزير:
- أما أقصاه فلا خلاف بين العلماء أن التعزير لا يبلغ به الحد.
- أجمعوا على أنه يجوز الزيادة على عشرة أسواط، ولكن الاقتصار عليه أولى؛ لحديث: “لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله تعالى”([10]).
- وأما أدناه فهو مفوض إلى رأي الإمام، يقيم بقدر ما يرى المصلحة فيه.
- وذكر أن التعزير يجب إلى أن يعلم إقباله إلى توبته إذا كان التعزير للزجر والردع، ولا مقدار لذلك معلوم في العادة، كما أن قتال البغاة لما كان للردع وجب فعله إلى أن يرتدعوا وينزجروا.
- ثم تحدث عن كيفية التعزير:
- أنه قد يكون بالحبس، أو بالقيد، أو بالصفع، وتفريك الأذن، أو بالكلام العنيف، أو بالضرب، أو بعبوس الوجه.
- لا يجوز تسخيم الوجه؛ لأنه مثلة، وما روي عن عمر بن الخطاب فلعله فعله عن مصلحة خاصة.
- ولا يسجى وجه شاهد الزور عند التشهير؛ لأنه يُخِل بالتشهير.
- في حالة أقل التعزير يُضرب أشد الضرب، ويجمع في عضو واحد، وإن كان أقصاه يُفرّق،
- ثم ذكر مَسْأَلَة: ِإذا مَاتَ المعزّر من التَّعْزِير هَل يحل الضَّمَان على المعزِّر؟
- فذكر قولين: لا ضمان؛ لأن التعزير واجب كالحد؛ لأنه جزاء فعل محظور.
- والآخر: يجب ضمانه في بيت المال؛ لأن التعزير مشروع للتأديب، فيكون مباحًا، كتأديب الولد والزوجة، فيتقيد بشرط السلامة، ولو شهدوا بما يوجب الحد فضرب ومات فيه لا يجب الضمان بالإجماع.
- إذا عزر والٍ رجلًا بضربه مائة سوط، فإنه لا يضمن؛ لأنه قد جاء أن أكثر ما عزروا مائة، ولم يموتوا.
- فإن زاد على المائة فنصف الدية على بيت المال؛ لأنه خطأ من الوالي، فإن جاء منه ما يعلم أنه تعمده، فليس بخطأ، وهذا في التلف بالتعزير.
- ويحتسب على الذمي كما يلي:
- أن يتشبه بالمسلمين في ثيابهم وركوبهم وسروجهم، فلا يلبسون ثوبًا يختص بأهل الصلاح والعلم.
- ولا يركبون الخيل إلا إذا كان فيه ضرورة بأن استعان بهم الإمام للمحاربة.
- ولا يمنعون من ركوب الحمار، ولا من ركوب البغل.
- ولا تكون سروجهم مثل سروجنا.
- ويمنعون أن يكون شراك نعلهم كشراك نعلنا، وخفهم كخفنا.
- واختلفوا هل تكفي إحدى العلامات الثلاث: (في الرأس، أو البدن، أو الرجلين).
- لا بأس أن يؤاكل الكافر المرة والمرتين لتأليف قلبه على الإسلام، وتكره المداومة عليه.
الباب السادس: في الاحتساب على الفقراء([11]):
ذكر في هذا الباب عدة مسائل تتعلق بالعنوان، وبدأ بالأولى منها:
- هل يجوز أن يُبنى لهؤلاء المبتدعة مواضع يبتدعون فيها؟
حيث ذكر أنه لما كان الخانقاه([12]) يخرج من يد بانيه لفسقه، فكيف يترك في الخانقاه فاسق أو مبتدع؟
- ثم ذكر مسألة عدم جواز لبس الحديد، كما هو عادة الحيدريين([13])؛ لورود أنه حلية أهل النار.
- ثم ذكر مسألة كون لبس الحديد أكثر إثمًا من لبس الذهب.
- وذكر أنه ينبغي لكل مُسلم أَن يحْتَسب عَلَى الحيدريين؛ ليتركوا بدعتهم، وَمَا يتشبهون بِهِ من الزخرفة.
- ثم ذكر مسألة: أنه لا يجوز حلق اللِّحْيَة، كَمَا يَفْعَله الجوالقيون([14]).
- ثم ذكر مَسْأَلَة: هل يجوز لَهُم وللحيدريين لبس الجوالق والكساء الغليظ؟ وحكم بأن لبسهم للثوب المرقع هو من باب الشهرة، فليس محمودًا.
- ثم ذكر مسألة: عدم جواز الرقص فِي السماع، وأنه من الكبائر.
- ثم تحدث عن حكم السماع، ففصل الأمر كما يلي:
- إن كان السماع سماع القرآن، أو الموعظة، فيجوز ويستحب.
- وإن كان سماع الغناء فهو حرام؛ لأن التغني واستماع الغناء حرام، أجمع عليه العلماء، وبالغوا فيه.
- وهناك من مشايخ الصوفية من أباح السماع بشروط، وهي: أحدها: ألا يكون فيهم أمرد.الثانية: ألا يكون جميعهم إلا من جنسهم، وليس فيهم فاسق، ولا أهل الدنيا، ولا امرأة.والثالثة: أن تكون نيته في القول الإخلاص لا أخذ الأجر والطعام.الرَّابِعَة: أَن لَا يجتمعوا لأجل طَعَام، أَو نظر إِلَى فتوح.
الْخَامِسَة: لَا يَقُولُونَ إِلَّا مغلوبين.
السَّادِسَة: لَا يظهرون الوجد إِلَّا صَادِقين.
- ثم قال: الْحَاصِل: أَنه لَا رخصَة فِي بَاب السماع فِي زَمَاننَا.
- ثم ذكر مَسْأَلَة: كراهة أن يناول المسئول يَده للسائل إذا أراد تقبيلها.
- ثم ذكر مسألة: عدم جواز ضرب الطبل إلا للحرب أو للسفر.
- لا يعطى المطرب الذي يسأل ويتغنى على الأبواب نهيًا له عن منكره.
- ثم ذكر مسألة: نهي المحتسب لبعض السؤال الذين يجلسون على القوارع، ويعرضون ثيابًا مصورة قبور بعض المتبركين وبلادهم، ويضربون المزمار عند ذلك، ويجتمع عليهم بعض الجهلة والسفهاء، وإن رأى المحتسب المصلحة في تمزيق ذلك الثوب فخرقه فلا ضمان عليه.
- ثم ذكر أن من بدع بعض الفقراء أنهم يتركون شعر رأسهم ناشرًا مغبرًا فيه الدرن والقمل، ولا يدهنون، ولا يرجلون، ولا يحلقون، ولا يفرقون.
- ثم ذكر مسألة: إذا قال لآخر وهو فقير: دروشي بدنجتي([15]) است، فهو خطأ عظيم.
- ومن المحرمات المعتادة بين الفقراء: أنهم يلبسون الصوف؛ ليظهروا أنهم فقراء طلبًا للدنيا، وهو كبير.الباب السابع: في الاحتساب على الظالم بإعانة المظلوم:
في هذا الباب تعرض لمسألة، وفصّل فيها، وهي: أنه يُعان المظلوم في حالة رؤيته للظالم، وإن أنكر الظالم، وكذلك في حالة إقرار الظالم بما فعل، ولو ادعى سببًا لفعله، والمحتسب في ذلك أولى من غيره بالإعانة؛ وذلك دون حالة شهود على الظالم بما فعل، فهذه محلها القضاء وليست للمحتسب.
- ثم فرّق بين المحتسب والقاضي بأن المحتسب يجوز له ما يجوز للقاضي في حالتين، هما:
- إِذا عاين السَّبَب يجوز لَهُ أَن يحكم بِهِ.
- إِذا أقر به الْخصم فَإِنَّهُ يجوز لَهُ أَن يحكم بِهِ.
- ولكنه فارقه في حالة:
- إذا شهد عنده شاهدان بحق، فلا يجوز له الحكم بذلك، ما لم يقض القاضي به.الباب الثامن: في الاحتساب على النساء:
حيث ذكر في هذا الباب منكرات نسائية تتعلق بها الحسبة، ومنها:
- لا يجوز سفر الحرة بغير محرم، ولا يجوز سفرها مع عبدها الأجنبي أيًّا كان حاله.
- تمنع الحرة من كشف الوجه والكف والقدم فيما يقع عليه نظر الأجنبي، إلا إذا كانت عجوزًا، فيجوز النظر إلى وجهها، ويحل مصافحتها إذا أمن الشهوة.
- النظر إلى وجه الأجنبية الحرة ليس بحرام، ولكن يكره بغير حاجة؛ لأنه لا يؤمن من الشهوة.
- الأَولى للمرأة ألا تزور قبرًا سوى قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
- إن زارت قبر ميت لم تحضر وقت موته كانت معذورة.
- ويحتسب على المرأة إذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه للحمام، أو خرجت غير متقنعة، ويباح لها أن تخرج بإذن زوجها لعذر، واختُلف في خروجها بإذن زوجها لغير عذر.
- لا بأس بركوب المرأة على السرج إن كان بعذر، كالحج والعمرة والجهاد إذا كانت مستترة.
- يُحتسب على النساء اتخاذ الخلاخل في أرجلهن.
- ويحتسب على الرجل والمرأة إذا كانا في خلوة، وكانا أجنبيين إلا أن تكون الخلوة ضرورة.
- لأعوان المحتسب أن يأخذوا البغايا بأيديهن، ويقيمون التعزير عليهن؛ ومس الأجنبية إذا كان بحائل يجوز للضرورة الدنيوية، وفي الضرورة الدينية من باب أولى.
- وينبغي أن يتخذ الرجل جارية لخدمته داخل البيت دون العبد البالغ؛ لأن خوف الفتنة في العبد أكثر من الأحرار الأجانب.
- الجارية البالغة إذا عُرضت للبيع لا تعرض إلا مستور ظهرها وبطنها.
- من بلغه أن امرأة أتت بمعصية، فأراد أن يكتب إلى زوجها، فإن علم أن كتابته إلى الزوج تنفع، ويقدر الزوج على منعها؛ يحل له أن يكتب إليه، وإن علم أنه لا يقدر على منعها، لا يكتب؛ كيلا تقع بينهما المخاصمة.
- إن تساءل سائل: كيف للمحتسب أن يأخذ البغايا، ويأمر بالتعزير، وربما تنكشف رؤوسهن أو ذراعهن أو أقدامهن، وهذا منكر آخر.فالجواب عنه: أنهن لما اشتغلن بما لا يحل لهن في الشريعة، فقد أسقطن بما صنعن حرمة أنفسهن، والتحقن بالإماء.
- ولا يجوز للمعتدة عن موت أو طلاق بائن أن تخرج من بيت الزوج بإذن الزوج، ولا بغير إذنه.
- وليس لها أن تسافر لا مع المحرم، ولا مع غيره.
- وليس لها أن تمشط بالأسنان الضيقة، ولها أن تمشط بالأسنان الواسعة.
- وتجتنب المعتدة كل زينة، كالكحل والحناء والخضاب والدهن والتحلي والتطيب ولبس المطيب، والمصبوغ بالمعصفر، والزعفران إلا إذا كان غيلًا([16])، ولبس الخز([17]) والقصب([18]).
- ثم ذكر مسألة: إن رأى المحتسب رجلًا مع امرأة في الطريق يتحدثان، فله التأديب، وإن أخبر بكونها زوجته؛ لأن الواجب أن يحفظ الوالي المسلمين في الطريق، ولو كانت امرأته فليدخلها البيت؛ حتى لا يتهمه أحد.
- ثم ذكر مسألة: عدم جواز خروج النساء إلى بعض المقابر، ولا يباح لها تشييع الجنازة.
- ثم ذكر مسألة: إذا دخلت امرأة في بيت غيرها بغير إذن صاحبه، أنه يحل ذلك في حالة:
- إذا كانت المرأة ذات رحم محرم من صاحب البيت.
- إذا كان زوج المرأة ذا رحم محرم منه.
- وأما في غير ذلك فيحتسب عليها، كما يحتسب على الرجل.
- ثم ذكر مسألة: أن المرأة المحرمة منهية عن إظهار وجهها للأجانب من غير ضرورة.
- ثم ذكر مسألة: لا يحل للمرأة أن تقطع شعرها؛ لأن الشعر للمرأة بمنزلة اللحية للرجل، قيل له: وإذا وصلت المرأة شعرها بشعر غيرها، قال: لا يحل لها ذلك، ويحتسب على المشاطة، حتى لا تفعل مثل ذلك.
- ثم ذكر مسألة: إخراج المرأة المسترجلة من البيوت.
- لعن رسول الله -عليه السلام- الفاعلة أولًا، ثم المفعول بها ثانيًا، في هذه الحالات:
- النمص وهو نتف الشعر.
- أشر الأسنان ووشرها: حدّدها، وائتشرت أي: فعلت ذلك بنفسها.
- الواصلة: أن تصل شعرها بشعر غيرها من الآدميين.
- الوشم تفرج الجلد، وغرزه بالإبرة، وحشوه بالنيل والكحل، أو دخانة الشحم وغيره من السواد.الباب التاسع: في الاحتساب بسبب الغلمان:
تحدث في هذا الباب عما يتعلق بالصبيان من أحكام الحسبة، ومنها:
- يكره اتخاذ الخلاخل في رجل الصغير، ولا ينبغي أن تخضب يد الصبي ورجله بالحناء.
- يحرم على الصبي شرب الخمر، وأكل الميتة، والإثم على الذي سقاه وأكّله.
- إذا بلغ الغلام مبلغ الرجال ولم يكن صبيحًا([19])، فحكمه حكم الرجال، وإن كان صبيحًا فحكمه حكم النساء، وهو عورة من قرنه إلى قدمه، يعني: لا يحل النظر إليه عن شهوة، فأما السلام والنظر عن غير شهوة فلا بأس به.
- للمحتسب منع الناس من صحبة الأمارد والصباح بغير ضرورة.
- يكره لباس الحرير للرجال والصبيان من الذكور، وكذلك الذهب والفضة.
- من سقى ابنًا صغيرًا له خمرًا يعزر ولا يجب الحد.
- الفاسق إذا سقى ولده الخمر، أو أمره به، فجاء أقرباؤه، ونثروا الدراهم والسكر فقد كفروا.الباب العاشر: في الاحتساب في الأكل والشرب والتداوي:
ومما ذكره في هذا الباب مما يتعلق بالأكل والشرب:
- يكره للرجل أن يأكل وسط الخبز، ويترك جوانبه، إن أضاع جوانبه، ولا يكره إن أعطاه غيره.
- يكره مسح السكين والأصبع بالرغيف إن لم يأكل الرغيف بعد ذلك.
- يكره الأكل متكئًا إن كان للتكبر، وإلا فلا.
- أكل الطين مكروه، وذُكر أنه يكره إن كان يضر، وإن كان يتناوله قليلًا، أو يفعله أحيانًا، فلا بأس به.
- يكره وضع المملحة على الخبز، ووضع الملح لا يكره.
- تعليق الخبز على الخوان يكره، ووضع الخبز تحت القصعة يكره.
- يكره الأكل والشرب في أواني المشركين قبل الغسل.
- على المحتسب أن يستوثق على المشركين اجتناب ما يلوث الأواني قبل استعمالها من قبل المسلمين، فإن شق عليهم يأمرهم أن يعطوا أوانيهم مسلمًا يغسلها، ويغسلوا أيديهم بمرأى من مسلم وإلا فالإباحة فتوى، والتحرز تقوى.
- رفع الزلة([20]) حرام في كل حال، إلا أن يأذن صاحب الضيافة([21]) فيها نصًّا.
- وينبغي أن لا ينتظر الإدام إذا حضر الخبز، ويأخذ في الأكل قبل أن يؤتى بالإدام إكرامًا للخبز، وهذا في بيته وأما في الضيافة فينتظر الإذن.
- ويحتسب المحتسب على من يأكل لحم الخيل بالمنع والزجر، لا بالضرب والحبس؛ لأنه موضع خلاف.
- يُكره ذبح الشاة الحامل إذا كانت مشرفة على الولادة.
- يُكره تقطيع اللحم بالسكين، كما تقطع الأعاجم، ولكن يُنهس([22]).
- ثم ذكر حكم التداوي بالمحرم على التفصيل الآتي:
- التداوي بالخمر، أو بحرام آخر إن لم يتيقن فيه الشفاء، لا يجوز بلا خلاف.
- وإن تيقن بالشفاء فيه وله دواء آخر سواه، قيل: لا يجوز.
- وإن تيقن بالشفاء فيه، ولا دواء له، سواه، قيل: لا يجوز، وقيل: يجوز.
- للمحتسب أن يبعث إلى الأطباء أمينًا يستوثق عليهم ألا يأمروا مريضًا بالتداوي بالمحرمات إلا بما ذُكر من الشرط.
- ويحتسب المحتسب على الحجام والفصاد وصاحب العلق([23]) في فعلهم بامرأة حامل قبل تحرك الولد، أو عند قرب الولادة.الباب الحادي عشر: في الاحتساب على اللعب:
- يكره اللعب بالشطرنج والنرد والأربعة عشر([24])، وكل لهو، والمراد من الكراهية الحرمة.
- ومن اللعب الذي يحتسب بسببه هو اللعب بالحمام.الباب الثاني عشر: في الاحتساب على القضاة وأعوانهم:
بدأ الباب بذكر آداب تتعلق بالقاضي، ومنها:
- لا يجيب القاضي دعوة خاصة كدعوة رجل في مقدمه من سفره.
- لا يقبل هدية إلا من ذي رحم محرم، أو ممن جرت عادته قبل القضاء بمهاداته، ولا يكون لهما خصومة إليه.
- وللوالي أن يُهدي القاضي الذي ولاه القضاء.
- الصحيح أن الدخول في القضاء رخصة([25])، والامتناع عنه عزيمة([26]).
- ولا يجوز للقاضي الاستقراض والاستعارة.
- ولا ينبغي للقاضي أن يبيع ويشتري بنفسه، بل يفوض ذلك إلى غيره.
- ولا يعين أحد الخصمين فيما اختصما إليه فلا يفتي.
- ولا يباح لبواب القاضي أن يأخذ على الإذن للدخول شيئًا.
- ولو أن رجلًا كتب كتاب عتق زورًا، ففر العبد إلى بلاد الكفر فلا ضمان على الكاتب ويُعزّر.
- ولا ينبغي للقاضي أن يأخذ الأجر على الكتابة، أو على السجل إلا قدر ما يأخذ غيره.
- ثم ذكر أن مما سنه القضاة في البلاد ظلمًا صريحًا: وهو أن يأخذوا من الأنكحة شيئًا، ثم يجيزون أولياء الزوج والزوجة بالمناكحة؛ فإنهم إن لم يُرضَوا بشيء من أوليائهما لم يُجيزوا بذلك؛ فإنه حرام للقاضي وللمناكحين، وأما الدافع فإن كان لا حلية له إلا الدفع؛ فإنه لا بأس عليه، وإن كان له حيلة أخرى فهو أيضاً آثم، وحكمه حكم الرشوة.
- ومثل ذلك إذا عينوا رجلًا واحدًا قسّاماً بين الناس يقسم بأجر، وأنه غير مشروع.
- ولا يُجبِر القاضي الناس على قسَّام واحد، وللمحتسب أن يحتسب على القاضي إذا فعل ذلك زجرًا له عما لا يحل له.الباب الثالث عشر: في الاحتساب على من يتصرف في المقابر ما يجوز وما لا يجوز:
ومما ذكره في هذا الباب من مسائل:
- إذا كانت مقبرة قديمة، ولم يبق من آثارها شيء، فليس للناس أن ينتفعوا بها، ولا بالبناء فيها، ولا بإرسال الدواب في حشيشها، وأما الاحتشاش منها فهو أيسر.
- إذا دفن الميت في موضع، ما ولم تبق عظامه، ولا غيرها، يجوز أن يدفن فيه ميت آخر.
- وإذا حُفر قبر، فوجد فيه عظام الميت، فلا تحرك عظامه.
- وإذا حفر رجل قبرًا في غير ملكه؛ ليدفن فيه ميتًا له، فدفن غيره فيه؛ فإنه لا يُنبش القبر، ولكن يضمن قيمة حفره، حتى يحفر بها حفرة أخرى، فيدفن فيها.
- إذا دفن الميت في أرض غيره بغير إذن المالك إن شاء المالك أمر بإخراج الميت، وإن شاء يُسوِّي الأرض ويزرع.
- إذا جعل أرضه مقبرة للمسلمين جاز، وليس له أن يرجع فيها بعد تمامها، وتمامها أن يقبر فيها إنسان واحد، أو أكثر بإذنه.
- إن كان للمجوس مقبرة، وأرادوا أن يجعلوها مقبرة للمسلمين، فإن اندرست آثارهم، فلا بأس به، وإن بقيت آثارهم بأن بقي من عظامهم شيء، فإنه يُنبش، ويُنقل ذلك، ثم تُجعل مقبرة للمسلمين.
- ويُكره وطء القبور، والجلوس عليها.
- ويكره قضاء حاجة فيها من بول، أو غائط، أو غيره.
- ويكره النوم على القبور، والصلاة عندها.
- ويُكره وضع الرأس على القبر للنوم.الباب الرابع عشر: في الاحتساب فيمن يخبر المحتسب بالمنكرات:
تحدث عما يفعله من علم بمرتكب معصية:
فإن علم أن السلطان يقدر على منع الرعية، والحشم عن معاصيهم، حل له أن يخبره، وإن علم أنه لا يقدر على ذلك، فلا يخبره؛ كيلا تقع العداوة بغير منفعة.
الباب الخامس عشر: في الاحتساب في المسجد:
ومما ذكره من مسائل في هذا الباب:
- إذا كان الرجل يبيع التعويذ في المسجد، أو غيره، ويكتب فيه التوراة والإنجيل والقرآن، ويأخذ عليه مالًا، ويقول: إني أدفع هذا هدية، لا يحل له المأخوذ؛ لأنه نص على الهدية، وأخذ المال لا يجوز.
- لا يحل مسح الرِّجل في التراب المنبسط في المسجد وحصيره، وفي البواري([27]).
- يكره لمعلم أن يجلس في المسجد، وكذا لوراق أن يكتب في المسجد إن كانا بأجر، إلا أن يقع لهما ضرورة.
- يكره للخياط أن يقعد في المسجد إلا لضرورة، شريطة حفظ المسجد عن الصبيان والدواب.
- ثم ذكر أمورًا يحتسب عليها، وهي:
- من يتنفل قبل صلاة العيد في المصلى.
- من يصلى صلاة الجنازة في المسجد الذي تقام فيه الجماعة؛ لأنه مكروه.
- من يظهر على سطح الكعبة، وعلى سطوح سائر المساجد؛ لأن الظهور عليها مكروه.
- ولا يتخذ في المسجد بئر الماء، وما كان قديمًا يترك كبئر زمزم.
- ويُكره أن يصلي مواجهاً للإنسان؛ لأنه يصير كالمعظّم له.
- البزاق في المسجد لا يلقى فوق البواري، ولا تحت البواري، وإن اضطر إلى ذلك كان الإلقاء فوق البواري أولى من الإلقاء تحت البواري؛ لأن البواري ليست في المسجد حقيقة.
- لا بأس بغرس الشجر في المسجد إن كان لنفع الناس بظله، ولا يضيق على الناس، ولا يفرق الصفوف.
- ويكره إن كان لانتفاع بورقه، أو ثمره، أو يفرق الصفوف، أو كان في موضع تقع به المشابهة بين الْبِيَعَةُ([28])، والمسجد.
- وذكر حكم التصدق على السائل في المسجد:
- إن كان السائل يلزم مكانه، ولا يدور من صف إلى صف، ولا يتخطى رقاب الناس، فالتصدق عليه جائز، ويثاب عليه، وإلا فالتصدق عليه حرام، ومن تصدق عليه فإنه يشاركه في وزره الذي يعتريه من المرور بين يدي المصلي، وتشويشه في القراءة، وتخطي رقاب الناس.
- لا يجوز التصدق على الفقراء بحال من الأحوال في وقت الخطبة، وإن خاف الهلاك على السائل؛ لأن وقت الخطبة لا يجوز أن يشتغل فيها بالصلاة.
- يجوز إخراج المحتسب إياهم عن الجامع، وتحقق وعد المغفرة له ولأعوانه عليه.
- ينبغي لأعوان المحتسب أن لا يدفعوا الفقراء بالكلام حالة الخطبة، بل يدفعونهم بالإشارة.
- لا بأس برمي عش خطاف أو خفاش يقذر المسجد، ولو كان فيه فراخ.
- ومما يحتسب عليه في المساجد ألا يترك في المسجد الجامع يوم الجمعة صبي، ولا مجنون، ولا شيء يباع من الماء والمروحة والمسواك، وغير ذلك مما جرت العادة ببيعه.
- ولا بأس للمعتكف أن يبيع ويشتري، وأراد به الطعام، وما لا بد منه، أما إذا أراد أن يأخذ متجرًا، فيكره له ذلك.
- ويُكره أن يُتوضأ في المسجد، إلا أن يكون موضعًا اتّخذ لذلك، وتكره المضمضة فيه أيضًا.
- ويكره أن يتخذ طريقًا في المسجد، إلا إذا كان بعذر فحينئذٍ لا بأس به.
- ولا بأس بالجلوس في المسجد لغير الصلاة، لكن لو تلف شيء يضمن.
- ويكره الجلوس في المسجد للمصيبة ثلاثة أيام، أو أقل، وفي غير المسجد رخص للرجال ثلاثة أيام.
- لو ضاق مسجد على أهله، ولا يسعهم إلا أن يزيدوا فيه، فسألهم بعض الجيران أن يجعلوا ذلك المسجد له؛ ليدخل هو في داره ويعطيهم مكانه عوض ما هو خير له، فيسع فيه أهل المحلة، فلا يسعهم ذلك.
- إذا بنى رجل مسجدًا، وبنى فوقه غرفة، وهو في يده فله ذلك، وإن خلَّى بينه وبين الناس، ثم جاء بعد ذلك يبني لا يُترك.
- إذا خرب مسجد ولم يبق له قوم، واستغنى الناس عنه، فلا يجوز جعله مقبرة.
- ولا يُمنع من بسط المصلى في المسجد.
- يكره نقش المسجد بالجص، وماء الذهب، إذا كان للرياء، وزينة الدنيا، ولا يكره إذا كان لتعظيم الدين.
- تكره صلاة الجنازة في المسجد.
- ويكره النوم في المسجد.
- ويكره كلام الفضول، أو الشغب، والخصومة في المسجد.
- ويُحتسب على من يتخطى رقاب الناس؛ لأن تخطي رقابهم منكر؛ فيجب عليه النهي عنه.
- ولا يقعد إلى القُصّاص في يوم الجمعة، فقد كره قبل الصلاة.
- القصص عندهم بدعة، وكانوا يخرجون القصاص من الجوامع.
- إذا ضاق المسجد على المصلي، كان للمصلي أو المحتسب أن يزعج القاعد عن موضعه، حتى يصلي فيه، وإن كان القاعد مشتغلًا بذكر الله تعالى، أو بالتدريس، أو بقراءة القرآن، أو بالاعتكاف.
- القعود في المسجد للعبادة ولغير العبادة مأذون فيه شرعًا.
- لو بال رجل في المسجد، فإنه ينتظر حتى يفرغ منه.الباب السادس عشر: في الاحتساب على من يحضر للتعزية في المسجد والمقابر في اليوم الثاني والثالث من الموت، وبيان ما فيه من الأمور المحرمة والمكروهة:
أحدها: ترك سجود التلاوة في ذلك الجمع.
والثاني: يكره الجلوس للمصيبة في المسجد، ولا يكره في البيت ونحوه، والأفضل تركه.
والثالث: من أقبح القبائح بسط الفرش في أيام التعزية.
والرابع: يحرم القيام لأجل الداخل في قراءة القرآن إلا في الأب والأستاذ.
والخامس: تحرم القراءة المبتدعة للقرآن بتغيير نظم القرآن على طريق الغناء، ويحرم استماعه أيضًا.
والسادس: يكره إحضار المجامر([29]) المصورة بتماثيل ذوات الأرواح، كالبازي، ونحوه؛ لأنه لا يحضر ثمة ملك من الملائكة -عليهم السلام-.
- اتخاذ الصور في البيوت والثياب في غير حال الصلاة على نوعين:
- نوع يرجع إلى تعظيمها فيكره، كما لو كان البساط منصوبًا.
- ونوع يرجع إلى تحقيرها، فلا يكره، كما لو كانت الصورة على البساط المفروش.
- لا تكره الصلاة إن كانت الصورة خلفه، أو تحت قدميه؛ لأنه استهانة بها، ولكنه يكره كراهية جعل الصورة في البيت.والسابع: أخذ المصاحف من الناس إذا فرغ صدر المجلس من قراءته.
والثامن: حضور النساء للزيارة.
والتاسع: يحرم السماع والرقص على القبر.
والعاشر: الكذب الصريح، حيث يكون حضورهم لمحافظة جاه ولي الميت، ويقولون: نحضر لله تعالى.
والحادي عشر: يشربون ويأكلون عند القبور.
والثاني عشر: يقطعون أوراق الأشجار، ويتخذون منه أشياء على صورة الأشجار، ويزينون بها حول القبر.
والثالث عشر: وهو أن القراء يقرأون جهرًا قبل الدفن، أو بعده، بينما ينشغل أهل المصيبة بالناس، والقراءة جهرًا عند قوم مشاغيل مكروه.
والرابع عشر: من المكروه أن يجهر بعض الحاضرين بالقرآن في الجمع.
والخامس عشر: مس الطيب في اليوم الثالث تشبهًا بالنساء.
والسادس عشر: لو مدح شاعر الميت بما لم يفعل فهو كذب، واستماع الكذب حرام.
السابع عشر: تحدث عن صورة بدعية من صور ختم القرآن، بأن يقوم معرف في صف النعال، ويعد ويقرأ بعد الختم سورة الإخلاص ثلاثًا، والفاتحة مرة، وهو قائم، والناس قعود، ويتوجه إليهم، سواء كانوا في جهة القبلة، ويأخذ بيديه ويضعهما كالوضع في الصلاة، وينتظر أمر الصدر، فإذا أمره يركع له، ويتصنع بهذه الآيات كأنه يغني، ويأخذ على قراءته أجرًا من أولياء الميت.
والثامن عشر: يلبسون القبر بثياب الحرير إذا كان الميت من أهل الجاه.
والتاسع عشر: يلقون على قبر الصلحاء ثوبًا مكتوبًا فيه سورة الإخلاص.
والعشرون: حيث يحضرون المصاحف في المقابر، ويضعونها في المجلس، ولا يقرأون، وينتظرون حضور الصدر، فإذا فتحوا المصحف، وأخذوا في القراءة، ثم حضر الصدر، يغضب عليهم ويظنه استخفافًا به، واستحقارًا لجاهه ومنصبه.
والحادي والعشرون: إذا كانت مقبرة الميت بعيدة عن منزل بعض الناس، فيكره أن يخرج من بيته قبل صلاة الفجر بعد طلوع الصبح؛ ليمكنه الحضور مع الناس، فهو كمن سافر بعد دخول وقت الجمعة.
والثاني والعشرون: في الحضور لليوم الثاني والثالث ترك للجلوس في موضع الصلاة، والجلوس في موضع الصلاة بعد الفجر إلى طلوع الشمس مستحب، والجمع: ممكن بأن يقعدوا إلى طلوع الشمس، ثم يغدوا إلى الزيارة، لو كان حال المقصود الزيارة، وأما لو كان المقصود المراءة فكفى به عارًا.
والثالث والعشرون: تسجية قبر الميت بثوب في اليوم الثالث وغيره من أيام الزيارة المعهودة.
الباب السابع عشر: في الاحتساب على الخطباء:
ومما ذكره في هذا الباب:
- لا تطويل للخطبة، ويكون قدر الخطبتين قدر سورة من طوال المفصل.
- ذكر أن من خشي الفتنة والآفة في قربه من الإمام بأن يستمع ما يجب عليه إنكاره، أو يرى ما يلزم الأمر فيه، أو النهي عنه، من لبس حرير، أو ديباج، كان بعده من الصفوف المتقدمة أصلح لقلبه، وأجمع لهمه.
- وذكر أن منكرات الخطباء نوعان، وهما:
- أحدهما: أنهم يقولون في خطبهم كلمات يجب النهي عنها، ومما ذكره من ذلك: ما يقولونه في ألقاب السلطان، فإنهم يقولون: السلطان العادل، والسلطان العالم الأعظم (شهنشاه) مالك رقاب الأمم، سلطان أرض الله، مالك بلاد الله، ناصر عباد الله، معين خليفة الله تعالى، فمنها ما هو كذب، ومنها ما هو من خصائص الرب -جل وعلا-.
- وذكر أنه لو ابتلي الإنسان بمثل ذلك، وقال: السلطان الأعظم، أو قال: السلطان العادل، من باب المجاز، فإنه يرجى فيما بينه وبين الله تعالى أن لا يأثم، ولكنه مترخص وصاحب العزيمة وهو التارك لمثل هذه الكلمات هو الأفضل.
- والثاني: يلبسون طيالسة الحرير والنهي عنها واجب.الباب الثامن عشر: في الاحتساب على من حلف بغير الله تعالى، أو حلَّف به:
- فالحالف والمستحلف بغير الله تعالى آثم، مرتكب للكبيرة.
- وأما إذا ألح الخصم قبل([30]): يجوز للقاضي أن يحلف بالطلاق والعتاق إحياء لحقوق الناس.الباب التاسع عشر: في الاحتساب على من يتكلم بكلمات الكفر:
وفي هذه المسائل أمر يتعلق بالمفتي، وأمر يتعلق بالمحتسب، وأمر يتعلق بالقائل:
فأما ما يتعلق بالمحتسب:
يمنع المحتسب من كل كلمة توجب الكفر بكل وجه، أو بوجه يوجب الكفر دون وجه، أو لا يوجب أصلًا، ولكنه فيها إساءة، أو خطأ، ويقدر العقوبة، والتقدير فيه مفوض إلى رأيه، يفعل بقدر ما يعلم أنه ينزجر به إن كان له رأي، وإلا يرجع إلى أهل العلم، ولكن لا يبلغ حد الحدود.
وأما ما يتعلق بالمفتي:
يجب أن يعلم أنه إذا كان في المسألة وجوه توجب التكفير، ووجه واحد يمنع التكفير، فعلى المفتي أن يميل إلى الوجه الذي يمنع التكفير، تحسينًا للظن بالمسلم.
وأما ما يتعلق بالقائل:
- إن كان نية القائل وجهًا يمنع التكفير فهو مسلم، وإن كان يريد به الوجه الذي يوجب التكفير، فلا تنفعه فتوى المفتي، ويؤمر بالتوبة والرجوع عن ذلك، وبتجديد النكاح بينه وبين امرأته.
- من أتى بلفظة الكفر مع علمه أنها لفظة الكفر عن اعتقاده فقد كفر.
- وإن لم يكن قاصدًا في ذلك بأن أراد أن يتلفظ بلفظ آخر، فجرى على لسانه لفظة الكفر من غير قصد؛ وذلك نحو أن أراد أن يقول: لا إله إلا الله، فجرى لسانه أن مع الله إلهًا آخر، فلا يكفر، وقالوا: هذا محمول على ما بينه وبين الله تعالى، فأما القاضي فلا يصدقه.
- ومن أضمر بالكفر، أو همّ به، فهو كافر.
- ومن أراد أن يقول: لا إله إلا الله، وقال: لا إله، فلم يصل إلا الله، فلا يكفر؛ لأنه عقد على الإيمان.
- ومن كفر بلسانه طائعًا، وقلبه مطمئن بالإيمان فهو كافر، ولا ينفعه ما في قلبه؛ لأن الكافر إنما يُعرف من المؤمن بما نطق به، فإذا نطق كان كافرًا.
- ولو قال: إن كان غدًا كذا؛ فأنا أكفر، فقيل: هو كافر من ساعته.
- ومن عزم على أن يأمر غيره بالكفر كان كافرًا.
- ومن خطر بباله أشياء توجب الكفر، ولم يتكلم بها، وهو كاره لذلك لا يضره، وهو محض الإيمان.
- ومن تكلم بكلمة توجب الكفر، وضحك به غيره، يكفر المتكلم والضاحك.
- ولو تكلم بكلمة توجب الكفر، وقبل القوم ذلك منه فقد كفروا.
- ومن رضي بكفر نفسه فقد كفر.
- الرضا بكفر الغير إنما يكون كفرًا إذا كان يستجيز الكفر، ويستحسنه، أما إذا كان لا يستجيزه، ولا يستحسنه، لكن أحب الموت والقتل على الكفر لمن كان شريرًا مؤذيًا بطبعه، حتى ينتقم الله منه، فهذا لا يكون كفرًا.
- وذكر ما يترتب على الكفر، فأما ما كان كفرًا بلا خلاف، فيوجب ما يلي:
- إحباط العمل، ويلزم له إعادة الحج إن كان قد حج.
- ويكون وطء امرأته زنا، والولد المتولد في هذه الحالة يكون ولد الزنا.
- ولا يحكم بإيمانه حتى يرجع عما قال، ولا يكفي الاتيان بكلمة الشهادة على وجه العادة.
- وأما ما كان في كونه كفرًا اختلاف:
- يؤمر قائله بتجديد النكاح، والتوبة والرجوع عن ذلك بطريق الاحتياط.
- وأما ما كان خطأ من الألفاظ، فلا يوجب الكفر، فيؤمر بالاستغفار، والرجوع عن ذلك.الباب العشرون: في الاحتساب على الوالدين والأولاد:
ومما ذكره في الباب:
- الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لا يسقط بحق الأبوة والأمومة.
- السنة في أمر الوالدين بالمعروف أن يأمرهما به مرة، فإن قبلا فبها، وإن كرها سكت عنهما، واشتغل بالدعاء، والاستغفار لهما؛ فإن الله تعالى يكفيه ما يهمه من أمرهما.
- ومن بلغه معصية رجل، يحل له أن يكتب إلى أبيه إن علم أن أباه يقدر على منعه، وإلا فلا، كيلا تقع العداوة بينهما.
- ويحل للأم أن تمنع ابنها من الجهاد، وأن يمتنع بقولها، فإن لم يمتنع لا تمنعه.الباب الحادي والعشرون: في الاحتساب في الخصومة الواقعة بين الجيران:
ومما ذكره في هذا الباب مسائل وأصول، ومن هذه الأصول:
- الأصل أن من تصرف في ملكه تصرفًا يضر بجاره ضررًا بينًا يمنع منه، وإلا فلا.
- إن تصرف صاحب العلو إن كان يضر بالسفل بيقين، أو شك أنه يضر، فلا يملك صاحب العلو ذلك بغير إذن صاحب السفل، بلا خلاف.
- وأما إذا علم بيقين أنه لا يضر اختلفوا فيه، والمختار: أنه لا يملك التصرف.
- من تصرف في ملكه تصرفًا يزول به نفع جاره، فلا يمنع من ذلك، وإن سخط جاره.
- الانتفاع بملك الغير إنما يجوز إذا لم يمنعه المالك، فإن منعه لا يجوز.
- الهواء ملك لمن هو مالك الأرض والبناء، والوارث والمشتري قائمان مقام أصلهما.
- وذكر عدة مسائل تعود لهذه الأصول المذكورة.الباب الثاني والعشرون: في تفضيل منصب الاحتساب:
وأخبر أنه ثابت من وجوه:
أحدهما: تفضيل الأمر بالمعروف.
والثاني: تفضيل النهي عن المنكر.
والثالث: توعيد التارك لهما، أو لأحدهما، وتعزيزه من حيث الكتاب والسنة والأثر.
- ثم ذكر ما يؤيد ذلك من أدلة، وعرّف المعروف بأنه: ما كان موافقًا للكتاب والسنة والعقل، والمنكر: ما كان مخالفًا للكتاب والسنة والعقل.
- ثم ذكر الرد على من يستدل بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105] في الترخص في ترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فلا تعارض بين هذه الآية وبين ما ذكر من وجوه في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومما ذكره:
- أحدها: أن من شرط التعارض التساوي في الشرط والإطلاق بين الحجتين، وهذه الآية مشروطة بشرط الاهتداء، فكان عدم الضرر بلزوم النفس شروطًا بشرط الاهتداء، ومن الاهتداء متابعة الدلائل الدالة على فرضية الحسبة.
- والثاني: إن قوله: {مَنْ ضَلَّ} [المائدة: 105] لا يتناول المعصية؛ لأن الضلال على الإطلاق هو الكفر، فكانت هذه الآية ساكتة عن الاحتساب في حق المسلمين.
- والثالث: وهو أنه لا تعارض بينهما لاختلافهما في الوقت، فمنها وارد حال قوة الدين، وغلبة المهتدين، ومنها ما ورد حال ضعف الدين.الباب الثالث والعشرون: في الاحتساب على من كشف عورته، أو نظر إلى عورة غيره:
- يجوز للمحتسب النظر إلى عورة الغير، وإن كانت غليظة.
- ومن لم يستر الركبة يُنكر عليه برفق؛ لأن في كونها عورة اختلافًا مشهورًا.
- ومن لم يستر الفخذ يعنف عليه، ولا يضرب؛ لأن في كونه عورة خلاف عند بعض أهل الحديث.
- ومن لم يتسر([31]) السوءة يؤدي([32]) إن لج؛ لأنه لا خلاف في كونها عورة.
- وفرّق بين الزينة الظاهرة والباطنة للمرأة، وأما الظاهرة وهي التي لا يجب سترها، ولا يحرم النظر إليها، فهي على أقوال:
- أحدهم: أنها الثياب.
- والثاني: هو الكحل والخاتم.
- والثالث: الوجه والكفان.
- وأما الباطنة فهي القرط والقلادة والدملج والخلخال، والأشبه في السوار أنها من الزينة الباطنة، وأما الخضاب فإن كان في الكفين فهو من الزينة الظاهرة، وإن كان في القدمين فهو من الباطنة.
- والنساء مأمورات بإلقاء الخُمُر، أي: المقانع على صدورهن، تغطية لنحورهن.
- يباح للزوج والمحارم النظر إلى مواضع الزينة الباطنة.
- ويباح للأجنبي النظر إلى شعر الأمة.
- ويباح للمرأة أن تنظر من المرأة ما يجوز للرجل أن ينظر من الرجل، وهو السرة وما فوقها، وما تحت الركبة.
- ولا يحل لامرأة أن تتجرد بين يدي امرأة مشركة إلا أن تكون المشركة أمة لها.الباب الرابع والعشرون: في الاحتساب على من يظهر القبور الكاذبة، ويشبه المقابر بالكعبة:
- حيث ذكر إنكار عمر -رضي الله تعالى عنه- على قوم خرجوا على هيئة الحاج إلى زيارة بيت المقدس، وضربهم بالدرة([33]).الباب الخامس والعشرون: في الاحتساب بسبب الصورة في البيت:
- حيث ذكر أنه يحتسب على من يزخرف البيت بنقش فيه تصاوير؛ لأن الصورة في البيت سبب لامتناع الملائكة من دخوله.
- ولو انهدم بيتٌ مصورٌ بهذه الأصباغ تماثيلَ الرجال والطيور ضَمِن قيمة البيت، وأما أصباغه فغير مضمونة.الباب السادس والعشرون: في الاحتساب في الدراهم والدنانير، وغيرهما من أنواع الأثمان:
ومما ذكره في هذا الباب:
- أنه لا ينبغي ضرب الدراهم الجياد في غير دار الضرب سرًّا؛ لأنه مخصوص بالسلاطين.
- لا يجوز للمُحْدِث ولا للجنب مس دراهم مكتوب عليها من سور القرآن، ولا يجوز وضع القدم عليها.
- يجوز مس صرة الدراهم المكتوب عليها من سور القرآن، ولكن لا يجوز وضع الصرة تحت القدم.
- يكره المعاملة بالدراهم المزيفة.
- ويكره المعاملة بدرهم تكون الفضة فيه مجهولة، أو مستهلكة، وكذلك بما لا يعرف قيمته، وما يختلط بالفضة من غيرها، فلا يمتاز منه.الباب السابع والعشرون: في الاحتساب على أهل الذمة:
ومما ذكره في هذا الباب:
- أن المشرك يُمنع مما يُمنع منه المسلم عدا الخمر والخنزير، ونكاح المحارم، وعبادة غير الله تعالى.
- لا يُمنع اليهود إن اشتروا دارًا من المسلمين في مصر من جعلها مقبرة، ويمنعون إن أرادوها بيعة، أو كنيسة.
- لا يجوز لأهل الذمة إحداث الكنائس في أمصار المسلمين، ويمنعهم الإمام عنه، وأما في القرى فلا يمنعون من ذلك، سواء قلت جماعة المسلمين، أو كثرت.
- ويُمنعون من إظهار بيع الخمر والخنازير، وبيع الربا في القرى والأمصار.
- وإن حضر لهم عيد يخرجون فيه صليبهم، فليضعوا ذلك في كنائسهم القديمة، ولا يخرجوه من الكنائس حتى يظهروه في المصر.
- ويجوز إخراجه خفيًا خارج المصر وأفنيته، وإظهاره.
- ويمنعون عن ضرب الناقوس في غير كنائسهم القديمة، وكذلك يمنعون عن ضربه في كنائسهم القديمة إذا كان صوته يجاوز أبنيتهم.
- ويمنعون عن تزوج المحارم، وعن جميع ما هو حرام في الإسلام على سبيل الشهرة والعلانية.
- وجرت عادة أهل الحسبة بمنع الذمي عن أكل التنبول([34]) نهارًا جهارًا في شهر رمضان.
- لو انهدمت بيعة أو كنيسة قديمة في مصر، فأرادوا أن يبنوها، فإن جعلوها أوسع من الأولى منعوا عنه، وكذا لو حولوه عن موضع من المصر إلى موضع آخر من ذلك المصر، مُنعوا عنه، ولو بذلوا عليه عوضًا.
- ولو اشترى ذمي دارًا، ولو اتخذ فيه بيت عبادة أن جمع فيه الناس مُنع منه، وإن اتخذ لنفسه خاصة موضع عبادة لا يمُنع، وإن أراد أن يجعل فيه صومعة يتخلى فيها، كما تخلى أصحاب الصوامع مُنع منه.
- والكنيسة القديمة إن كانت في مصر كان قرية قبل ذلك، ثم صار مصرًا، أو فتح صلحًا على أن يتركوا فيها كنائسهم لا يمنعون منه.
- وإذا فتحت عنوة، ولكن تركت كنائسهم فيها لكونها قرية، ثم صارت مصرًا (تقام فيه الحدود، ويصلى فيه الجمعة والأعياد) يُمنعون منه.
- وكل مصر من أمصار المسلمين يصلى فيه الجمعة، وتقام فيه الحدود، لا ينبغي لمسلم ولا لكافر أن يدخل فيه خمرًا، ولا خنزيرًا ظاهرًا.
- إن أدخل الذمي الخمر مصرًا من أمصار المسلمين، فله حالتان، هما:
- إن كان جاهلًا -أي لا يعلم أنه لا ينبغي له أن يفعل ذلك- رد الإمام عليه متاعه، وأخرجه من المصر، وأخبره أنه إن عاد أدبه.
- إن كان عالماً فالإمام لا يريق خمره، ولا يذبح خنزيره؛ لأنه مال عندهم، ولكن إن رأى أن يؤدبه بالضرب أو بالحبس فعل ذلك.
- وإن أتلف خمره مسلم ضمن إلا إذا كان إمامًا يرى أن يفعل ذلك به على وجه العقوبة ففعل، أو أمر إنسانًا به لا يضمن؛ لأنه مجتهد فيه.
- ويكره المصافحة مع أهل الذمة.
- ويُحتسب على المسلم إذا شارك ذميًا.الباب الثامن والعشرون: في الاحتساب على المسافرين:
- لو حُمل المصحف، أو شيء من كتب الشريعة على دابة في جوالق، فلا بأس إن جلس أو نام عليه، وكان قصده الحفظ له.
- السفر مع المرأة على وجهين:
- إن كان محرمها فهو على وجهين:
- إن أمن الشهوة على نفسه، وعليها فهو جائز.
- وإن لم يأمن الشهوة، فلا يجوز.
- وإن لم يكن محرمها فهو على وجهين:
- إن كانت حرة لا تحل الخلوة بها، ولا المسافرة معها.
- وإن كانت أمة، ففيها اختلاف.
- من سأل مسلمًا من أهل الذمة عن طريق البيعة، فلا ينبغي له أن يدل عليه؛ لأنه إعانة على المعصية.
- ولا بأس بالدلالة من البيعة إلى البيت.
- وإذا ابتلي الرجل بصحبة الفجار في سفره للحج، أو للغزو، فلا يترك الطاعة بصحبتهم، ولكن يكرهه بقلبه، ولا يرضى به، فلعل الفاسق يتوب ببركة كراهة قلبه.
- ويكره للرجل أن يقضي حاجته في الطريق، أو في ضفة النهر، أو تحت شجرة مثمرة، أو شجرة يستظل الناس تحتها.الباب التاسع والعشرون: في الاحتساب بالإحراق:
- ذكر أن الأصل في إحراق آلات السيئات:
- قوله تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ} [طه: 97].
- عزم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إحراق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة([35])، وهي سنة مؤكدة.
- ذَكَرَ في هذا الباب من الحالات المستحقة للإحراق، وهي:
- إحراق المعازف يوم الأضحى في مصلى العيد، وخصّ الأضحى لوجوه، هي:
- الأول: الرد على من يستدل بحديث إباحة الدف والغناء يوم العيد، حيث يظهر أهل الاحتساب إحراق المعازف في هذا اليوم؛ ليكون فعلهم وإجماعهم على هذا في دار الإسلام أجمع حجة قاطعة على أن هذا الحديث غير معمول به.
- والثاني: وهو أن يوم العيد يوم سرور وحبور، وقلوب أهل الصلاح والورع تفرح بإحراق الملاهي، فأظهروا إحراقها مبالغة في تحصيل مسرتهم.
- والثالث: ليشابهوا الحجاج في هذا اليوم، حيث إن مناسكهم خمسة، وهي:
- أحدها: الذهاب من منى إلى المسجد الحرام.
- الطواف بالبيت العتيق.
- إقامة السنن من الحلق، وقص الأظفار، ونحوها.
- رمي الجمار.
- القربان.
- وأما غير الحجاج فيفعلون خمسة، وهي:
- الذهاب إلى المصلى، موافقة للذهاب إلى المسجد الحرام.
- صلاة العيد، موافقة لهم في الطواف؛ لقوله -عليه السلام-: ((الطواف بالبيت صلاة))([36]).
- إحراق المعازف موافقة لهم في الحلق ونحوه؛ لأنهم يزيلون البدعة، ويقيمون السنة، وهذه المعازف بدعة، فتحرق إزالةً لها.
- رمي العوام الجمار عند إحراق المعازف موافقة للحجاج في رمي الجمار.
- يضحون موافقة لهم في القرابين.
- للمحتسب إحراق متاع من يبيع على الشوارع، إذا رأى فسادًا في ذلك، ورأى المصلحة في إحراقه، ولا ضمان عليه، وإلا فعليه الضمان.
- وذكر أنه إذا أدخل المسلم خنزيرًا في مصر المسلمين:
- فإن كان متهمًا بتناول ذلك؛ ذبُح خنزيره، وأُحرق بالنار.
- وإن كان لا يتهم بذلك، وقال: إنما هي لذمي تُرك، ويؤمر بألا يعود إلى مثله.
- وذكر حكم من وطئ بهيمة، على هذا التفصيل:
- إن كانت البهيمة للواطئ، يقال له: اذبحها، وأحرقها.
- وإن لم تكن البهيمة للواطئ، كان لصاحبها أن يدفعها إلى الواطئ بالقيمة:
- ثم إن كانت مما يؤكل تذبح، ولا تحرق.
- وإن لم تكن مأكولة يذبحها الواطئ، ويحرقها.
- وذكر أن للمحتسب الجهر والإعلان بوجود المنكر في مكان ما، ولعل صاحب المنكر يتعظ بذلك، واستدل بفعل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.الباب الثلاثون: في الفرق بين المحتسب وبين المتعنت:
حيث ذكر هنا قاعدة في التفريق بين المحتسب والمتعنت، وهي:
أنه يُلتفت إلى خصومة المخاصم في التصرف المحدَث في طريق العامة، إذا لم يكن له مثل الذي يخاصم فيه، وأما إذا كان له مثل ما يُخاصِم عليه لا يتلفت إلى خصومته؛ لأنه متعنت في هذه الخصومة؛ لأنه لو أراد دفع الضرر عن العامة لابتدأ بنفسه، فلما لم يبدأ بنفسه يحكم أن قصده التعنت.
الباب الحادي والثلاثون: في الاحتساب على من يكتب التعويذ ويستكتبه:
تحدث في هذا الباب عمن يكتب التعاويذ، ومن يطلب كتابتها، ومما ذكره:
- حرمة وضع التعاويذ المقصود منها تحبيب المرأة للرجل.
- تكره الرقى العبرانية والسريانية.
- ويكره تعليق كل ما يظنون أنه ينفعهم، أو يدفع عنهم الضر، ومنها التمائم، وهي التعويذات من غير القرآن، وأما من القرآن أو الأسماء الحسنى فهي جائزة.
- لا بأس بالرتيمة، وهي الخيط الذي يربط بالأصبع، أو الخاتم للتذكر، فإنه لا بأس به للحاجة.الباب الثاني والثلاثون: في الاحتساب على من يأخذ شيئًا على الاحتساب من الناس:
حيث ذكر أن ما رسم([37]) في البلاد لأهل الحسبة:
- إن كان في أهل الذمة، فلا شك في جوازه؛ لأنه صار من أموال أهل الذمة.
- وإن أخذ من المسلمين، فإن كان بقدر أجرة أعوان المحتسب، ولا رزق لهم من بيت المال، فلا بأس به؛ لأنهم يعملون لهم، فيأخذون كفايتهم منهم.
- وإن زادوا عليه، أو كان لهم رزق من بيت المال، فهو حرام.
- إن أخذ المحتسب غير مرسوم يُنظر إن أخذه ليسامح في منكر، أو يداهن فيه، أو يقصر في معروف، فهو أيضًا حرام؛ لأنه أحد أنواع الرشوة، وأنها حرام.
- لا يجوز للمحتسب أن يأخذ شيئًا ممن أراد أن يحتسب عليه؛ لأن احتسابه إن كان لجور فهذه رشوة، وسبب للقضاء بالجور، وإن كان لحق فلأنها رشوة.
- إذا أهدي إلى المحتسب أو القاضي ممن يعلم أنه يهدي لاحتياجه إلى القضاء والحسبة، لا يقبل، ولو قبل كان رشوة، وأما ممن يعرف أنه يهدي للتودد والتحبب لا للقضاء والحسبة، فلا بأس بالقبول منه.الباب الثالث والثلاثون: في الاحتساب في باب العلم:
ومما ذكره في هذا الباب:
- لا يناظر المعلم في المسألة الكلامية إذا لم يعرفها على وجهها.
- إذا تكلم الفقيهان في مسألة، إن كان البذل على أحدهما جاز، وإن كان البذل من الجانبين لا يجوز.
- وتحدث عن الكتب المصنفة في العقيدة، وهي كما يلي:
- بعضها للفلاسفة، مثل: إسحاق الكندي، لا يجوز المطالعة والنظر في تلك الكتب، ولا يجوز إمساكها؛ فإنها مشحونة بالشرك والضلال.
- وبعضها للمعتزلة: مثل عبد الجبار الرازي، والجبائي، والكعبي النظام، وغيرهم، فلا يجوز إمساك تلك الكتب، والنظر فيها؛ كيلا تحدث الشكوك، ولا يتمكن الخلل في العقائد.
- وصنف المجسمة كتبًا في هذا الفن، مثل: محمد الهيصم، وأمثاله، ولا يحل النظر في تلك الكتب، ولا إمساكها، فإنهم شر أهل البدع.
- وصنف الأشعري كتبًا كثيرة؛ لتصحيح مذهب المعتزلة، ثم إن الله تعالى لما تفضل عليه بالهدى صنف كتابًا ناقضًا لما صنف لتصحيح مذهب المعتزلة، إلا أن أصحابنا من أهل السنة خطّأه في بعض المسائل، فمن وقف على المسائل التي أخطأ فيها أبو الحسن([38])، وعرف خطأه، فلا بأس بالنظر في كتبه وإمساكها.
- ونقل من الذخيرة في كلمات الكفر أن معلم الصبيان لو قال: اليهود خير من المسلمين بكثير، فإنهم يقضون حقوق معلم صبيانهم، فهو يكفر.
- ومما يحتسب على العالم: أنه إذا سئل من أعلم الناس فيقول: أنا أعلم؛ لأن الأدب أن يرد العلم إلى الله تعالى.الباب الرابع والثلاثون: في الاحتساب على السحرة والزنادقة والرقية، ونحوهم:
ومما ذكره في هذا الباب:
- لو اتخذ رجل لعبة ليفرق بها بين المرأة وزوجها، يُحكم بردته، ويقتل إذا كان يعتقد لها أثرًا، والساحر إذا تاب قبل أن يؤخذ تقبل توبته، وإن أُخذ ثم تاب لم تقبل توبته، وكذا الزنديق.
- وذكر بعض وصفات النشرة([39]).الباب الخامس والثلاثون: في الاحتساب فيما يجوز التصرف في ملك الغير، وغير الملك، عقارًا أو عروضًا:
ذكر صورًا لما يجوز التصرف في ملك الغير، وهي:
- إذا ضاق المسجد على أهله، وبجنبه أرض لرجل تؤخذ أرضه منه بالقيمة كرهًا.
- إذا كان ناؤس([40]) بجنب أرض، ففيها تفصيل:
- إن كانت ليس لها قيمة له أن يحوزها إلى أرضه.
- وإن كانت لها قيمة:
- وكانت من ناؤس الجاهلية، فهو بمثابة الأرض الموات([41]).
- وإن كانت من ناؤس بعد الإسلام فهي لقطة.
- لو نزل جند بقرية، فنزل رجل منهم منزل رجل، وصاحب البيت كاره لذلك، فإن كانوا في غزو فلا بأس.الباب السادس والثلاثون: في الاحتساب في إتلاف البنج على المسلم، وتعزير أكله وشاربه:
ومما ذكره في هذا الباب:
- أن البنج حرام، وذلك للآتي:
- لأن أهل الطب ذكروا أن البنج من السموم.
- ولأنه مضر يتولد منه كثير من الأمراض.
- لا يقع طلاق البنج إذا لم يعلم أنه بنج، أما إذا علم وأقدم على أكله يقع طلاقه، ويحد شاربه إذا سكر منه.
- عرف أهل الحسبة في إضاعة البنج مشروع لا يضمنون به.الباب السابع والثلاثون: في الاحتساب على من استعمل الذهب والفضة، وغيرهما:
ومما ذكره في هذا الباب:
- حكم آنية الذهب والفضة:
- يكره الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة، والأدهان، إذا كان يُستعمل الدهن من الآنية، فأما إذا كان يصبه على يده، ثم استعمله فلا بأس به.
- ويستوي في الحكم الرجل والمرأة، سوى التحلي، فيجوز لهن التحلي بالإبرسيم والذهب.
- وأما حكم المضبب بهما:
- الإناء المضبب والكرسي المضبب بالذهب والفضة إن قعد موضع الذهب، أو الفضة يُكره اتفاقًا، وإن قعد على الخشب، ففيه خلاف.
- وكذا مما له نفس الحكم تذهيب السقف، والمزامير والمجامر، وتذهيب المصحف، والباب والسرج واللجام، وكذا القعود على سرير الذهب.
- وأما حكم المموه بهما: والتمويه أن يجعل الذهب والفضة ماء بحيث لا يخلص بعد ذلك، لا بأس به بالإجماع.
- لا بأس بلبس الجوشن([42]) من الذهب والفضة في الحرب.
- وذكر حكم الخاتم، كما يلي:
- إن كان من الفضة، فله حالان:
- إن كان صاحبه يحتاج إليه كالسلطان، أو القاضي، فلا بأس به.
- وإن كان لا يحتاج إليه، فتركه أفضل.
- ويجعل الرجل الفص من قبل الكف.
- والمرأة تظهر الفص للزينة.
- ويلبس في الخنصر اليسرى دون سائر الأصابع، ولو لبس في أي إصبع سواه جاز.
- ولا ينقش فيه بتمثال إنسان، أو طير أو هوام الأرض.
- وأما إن كان من الحديد والصفر([43]) والرصاص وشبهه، فهو حرام على الرجال والنساء جميعًا.
- وأما إن كان من الذهب فيجوز للنساء، ويحرم على الرجال عند عامة العلماء، وقال بعض العلماء: لا بأس به.الباب الثامن والثلاثون: في الاحتساب في الثياب:
ومما ذكره مما يتعلق بالثياب:
- يمنع من الحرير والديباج، وكل ثوب له إبريسيم.
- يمنع من الثوب إذا كان سداه([44]) غير إبريسم، ولحمته إبريسم([45]).
- البطانة والظهارة في الحرمة سواء، والحشو يجوز من إبريسم.
- ويمنع من لباس الحمرة.
- لا يجوز لبس الثوب المتنجس في غير الصلاة، إلا إذا لم يجد غيره.
- يكره لبس الثوب المعصفر([46]) والمزعفر([47]) للرجال إلا أن يكون ثوبًا من القطن لونه أحمر خلقة([48]).
- وينبغي أن يلبس في عامة الأوقات الوسط، ويلبس أحسن ما يجد في بعض الأوقات؛ إظهارًا لنعم الله تعالى؛ فإن ذلك مندوب إليه، ولا يلبس أحسن ما يجد في جميع الأوقات؛ لأنه يؤذي المحتاجين.
- إذا شد الزنار([49])، وأخذ العسلي([50])، أو لبس قلنسوة المجوس جادًّا أو هازلًا كفر إلا إذا فعل ذلك خديعة في الحرب، وهو طليعة المسلمين.
- ويكره لبس التكة([51]) من الحرير في قولهم جميعًا؛ لأنه مستعمل للحرب.
- يكره الشهرة في اللباس.
- ويحتسب على من يلبس ثوبًا فيه تصاوير.
- ويحتسب على الذمي إذا تشبه بأهل العلم والصلاح في الثوب.
- الجاهل بتحريم الحرير إذا لبسه يستحق أدنى التعزير؛ لأنه فعل عمر -رضي الله عنه-.الباب التاسع والثلاثون: في الاحتساب على من ينظر بغير حل:
ومما ذكره في هذا الباب:
- من خرج ينظر إلى قدوم الأمير للعبرة كان عدلًا، وإن خرج للهو فليس بعدل.
- لا يجوز لأحد أن ينظر في بيت غيره بغير إذنه، فإن فعل فقد أساء، وأثم في فعله، فإن نظر ففقأ صاحب البيت عينه، اختلفوا فيه، قيل: لا شيء عليه، وقيل: عليه الضمان.الباب الأربعون: في الاحتساب على أهل الاكتساب:
- يكره بيع المكعب([52]) المفضض من الرجال إذا علم أنه يلبسه.
- وجعل الإنسان خصيًا أو مجبوبًا حرام، وإن كان مملوكًا، ويعزر مرتكبه.
- تُمنع القابلة([53]) من المعالجة لإسقاط الولد، بعد ما استبان خلقه، وأما قبله فقيل: لا بأس به، كالعزل، وقيل: يكره.
- ومن الاكتساب التي يُحتسب على أربابها النوح والغناء، وحرفة القوال([54])، والسحرة، واتخاذ الخمر، واتخاذ المزامير من الخشب والجلد والخزف، وتصوير الصور، وحلق لحى الرجال، ورأس النساء، تشبهاً بالرجال.
- ويحتسب على المشاطة في وصل شعر الإنسان بشعر المرأة.
- ويكره تعليم البازي بالطير الحي، ويجوز بالطير المذبوح.
- ويكره تصغير المصحف حجمًا.
- ولا بأس ببيع الزنار من النصارى، والقلنسوة من المجوس.
- لا ينبغي لإسكاف([55])، أو خياط أن يصنعا ما فيه تشبه بالمجوس، أو الفسقة.
- يجوز لمسلم أن يؤجر نفسه؛ ليعمل في الكنسية ويعمرها؛ لأنه لا معصية في عين العمل([56]).
- وإن أجر نفسه من نصراني؛ ليضرب الناقوس كل يوم بخمسة دراهم، وفي عمل آخر، ويعطى له كل يوم درهم، قالوا: لا ينبغي له أن يؤاجر نفسه منهم، ويطلب الرزق في عمل آخر.
- ويأمر المحتسب الحداد أن يتخذ بين الطريق وبين دكانه حجابًا؛ لئلا يتطاير الشرر إلى الطريق.
- ولو أن حدادًا في دكانه ضرب الحديد بمطرقة، فتطاير ما يتطاير من الحديد المحمّى، وخرج ذلك من حانوته، وقتل رجلًا، أو فقأ عينه، أو أحرق ثوبه، أو قتل دابته، كان ضمان ما تلف بذلك من المال والدابة في مال الحداد، ودية القتل والعين يكون على عاقلته؛ لأن ما طار من دق الحداد وضربه كجناية بيده لا عن قصد.
- ومن الفوائد المستنبطة من قصة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مع بائعة اللبن:
- ويحتسب على بائع اللبن إذا خلط الماء بلبنه.
- يجوز للمحتسب أن يطوف في السوق، كما كان عمر -رضي الله تعالى- يفعل.
- يجوز له أن يتفحص أحوال السوقة، من غير أن يخبره أحد بخيانتهم، وليس هذا من باب التجسس.
- يجوز للمحتسب أن يخوف أهل السوق باليمين، كما قال عمر -رضي الله عنه- لمن تغش اللبن: أتحلفين؟
- يجوز للولد أن يمنع والديه عن الكذب، كما منعت تلك البنت أمها.
- يجوز للولد أن يخبر المحتسب بمعصية والديه، إذا علم الولد أن أبويه لا يمتنعان بموعظته.
- إذا اطلع المحتسب على خيانة في اللبن وغيره يجوز أن يؤدب الخائن عليها.
- تؤدب المرأة على خيانتها، كما يؤدب الرجل.
- يكره الاحتكار والتلقي في المواضع التي يضر ذلك بأهلها.
- ويكره بيع السلاح من أهل الحرب، ومن أهل الفتنة، وعساكر الفتنة.
- ثم تحدث عن مسألة: لو أن رجلًا أَخذ سوق النخاسين مقاطعة من الدِّيوَان، وَأشْهد على كتاب المقاطعة إنْسَاناً، فإِذا شهد حل عَلَيْهِ اللَّعْن، وَلَو شهد على مُجَرّد الإقرار، وَقد علم السَّبَب، فَهُوَ أَيْضاً مَلْعُون، وَيجب التَّحَرُّز عَن تحمل مثل هَذِه الشَّهَادَة، وَكَذَا كل إِقْرَار بنائه على حرَام.
- ويطحن البر والشعير بيده، ولا يطحن بالدواب.
- ويكره للتاجر أن يحلف لأجل ترويج السلعة.
- ويكره أن يصلي على النبي -عليه السلام- في عرض سلعته.
- إذا أراد أن يبيع شيئاً، وفيه عيب، وهو يعلم به، ينبغي له أن يبيّن العيب، ولا يدلس.
- ثم تحدث عن البيع لأهل الحرب، ومما ذكره:
- ومما يحتسب على المسلم أن يدخل الكراع (الخيل والبغال والحمير والثيران التي يحمل عليها المتاع)، والسلاح (ما يكون معداً للقتال استعمل في الحرب، أو لا يستعمل، وأجناس السلاح، ما كبر منه، وما صغر، حتى الإبرة والمسلة في كراهية الحمل إليهم على السواء، وما كان غير مستعمل بعينه، فإن كان الغالب استعماله في القتال فيمنع، والمسبي في دار الحرب.
- وإذا أراد المسلم أن يدخل دار الحرب بأمان للتجارة، ومعه فرسه وسلاحه، وهو لا يريد بيعه منهم، لا يمنع من ذلك، ولكن إن اتهم على شيء من ذلك يُستحلف بالله تعالى ما يدخله للبيع، ولا يبيعه في دار الحرب، حتى يخرج إلا من ضرورة، فإن حلف تركه؛ ليدخله لانتفاء التهمة، وكذا الحال لو دخل بسفينة.
- وأما الذمي إذا أراد الدخول إليهم بأمان، فإنه يمنع أن يدخل فرسًا معه، أو برذونًا، أو سلاحًا، إلا أن يكون الذمي مأمونًا على ذلك.
- وإذا أراد أن يدخل عليهم البغال والحمير والسفن والعجلة([57])، لا يمنع من ذلك، ولكن يستحلف أنه لا يدخله للبيع، ولا يبيعها منهم، حتى يخرجها من دار الحرب إلا من ضرورة.
- وأما الحربي المستأمن يمنع من ذلك كله، إلا أن يكون مكاريًا يحمل سقاءً، أو رواياً([58]) من مسلم أو ذمي فحينئذٍ لا يمنع من ذلك.
- وإذا كان أهل الحرب أقوياء إذا دخل عليهم التاجر بشيء من هذا لم يدعوه ليخرج به، ولكنهم يعطونه ثمنه؛ فإنه يمنع المسلم والذمي من إدخال الخيل والسلاح والرقيق إليهم؛ لعدم الضرورة المانعة، بخلاف البغال والحمير والثيران والإبل للضرورة إليها في الركوب والحمل؛ فإنه لا يمنع من ذلك بقدر ما يحتاج إليه للركوب والحمل لا ما سواه.الباب الحادي والأربعون: في الاحتساب على المماليك:
ومما ذكره في هذا الباب:
- يكره للرجل أن يجعل الراية([59]) في عنق عبده، ولا يكره له تقييده.
- لا يكره استخدام الكافر، سواء كان عبدًا أو أجيرًا.
- لو شتم أهله ومماليكه بما دون القذف، فاعتاد ذلك كل ساعة ويوم لا تقبل شهادته، وإن كان أحيانًا تقبل، وأما القذف فيسقط العدالة.
- إمساك الجعد في الغلام حرام.
- وإذا أساء إلى عبد، فرفعه إلى القاضي، وشهدت جيرانه بذلك؛ لا يجبر على بيعه، وينهى المولَى عن ذلك، فإذا عاد أُدب بالضرب والحبس.الباب الثاني والأربعون: فيما يتعلق بمسائل الموتى:
- لا يُترك للغسّال أن يأخذ أجرة على غسل الميت.
- وأما أخذ الأجرة على حمل الميت، وحفر قبره، ودفنه فلا بأس.
- يُكره رفع الصوت عند الجنازة، ويحتمل أن يكون:
- النوحة وتمزيق الثياب وخمش الوجه؛ وذلك مكروه.
- أو أن يقوم رجل بعد ما اجتمع القوم للصلاة، ويدعو للميت، ويرفع صوته؛ وذلك مكروه؛ لأن السنة في الأدعية الخفية.
- أو الإفراط في مدح الميت عند جنازته، وإن كان أصل الثناء ليس بمكروه.
- دفن الميت والقتيل في مقابر قوم مات فيهم أحب، ونقله ميلًا وميلين لا بأس به والزيادة عليه قيل: يكره.
- يكره قلع شوك أو حشيش نبت على القبور إن كان رطباً، ولا يكره إن كان يابسًا.
- اتخاذ القارئ عند القبر بدعة.
- ويكره الجلوس على باب الدار.
- وما يصنع في بلاد العجم من فرش البسط والقيام على قوارع الطريق من أقبح القبائح.
- ويحتسب على من سطح القبر؛ لأن السنة في القبر على التسنيم.
- ويكره النداء عن الميت في الأسواق.
- ويكره أن يكون غاسل الميت حائضًا أو جنبًا.
- ويكره رفع الصوت بالذكر حال حمل الجنازة.
- ويكره أن يقوم الرجل إذا رأى جنازة.
- ويكره الآجر في اللحد إذا كان يلي الميت، أما فيما وراءه لا بأس به.
- ولا ينبغي إخراج الميت من القبر بعد ما دفن، إلا إذا كانت الأرض مغصوبة، أو أخذت بالشفعة.
- ويكره للرجل الكفن من الحرير والإبريسم والمعصفر.
- ويكره أن يتقدم الجنازة كل القوم.
- يكره الركوب في الجنازة إن كان قريبًا منها.
- ولا يتبع الجنازة بنار.
- ولا يصلى على جنازة كافر، ولا يقوم على قبره.الباب الثالث والأربعون: في إراقة الخمر، وقتل الخنزير:
- ذكر حكم إراقة الخمر على هذا التفصيل:
- إذا اطلع المحتسب على خمر المسلم وأراقها فلا ضمان عليه.
- وإن أراق خمر ذمي، وهذا على حالتين:
- فإن أراق مسلم خمر ذمي بعد ما اشتراها، فلا ضمان عليه، ولو كان غير محتسب.
- وإن أتلفها بغير الشراء ضمن؛ لأن الخمر لهم كالخل لنا.
- كل مصر من أمصار المسلمين تُجمع فيه الجمع، وتقام فيه الحدود؛ فليس لمسلم ولا كافر أن يدخل فيه خمرًا، ولا خنزيرًا ظاهرًا.
- إن أدخل مسلم خمرًا أو خنزيرًا إلى مصر من أمصار المسلمين، وقال: إنما مررت مجتازًا، أو إنما أريد أن أخلل الخمر، أو قال: ليس هذا لي، وإنما هي لغيري، ولم يخبر لمن هي، فحاله كما يلي:
- إن كان رجلًا متدينًا لا يتهم على ذلك خليت سبيله، وأمر به أن يخلل الخمر.
- وإن كان رجلًا يُتهم بتناول ذلك، أريقت خمره، وذبحت خنازيره، وأحرقت بالنار.الباب الرابع والأربعون: في الاحتساب على أصحاب الزروع والباغات([60]):
حيث ذكر مسألة: استعمال العذرة في الأرض:
- يمنع استعمال العذرة في الأرض، إلا أن يغلب عليها التراب.الباب الخامس والأربعون: في الاحتساب على من يفعل في جسده أو شعره أو في اسمه بدعة:
ومما ذكره في هذا الباب:
- الخضاب للرجال بالحمرة سنة في اللحية، وبالسواد إن كان في الغزو لترهيب العدو، فهو محمود باتفاق المشايخ، وإن فعل لتزيين نفسه عند النساء؛ وليحبب نفسه إليهن، فذلك مكروه، وبعضهم جوزوا ذلك.
- وللرجل أن يقبض على لحيته؛ فإن زاد على قبضته منها شيء يسير جزه، وإن كان ما زاد طويلًا تركه.
- كراهة ثقب أذن الطفل من الذكور، فيحتسب على من فعله.
- التسمية باسم لم يذكره الله تعالى في كتابه، ولا نبيه في سنته، ولا سبقه المسلمون، الأولى أن لا يفعل ذلك تحرزًا عن البدعة.الباب السادس والأربعون: في الاحتساب في فعل البدع([61]) من الطاعات، وترك السنن:
مما ذكره في هذا الباب:
- يكره قراءة القرآن جهرًا عند قوم مشاغيل، لا يستمعون له.
- كره بعض مشايخنا التصدق على المتكدي([62]) الذي يقرأ القرآن في الأسواق زجراً له عن ذلك.
- يكره قراءة الفاتحة بعد المكتوبة لأجل المهمات مخافتة، أو جهرًا مع الجمع.
- يكره قراءة سورة الكافرون مع الجمع.
- أكثر المشايخ: أن التغني بقراءة القرآن مكروه.
- تكره النقوش في المحراب، وحائط القبلة.
- يكره نقش الحيطان قلّ أو كثر، أما نقش السقف إن قلّ يرخص فيه، والكثير مكروه.
- الفَقَّاعي: إذا قال عند فتح الفُقّاع([63]): صلى الله تعالى على محمد، أو قال ذلك الطرائقي، يأثم، ولا يؤجر به([64]).
- إذا اجتمع أهل بلدة على ترك الأذان قوتلوا، ولو ترك واحد ضربناه وحبسناه، وكذلك سائر السنن.
- ويحرم الترهب، وهو الاعتزال عن النساء، وتحريم غشيانهن على نفسه.
- وأكره أن يقول: أسألك بحق فلان، أو بحق أنبيائك، أو رسلك، أو بحق البيت.الباب السابع والأربعون: فيما تسقط به فريضة الاحتساب:
ومما ذكره في هذا الباب:
- مما يسقط به الاحتساب العجز عن إقامته، ودللّ لذلك.
- وذكر مسألة: إذا عجز عن الاحتساب فلا يأثم بتركه؛ لأن التكليف بقدر الوسع، ولكن ينبغي أن يكون حزينًا بذلك مغتمًا.
- ثم ذكر مسألة: إذا رأى منكرًا في الصلاة، وفصّل كما يلي:
- إذا كان أمرًا لا يفوت بإتمام الصلاة، فيتمها لإمكان الجمع بين العبادتين.
- وإن كان يفوت بإتمام الصلاة، فله حالتان:
- إن كان النهي عن المنكر لأجل نفسه، فالأفضل أن يتم الصلاة، ولو قطعها جاز دفعًا للضرر عن نفسه.
- وإن كان فيه مصلحة غيره، فالأفضل أن يقطع الصلاة، وإن لم يفعل يأثم، كما إذا رأى أعمى أشرف على سقوط في بئر، أو إنسانًا يغرق في الماء، ولا يقدر على الخروج، فالواجب على المصلي أن يقطع الصلاة.
- وإن تعجل في الصلاة لإزالة المنكر كان أقرب إلى السنة.
- وذكر أنه إذا شرع رجل في الصلاة، وبين يديه شيء من متاعه، فجاء سارق وأراد أن يسرقه، فله حالتان:
- إن كان شيئًا لا يبلغ في قيمته درهمًا يتمها؛ لأن ما دون الدرهم لا عبرة له.
- وإن كان درهمًا جاز له أن يقطعها، ثم يقضيها إن كان نفلًا دفعًا للضر عنه، ولكن الأفضل أن لا يقطعها.الباب الثامن والأربعون: في الاحتساب على المفرط في التواضع للناس:
ومما ذكره في الباب:
- يحتسب على من سجد لغير الله تعالى، أو انحنى له، أو قبل الأرض بين يديه.
- ومن قبل الأرض بين يدي السلطان والأمير وسجد له:
- فإن كان على وجه التحية لا يكفر، ولكن يصير آثمًا مرتكبًا للكبيرة.
- وإن سجد بنية العبادة للسلطان، ولم تحضره النية فقد كفر.
- والانحناء للسلطان أو لغيره مكروه.
- وتقبيل يد غير العالم وغير السلطان العادل قيل: يكره مطلقًا، وقيل: إن أراد تعظيم المسلم لا يكره، وإن أراد به الدنيا يكره.
- وذكر أنه إذا دخل واحد من الأجلة والأشراف على قوم يقرأون القرآن من المصاحف، أو يقرأ واحد فقام القارئ لأجله، قالوا: إن دخل عليه عالم أبوه أو أستاذه الذي علمه العلم، جاز له أن يقوم لأجله، وما سوى ذلك لا يجوز.الباب التاسع والأربعون: في الفرق بين المحتسب المنصوب وبين المحتسب المتطوع:
ومما ذكره:
- أولًا: قال بعضهم: التغير باليد للأمراء، وباللسان للعلماء، وبالقلب للعامة.
- والثاني: أن المتطوع إذا علم أنهم يسمعون كلامه يجب عليه أن يأمرهم وينهاهم، وإلا فلا، وأما المحتسب المنصوب فإن علم أنهم لا يستمعون يجب عليه الأمر.
- والثالث: حريق وقع في محلة، فهدم إنسان دار غيره بغير أمر صاحبها، حتى انقطع الحريق من داره، فهو ضامن إذا لم يفعل بأمر السلطان؛ لأنه أتلف ملك الغير، لكن يعذر، فيضمن، فلا يأثم.
- والرابع: أن المتطوع في الأمر بالمعروف على وجوه:
- لو علم أنه لو أمره به يطيعه يجب عليه إقامة الحسبة.
- ولو علم أنه لا يأتمر بأمره، فهو على وجهين:
- إما أن يقع بينهما عداوة، ويصل منه إلى أمر مكروه، بقذف أو شتم، أو لا يقع، فإن لم يقع فهو بالخيار إن شاء أمر، وإن شاء ترك، والأمر أفضل إحرازًا للثواب.
- وإن علم أنه لو أمر ضربه، أو شتمه، فهو على وجهين:
- إن علم أنه يصبر على أذاهم، فالترك رخصة، والأمر عزيمة، ومجاهدة في سبيل الله تعالى.
- وإن علم أنه لا يغير، فالترك أفضل توقيًا عن الفتنة.وهذا كله لا يتأتى في المحتسب المنصوب؛ لأنه يقدر على دفع المكروه عن نفسه بأعوانه وأعوان سلطانه.
- والخامس: التصرف المضر في طريق العامة لكل واحد أن يزيله، والأولى أن يرفع إلى الحاكم، حتى يأمر بالقلع.
- والسادس: وهو أن المنصوب للحسبة لا يضمن بإتلاف المعازف، عند أبي حنيفة، والمتطوع يضمن عنده.
- والحيلة حتى لا يضمن المتطوع أيضًا أن يستوهبه من المالك، فإن وهبه يكسره، ولا يضمن إجماعًا.
- والسابع: هو أن المتطوع يحتاج في احتسابه إلى إخلاص النية؛ لأنه قربة، وأما المنصوب فهو فرض عليه، والرياء لا يدخل في الفرض.الباب الخمسون: في بيان سبب انتساب الاحتساب إلى أمير المؤمنين عمر -رضي الله تعالى عنه-:
حيث ذكر أنه مع أن سائر الصحابة كانوا يهدون بالحق، وبه يعدلون، وكانوا يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، إلا أن الاحتساب نُسب لعمر -رضي الله عنه- لأسباب، وهي:
- الأول: روي أن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: حببّ إليّ من الدنيا ثلاث: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر…
- والثاني: روي في الأخبار أن عَلَم العدل يوم القيامة يكون بيد عمر -رضي الله تعالى عنه-.
- وذكر قصة ضرب عمر لابنه أبي شحمة حتى مات، وأجاب عن ذلك بقوله: ما يذكر الناس أن عمر -رضي الله عنه- ضرب ابنه أبا شحمة حتى مات، وضرب الباقي بعد موته، فهو كذب، قالوا: هو من أكاذيب محمد بن تميم الرازي، وكان كثير الأكاذيب، ووضاع الأحاديث، والصحيح: أنه اندملت جراحه، وعاش بعد ذلك، ثم مات حتف أنفه.
- والثالث: هو أن الاحتساب إزالة المعاصي والمنكرات، وإزالتها لا يمكن إلا بعد إزالة وسوسة الشيطان من الناس، وأن عمر -رضي الله عنه- منصوص عليه بأن الشيطان يفر من ظله، فكان نسبة الحسبة إليه أولى.
- والرابع: أن احتساب عمر -رضي الله عنه- كان يجرى على الأرض المتزلزلة.
- والخامس: أن أمره بالمعروف كان ينفذ على الماء الجاري.
الباب الحادي والخمسون: في الملاهي، وأواني الخمر:
ومما ذكره في هذا الباب:
- إذا كسر المحتسب الملاهي، أو دنان خمر، أو شَقّ زقها لا يضمن.
- فإن فعل ذلك غير المحتسب:
- فإن كان ذلك الدن للخمّار، والعود للمغني، فلا يضمن في قولهم جميعًا.
- وإن كان لغيره، فعند أبي يوسف ومحمد -رحمهما الله- لا يضمن أيضًا، وعليه الفتوى.
- ومما ذكره: أن ضرب الملاهي كالضرب بالقضيب وغيره حرام؛ لأنه من الملاهي، قال -عليه السلام-: ((استماع الملاهي معصية، والجلوس عليها فسق، والتلذذ بها من الكفر))([65])، وهذا خرج على وجه التشديد لعظم الذنب، إلا إن سمع بغتة، فيكون معذورًا، والواجب أن يجتهد ما أمكنه حتى لا يسمع.
- لو شق رجل زق خمر، وأراقها على سبيل الحسبة، لا يضمن الخمر، ويضمن الزق؛ لأن الخمر غير متقوم إلا إذا فعل ذلك وهو إمام يرى ذلك، فلا شيء عليه.
- إذا أظهر الذمي بيع الخمر والخنزير في دار الإسلام، فإنه يمنع، فإن أهرقه رجل، أو قتل خنزيره يضمن، إلا أن يكون إمامًا يراه فلا يضمن.
- ولو كسر جيابا([66]) فيها خمر لرجل مسلم يريد أن يتخذها خلًّا ضمن الكسار اتفاقًا.
- يُكره إمساك شيء من هذه الملاهي والمعازف، ويأثم وإن كان لا يستعملها.الباب الثاني والخمسون: في بيان آداب الاحتساب:
ومما ذكره في هذا الباب:
- ينبغي للآمر بالمعروف أن يأمر بالسر إن استطاع ذلك؛ ليكون أبلغ في الموعظة والنصيحة.
- فإن لم تنفعه الموعظة في السر يأمره بالعلانية؛ لتعين الجهر به.
- وينبغي للذي يأمر بالمعروف: أن يقصد به وجه الله تعالى، وإعزاز الدين، ولا يكون لحميه نفسه.
- وينبغي أن يكون عالماً بالمعروف والمنكر.
- وينبغي أن يكون احتسابه برفق ولين.
- وينبغي أن يكون صبورًا حليمًا.
- وينبغي أن يكون عاملًا بما يأمر.
- وينبغي أن لا يكون مريداً إلا الإصلاح بقدر ما يستطيع.
- وينبغي أن يعلم أن توفيقه على الاحتساب بالله تعالى، ويكون توكله عليه.
- ثم ذكر مسألة: أنه يجب على المحتسب أن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وإن ترك المعروف، أو ارتكب المنهي.
- وينبغي ألا يخاف في احتسابه إلا الله تعالى، بل يستعين به، ويدخل فيه متوكلاً على الله تعالى.
- لا يسلم المحتسب على أهل السوق في طوافه للحسبة؛ ليبقى على الهيبة.
- العسس مشروع، بل هو سنة عمر -رضي الله عنه-.
- المحتسب ينبغي له أن يشاور أصحابه فيما أشكل عليه.
- التجسس للمحتسب منهي عنه.
- أن يطوف المحتسب في الأسواق أولى من أن يدعو أهل السوق إلى بيته للتفحص عنهم.
- ويستحب للمحتسب وغيره إذا دخل السوق أن يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير([67])، ويستحب الذكر والاستغفار.
- ويستحب الرفق في الاحتساب على الذمي.
الباب الثالث والخمسون: في الاحتساب على من يُظهِر البدع في البيوت، وفي هجوم المحتسب على بيوت المفسدين بلا إذنهم:
ومما ذكره في هذا الباب:
- كتابة الرقاع في أيام النيروز، وإلزاقها بالأبواب مكروه؛ لأن فيه إهانة اسم الله تعالى، واسم نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
- لا بأس بالهجوم على المفسدين، والدخول إلى بيوتهم من غير استئذان إذا سمع فيه صوت فساد.
- وصورة الهجوم على الخصوم:
أن يكون لرجل على رجل دين فتوارى المديون في منزله، وتبيّن ذلك للقاضي، فيبعث القاضي اثنين من أمنائه، ومعهما جماعة من أعوان القاضي، ومن النساء إلى منزله بغتة، حتى يهجموا على منزله، ويقف الأعوان بالباب، وحول المنزل، وعلى السطح، حتى لا يمكنه الهرب، ثم يدخل النساء المنزل من غير استئذان وحشمة، فيأمرن حرم المطلوب، حتى يدخلن في زاوية، ثم يدخل أعوان القاضي، ويفتشون الدار غرفة غرفة، وما تحت الستور، حتى إذا وجدوه أخرجوه، وإذا لم يجدوه يأمرون النساء حتى يفتشن النساء، فربما يتوارى بين النساء.
- ومما يحتسب على الإنسان على ما يظهر من البدع في بيته ترك الجماعة.الباب الرابع والخمسون: فيما يمنع المحتسب من الطريق، وما لا يمنع:
ومما ذكره بما يتعلق من أمور يحتسب عليها في الطريق:
- يُمنع الصبيان الذين يلعبون بالجوز وغيره إن كانوا في الطريق، سواء كانوا يلعبون بالقمار، أو غيره؛ لأنهم ظلموا الناس بشغل الطريق، ولكن لا تكسر جوزتهم.
- وإن كانوا في غير الطريق فيمنعهم إن كانوا يلعبون قمارًا، وإن كانوا يلعبون بغير قمار لا يمنعهم.
- إذا رفع رجل طينًا أو ترابًا من طريق المسلمين فهو على وجهين:
- إن كان في أيام الردغ والأوحال فيجوز؛ لأنه تنقية الطريق.
- وإن لم يكن في أيام الردغ والأوحال، وكان يضر بالعامة لا يجوز؛ لأن النفع الخاص لا يتحمل مع الضرر العام.
- يمنع من إيقاف الدابة في الطريق، ورش الماء فيه.
- لو أوقف قصَّار([68]) حماره في الطريق، فعطب به إنسان، وهو لا يعلم به، يضمن القصار؛ لأنه متعدٍ، وإن تعمد المرور عليه، وقد أبصره لا يضمن؛ لأنه مختار فيه.
- المختار أنّ رش الطريق بالماء إن كان لتسكين الغبار لا بأس، وأما الزيادة عليه فلا تحل.
- فالخيار إلى المحتسب يميل إلى أي القولين أصوب عنده، في منع الناس عن إراقة الماء في الشوارع، ومنع القفاعي والسقائي ونحوهما مما لهم العادة الجارية بإراقة الماء في الشوارع.
- من أحدث تصرفًا في السكة النافذة، ويتضرر به العامة، كان لكل واحد منهم حق المنع، وإنما يتخصص أهل السكة بسكة غير نافذة.
- ويحتسب على من يمر في المقابر إلا إذا كان الطريق قديمًا فيه.
- ويحتسب على من يجلس في الطريق لبيع السلعة إذا كان فيه ضرر للناس.
- ولو نهى محتسب قطَّانًا عن وضع القطن على طريق العامة، فقيل: وسعه، ولا يعود إلى مثله، فإن رآه فأوقد النار على قطنه، وأحرقه أمرًا بالمعروف في الزجر، فيضمن إلا إذا علم فسادًا في ذلك، أو رأى المصلحة في إحراقه فلا يضمن.
- ولو أن رجلًا حفر بئرًا في سوق العامة، أو بنى فيه دكانًا، فعطب به شيء، فإن فعل ذلك بإذن الإمام لا يكون ضامنًا، وبغير إذنه يكون ضامنًا.
- لو أوقفت الدابة في السوق:
- فإن كان موضعًا معينًا لإيقاف الدابة بإذن السلطان فما عطب به لم يكن ضامنًا.
- وإن عيّنوا ذلك الموضع بغير إذن السلطان لم يكن ضامنًا.
- ولا يحتسب على إيقاف الدواب والإرقاد في السوق؛ لأن الإمام أذن به.
- لو وقع حائط في الشارع، فللمحتسب أن يأمر صاحبه بتفريغ الطريق، فإن كان يفرغ، وقد شهد عليه؛ فعطب إنسان أو تلف مال بذلك ضمن.
- وتحدث عن منع المحتسب للمار عن الجلوس في الطريق، ومما ذكره:
- إن كان الجالس للاستراحة بأن عيي لا يمنع من ذلك إذا كان لا يضر بالمارة، ولكن لو تلف به إنسان ضمن؛ لأنه مباح له بشروط السلامة، وإن قعد بغير حاجة يمنع منه.
- يُقلع كل مضر في الشارع، وإن لم يُخاصم فيه.
- الميزاب الخارج لا يُقطع، ولا يُكسر إذا أمكن قلعه، بل يقلع.
- إذا أزال المحتسب الميزاب في المطر وخرب السقف، لا يأثم المحتسب، ولا يضمن.
- للمحتسب الوقوف في الشارع لإزالة ما يشغل الشارع.
- إزالة الظلم العام إذا كان لا يمكن إلا بضرر خاص، يزال وإن كان فيه إزالة الحق.
- ومما ذكره من قواعد الاحتساب:
- الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر يستوي فيه الخامل والوجيه والخسيس والشريف.
- إذا احتسب المحتسب، ثم علم أنه أخطأ يرجع عن ذلك.
- إذا أخطأ المحتسب فلا شيء على أعوانه فيما فعلوه بأمره.
- إذا أخطأ المحتسب لا يضمن قضاءً، ولكن يعتذر عمن أضره بخطئه ديانةً.
- لا يجب على المحتسب إعادة ما أزاله إذا ظهر خطأه، وإنما يجب عليه أن يأذن صاحبه في الوضع فيه.
- إذا أمر المحتسب غيره بقلع منكر يجوز له أن يطيعه، فإذا كان أمره جائزًا وجبت طاعته.
- يجوز للخصم أن يواجه المحتسب بالكناية من الظلم جهرًا، ولا يصرح به.
- منفعة الراوي لا توجب تهمة في روايته إن كان عدلًا.
- يجوز للوالي عند طوافه في الشوارع أن ينظر يمنة ويسرة إلى البيوت، فالوالي محتاج إليه لإزالة المتعدي من الطريق، فيجوز أن ينظر إلى ما يحتاج إليه للاحتساب.
الباب الخامس والخمسون: في الاحتساب في الصلاة:
- يحتسب كل مسلم على امرأته إن تركت الصلاة، فإن كانت امرأته لا تصلي قط، ولا مهر لزوجها، فالأولى أن يطلقها.
- ويجوز للرجل ضرب المرأة على ترك الصلاة ضربًا لا يُنقص منها جمالًا.
- ويحتسب على من لم يحضر الجماعة، ويوعده على ذلك بإحراق بيت.
- ويحتسب على إمام يقوم في الطاق([69]) بحيث يغيب عن نظر المؤتمين الذين عن يمين الصف ويساره؛ لأنه يمنع عن الاقتداء به.
- ويحتسب على من يوقت شيئًا من القرآن بشيء من الصلاة.
- ويحتسب على من يصلي بغير تعديل وطمأنينة، ويقول له: صلِّ، فإنك لم تصلِّ.
- ومن ترك صلاة واحدة فإنه يصير فاسقًا، لا تقبل شهادته، ولا يصلح للقضاء، ولا الوصاية، وإمامة المسلمين، ويستحق التعزير، ويكون صاحب كبيرة، كما لو زنى أو سرق أو قتل مسلمًا بغير حق.
- وللمحتسب أن يحتسب على الناس إذا فعلوا في صلاتهم أمرًا مكروهًا.
الباب السادس والخمسون: الاحتساب في الدواب:
- لا يباح الجلوس على ظهر الدابة للقرار.
- ولا يلقي القمل حية.
- ولا يحرق القمل، وإن عضت.
- يكره ذبح الشاة الحامل إذا كانت مشرفة على الولادة.
- إذا ركب الحمار رجلان، وكان الحمار يطيقهما فلا يمنعان عن ذلك.
الباب السابع والخمسون: في الاحتساب على الطيرة والتكهن والتنجيم، ونحوها:
- حيث ذكر أنهم نهوا عن العمل بالنجوم والكهانة والقيافة، وكل ما لا يثبت بها حجة عقلية أو شرعية.الباب الثامن والخمسون: في الاحتساب على الطباخ:
حيث ذكر أن له أنواع:
- أحدها: يُمنع عن طبخ ما يكره أكله من أجزاء ما يؤكل لحمه، وما يحرم.
- والثاني: يمنع من بيع الطعام المنتن؛ لأنه خبيث؛ ولهذا يمنع من أكل لحوم الجلالة.
- والثالث: أنهم يمنعون عن البيع والشراء في حال إقامة الصلاة المكتوبة.
الباب التاسع والخمسون: في بيان كلمات الكفر والمعصية:
حيث ذكر مسائل في كلمات الكفر، واقتصر على المتفق عليه، دون المختلف فيه، وأخبر أن الأصل فيه أنه إذا وصف الله تعالى بما لا يليق به، كالظلم والنوم والضلال والنسيان والطمع وغيره، أو سخر باسم من أسمائه، أو بأمر من أوامره، أو أنكر وعده أو وعيده كفر.
وذكر أمثلة عديدة، ومنها ما هو فارسي، ومما ذكره:
- قول: أرى الله تعالى في الجنة؛ لأنه يزعم أن الله تعالى في الجنة، والحق أن يقال: يرى الله من الجنة.
- قول: لو أنصف الله يوم القيامة انتصفت منك.
- ومنها: إن لم يقر ببعض الأنبياء -عليهم السلام-.
- أو عاب نبيًا بشيء.
- أو لم يرض بسنة من سنن المرسلين.
- أو أنكر آية من القرآن.
- أو قال: إن القرآن مخلوق حقيقة.
- أو قرأ القرآن على ضرب الدف والقضيب.
- أو أكل طعامًا حرامًا، وقال عند الأكل: بسم الله؛ لاستخفافه باسم الله -عز وجل-.
- أو قال عند أخذ الخمر: بسم الله، أو قالها عند الزنا، أو عند القمار.
الباب الستون: في الاحتساب على البدع في الأنكحة:
وذكر أنها أنواع، وهي:
- إحضار المغنين، وإظهار الغناء.
- إظهار المعازف والملاهي.
- إظهار لعب اللاعبين.
- ستر حيطان البيت بالثياب الجميلة تزينًا.
- ركوب الخيل والطواف بالبلد من غير حاجة في جمع الناس.
- استعمال الدواب من غير حاجة ومنفعة.
- شغل الشوارع وتضييقها على الناس من غير حاجة.
- المراءاة بالثياب الجميلة تزيينًا.
- يكون في ركوبهم معهم المغنون والقراء وقراءتهم إن كان قرآناً، فيخاف عليه الكفر؛ لأنه إهانة به واستخفاف، وإن كان غير ذلك فهو حرام.
- يكون فيه الجلوة وإظهار النساء، وظهورهن للجماعة مكروه، فيكف في الجلوة، ولا سيما إذا كانت الجلوة بمحضر الرجال، وهذه المرأة التي يجلى بها بمحضر الرجال، لا تبقى مخدرة مستورة؛ لأن كشف الستر من المرأة الأجنبية حرام، فكيف بالبنت الكريمة يفضحها أبوها وأخوها.
- إحضار المجامر المصورة في مجلس العقد.
- إجلاس الخاطب على الحرير.
- غزل الخيط بمعاينة الخاطب، ودفعه إلى ساحر؛ ليسحر بين الزوجين بالمحبة والألفة.
- الشرب في أواني الذهب والفضة.
- إفراط العاقد في مدح أولياء الزوج والزوجة، إلى ما هو كذب صريح.
- لبس الزوج الحرير عند عقده.
الباب الحادي والستون: في الاحتساب على بدع شعر الرأس:
ومما ذكره في هذا الباب:
- إذا قال رجل لآخر: احلق رأسك، أو قلم أظفارك، فإن هذه سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال ذلك الرجل على سبيل الرد والإنكار: لا أفعل، فإنه يكفر.
- إمساك الجعد في الغلام حرام.
- يكره أن يصلي وهو عاقص شعره، وهو أن يجعل شعره على هامته، ويشده بصمغ، أو غيره، ليتلبد، وعند بعضهم: أن يلف ذوائبه حول رأسه، كما يفعله النساء في بعض الأوقات، أو أن يجمع الشعر كله من قبل القفا، ويمسكه بخيط، أو خرقة؛ كيلا يصيب الأرض إذا سجد.
- ويكره القزع، وهو أن يحلق جوانب الرأس، ويترك وسطه، أو على العكس.
- كره الغزالي الإرسال في زمانهم؛ لأنه صار شعار العلوية، فإنه إذا لم يكون علويًا كان تلبيسًا.
- سدل([70]) الشعر منسوخ بدون الفرق([71]).
- لا بأس بالقصة والقفا في الغلام.
الباب الثاني والستون: في الاحتساب على المُذكِّر وعلى سامعي التذكير:
ومما ينبغي أن لا يفعل في مجلس التذكير كثير، ومنها:
- منع الحديث في مجلس السماع.
- عدم الغفلة.
- وأما ما وقع من السهو والغفلة بغير قصد، ولا يمكن التحرز عنه، فصاحبه معذور.
- يحضر النساء مجلس الوعظ، ويحضر المذكر النساء بالموعظة.
- يحرم أن تقرأ المثناة([72]) على رؤوس الناس.
الباب الثالث والستون: في الاحتساب فيما يقام به التعزير، وتعليق الدرة على باب المحتسب، وغير ذلك مما يناسبه:
ومما ذكره في هذا الباب: أن آلات التعزير، هي:
- اليد: وفيها طريقتان:
- التعريك.
- الصفع.
- وأما الوكز فلا؛ لأنه مما يفضي إلى الهلاك.
- السوط الذي لا ثمرة([73]) له.
- العصا.
- الدرة.
- الجريد.
- النعال.
الباب الرابع والستون: في الاحتساب بالإخراج من البيت:
ومما ذكره في هذا الباب:
- يخرج المحتسب المخنثين من الرجال، والمترجلة من النساء من البيت.
- يجوز للمحتسب أن يخرج المرأة الغريبة إذا أتت للتعزية.
([1]) أخبار الأخيار في أسرار الأبرار: فارسي في التراجم، للشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي، الحنفي، المتوفى سنة: 1052هـ. ينظر: إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون، مصطفى بن عبد الله القسطنطيني الرومي الحنفي، سنة الولادة 1017/ سنة الوفاة 1067 تحقيق الناشر دار الكتب العلمية، 1413 – 1992 (3/ 39).
([7]) الأقرب أن “ما تمزق من المصاحف والكتب والأوراق التي بها آيات من القرآن يدفن بمكان طيب، بعيد عن ممر الناس وعن مرامي القاذورات، أو يحرق؛ صيانة له، ومحافظة عليه من الامتهان؛ لفعل عثمان رضي الله عنه” فتاوى اللجنة الدائمة – 1 (4/ 138-139)، وهناك طريقة ثالثة وهي: التمزيق بآلة: قال العثيمين: “إذا مزقت تبقى هذه طريقة ثالثة لكنها صعبة لأن التمزيق لا بد أن يأتي على جميع الكلمات والحروف وهذه صعبة إلا أن توجد آلة تمزق تمزيقاً دقيقاً جداً، بحيث لا تبقى صورة الحرف فتكون هذه طريقة ثالثة وهي جائزة” فتاوى نور على الدرب للعثيمين (5/ 2).
([12]) خانقاه: وَهُوَ رباطُ الصُّوفيَّةِ ومُتَعبَّدُهُم، فارِسيَّةٌ أَصْلُها خانه كاه. تاج العروس (36/ 374).
([13]) الحيدري: نسبة إلى الشيخ قطب الدين حيدر زاده، مات سنة: 618. ينظر: سلم الوصول إلى طبقات الفحول (4/ 372)، وقال ابن بطوطة: “ثم سافرنا منها إلى مدينة زاوة، وهي مدينة الشيخ الصالح قطب الدين حيدر، وإليه تنتسب طائفة الحيدرية من الفقراء، وهم الذين يجعلون حلق الحديد في أيديهم وأعناقهم وآذانهم، ويجعلونها أيضاً في ذكورهم، حتى لا يتأتى لهم النكاح!” ينظر: رحلة ابن بطوطة ط أكاديمية المملكة المغربية (3/ 56).
(([14] الجوالقي: بالضم، وكسر اللام، وقاف، نسبة إلى عمل الجوالق وبيعه. لب اللباب في تحرير الأنساب (ص: 69)، الجُوالِقُ والجُوالَق، بِكَسْرِ اللَّامِ، وَفَتْحِهَا؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وِعَاءٌ مِنَ الأَوعية مَعْرُوفٌ مُعَرَّبٌ. لسان العرب (10/ 36).
([16]) الغَيْل: بفتح فسكون: العَلَم في الثوب، وقيل: الواسع من الثياب، والجمع: أغيال. المعجم العربي لأسماء الملابس (ص: 348).
([20]) اسْمٌ لِمَا تَحْمِلُ مِنْ مَائِدَةِ صَدِيقِكَ، أَو قَرِيبِكَ، لُغَةٌ عِراقِيَّةٌ. تاج العروس (29/ 131).
([23]) هو الحجام “يُشْرَطُ موضعُ المَحَاجم مِنَ الإِنسان، ويُرْسل عَلَيْهِ العَلَقُ حَتَّى يَمُصَّ دَمَهُ. والعَلَقَةُ: دُودَةٌ فِي الْمَاءِ تمصُّ الدَّمَ، وَالْجَمْعُ عَلَق”. لسان العرب (10/ 267).
([24]) القِرْقُ، بِكَسْرِ الْقَافِ، لُعْبَةٌ يَلْعَبُ بِهَا أَهْلُ الْحِجَازِ، وَهُوَ خطٌّ مُرَبَّع، فِي وَسَطِهِ خَطٌّ مُرَبَّعٌ، فِي وَسَطِهِ خَطٌّ مُرَبَّعٌ، ثُمَّ يُخَطُّ مِنْ كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنَ الْخَطِّ الأَول إِلَى الْخَطِّ الثَّالِثِ، وَبَيْنَ كُلِّ زَاوِيَتَيْنِ خَطٌّ فَيَصِيرُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرِينَ خَطًّا، وَقَالَ أَبُو إِسْحَقَ: هُوَ شَيْءٌ يُلْعَبُ بِهِ، قَالَ: وسمِّيت الأَربعة عشر. لسان العرب (10/ 322).
([25]) اسْمٌ لِمَا بُنِيَ عَلَى أَعْذَارِ الْعِبَادِ، وَهُوَ مَا يُسْتَبَاحُ بِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ الْمُحَرَّمِ. كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (2/ 299).
([26]) اسْمٌ لِمَا هُوَ أَصْلٌ مِنْهَا غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِالْعَوَارِضِ، سُمِّيَتْ عَزِيمَةً؛ لِأَنَّهَا مِنْ حَيْثُ كَانَتْ أُصُولًا كَانَتْ فِي نِهَايَةِ التَّوْكِيدِ حَقًّا لِصَاحِبِ الشَّرْعِ، وَهُوَ نَافِذُ الْأَمْرِ وَاجِبُ الطَّاعَةِ. كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (2/ 299).
([27]) الباري والبوري والبورية والبارية والبورياء والبارياء: الحصير المعمول بالقصب، ج البواري. معجم متن اللغة (1/ 367).
([29]) مِجْمَرة [مفرد]: ج مَجَامِرُ، ومِجْمَر، ما يُوضَع فيه الجَمْر مع البخور، وعودٌ يُتبخَّر به. معجم اللغة العربية المعاصرة (1/ 391).
([35]) صحيح البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب صلاة الجماعة رقم (644) ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة رقم (651).
([36]) سنن الترمذي ت شاكر في أبواب الحج، باب ما جاء في الكلام في الطواف رقم (960) وصححه الألباني. ولفظه: “الطواف حول البيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير”.
([37]) المرسوم هو:”ما يُصدره رئيس الدولة (ملك، أمير، رئيس جمهورية) من قرارات لها قوة القانون” معجم اللغة العربية المعاصرة (2/ 891).
([40]) في (محيط المحيط): (الناووس والناؤس مقبرة النصارى معرب نأوس باليونانية جمع نواويس ومنه قول الفقهاء النواويس إذا خربت قبل الإسلام جاز أخذ ترابها للسماد).
ناووس: ضريح. وفي (محيط المحيط): (يطلق الناووس على تابوت من حجر ونحوه وتجعل فيه جثة الميت) تكملة المعاجم العربية (10/ 335).
وقال المحقق: وردت ناوس بدون الهمزة في ق. وورد بنسخة وتعريفًا للناؤس، ص:36أ، فيقول بأنه من (نؤس بالمكان مؤنسًا أقام به)، ويقصد به هنا الأرض أو الضيعة التي لا مالك لها” الكتاب، ص: 263.
([41]) (وأَرضٌ) مَواتٌ: (لَا مَالِكَ لَهَا) من الآدَمِيِّينَ، وَلَا يُنْتَفعُ بِها، وَزَاد النَّوَويّ: وَلَا ماءَ بهَا، كَمَا يُقال: أَرْضٌ مَيِّتَةٌ. تاج العروس (5/ 104).
([44]) الخيوط الطولية في الثوب تُسمَّى السَّدَى، والخيوط العرضية تُسمَّى اللُّحمة. المعجم العربي لأسماء الملابس (ص: 453-454).
([45]) لأن الثوب إنما يصير ثوباً بالنسج، والنسج إنما يتأتى باللحمة والسدى، واللحمة آخرهما فيضاف صيرورته ثوباً على اللحمة، فإذا كانت اللحمة من الحرير فكأن الكل من الحرير حكماً، وإذا كانت اللحمة غير حرير، فكأن الكل غير حرير، فقد اعتبر اللحمة في هذه المسائل. المحيط البرهاني في الفقه النعماني (5/ 341).
([52]) المُكَعَّب: المُكَعَّب بضم الميم وتشديد العين: كمُعظَّم: المَوْشِىّ من البرود والأثواب، على هيئة الكعاب؛ وهى الترابيع، وقيل: المكعَّب: المَوْشِىّ بصفة عامة دون تخصيص للأثواب أو البرود، وقال اللحيانى: برد مكعَّب: فيه وشى مُربَّع.
والمكَعَّب: الثوب المطوىّ الشديد الإدراج فيه تربيع، يُقال: كعَّبتُ الثوب تكعيبًا: ربَّعتُه. المعجم العربي لأسماء الملابس (ص: 428).
([53]) جمعها: قابِلات وقوابِلُ: داية؛ امرأة تُساعد الحامِل عند الولادة. معجم اللغة العربية المعاصرة (3/ 1770).
([56]) يقصد أن البناء نفسه مباح، ولكن الحرمة من قصدهم البناء بفعل المعصية، وهذا بخلاف من آجر نفسه ليعصر خمرًا فهذا حرام؛ لأن الفعل حرام.
([59]) وهو أن يجعل في عنق عبده طوق حديد مسمرًا بمسمار حديد يمنعه من أن يحرك رأسه، وهو معتاد بين الظالمين. شرح منلا مسكين على كنز الدقائق في فروع الحنفية للنسفي، دار الكتب العلمية، (2/210).
([61]) الْمُبْتَدِعُ فَهُوَ صَاحِبُ الْبِدْعَةِ، وَهِيَ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ: اسْمٌ مِنْ ابْتَدَعَ الْأَمْرَ إذَا ابْتَدَأَهُ وَأَحْدَثَهُ كَالرِّفْقَةِ مِنْ الِارْتِفَاقِ وَالْخِلْفَةِ مِنْ الِاخْتِلَافِ، ثُمَّ غَلَبَتْ عَلَى مَا هُوَ زِيَادَةٌ فِي الدِّينِ أَوْ نُقْصَانٌ مِنْهُ اهـ.
وَعَرَّفَهَا الشُّمُنِّيُّ: بِأَنَّهَا مَا أُحْدِثَ عَلَى خِلَافِ الْحَقِّ الْمُتَلَقَّى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ عِلْمٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ حَالٍ بِنَوْعِ شُبْهَةٍ وَاسْتِحْسَانٍ، وَجُعِلَ دِينًا قَوِيمًا وَصِرَاطًا مُسْتَقِيمًا اهـ” البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (1/ 370).
([65]) أورده العراقي في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (2/269) وعزاه لأبي الشيخ الأصبهاني، من حديث مكحول مرسلاً.
([66]) كذا بالأصل ولعلها: الحُبُّ: الخابيةُ، فارسيٌّ معربٌ، والجمع حِبابٌ وحببة. الصحاح (1/ 105) خابِيَة [مفرد]: ج خابيات وخَوَابٍ: جرَّة عظيمة، وعاءٌ يُحفظ فيه الماء. معجم اللغة العربية المعاصرة (1/ 604).
([67]) دعاء دخول السوق في سنن ابن ماجه في كتاب التجارات، باب الأسواق ودخولها (2/ 752) (2235) وحسنه الألباني. ولفظه: ” من قال حين يدخل السوق: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير كله، وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، وبنى له بيتا في الجنة”.
([68]) القَصَّارُ والمُقَصِّرُ: المُحَوِّرُ لِلثِّيَابِ لأَنه يَدُقُّها بالقَصَرَةِ الَّتِي هِيَ القِطْعَة مِنَ الْخَشَبِ، وَحِرْفَتُهُ القِصارَةُ. والمِقْصَرَة: خَشَبَةُ القَصَّار. التَّهْذِيبُ: والقَصَّارُ يَقْصُر الثوبَ قَصْراً. لسان العرب (5/ 104).
([70]) سَدَلَ الشَّعْرَ والثوبَ والسِّتْرَ يَسْدِلُه ويَسْدُلُه سَدْلًا وأَسْدَلَه: أَرْخاه وأَرْسَلَه. لسان العرب (11/ 333).
([71]) جعل بعضه إلى اليمين وبعضه إلى اليسار وبينهما خط الفرق (المفرق). معجم لغة الفقهاء (ص: 344)، وقال النووي: “والحاصل أن الصحيح المختار جواز السدل والفرق وأن الفرق أفضل والله أعلم” شرح النووي على مسلم (15/ 90).