احتساب أبي بن كعب رضي الله عنه
(… – 21 هـ = …- 642 م)
اسمه:
هو أبي بن كعب بن قيس بن عبيد، من بني النجار، من الخزرج، كنيته: أبو المنذر([1]).
وكان له أولاد، منهم: الطفيل بن أبي، ومحمد بن أبي([2]).
فضله ومكانته:
أبي بن كعب رضي الله عنه صحابي جليل من الأنصار.
شهد بدرًا وأحدًا والخندق، والمشاهد كلها، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يفتي على عهده، وشهد مع عمر بن الخطاب وقعة الجابية، وكتب كتاب الصلح لأهل بيت المقدس، وأمره عثمان بجمع القرآن، فاشترك في جمعه، ومات بالمدينة([3]).
وعن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، قال: قال أبي بن كعب: انطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضرب بيده صدري، ثم قال: “أعيذك بالله من الشك والتكذيب” قال: ففضت عرقًا، وكأني أنظر إلى ربي فرقًا([4]).
وكان أُبي رضي الله عنه مجاب الدعوة:
فعن معاذ بن محمد بن معاذ بن أبي بن كعب، عن أبيه، عن جده، عن أبي بن كعب، رضي الله عنه، أنه قال: يا رسول الله، ما جزاء الحمى؟
قال: “تجري الحسنات على صاحبها ما اختلج عليه قدم، أو ضرب عليه عرق”.
فقال أبي بن كعب: اللهم إني أسألك حمى لا تمنعني خروجًا في سبيلك، ولا خروجًا إلى بيتك، ولا مسجد نبيك، قال: فلم يُمَسَّ أُبي قط إلا وبه حمى”([5]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر رضي الله عنه: اخرجوا بنا إلى أرض قومنا، فخرجنا، فكنت أنا وأبي بن كعب في مؤخر الناس، فهاجت سحابة، فقال أبي: “اللهم اصرف عنا أذاها” فلحقناهم، وقد ابتلت رحالهم، فقالوا: ما أصابكم الذي أصابنا؟
قلت: إنه دعا الله عز وجل أن يصرف عنا أذاها.
فقال عمر: “ألا دعوتم لنا معكم؟”([6]).
فراره من القضاء:
عن الضحاك بن شرحبيل الغافقي، أن عمار بن سعد التجيبي، أخبره أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص: أن يستقضي أبي بن كعب، فأقرأه عمرو كتاب أمير المؤمنين.
فقال أبي بن كعب: “لا والله لا ينجيني الله من الجاهلية، وما كان فيها من الهلكة، ثم نعود فيها بعد إذ نجاني الله منها” فأبى أن يقبل القضاء، فتركه([7]).
علمه:
كان أبي بن كعب رضي الله عنه قبل الإسلام حبرًا من أحبار اليهود، مطلعًا على الكتب القديمة، يكتب ويقرأ -على قلة العارفين بالكتابة في عصره-؛ ولما أسلم كان من كتاب الوحي.
فكان عالمًا، قارئًا للقرآن، محدثًا، له في الصحيحين وغيرهما (164) حديثًا.
أخرج مسلم عن عبد الله بن رباح الأنصاري، عن أبي بن كعب رضي لله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟”
قال: قلت: الله ورسوله أعلم.
قال: “يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟”
قال: قلت: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255].
قال: فضرب في صدري، وقال: “والله ليهنك العلم أبا المنذر”([8]).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان بن عفان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب…”([9]).
وفي الصحيح: عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع، متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: “إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد، لكان أمثل” ثم عزم، فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: “نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون” يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله([10]).
وفي الصحيحين: عن مسروق، قال: ذُكر عبد الله عند عبد الله بن عمرو، فقال: ذاك رجل لا أزال أحبه، بعد ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “استقرئوا القرآن من أربعة، من عبد الله بن مسعود، فبدأ به، وسالم، مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل”([11]).
وفي الصحيحين أيضًا: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب: “إن الله أمرني أن أقرئك القرآن” قال: آلله سماني لك؟
قال: “نعم” قال: وقد ذكرت عند رب العالمين؟
قال: “نعم” فذرفت عيناه([12]).
وعن موسى بن علي عن أبيه: أن عمر بن الخطاب خطب الناس بالجابية، فقال:
من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني…”([13]).
سيرته الاحتسابية
كان لأبي بن كعب رضي الله عنه سيرة حافلة في الاحتساب، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، نذكر جانبًا منها:
1- إنكاره على شاب:
عن قيس بن عباد، قال: أتيت المدينة للقي أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يكن فيهم رجل ألقاه أحب إلي من أبي، فأقيمت الصلاة، وخرج عمر مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمت في الصف الأول، فجاء رجل، فنظر في وجوه القوم، فعرفهم غيري، فنحاني وقام في مكاني، فما عقلت صلاتي، فلما صلى، قال: يا بني لا يسوءك الله، فإني لم آتك الذي أتيتك بجهالة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: “كونوا في الصف الذي يليني” وإني نظرت في وجوه القوم فعرفتهم غيرك، ثم حدَّث، فما رأيت الرجال مَتَحَتْ([14]) أعناقها إلى شيء متوجهًا إليه، قال: فسمعته يقول: هلك أهل العقدة([15])، ورب الكعبة، ألا لا عليهم آسى، ولكن آسى على من يهلكون من المسلمين، وإذا هو أبي([16]).
وعند أبي نعيم: عن قيس بن عباد، قال: بينما أنا أصلي، في مسجد المدينة في الصف المقدم، إذ جاء رجل من خلفي، فجذبني جذبة، فنحاني، وقام مقامي، فلما سلم التفت إلي، فإذا هو أبي بن كعب فقال: “يا فتى، لا يسؤك الله، إن هذا عهد من النبي صلى الله عليه وسلم إلينا” ثم استقبل القبلة، فقال: “هلك أهل العقدة، ورب الكعبة، لا آسى عليهم -ثلاث مرار-، أما والله ما عليهم آسى، ولكن آسى على من أضلوا”([17]).
2- إنكاره على عمر رضي الله عن الجميع:
فعن الحسن قال: قال عمر: “لو نهينا عن هذا العصب، فإنه يصبغ بالبول”.
فقال أبي بن كعب: والله ما ذلك لك!
قال: ما؟
قال: “إنا لبسناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقرآن ينزل، وكفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
فقال عمر: صدقت”([18]).
وعن أبي بُردة، قال: جاء أبو موسى إلى عمر، فقال: أيدخل الأشعري؟ أيدخل عبد الله بن قيس؟ أيدخل أبو موسى إلى عمر؟ ثمّ انصرف، فبعث عمر على إثره، فقال أبو موسى: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “يستأذن أحدُكم ثلاثًا، فإن أذن له وإلّا فليرجع”.
قال: لئن لم تأتني على ذا ببينة لأعاقبنك، أو لأفعلن بك كذا وكذا.
فجاء بأبي بن كعب، فقال: يا عمر، أبُعثت تعذب أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك”([19]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كانت للعباس دار إلى جنب المسجد في المدينة، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: بعنيها، أو هبها لي؛ حتى أدخلها في المسجد “فأبى، فقال: اجعل بيني وبينك رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلا بينهما أبي بن كعب، فقضى للعباس على عمر، فقال عمر: ما أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أجرأ علي منك، فقال أبي بن كعب: أو أنصح لك مني، ثم قال: يا أمير المؤمنين، أما بلغك حديث داود: أن الله عز وجل أمره ببناء بيت المقدس، فأدخل فيه بيت امرأة بغير إذنها، فلما بلغ حجز الرجال منعه الله بناءه، قال داود: أي رب، إن منعتني بناءه، فاجعله في خلفي.
فقال العباس: “أليس قد قضيت لي بها وصارت لي؟” قال: بلى، قال: “فإني أشهدك أني قد جعلتها لله”([20]).
وعن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب: لو أخذنا ما في هذا البيت -يعني الكعبة- فقسمناه، فقال له أبي بن كعب: “والله ما ذلك لك”.
قال: لم؟
قال: “لأن الله قد بين موضع كل مال، وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
قال: صدقت([21]).
وقال ابن وهب: وإن أبي بن كعب استسلف من عمر بن الخطاب رضي الله عنهما عشرة آلاف درهم، فأهدى إليه هدية، فردها عليه عمر.
فقال أبي بن كعب: قد علم أهل المدينة أني من أطيبهم ثمرة، أفرأيت أن ما أهديت إليك من أجل مالك علي، اقبلها، فلا حجة لنا فيما منعك من طعامنا، فقبل عمر الهدية”([22]).
3- إنكاره على ابن مسعود:
عن زر، قال: سألت أبي بن كعب، قلت: يا أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا، فقال أبي: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي: “قيل لي فقلت” قال: فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم([23]).
وعن زر، قال: سمعت أبي بن كعب، يقول: وقيل له: إن عبد الله بن مسعود، يقول: “من قام السَّنة أصاب ليلة القدر” فقال أبي: “والله الذي لا إله إلا هو، إنها لفي رمضان، يحلف ما يستثني، ووالله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها، هي ليلة صبيحة سبع وعشرين، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء، لا شعاع لها”([24]).
4- إنكاره على تكالب الناس على الدنيا:
عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، قال: كنت واقفًا مع أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه في ظل أجم حسان، والسوق في سوق الفاكهة اليوم، فقال أبي: ألا ترى الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا؟ قال: قلت: بلى، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “يوشك أن يحسر الفرات عن جبل من ذهب، فإذا سمع به الناس ساروا إليه، فيقول من عنده: لئن تركنا الناس يأخذون منه لا يدعون منه شيئًا، فيقتتل الناس فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون”([25]).
5- إنكاره على القدرية:
عن ابن الديلمي، قال: أتيت أبي بن كعب، فقلت: له وقع في نفسي شيء من القدر، فحدثني بشيء لعل الله أن يذهبه من قلبي.
قال: “لو أن الله عذب أهل سماواته، وأهل أرضه عذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته خيرًا لهم من أعمالهم، ولو أنفقت مثل أحد ذهبًا في سبيل الله ما قبله الله منك، حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا لدخلت النار”.
قال: ثم أتيت عبد الله بن مسعود، فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيت حذيفة بن اليمان، فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيت زيد بن ثابت، فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك([26]).
6- إنكاره على من يتكلم أثناء الخطبة:
عن عطاء بن يسار، عن أبي بن كعب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ يوم الجمعة تبارك، وهو قائم، فذكرنا بأيام الله، وأبو الدرداء أو أبو ذر يغمزني، فقال: متى أنزلت هذه السورة؟ إني لم أسمعها إلا الآن، فأشار إليه، أن اسكت، فلما انصرفوا، قال: سألتك متى أنزلت هذه السورة فلم تخبرني؟
فقال أبي: ليس لك من صلاتك اليوم إلا ما لغوت.
فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، وأخبره بالذي قال أبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “صدق أبي”([27]).
وعند البزار: عن أبي هريرة، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فذكر سورة، قال: فقال أبو ذر لأبي: متى أنزلت هذه السورة؟
فأعرض عنه، فلما انصرف، قال: مالك من صلاتك إلا ما لغوت.
فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “صدق”([28]).
7- إنكاره على من تعزى([29]) بعزاء الجاهلية:
عن أبي بن كعب رضي الله عنه: أن رجلًا اعتزى بعزاء الجاهلية، فأعِضه، ولم يكنه، فنظر القوم إليه، فقال للقوم: إني قد أرى الذي في أنفسكم، إني لم أستطع إلا أن أقول هذا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا: “إذا سمعتم من يعتزي بعزاء الجاهلية، فأعِضُّوه، ولا تَكْنُوا”([30]).
وعن عتي بن ضمرة قال: رأيت عند أبي بن كعب رجلًا تعزى بعزاء الجاهلية، فعضه أُبيُّ ولم يكنه، فنظر إليه أصحابه، فقال: “كأنكم أنكرتموه؟” فقال أبي: “لا أهاب أحدًا في هذا أبدًا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا”([31]).
وعن عجرد بن مدراع التميمي، أنه نازع رجلاً عند أبي بن كعب، فقال: يا آل تميم، فقال أُبي: أعضك الله بأير أبيك، فقالوا يا أبا المنذر، ما عهدناك فحاشًا، فقال: “إن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمرنا من اعتزى بعزاء الجاهلية أن نعضه ولا نكني”([32]).
8- إنكاره على عمر أيضًا:
عن حميد بن هلال قال: قال عمر رضي الله عنه لرهط فيهم أبي بن كعب: “اتل هذه الآية قال: آية المواريث، قال: فجعل الرجل يتلوها، فإذا فرغ قال له عمر: كذبت، فيسكت، ثم يقول لآخر: اتلها، فإذا تلاها قال له: كذبت، حتى أتى على أبي بن كعب رضي الله عنه، فقال له: اتلها، فتلاها، فقال عمر رضي الله عنه: كذبت، فقال أبي رضي الله عنه: لا، بل كذبت، فبكى عمر رضي الله عنه عند ذلك، وقال: “إنما نظرت هل بقي أحد ينكر منكرًا”([33]).
9- إنكاره على من ذم الدنيا وهي مزرعة الآخرة:
عن أبي نضرة العبدي: قال رجل منا يقال له: جابر أو جويبر: طلبت حاجة إلى عمر وإلى جنبه رجل أبيض الثياب والشعر، فقال: إن الدنيا فيها بلاغنا، وزادنا إلى الآخرة، وفيها أعمالنا التي نُجزَى بها في الآخرة، فقلت: من هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: هذا سيد المسلمين أبي بن كعب”([34]).
10- مشاركته في الجهاد، وهو نوع من الحسبة:
حيث شهد أبي بن كعب رضي الله عنه بدرًا، وأحدًا، والخندق، والمشاهد كلها، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن جابر بن عبد الله، قال: رُمي أبي بن كعب يوم أحد بسهم، فأصاب أكحله، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فكُوي على أكحله”([35]).
أقواله وآراؤه ومروياته الاحتسابية
كان لأبي بن كعب رضي الله عنه كثير من الأقوال، والآراء، والمرويات الاحتسابية، نذكر طرفًا منها:
1- وعن أبي بن كعب، قال: “كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوهنا واحدة، حتى فارقنا فاختلفت وجوهنا يمينًا وشمالًا”([36]).
2- عن أبي بن كعب، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا الصبح، فقال: أشاهد فلان، قالوا: لا، قال: أشاهد فلان، قالوا: لا، قال: “إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما، ولو حبوًا على الركب، وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضيلته لابتدرتموه، وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى”([37]).
3- وعن أبي بن كعب، قال: علَّمتُ رجلًا القرآن، فأهدى إليّ قوسًا، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: “إن أخذتها أخذت قوسًا من نار” فرددتها([38]).
9- وعن الحسن البصري أن عمر رضي الله عنه بينما هو يجول في سكك المدينة إذ عرضت له هذه الآية {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} [الأحزاب: 57] {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب: 58] فانطلق من وجهه إلى أبي بن كعب، فدخل عليه بيته، وهو جالس على وسادته، فانتزعها أبي من تحته، وقال: دونكها يا أمير المؤمنين، فقال: لا، ونبذها برجله، وجلس، فقرأ عليه هذه الآية، وقال: أخشى أن أكون أنا صاحب هذه الآية؛ أوذي المؤمنين والمؤمنات.
فقال أبي: لا إن شاء الله، أرجو أن لا تكون تفعل.
ولكنك رجل مؤدب لا تستطيع إلا أن تعاهد رعيتك، فتأمر وتنهى”([39]).
10- وعن سعيد بن إبراهيم عن رجل من الأنصار عن أبي بن كعب، قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن فلانًا يدخل على امرأة أبيه، فقال أبي: لو كنت أنا لضربته بالسيف، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: “ما أغيرك يا أبي إني لأغير منك، والله أغير مني”([40]).
([1]) انظر ترجمته في: الإصابة في تمييز الصحابة (1/ 180) وتاريخ الإسلام (3/ 191) وسير أعلام النبلاء (3/ 236)
والمعرفة والتاريخ (1/ 315) والأعلام للزركلي (1/ 82) وغيرها.
([6]) الأدب المفرد بالتعليقات (ص: 124-235) “ضعيف الإسناد”. وانظر: كرامات الأولياء للالكائي، من شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (9/ 154-98)، ومجابو الدعوة لابن أبي الدنيا (ص: 38-38).
([9]) سنن الترمذي في أبواب المناقب، باب مناقب معاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبي، وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم (5/ 664-3790)، وصححه الألباني.
([11]) صحيح البخاري في باب مناقب سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه (5/ 27-3758)، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه رضي الله عنهما
([12]) صحيح البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب {كلا لئن لم ينته لنسفعن بالناصية ناصية كاذبة خاطئة} (6/ 175-4961)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل، والحذاق فيه، وإن كان القارئ أفضل من المقروء عليه (1/ 550-799).
([15]) أي الأمراء على الناس -الذين جاروا- لا سيما أهل الأمصار سموا بذلك لجريان العادة بعقد الألوية لهم عند التولية. انظر مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (3/ 861).
([23]) صحيح البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله: {الله الصمد} [الإخلاص: 2] (6/ 181-4977)، وصحيح مسلم في كتاب الصيام باب استحباب صوم ستة أيام من شوال إتباعا لرمضان (2/ 828-762).
([24]) صحيح مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان، وهو التراويح (1/ 525-762).
([27]) سنن ابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة، والسنة فيها باب ما جاء في الاستماع للخطبة والإنصات لها (1/ 352-1111)، وصححه الألباني.
([29]) التَّعَزِّي: الانْتِمَاء والانْتِسَاب إِلَى الْقَوْمِ، انظر، النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 233).