احتساب عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما
(7 ق هـ – 65 هـ = 616 – 684 م)
اسمه:
هو عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم، أبو محمد، ويقال: أبو عبد الرحمن، القرشي([1]).
فضله ومكانته:
عبد الله بن عمرو بن العاص، صحابي جليل، له مناقب جمة، منها:
كثرة عبادته:
فقد كان -رضي الله عنه- كثير العبادة، حتى قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((يا عبد الله، ألم أُخبر أنك تصوم النهار، وتقوم الليل؟)) فقال: بلى يا رسول الله، قال: ((فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقاً، وإن لزوجك عليك حقاً، وإن لزورك عليك حقاً، وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام، فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها، فإن ذلك صيام الدهر كله)) قال: فشددتُ، فشدَّد عليَّ، قلتُ: يا رسول الله إني أجدُ قوة، قال: ((فصم صيام نبي الله داود -عليه السلام-، ولا تزد عليه)) قلتُ: وما كان صيام نبي الله داود -عليه السلام-؟ قال: ((نصف الدهر)) فكان عبد الله يقول بعد ما كبر: يا ليتني قبلتُ رخصة النبي -صلى الله عليه وسلم-([2]).
علمه الغزير:
عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- كان من علماء الصحابة، والمكثرين في الرواية.
فقد روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- سبعمائة حديث، اتفقا على سبعة عشر، وانفرد البخاري بثمانية، ومسلم بعشرين([3]).
وكان يكتب في الجاهلية، ويحسن السريانية، فاستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أن يكتب ما يسمع منه، فأذن له.
كما جاء عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو، قال: كنتُ أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أريد حفظه، فنهتني قريش، وقالوا: أتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكتُ عن الكتاب، فذكرتُ ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأومأ بأصبعه إلى فيه، فقال: ((اكتب، فو الذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق))([4]).
وفي البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: ((ما من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أحد أكثر حديثاً عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب))([5]).
ومما يدل على غزارة علمه قوله: “عقلتُ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألف مثل”([6]).
وكان له صحيفة يقال لها: الصادقة:
فقد جاء عن صفوان بن سليم عن عبد الله بن عمرو قال: استأذنتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاب ما سمعت منه، فأذن لي فكتبته، فكان عبد الله يسمي صحيفته تلك الصادقة.
وعن مجاهد قال: رأيتُ عند عبد الله بن عمرو صحيفة، فسألته عنها، فقال: هذه الصادقة، فيها ما سمعتُ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس بيني وبينه أحد([7]).
وعن شريك بن خليفة، قال: رأيتُ عبد الله بن عمرو يقرأ بالسريانية([8]).
سيرته الاحتسابية
سيرة عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- الاحتسابية، مليئة بالمواقف، نذكر طرفاً منها:
1- إنكاره على تناجي الاثنين دون الثالث:
عن عبد الله بن دينار قال: خرجتُ مع عبد الله بن عمرو إلى السوق، فرأى رجلاً له إليه حاجة، فناجاه، ثم قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يتناجى اثنان دون الواحد))([9]).
2- إنكاره على مروان:
عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، قال: كنا عند عبد الله بن عمرو، فجاء رجلان فقالا: أتيناك من عند مروان، فسمعناه يقول: إن أول الآيات خروجاً خروج الدجال، فقال عبد الله بن عمرو: كذب مروان، لقد سمعتُ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثاً ما نسيته، سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها، أو خروج الدابة على الناس ضحى، فأيتها كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريباً)) قال عبد الله بن عمرو: وأنا أظن أولها طلوع الشمس من مغربها([10]).
3- إنكاره على قاصٍ يفتي:
عن عطاء بن يسار قال: كنتُ جالساً عند عبد الله بن عمرو، فسأله رجل عن رجل طلق امرأته بكراً ثلاثاً؟ قال عطاء: فقلتُ: ثلاث البكر واحدة، وقال عبد الله بن عمرو: ما يدريك؟! إنما أنت قاصٍ، ولست بمفتٍ، الواحدة تبتها، والثلاث تحرمها، حتى تنكح زوجاً غيره([11]).
4- إنكاره على يُنسب إلى غير أبيه:
عن مجاهد، قال: أراد فلان أن يُدعى جنادة بن أبي أمية، فقال عبد الله بن عمرو: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من ادعى إلى غير أبيه لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من قدر سبعين عاماً، أو مسيرة سبعين عاماً)) قال: ((ومن كذب علي متعمداً، فليتبوأ مقعده من النار))([12]).
5- إنكاره على لبس المعصفر:
عن جبير بن نفير الحضرمي، قال: إني لجالس مع عبد الله بن عمرو بن العاص، ببيت المقدس، أو في المسجد، إذ طلع رجل عليه معصفرة ثيابه، فقال عبد الله بن عمرو: أحرمتُ في مثل هذا الثوب، فرآه علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, فنهاني عن لبسه، ثم رجعتُ إلى البيت، فصنعتُ به صنيعاً, ولوددتُ أني صنعتُ غيره, قال: قلتُ: ما الذي صنعت؟ قال: أوقدتُ له تنوراً، ثم طرحته فيه([13]).
6- مشاركته في الحسبة العملية:
عن عبد الله بن الديلمي، قال: دخلتُ على عبد الله بن عمرو، وهو في حائط له بالطائف، يقال له: الوهط، وهو مخاصر فتى من قريش، يزن([14]) بشرب الخمر، فقلتُ: بلغني عنك حديث: أنه من شرب شربة خمر لم يقبل الله له توبة أربعين صباحاً، وأن الشقي من شقي في بطن أمه، وأنه من أتى بيت المقدس لا ينهزه إلا الصلاة فيه، خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه، فلما سمع الفتى ذكر الخمر، اجتذب يده من يده، ثم انطلق، ثم قال عبد الله بن عمرو: إني لا أحل لأحد أن يقول علي ما لم أقل، سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من شرب من الخمر شربة لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد -قال: فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة- كان حقاً على الله أن يسقيه من ردغة الخبال يوم القيامة))…([15]).
7- إنكاره الخمر:
عن زيد، عن خيثمة، أنه سمعه يقول: كنتُ قاعداً عند عبد الله بن عمرو، فذكر الكبائر حتى ذكر الخمر، فكأن رجلاً تهاون بها، فقال عبد الله بن عمرو: ولا شربها رجل مصبحاً، إلا ظل مشركاً([16]) حتى يمسي([17]).
وفي السنة للخلال: عن خيثمة، قال: كنتُ إلى جنب عبد الله بن عمرو، وليس بيني وبينه رجل، فقال: بيني وبينه رجل، فذكروا الخمر، فكأن رجل تهاون بها، وقال: ليست من الكبائر، فقال عبد الله: “والله، لا يشرب الخمر رجلاً مصبحاً، إلا ظل مشركاً حتى يمسي”([18]).
وفيها: عن المسيب بن رافع الكاهلي، عن عبد الله بن عمرو، قال: “معاقر الخمر كعابد اللات والعزى”([19]).
8- إنكاره تأخير قوت العبيد:
عن خيثمة، قال: كنا جلوساً مع عبد الله بن عمرو، إذ جاءه قهرمان له، فدخل، فقال: أعطيت الرقيق قوتهم؟ قال: لا، قال: فانطلق، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كفى إثماً أن تحبس على من تملك قوته))([20]).
9- إنكاره على من قتل عماراً:
عن حنظلة بن خويلد العنبري، قال: بينما أنا عند معاوية، إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمار، يقول: كل واحد منهما أنا قتلته، فقال عبد الله بن عمرو: ليطب به أحدكما نفساً لصاحبه، فإني سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((تقتله الفئة الباغية)) قال معاوية: فما بالك معنا؟ قال: إن أبي شكاني إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أطع أباك، ما دام حياً، ولا تعصه)) فأنا معكم، ولست أقاتل([21]).
10- إنكاره على من ينسب إليه ما لم يقله:
عن يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود، قال: سمعتُ رجلاً قال لعبد الله بن عمرو: إنك تقول: إن الساعة تقوم إلى كذا وكذا، فقال: لقد هممتُ أن لا أحدثكم بشيء، إنما قلتُ: إنكم ترون بعد قليل أمراً عظيماً، فكان حريق البيت -قال شعبة: هذا أو نحوه- قال عبد الله بن عمرو: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يخرج الدجال في أمتي)) وفيه: ((فلا يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته))([22]).
أقواله وآراؤه الاحتسابية
كان لعبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- كثير من الأقوال والآراء والاجتهادات الاحتسابية، منها:
1- قوله: “لا تسلموا على شربة الخمر”([23]).
2- وعن الحسن، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاقتلوه)) قال وكيع، في حديثه: قال عبد الله: ائتوني برجل قد شرب الخمر في الرابعة، فلكم عليَّ أن أقتله([24]).
3- وقال عبد الله بن عمرو: لا تضرب خادمك، واضرب امرأتك([25]).
4- وعن عبد الله بن بريدة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: فشت أمور قبيحة في الكوفة، فاجتمع قراء الكوفة، فخرجوا إلى عمر، فقال عمر: ما الذي صنعت حتى سار إلي قراء الكوفة؟ فقال عبد الله بن عمرو: فشت فيهم أمور قبيحة، فقال: نشدتك الله يا عبد الله بن عمرو، أتطيع الله فيما أمرت من أمر سمعك؟ قال: لا، قال: ففي أمر بصرك؟ قال: لا، قال: فكيف أقيم أمر أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- على ما لا تستقيم لي عليه أنت في أمر سمعك وبصرك؟! إنما لنا من الناس ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا، لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم، وأموالهم، إلا بحقها، وحسابهم على الله))([26]).
5- وعن عبد الرحمن بن سابط قال: قال عبد الله بن عمرو: يا أهل مكة، انظروا ما تعملون فيها؛ فإنها ستخبر عنكم يوم القيامة بما تعملون فيها([27]).
6- وعن ابن المبارك قال: قال عبد الله بن عمرو بن العاص: لو أن رجلين من أوائل هذه الأمة خليا بمصحفهما في بعض هذه الأودية لأبيا الناس اليوم, ولا يعرفان شيئاً مما كانا عليه([28]).
7- وعن عمرو بن شعيب عن أبيه قال: قال عبد الله بن عمرو بن العاص: يوشك أن تظهر شياطين يجالسونكم في مجالسكم, ويفقهونكم في دينكم, ويحدثونكم, وإنهم لشياطين([29]).
8- وعن سليمان الأحول أن ثابتاً مولى عمر بن عبد الرحمن، أخبره، أنه لما كان بين عبد الله بن عمرو، وبين عنبسة بن أبي سفيان ما كان، تيسروا للقتال، فركب خالد بن العاص إلى عبد الله بن عمرو، فوعظه خالد، فقال عبد الله بن عمرو: أما علمتَ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من قتل دون ماله فهو شهيد))([30]).
9- وعن معاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن عمرو , أنهما سمعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا قدست أمة لا يقضى فيها بالحق، فيأخذ ضعيفها حقه من قويها، غير متعتع))([31]).
10- وعن مسلم بن خالد، عن ابن خثيم، عن عبيد الله بن سعد أنه دخل مع عبد الله بن عمرو بن العاص المسجد الحرام والكعبة محرقة، حين أدبر جيش الحصين بن نمير، والكعبة تتناثر حجارتها، فوقف ومعه ناس غير قليل فبكى، حتى إني لأنظر إلى دموعه تنحدر كحلاً في عينيه من إثمد، كأنه رؤوس الذباب على وجنتيه، فقال: يا أيها الناس، والله لو أن أبا هريرة أخبركم أنكم قاتلو ابن نبيكم بعد نبيكم، ومحرقو بيت ربكم لقلتم ما من أحد أكذب من أبي هريرة، أنحن نقتل ابن نبينا، ونحرق بيت ربنا؟ فقد والله فعلتم، لقد قتلتم ابن نبيكم، وحرقتم بيت الله، فانتظروا النقمة، فو الذي نفس عبد الله بن عمرو بيده، ليلبسنكم الله شيعاً، وليذيقن بعضكم بأس بعض، يقولها ثلاثاً، ثم رفع صوته في المسجد، فما في المسجد أحد إلا وهو يفهم ما يقول، فإن لم يكن يفهم فإنه يسمع رجع صوته، فقال: “أين الآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر؟ فو الذي نفس عبد الله بن عمرو بيده، لو قد ألبسكم الله شيعاً، وأذاق بعضكم بأس بعض، لبطن الأرض خير لمن عليها، لم يأمر بالمعروف، ولم ينه عن المنكر([32]).
مروياته الاحتسابية
ومن مرويات عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-:
1- ما جاء عن أبي الزبير، قال: سمعتُ عبد الله بن عمرو يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا رأيت أمتي تهاب الظالم أن تقول: إنك ظالم، فقد تودع منهم))([33]).
2- وعن أبي يحيى، عن عبد الله بن عمرو، قال: رجعنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة، حتى إذا كنا بماء بالطريق، تعجل قوم عند العصر، فتوضئوا وهم عجال، فانتهينا إليهم، وأعقابهم تلوح، لم يمسها الماء، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ويل للأعقاب من النار أسبغوا الوضوء))([34]).
3- وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أصحابه، وهم يختصمون في القدر، فكأنما يفقأ في وجهه، حب الرمان من الغضب، فقال: ((بهذا أمرتم، أو لهذا خلقتم، تضربون القرآن بعضه ببعض، بهذا هلكت الأمم قبلكم)) قال: فقال: عبد الله بن عمرو، ما غبطت نفسي بمجلس تخلفت فيه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ما غبطت نفسي بذلك المجلس، وتخلفي عنه([35]).
4- وعن أبي عمرانَ الجونيِّ قالَ: كتبَ إليَّ عبدُ اللهِ بنُ رباحٍ الأنصاريُّ قالَ: سمعتُ عبدَ اللهِ بنَ عَمرو يقولُ: هجَّرتُ إلى رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فسمعَ أَصواتَ رَجلَينِ اختَلَفا في آيةٍ، فخرجَ إِلينا يُعرفُ في وجهِهِ الغضبُ، فقالَ: ((أَلا إنَّما أُهلِكَ مَن كانَ قبلَكم باختلافِهم في الكتابِ))([36]).
5- وعن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو، أن رجلاً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله، أقرئني القرآن، قال: ((اقرأ ثلاثاً من ذوات الر)) قال الرجل: كبر سني، وثقل لساني، وغلظ قلبي، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اقرأ ثلاثا من ذوات حم)) فقال الرجل مثل ذلك: ولكن أقرئني يا رسول الله سورة جامعة، فأقرأه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ} [الزلزلة (1)] حتى بلغ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة (7-8)] قال الرجل: والذي بعثك بالحق، ما أبالي أن لا أزيد عليها، حتى ألقى الله، ولكن أخبرني بما علي من العمل أعمل ما أطقت العمل، قال: ((الصلوات الخمس، وصيام رمضان، وحج البيت، وأد زكاة مالك، ومر بالمعروف، وانه عن المنكر))([37]).
6- وعن عكرمة، قال: حدثني عبد الله بن عمرو، قال: بينا نحن حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذ ذكر الفتنة، أو ذكرت عنده، فقال: ((إذا رأيت الناس مرجت عهودهم، وخفت أماناتهم، فكانوا هكذا)) وشبك بين أصابعه، قال: فقمتُ إليه، فقلتُ: كيف أصنع عند ذلك جعلني الله فداءك؟! قال: ((الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر الخاصة، ودع أمر العامة))([38]).
7- وعن طاوس، عن عبد الله بن عمرو، قال: رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- علي ثوبين معصفرين، فقال: ((أأمك أمرتك بهذا؟)) قلتُ: أغسلهما، قال: ((بل أحرقهما))([39]).
8- وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، ومرداس، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يصلي ركعتي الفجر، وقد أقيمت الصلاة، صلاة الفجر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((الصبح أربعاً؟))([40]).
فهذا جانب يسير، من سيرة هذا الصحابي الجليل الاحتسابية، إضافة إلى مشاركته في الجهاد والغزوات، وكان يضرب بسيفين، وحمل راية أبيه يوم اليرموك.
وفاته:
تُوفي بالشام سنة خمس وستين، هو ابن اثنتين وسبعين سنة، وقال بعضهم: مات بمكة، وقال آخرون بالطائف، وأما أهل مصر فيقولون: بمصر([41]).
([1]) انظر ترجمته في: معرفة الصحابة لأبي نعيم (3/ 1720) والاستيعاب في معرفة الأصحاب (3/ 956) والطبقات الكبرى (7/ 343) وتاريخ دمشق لابن عساكر (31/ 238) وتاريخ الإسلام (5/ 161) الأعلام للزركلي (4/ 111) وغيرها.
([2]) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب حق الجسم في الصوم (3/ 39-1975) ومسلم في في الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به (2/ 817-1159) واللفظ للبخاري.
([3]) خلاصة تذهيب تهذيب الكمال (ص: 208).
([4]) أخرجه أبو داود في كتاب العلم، باب في كتاب العلم (3/ 318-3646) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ص: 2-3646).
([5]) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب كتابة العلم (1/ 34-113).
([6]) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (5/ 169).
([7]) الطبقات الكبرى (7/ 343).
([8]) الطبقات الكبرى (7/ 343).
([9]) مساوئ الأخلاق للخرائطي (ص: 240-506).
([10]) مسند أبي داود الطيالسي (4/ 7-2362) وهو في مسلم مختصراً (4/ 2260-118).
([11]) مصنف ابن أبي شيبة (4/66-17854) ومسند الشافعي (3/99-1249) ومعرفة السنن والآثار (11/ 65).
([12]) أخرجه أحمد (11/ 162-6592) وقال محققو المسند: “إسناده صحيح على شرط الشيخين”.
([13]) السنن الكبرى للبيهقي (5/ 96-9119).
(([15] أخرجه أحمد (11/ 219-6644) وقال محققو المسند: “إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن الديلمي -وهو عبد الله بن فيروز-، فقد روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة”.
([16]) قلت: إن صحت هذه الرواية: فتحمل على من استحل شرب الخمر، أو أن المعنى: أن الإيمان يفارقه حال شربه وسكره، كما في الحديث الصحيح: “ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن”.
([17]) مصنف ابن أبي شيبة (5/ 99-24087).
(([18] السنة لأبي بكر بن الخلال (4/ 99-1258).
([19]) السنة لأبي بكر بن الخلال (4/ 102-1264).
([20]) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (5/ 23).
([21]) أخرجه أحمد (11/ 96-6538) وقال محققو المسند: “إسناده حسن”.
([22]) أخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب في خروج الدجال ومكثه في الأرض، ونزول عيسى وقتله إياه… (4/ 2260-2940).
([24]) مسند أحمد (11/ 397-6791) وقال محققو المسند: “صحيح بشواهده” وأخرجه الطبراني بلفظ مقارب في المعجم الكبير (ص: 345-14161).
([25]) شرح السنة للبغوي (9/ 350).
([26]) المعجم الأوسط (7/ 99-6970).
([27]) أخبار مكة للفاكهي (2/ 252-1499).
([28]) البدع لابن وضاح (2/ 131-184).
([29]) البدع لابن وضاح (2/ 157-229).
([30]) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق، كان القاصد مهدر الدم في حقه، وإن قتل كان في النار، وأن من قتل دون ماله فهو شهيد (1/ 124-141).
([31]) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (6/ 128).
([32]) أخبار مكة للأزرقي (1/ 196).
([33]) المعجم الكبير للطبراني جـ 13، 14 (ص: 482-14351).
([34]) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب غسل الرجلين بكمالهما (1/ 214-241).
([35]) أخرجه ابن ماجه في افتتاح الكتاب في الإيمان وفضائل الصحابة والعلم، باب في القدر (1/ 33-85) وقال الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (1/ 157): “حسن صحيح”.
([36]) المخلصيات (1/ 352-221).
([37]) صحيح ابن حبان (3/ 50-773).
([38]) أخرجه أبو داود في كتاب الملاحم باب الأمر والنهي (4/ 124-4343) والمعجم الكبير للطبراني (ص: 8-14588) وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود (ص: 2): “حسن صحيح”.
([39]) أخرجه مسلم في كتاب اللباس والزينة، باب النهي عن لبس الرجل الثوب المعصفر (3/ 1647-2077).
([40]) مسند البزار = البحر الزخار (6/ 351-2360) وهو في البخاري ومسلم عن عبد الله بن مالك بن بحينة.