احتساب عثمان بن عفان رضي الله عنه
(47 ق هـ – 35 هـ = 577 – 656 م)
اسمه ونشــأته:
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية، من قريش، ولد بمكة، وأسلم بعد البعثة بقليل، وكان غنياً شريفاً في الجاهلية، ونشأ على الأخلاق الفاضلة الكريمة، والسيرة الحسنة الحميدة، وكان حيياً، شديد الحياء، عفيف النفس، واللسان، أديب الطبع، هادئاً يتجنب إيذاء الناس، ويميل إلى الهدوء، ويكره الفوضى، والشجار، والصخب، صارت إليه الخلافة بعد وفاة عمر بن الخطاب سنة (23هـ) فافتتحت في أيامه أرمينية، والقوقاز، وخراسان، وكرمان، وسجستان، وإفريقية، وقبس([1]).
فضله ومكانته:
هو أمير المؤمنين، ذو النورين، ثالث الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشّرين، من كبار الرجال الذين اعتز بهم الإسلام في عهد ظهوره، ومن أعظم أعماله في الإسلام، تجهيزه نصف جيش العسرة بماله، فبذل ثلاث مائة بعير بأقتابها، وأحلاسها، وتبرع بألف دينار، وأتمّ جمع القرآن، وهو أول من زاد في المسجد الحرام، ومسجد الرسول، وأمر بالأذان الأول يوم الجمعة، واتخذ الشرطة، وأمر بكل أرض جلا أهلها عنها أن يستعمرها العرب المسلمون، وتكون لهم، واتخذ داراً للقضاء بين الناس، وكان قبله أبو بكر وعمر يجلسان للقضاء في المسجد، وروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (146) حديثاً.
حوصر أربعين يوماً، وتسوّر عليه بعض أهل الفتنة الخارجين عن الإمام الجدار، فقتلوه صبيحة عيد الأضحى، وهو يقرأ القرآن في بيته، بالمدينة، ولقّب بذي النورين؛ لأنه تزوج بنتي النبي -صلى الله عليه وسلم- رقية، ثم أم كلثوم([2]).
وفضائله كثيرة، منها:
بَشَّرَهُ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة:
فأخرج البخاري عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الرحمن، أن عثمان -رضي الله عنه- حين حوصر أشرف عليهم، وقال: أنشدكم الله، ولا أنشد إلا أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ألستم تعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حفر رومة فله الجنة؟)) فحفرتها، ألستم تعلمون أنه قال: ((من جهز جيش العسرة فله الجنة؟)) فجهزتهم، قال: فصدقوه بما قال([3]).
وعند البخاري أيضاً عن أبي موسى -رضي الله عنه-، قال: كنتُ مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في حائط من حيطان المدينة، فجاء رجل، فاستفتح، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((افتح له وبشره بالجنة)) ففتحتُ له، فإذا أبو بكر، فبشرته بما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، فحمد الله، ثم جاء رجل، فاستفتح، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((افتح له وبشره بالجنة)) ففتحتُ له، فإذا هو عمر، فأخبرته بما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، فحمد الله، ثم استفتح رجل، فقال لي: ((افتح له وبشره بالجنة، على بلوى تصيبه)) فإذا عثمان، فأخبرته بما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحمد الله، ثم قال: الله المستعان([4]).
حياء النبي -صلى الله عليه وسلم- والملائكة منه:
ففي البخاري عن أبي موسى -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان قاعداً في مكان فيه ماء، قد انكشف عن ركبتيه أو ركبته، فلما دخل عثمان غطاها([5]).
وفي صحيح مسلم عن عطاء، وسليمان، ابني يسار، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، أن عائشة، قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مضطجعاً في بيتي، كاشفاً عن فخذيه، أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر، فأذن له، وهو على تلك الحال، فتحدث، ثم استأذن عمر، فأذن له، وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وسوى ثيابه -قال محمد: ولا أقول ذلك في يوم واحد- فدخل، فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له، ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له، ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست، وسويت ثيابك! فقال: ((ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة؟!))([6]).
له أجر من شهد بدراً، وهو لم يحضرها:
ففي البخاري عن عثمان هو ابن موهب، قال: جاء رجل من أهل مصر حج البيت، فرأى قوماً جلوساً، فقال: من هؤلاء القوم؟ فقالوا: هؤلاء قريش، قال: فمن الشيخ فيهم؟ قالوا: عبد الله بن عمر، قال: يا ابن عمر، إني سائلك عن شيء فحدثني، هل تعلم أن عثمان فر يوم أحد؟ قال: نعم، قال: تعلم أنه تغيب عن بدر ولم يشهد؟ قال: نعم، قال: تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها؟ قال: نعم، قال: الله أكبر.
قال: ابن عمر: تعال أبين لك، أما فراره يوم أحد، فأشهد أن الله عفا عنه، وغفر له، وأما تغيبه عن بدر، فإنه كانت تحته بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكانت مريضة، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن لك أجر رجل ممن شهد بدراً وسهمه)) وأما تغيبه عن بيعة الرضوان، فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه، فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عثمان، وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده اليمنى: ((هذه يد عثمان)) فضرب بها على يده، فقال: ((هذه لعثمان)) فقال له ابن عمر: اذهب بها الآن معك([7]).
أنه هاجر الهجرتين:
ففي البخاري عن عروة بن الزبير، أن عبيد الله بن عدي بن الخيار، أخبره: دخلتُ على عثمان، وقال: بشر بن شعيب، حدثني أبي، عن الزهري، حدثني عروة بن الزبير، أن عبيد الله بن عدي بن خيار، أخبره قال: دخلتُ على عثمان، فتشهد، ثم قال: “أما بعد: فإنَّ الله بعث محمداً -صلى الله عليه وسلم- بالحق، وكنتُ ممن استجاب لله ولرسوله، وآمن بما بعث به محمد -صلى الله عليه وسلم-، ثم هاجرت هجرتين، ونلت صهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبايعته، فو الله ما عصيته، ولا غششته، حتى توفاه الله”([8]).
ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم:
عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: جاء عثمان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بألف دينار، قال الحسن بن واقع: وكان في موضع آخر من كتابي، في كمه -حين جهز جيش العسرة فنثرها في حجره، قال عبد الرحمن: فرأيتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- يقلبها في حجره، ويقول: ((ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين))([9]).
وعن أبي هريرة، قال: اشترى عثمان بن عفان من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجنة مرتين، بيع الخلق: حين حفر بئر رومة، وحين جهز جيش العسرة([10]).
علمه:
كان عثمان -رضي الله عنه- على قلة مروياته عن رسول -صلى الله عليه وسلم- من أعلم الصحابة، ومن مجتهديهم، فقد كانت له اجتهادات شرعية عديدة، تدل على رسوخ قدمه في الشريعة، كجمعه للمصحف، وزيادة الأذان يوم الجمعة، واختياراته في الفرائض، وغير ذلك.
قال ابن شهاب: لو هلك عثمان بن عفان وزيد بن ثابت في بعض الزمان لهلك علم الفرائض إلى يوم القيامة؛ ولقد جاء على الناس زمان، وما يعلمها غيرهما([11]).
وعن يوسف بن الماجشون، قال: سمعتُ أم سهل، تقول: “لو هلك عثمان بن عفان، وزيد بن ثابت في بعض الزمان؛ لهلك علم الناس إلى يوم القيامة؛ لقد جاء على الناس زمان وما يعلمهم غيرهما”([12]).
عبادته:
كان عثمان -رضي الله عنه- من أعبد الصحابة، وأكثرهم اجتهاداً في الطاعات، وهو ممن يُحكى عنه أنه جمع القرآن في ركعة.
فعن عطاء بن أبي رباحٍ أَنَّ عثمان بن عفان صلى بالناس، ثم قام خلف المقام، فجمع كتاب الله في ركعة كانت مرة، فسُمِّيت: البتيراء([13]).
وعن القاسم أبي عبد الرحمن، قال: كان عثمان بن عفان يفتتح ليلة الجمعة بالبقرة إلى المائدة، وبالأنعام إلى هود، ويوسف إلى مريم، وبطه إلى طسم فرعون، وبالعنكبوت إلى ص، وتنزيل إلى الرحمن، ثم يختتم، فيفتتح ليلة الجمعة، ويختم ليلة الخميس([14]).
وعن الزبير بن عبد الله قال: حدثتني جدتي، أن عثمان بن عفان كان لا يوقظ أحداً من أهله من الليل، إلا أن يجده يقظان، فيدعوه، فيناوله وضوءه، وكان يصوم الدهر([15]).
وعن حمران قال: كان عثمان بن عفان يغتسل كل يوم مرة منذ أسلم([16]).
وعن الزبير بن عبد الله، عن جدة له يقال لها: زهيمة، قالت: “كان عثمان يصوم الدهر، ويقوم الليل إلا هجعة من أوله”([17]).
وعن محمد بن سيرين، قال: قالت امرأة عثمان بن عفان حين أطافوا به، يريدون قتله: إن تقتلوه، أو تتركوه، فإنه كان يحيي الليل كله في ركعة، يجمع فيها القرآن([18]).
حياؤه:
جاء في الحديث المرفوع: ((أرحم أمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان…))([19]).
وعن الحسن، قال، وذكر عثمان وشدة حيائه، فقال: إن كان ليكون في البيت، والباب عليه مغلق، فما يضع عنه الثوب ليفيض عليه الماء، يمنعه الحياء أن يقيم صلبه([20]).
وعن سفيان الثوري، عن الصلت بن دينار، عن عقبة بن صهبان، قال: سمعتُ عثمان بن عفان، يقول: ما أخذته بيميني منذ أسلمت، يعني ذكره([21]).
والمقصود: أن فضائل عثمان كثيرة ومن أراد الاستزادة منها فليراجع كتاب (فضائل عثمان بن عفان لعبد الله بن أحمد).
جاء فيها: عن محمد بن سيرين، قال: كانوا لا يفقدون الخيل البلق في المغازي حتى قتل عثمان -رضي الله عنه-، فلما قُتل فُقدت، فلم يُر منها شيئاً، قال: فكانوا يرونها الملائكة، قال: وكانوا لا يختلفون في الأهلة، حتى قُتل عثمان، فلما قُتل عثمان لُبِّست عليهم، قال: وكانت الصدقة تدفع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن أمر به، وإلى أبي بكر الصديق، ومن أمر به، وإلى عمر بن الخطاب، ومن أمر به، فلما قُتل عثمان اختلفوا، فرأى قوم يقسمونها برأيهم، ورأى قوم يدفعونها إلى السلطان([22]).
قلتُ: ويكفيه فضلاً ومكانةً أن ثالث الخلفاء الراشدين المهديين، الذين ورثوا هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وآثاره الدينية والدنيوية، فقد جاء في البخاري عن أنس -رضي الله عنه-، قال: “كان خاتم النبي -صلى الله عليه وسلم- في يده، وفي يد أبي بكر بعده، وفي يد عمر بعد أبي بكر -أي وفي يد عثمان- فلما كان عثمان، جلس على بئر أريس، قال: فأخرج الخاتم، فجعل يعبث به، فسقط، قال: فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان، فنزح البئر فلم يجده([23]).
سيرته الاحتسابية
لقد كان عثمان -رضي الله عنه- أماماً في الحسبة، ورأساً في الاحتساب، حيث كثُرت مواقفه، التي تدل على مكانته في هذه الشعيرة، ومنها:
1- إنكاره على مَن يخيط في المسجد:
فعن محمد بن يحيى، قال: حدثني من نثق به، أنَّ عثمان بن عفان -رضي الله عنه- دخل المسجد، وفيه خياط يخيط، فقال: “اتخذتَ مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صنعة؟ أتحترف فيه بصنعتك؟! فحصبه، وحصب أصحابه، فأخرجهم”([24]).
2- إنكاره على من يصلي وهو معقوص الشعر:
عن أبان بن عثمان، قال: رأى عثمان رجلاً يصلي، وقد عقد شعره، فقال: “يا ابن أخي، مثل الذي يصلي وقد عقص شعره، مثل الذي يصلي وهو مكتوف”([25]).
3- إنكاره على رجل أراد ترك الصلاة مع الناس:
عن عبيد الله بن عدي بن خيار، أنه دخل على عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وهو محصور، فقال: إنك إمام عامة، ونزل بك ما نرى، ويصلي لنا إمام فتنة، ونتحرج؟ فقال: الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس، فأحسن معهم، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم([26]).
وفي رواية: فقال: يا أمير المؤمنين، أنا أتحرج أن أصلي مع هؤلاء، وأنت الإمام، قال عثمان: إن الصلاة أحسن ما عمل الناس، فإذا رأيت الناس يحسنون فأحسن معهم، وإذا رأيتهم يسيئون فاجتنب إساءتهم([27]).
4- إنكاره على رجل كسر أنف آخر:
عن مالك قال: بلغني، أن رجلاً أتى عثمان بن عفان برجل كسر أنفه، فقال له: مر بين يدي في الصلاة، وأنا أصلي، وقد بلغني ما سمعته في المار بين يدي المصلي، فقال له عثمان: فما صنعت شر يا ابن أخي، ضيعت الصلاة، وكسرت أنفه([28]).
5- إنكاره على التماثيل:
عن أبي عثمان قال: حدثتني لبابة، عن أمها، وكانت تخدم عثمان بن عفان، أن عثمان بن عفان، كان يصلي إلى تابوت فيه تماثيل, فأمر به فحك([29]).
6- إنكاره على من أحرم من خرسان:
عن يونس، عن الحسن، أن ابن عامر أحرم من خراسان، فعاب ذلك عليه عثمان بن عفان وغيره، وكرهه([30]).
وعن محمد بن إسحاق , قال: ثم خرج عبد الله بن عامر من نيسابور معتمراً، قد أحرم منها، وخلف على خراسان الأحنف بن قيس، فلما قضى عمرته أتى عثمان بن عفان -رضي الله عنه-؛ وذلك في السنة التي قتل فيها عثمان -رضي الله عنه-، فقال له عثمان -رضي الله عنه-: لقد غُرِرت بعمرتك حين أحرمت من نيسابور([31]).
7- إنكاره على السجود لغير الله:
عن ابن سيرين أنه ذكر عنده عثمان بن عفان, قال رجل: إنهم يسبونه, قال: ويحهم، يسبون رجلاً دخل على النجاشي في نفر من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-، فكلهم أعطاه الفتنة غيره, قالوا: وما الفتنة التي أعطوها؟ قال: كان لا يدخل عليه أحد إلا أومأ إليه برأسه, فأبى عثمان، فقال: ما منعك أن تسجد، كما سجد أصحابك؟ فقال: ما كنتُ لأسجد لأحد دون الله([32]).
8- إنكاره على رفع القبور:
عن الزهري، أن عثمان أمر بتسوية القبور، قال: ولكن يرفع من الأرض شيئاً، فقال: فمروا بقبر أم عمر، وبنت عثمان، قال: فأمر به فسوي([33]).
وعن عبد الله بن شرحبيل، أن عثمان، خرج فأمر بتسوية القبور، فسويت إلا قبر أم عمرو، وأبيه عثمان، فقال: ما هذا القبر؟ فقالوا: قبر أم عمرو، فأمر به فسوي([34]).
9- إنكاره على من أرادوا قتله يوم الدار:
عن أبي حصين, عن أبي عبد الرحمن: أن عثمان أشرف على الناس يوم الدار، فقال: أما علمتم أنه لا يجب القتل إلا على أربعة: رجل كفر بعد إسلامه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفساً بغير نفس، أو عمل عمل قوم لوط([35]).
وفي البخاري عن أبي عبد الرحمن، أن عثمان -رضي الله عنه- حين حوصر أشرف عليهم، وقال: أنشدكم الله، ولا أنشد إلا أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ألستم تعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حفر رومة فله الجنة؟)) فحفرتها، ألستم تعلمون أنه قال: ((من جهز جيش العسرة فله الجنة؟)) فجهزتهم، قال: فصدقوه بما قال([36]).
10- إنكاره على الاختلاف في القرآن:
عن عمرو بن الحارث أن بكيراً، حدث: أنَّ ناساً كانوا بالعراق، يسأل أحدهم عن الآية، فإذا قرأها، قال: فإني أكفر بهذه، ففشا ذلك في الناس، واختلفوا في القراءة، فكلم عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في ذلك، فأمر بجمع المصاحف، فأحرقها، وكتب مصاحف، ثم بثها في الأجناد([37]).
وأصل القصة في البخاري([38]).
11- إنكاره على مَن أراد القتال يوم الدار:
عن أبي هريرة، قال: كنتُ محصوراً مع عثمان بن عفان في الدار، فرمي رجل منا فقتل، فقلتُ لعثمان: يا أمير المؤمنين أما طاب الضراب؟ قتلوا رجلاً منا! فقال: عزمتُ عليك يا أبا هريرة إلا طرحت سيفك، فإنما تراد نفسي، وسأقي المؤمنين اليوم بنفسي، قال أبو هريرة: فرميتُ بسيف، فما أدري أين هو حتى الساعة!(([39]).
12- إنكاره على الإساءة للحيوان:
عن حبيب بن أبي مرزوق، قال: دخل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- على غلام له يعلف ناقة، فرأى في علفها ما كره، فأخذ بأذن غلامه فعركها، ثم ندم فقال لغلامه: اقتص، فأبى الغلام، فلم يدعه حتى أخذ بأذنه، فجعل يعركها، فقال له عثمان: شد، حتى ظن أنه قد بلغ منه مثل ما بلغ منه، ثم قال عثمان -رضي الله عنه-: واهاً لقصاص قبل قصاص الآخرة([40]).
13- إنكاره على الوليد شرب الخمر:
ففي صحيح البخاري ومسلم عن حضين بن المنذر أبو ساسان، قال: شهدتُ عثمان بن عفان، وأتي بالوليد، قد صلى الصبح ركعتين، ثم قال: أزيدكم، فشهد عليه رجلان، أحدهما حمران أنه شرب الخمر، وشهد آخر أنه رآه يتقيأ، فقال عثمان: إنه لم يتقيأ حتى شربها، فقال: يا علي، قم فاجلده، فقال علي: قم يا حسن فاجلده، فقال الحسن: ولِ حارها من تولى قارها، فكأنه وجد عليه، فقال: يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده، فجلده، وعلي يعد، حتى بلغ أربعين، فقال: أمسك، ثم قال: جلد النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكل سنة، وهذا أحب إليَّ([41]).
14- تطبيقه للحدود، وهي من أنواع الحسبة العظيمة:
ومن ذلك:
أ- عن جابر، قال: سمعتُ سالم بن عبد الله، وأبان بن حسن يذكرون، أن عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، أتي برجل قد فجر بغلام من قريش معروف النسب، فقال عثمان: ويحكم أين الشهود أحصن؟ قالوا: قد تزوج بامرأة، ولم يدخل بها بعد، فقال علي لعثمان -رضي الله عنهما-: لو دخل بها لحل عليه الرجم، فأما إذ لم يدخل بأهله، فاجلده الحد، فقال أبو أيوب: أشهد إني سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول الذي ذكر أبو الحسن، فأمر به عثمان -رضي الله عنه- فجلد مائة([42]).
ب- عن ابن يسار مولى لعثمان، قال: جلد عثمان امرأة في زنا، ثم أرسل بها مولى له يقال له: المهري إلى خيبر، فنفاها إليها([43]).
ج- وعن معاوية بن قرة: أن رجلاً قال لرجل: يا ابن شامة الوذر، فاستعدى عليه عثمان بن عفان، فقال: إنما عنيت كذا وكذا، فأمر به عثمان فجلد الحد([44]).
د- وعن ابن وهب قال: أخبرني محمد بن عمرو , عن ابن جريج , عن سليمان بن موسى أنه بلغه أن عثمان بن عفان دعا إنساناً كفر بعد إسلامه، فدعاه إلى الإسلام ثلاثاً, فأبى, فقتله([45]).
ه- وعن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود, أن عبد الله بن مسعود أخذ بالكوفة رجالاً، ينعشون حديث مسيلمة الكذاب، يدعون إليه, فكتب فيهم إلى عثمان بن عفان, فكتب عثمان: أن أعرض عليهم دين الحق، وشهادة ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله, فمن قبلها، وتبرأ من مسيلمة، فلا تقتله, ومن لزم دين مسيلمة فاقتله, فقبلها رجال منهم فتركوا, ولزم دين مسيلمة رجال فقتلوا([46]).
15- إنكاره على المقداد:
عن همام بن الحارث: أن رجلاً جعل يمدح عثمان، فعمد المقداد، فجثا على ركبتيه، قال: وكان رجلاً ضخماً، قال: فجعل يحثو في وجهه الحصى، فقال له عثمان: ما شأنك؟ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا رأيتم المداحين، فاحثوا في وجوههم التراب))([47]).
16- إنكاره على رجل من الخارجين:
عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، قال: إن صعصعة بن صوحان، قام ذات يوم فتكلم، فأكثر، فقال عثمان بن عفان: “يا أيها الناس، إن هذا البجباج النفاج ما يدري من الله؟ ولا أين الله؟” فقال صعصعة: أما قولك: لا يدري من الله؟ فإن الله ربنا ورب آبائنا الأولين، وأما قولك: لا يدري أين الله؟ فإن الله بالمرصاد، ثم قال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج (39)] فقال عثمان: ويحك: والله ما نزلت هذه الآية إلا في وفي أصحابنا أخرجنا من مكة بغير حق([48]).
في رواية: عن محمد بن سيرين قال: أشرف عليهم عثمان من القصر, فقال: ائتوني برجل أتاليه كتاب الله, فأتوه بصعصعة بن صوحان, وكان شاباً, فقال: “أما وجدتم أحدا تأتوني به غير هذا الشاب” قال: فتكلم صعصعة بكلام, فقال له عثمان: “اتل” فقال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج (39)] فقال: كذبت, ليست لك، ولا لأصحابك, ولكنها لي ولأصحابي, ثم تلا عثمان: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج (39)] حتى بلغ: {وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج (41)]([49]).
وعن قرة بن خالد، قال: سمعتُ الحسن، يقول: شهدتُ عثمان يخطب على المنبر يوم الجمعة، فقام رجل تلقاء وجهه، فقال: أسأل كتاب الله، فقال عثمان -رضي الله عنه-: أما لكتاب الله طالب غيرك؟ اجلس، قال: يقول الحسن: كذبت يا عدو نفسه لو كنت تطلب كتاب الله لم تطلبه والإمام يخطب يوم الجمعة، قال: ثم قام، فقال: أطلب كتاب الله، فقال: أما لكتاب الله طالب غيرك؟ اجلس، فجلس، قال: ثم قام الثالثة، فقال: أسأل كتاب الله، فقال عثمان -رضي الله عنه-: أما لهذا أحد يجلسه؟ قال: فتحاصبوا، حتى ما أرى أديم السماء، قال: فكأني أنظر إلى ورقات مصحف رفعته امرأة من أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهي تقول: إن الله برأ نبيه من الذين تفرقوا وكانوا شيعاً، قال: وذلك حين خالطت الناس، وغفلت الأحاديث، قال: فأخبرني بعض أصحابنا أنها أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-([50]).
17- إنكاره على من أنكر عليه توسعة المسجد:
ففي البخاري ومسلم عن عبيد الله الخولاني، أنه سمع عثمان بن عفان، يقول عند قول الناس فيه حين بنى مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم-: إنكم أكثرتم، وإني سمعتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من بنى مسجداً -قال بكير: حسبت أنه قال: يبتغي به وجه الله- بنى الله له مثله في الجنة))([51]).
قوله: “حين بنى مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم-” أي: حين زاد فيه، وإلا فإنه كان مبنياً، أو بناه بالحجارة وغيرها، وقوله: “أكثرتم” الكلام في الإنكار على ما فعلته.
18- إنكاره على امرأة:
عن عبد الواحد بن صفوان، قال: سمعتُ أبي يحدث، عن أمه، أنها قالت: كنتُ أمغث لعثمان الزبيب غدوة، فيشربه عشية، وأمغثه عشية، فيشربه غدوة، فقال لها عثمان: لعلك تجعلين فيه زهواً! قالت: ربما فعلتُ، قال: فلا تفعلي([52]).
19- إنكاره على الاحتكار:
عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، مولى الأنصار عن عثمان بن عفان: أنه نهى عن الحكرة([53]).
وفي رواية: عن أبي سعيد مولى أبي أسيد، أن عثمان -رضي الله عنه- نهى عن الحكرة، قال: فلم يزل الرجل يستشفع حتى بدل مولاه، فدخل الزبير -رضي الله عنه- السوق، فإذا هو بموال لبني أمية يحتكرون، فأقبل عليهم ضرباً، فبينما هو كذلك إذا هو بعثمان -رضي الله عنه- مقبل على بغلة له، فمشى إليه، فأخذ بلجام البغلة، فهزها هزاً شديداً -قال وأراه قال: إنك وإنك- فقال: “إنك ضال مضل” غير أنه قد اشتد عليه في القول، ثم تركه، فلما نزل ألقيت له وسادة، فجلس عليها، وجاءه الزبير، فسلم عليه، وقال: “والله يا أمير المؤمنين إني لأعلم أن لك حقاً، ولكني رجل إذا رأيت المنكر لم أصبر” فقال له عثمان -رضي الله عنه-: “اجلس ها هنا” فأجلسه على الوسادة إلى جنبه([54]).
20- إنكاره لبس المعصفر في الإحرام:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه-, قال: خرج عثمان -رضي الله عنه- حاجاً، وابتنى محمد بن عبد الله بن جعفر بامرأته, فبات عندها، ثم غدا إلى مكة، فأتى الناس، وهم بملل، قبل أن يروحوا، قال: فرآه عثمان -رضي الله عنه- وعليه ردع الطيب, وملحفة معصفرة، مفدمة، فانتهره، وأفف، وقال: تلبس المعصفر، وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنه؟ قال: فقال له علي -رضي الله عنه-: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم ينهك، ولا إياه، إنما عناني أنا، فسكت عثمان -رضي الله عنه-([55]).
21- إنكاره على من يفتأت عليه في تطبيق الحدود:
عن نافع، عن ابن عمر، أن حفصة بنت عمر -رضي الله عنهما- سحرتها جارية لها، فأقرت بالسحر، وأخرجته، فقتلتها, فبلغ ذلك عثمان -رضي الله عنه- فغضب, فأتاه ابن عمر -رضي الله عنه-، فقال: جاريتها سحرتها, أقرت بالسحر، وأخرجته، قال: فكف عثمان -رضي الله عنه-، قال: وكأنه إنما كان غضبه لقتلها إياها بغير أمره، قال الشافعي -رحمه الله-: وأمر عمر -رضي الله عنه أن تقتل السحار, والله أعلم، إن كان السحر شركاً, وكذلك أمر حفصة -رضي الله عنها-([56]).
أقواله وآراؤه واجتهاداته الاحتسابية
كان عثمان -رحمه الله- من الخلفاء المحتسبين، المجتهدين في أمور الحسبة وتشريعاتها، والذين قاموا بهذه الشعيرة العظيمة حق القيام، حيث كانت له الكثير من الأقوال، والآراء، والاجتهادات، التي تخص الحسبة، ومن ذلك:
1- كتب عثمان إلى أهل الأمصار: “أن ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، ولا يذل المؤمن نفسه، فإني مع الضعيف على القوي، ما دام مظلوماً -إن شاء الله-“([57]).
2- وعن عبد الله بن عبيد بن عمير، أن عثمان أتي بغلام قد سرق، فقال: “انظروا إلى مؤتزره” فنظروا، فلم يجدوه أنبت، فلم يقطع([58]).
3- وعن عبيد الله بن عدي بن الخيار، قال: قلت لعثمان: ما تقول في الصلاة خلف هؤلاء الذين أحدثوا في الإسلام ما أحدثوا، وحالوا بيننا وبين الصلاة؟ وعثمان -رضي الله عنه- يومئذٍ محصور، فقال عثمان -رضي الله عنه-: “فصل معهم، فإنك لم تخالفهم في الصلاة”([59]).
4- وعن عبيد الله بن أبي المغيرة قال: رموا دار عثمان -رضي الله عنه- بالنبل, فقتلوا رجلاً من المسلمين, فقال عثمان: يا أبا هريرة، دله إليهم، حتى يعلموا أن قد قتلوا نفساً مؤمنة، فسبوا أبا هريرة -رضي الله عنه-، فنزل, فقال: يا أمير المؤمنين، طاب الضراب، فأذن لنا؟ قال: يا أبا هريرة إنما نفسي تراد، فعلام تقتل الناس؟ أحتسب بنفسي على الناس([60]).
5- وعن سليمان بن موسى، أن عثمان بن عفان، دعي إلى قوم كانوا على أمر قبيح، فخرج إليهم، فوجدهم قد تفرقوا، ورأى أثراً قبيحاً، فحمد الله إذ لم يصادفهم، وأعتق رقبة([61]).
6- وعن هشام قال: حدثني أبي، عن عبد الله بن الزبير قال: قلتُ لعثمان يوم الدار: قاتلهم، فو الله لقد أحل لك قتالهم، فقال له: والله لا أقاتلهم أبداً، قال: فدخلوا عليه، فقتلوه، وهو صائم، ثم قال: وقد كان عثمان أمر عبد الله بن الزبير على الدار، فقال عثمان: من كانت لي عليه طاعة فليطع عبد الله بن الزبير([62]).
7- وعن نافع، عن ابن عمر، قال: كانوا يتسارقون السياط في طريق مكة، فقال عثمان: لئن عدتم لأقطعن فيه([63]).
8- وعن وهب بن عقبة -ولد في زمن عثمان- أن امرأة شهدت على رضاع، فقالت: أرضعت رجلاً وامرأته. فقال عثمان بن عفان: تحلف عند الكعبة، فلما حملت على ذلك رجعت([64]).
9- عن عبد الرحمن بن الحارث، قال: سمعتُ عثمان بن عفان خطيباً, يقول: “اجتنبوا أم الخبائث, فإنه كان رجل ممن قبلكم يتعبد, ويعتزل الناس, فعلقته امرأة, فأرسلت إليه خادماً, فقالت: إنا ندعوك لشهادة, فدخل فطفقت كلما يدخل بابا, أغلقته دونه حتى أفضى إلى امرأة وضيئة جالسة وعندها غلام، وباطية فيها خمر, فقالت: إنا لم ندعك لشهادة, ولكن دعوتك لتقتل هذا الغلام, أو تقع علي, أو تشرب كأساً من هذا الخمر, فإن أبيت صحت بك وفضحتك, قال: فلما رأى أنه لا بد من ذلك, قال اسقيني كأساً من هذا الخمر, فسقته كأساً من الخمر، فقال: زيديني, فلم يزل حتى وقع عليها, وقتل النفس, فاجتنبوا الخمر, فإنه والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر في صدر رجل أبداً, ليوشكن أحدهما يخرج صاحبه”([65]).
10- وعن حسن بن مسلم، عن بعض أصحابه، عن عثمان بن عفان، أنه كان يقول: سووا صفوفكم، وحاذوا المناكب، وأعينوا إماءكم، وكفوا أنفسكم، فإن المؤمن يكف نفسه، ويعين إماءه، وإن المنافق لا يعين إماءه، ولا يكف نفسه، ولا تكلفوا الغلام غير الصانع الخراج، فإنه إذا لم يجد خراجه سرق، ولا تكلفوا الأمة غير الصانع خراجاً، فإنها إذا لم تجد شيئاً التمسته بفرجها([66]).
وعن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع عثمان بن عفان وهو يخطب، وهو يقول: لا تكلفوا الأمة غير ذات الصنعة الكسب، فإنكم متى كلفتموها ذلك كسبت بفرجها، ولا تكلفوا الصغير الكسب، فإنه إذا لم يجد سرق، وعفوا إذ أعفكم الله، وعليكم من المطاعم بما طاب منها([67]).
11- وعن زبيد بن الصلت أنه سمع عثمان بن عفان -رضي الله عنه- على المنبر، يقول: يا أيها الناس, إياكم والميسر -قال زبيد: النرد- وأنه قد ذكر لي أنها في بيوت ناس منكم, فمن كانت في بيته، فليحرقها، أو فليكسرها، قال: ثم قال عثمان مرة أخرى، وهو على المنبر: يا أيها الناس, إني قد كلمتكم في هذه النرد، ولم أركم أخرجتموها، ولقد هممت أن آمر بحزم الحطب، ثم أرسل إلى أناس في بيوتهم فأحرقها عليهم([68]).
12- وعن ابن القاسم قال: حدثنا مالك: أن عثمان بن عفان كان يقول: “ما يزع الإمام أكثر مما يزع القرآن” أي من الناس، قال: قلت لمالك: ما يزع؟ قال: يكف([69]).
مروياته الاحتسابية
كان لعثمان -رضي الله عنه- مرويات احتسابية، منها:
1- عن الحسن بن أبي الحسن، عن عثمان بن عفان، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً وراء حمامة، فقال: ((شيطان، يتبع شيطانة))([70]).
2- وعن سعيد بن المسيب، قال: سمعت عثمان يخطب على المنبر، وهو يقول: كنت أبتاع التمر من بطن من اليهود، يقال لهم: بنو قينقاع، فأبيعه بربح، فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((يا عثمان، إذا اشتريت فاكتل، وإذا بعت فكل))([71]).
وفاته:
عن أبي معشر، قال: وقتل عثمان يوم الجمعة، لثمان عشرة من ذي الحجة، سنة خمس وثلاثين، وكانت خلافته اثنتي عشرة إلا اثني عشر يوماً([72]).
وعن قتادة، أن عثمان -رضي الله عنه-، قتل وهو ابن تسعين سنة، أو ثمان وثمانين([73]).
وعن مسلم أبي سعيد مولى عثمان بن عفان، أن عثمان بن عفان أعتق عشرين مملوكاً، ودعا سراويل فشدها عليه، ولم يلبسها في جاهلية ولا إسلام، قال: إني رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البارحة في النوم، ورأيتُ أبا بكر وعمر، وإنهم قالوا لي: “اصبر، فإنك تفطر عندنا القابلة” ثم دعا بمصحف، فنشره بين يديه، فقتل، وهو بين يديه([74]).
وعن نائلة بنت الفرافصة امرأة عثمان بن عفان، قالت: نعس أمير المؤمنين عثمان، فأغفى، فاستيقظ، فقال: ليقتلنني القوم، قلتُ: كلا، لم تبلغ ذلك، إن رعيتك استعتبوك، قال: إني رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في منامي وأبا بكر وعمر فقالوا: “تفطر عندنا الليلة”([75]).
وعن إبراهيم بن عبد الله بن فروخ، عن أبيه قال: شهدتُ عثمان بن عفان دفن في ثيابه بدمائه، ولم يغسل -رضي الله عنه-([76]).
وعن أبي زرعة بن عمرو، مولى لآل حباب، عن أبيه، عن عمرو، قال: دفن عثمان بن عفان بعد عشاء الآخرة بالبقيع، قال: وكنتُ رابع أربعة فيمن حمله([77]).
([1]) انظر ترجمته في: المعارف (1/191) والمنتظم في تاريخ الملوك والأمم (4/334) والكامل في التاريخ (2/549) والبداية والنهاية (7/ 222) وتاريخ الخلفاء (ص: 117) والأعلام للزركلي (4/ 210) وغيرها.
([3]) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب إذا وقف أرضاً أو بئراً، واشترط لنفسه مثل دلاء المسلمين (4/13-2778).
([4]) أخرجه البخاري في كتاب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، باب مناقب عمر بن الخطاب أبي حفص القرشي العدوي -رضي الله عنه- (5/13-3693)
([6]) أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة -رضي الله تعالى عنهم-، باب من فضائل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- (4/ 1866-2401).
([8]) أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار، باب مقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه المدينة (5/ 66-3927).
([9]) أخرجه الترمذي، ت: شاكر في أبواب المناقب (5/ 626-3701) وأحمد، في المسند، ط: الرسالة (34/ 231-20630) وفي فضائل الصحابة، له (1/ 513-839) وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (8/201-3701).
([26]) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إمامة المفتون والمبتدع (1/ 141-695) وهو في فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل (1/ 526-872).
([36]) أخرجه البخاري في في كتاب الوصايا، باب إذا وقف أرضاً أو بئراً، واشترط لنفسه مثل دلاء المسلمين (4/13-2778).
([41]) أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار باب هجرة الحبشة (5/ 49-3872) ومسلم -واللفظ له- في كتاب الحدود، باب حد الخمر (3/ 1331-1707).
([51]) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب من بنى مسجداً (1/ 97-450) ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل بناء المساجد، والحث عليها، وفي الزهد والرقائق، باب فضل بناء المساجد رقم (533).
([57]) الفتنة ووقعة الجمل (ص: 77) وتاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (4/ 397) وتاريخ دمشق لابن عساكر (39/ 303).
([65]) روي مرفوعاً وموقوفاً والصواب وقفه: في صحيح ابن حبان (12/ 168-5348) وشعب الإيمان (7/ 406-5197) ومصنف عبد الرزاق الصنعاني (9/ 236-17060) والتفسير من سنن سعيد بن منصور (4/ 1611-3).