احتساب أبي هريرة رضي الله عنه
(21 ق هـ – 59 هـ = 602 – 679 م)
اسمه ونشأته:
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، المكنى بأبي هريرة، صحابي جليل، كان أكثر الصحابة حفظاً للحديث، ورواية له، نشأ يتيماً ضعيفاً في الجاهلية، وقدم المدينة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخيبر، فأسلم سنة 7 هـ، ولزم صحبة النبي، فروى عنه (5374) حديثاً، نقلها عن أبي هريرة أكثر من 800 رجل بين صحابي وتابعي، وولي إمرة المدينة مدة، ولما صارت الخلافة إلى عمر استعمله على البحرين، ثم رآه ليَّن العريكة، مشغولاً بالعبادة، فعزله، وأراده بعد زمن على العمل، فأبى، وكان أكثر مقامه في المدينة، وتُوفي فيها([1]).
فضله ومكانته:
أبو هريرة من علماء الصحابة، وحفاظهم، ومحدثيهم، وله فضائل جمة، منها:
دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- له ولأمه، فقد جاء في صحيح مسلم:
عن أبي كثير يزيد بن عبد الرحمن، قال: حدثني أبو هريرة -رضي الله عنه-، قال: كنتُ أدعو أمي إلى الإسلام، وهي مشركة، فدعوتها يوماً، فأسمعتني في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أكره، فأتيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنا أبكي، قلتُ: يا رسول الله إني كنتُ أدعو أمي إلى الإسلام، فتأبى عليَّ، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادعُ الله أن يهدي أم أبي هريرة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اللهم اهدِ أم أبي هريرة)) فخرجتُ مستبشراً بدعوة نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما جئتُ فصرتُ إلى الباب، فإذا هو مجاف، فسمعتُ أمي خشف قدمي، فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعتُ خضخضة الماء، قال: فاغتسلت ولبست درعها، وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب، ثم قالت: يا أبا هريرة، أشهدُ أن لا إله إلا الله، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله، قال: فرجعتُ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأتيته وأنا أبكي من الفرح، قال: قلتُ: يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك، وهدى أم أبي هريرة، فحمد الله، وأثنى عليه، وقال خيراً، قال: قلتُ: يا رسول الله ادعُ الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحببهم إلينا، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اللهم حبب عبيدك هذا -يعني أبا هريرة- وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهم المؤمنين)) فما خلق مؤمن يسمع بي، ولا يراني، إلا أحبني([2]).
قال ابن كثير معلقاً على هذا الحديث: وهذا الحديث من دلائل النبوة، فإنَّ أبا هريرة محببٌ إلى جميع الناس، وقد شهر الله ذكره بما قدره أن يكون من روايته من إيراد هذا الخبر عنه على رؤوس الناس في الجوامع المتعددة في سائر الأقاليم في الإنصات يوم الجمعة بين يدي الخطبة، والإمام على المنبر، وهذا من تقدير الله العزيز العليم، ومحبة الناس له -رضي الله عنه-([3]).
ومن فضائله: حفظه للعلم:
ففي صحيح البخاري عن ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قلتُ: يا رسول الله، إني سمعتُ منك حديثاً كثيراً، فأنساه، قال: ((ابسط رداءك)) فبسطتُ، فغرف بيده فيه، ثم قال: ((ضمه)) فضممته، فما نسيت حديثاً بعد([4]).
قلتُ: ومما يدل على حفظه وإتقانه:
أنَّ مروان دعا أبا هريرة، وأقعده خلف السرير، وجعل مروان يسأل، وجعل كاتبه يكتب عنه، حتى إذا كان عند رأس الحول، دعا به وأقعده من وراء الحجاب، فجعل يسأله عن ذلك الكتاب، فما زاد ولا نقص، ولا قدم ولا أخر([5]).
وقال الربيع: قال الشافعي: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره([6]).
وكان أبو هريرة يقول: ما من أحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر حديثاً عنه عني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب، ولا أكتب([7]).
وقال الواقدي: حدثني عبد الله بن نافع عن أبيه قال: كنتُ مع ابن عمر في جنازة أبي هريرة وهو يمشي أمامها، ويكثر الترحم عليه، ويقول: كان ممن يحفظ حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المسلمين([8]).
ومن فضائله: كثرة عبادته:
فعن عكرمة أن أبا هريرة كان يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة، ويقول: أسبحُ بقدر ذنبي([9]).
وعن أبي عثمان النهدي قال: تضيفت أبا هريرة سبعاً، فكان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل أثلاثاً، يصلي هذا، ثم يوقظ هذا هذا ويصلي، فقلتُ: يا أبا هريرة كيف تصوم؟ قال: أصوم من أول الشهر ثلاثاً([10]).
وعن أبي عثمان النهدي قال: كان أبو هريرة يقوم ثلث الليل، وامرأته ثلثه، وابنته ثلثه، يقوم هذا ثم يوقظ هذا، ثم يوقظ هذا هذا.
وقال أبو هريرة: إني أجزئ الليل ثلاثة أجزاء، فجزءاً لقراءة القرآن، وجزءاً أنام فيه، وجزءاً أتذكرُ فيه حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وكان لأبي هريرة مسجد في مخدعه، ومسجد في بيته، ومسجد في حجرته، ومسجد على باب داره، إذا خرج صلى فيها جميعها، وإذا دخل صلى فيها جميعاً.
وروى غير واحد عن أبي هريرة أنه كان يتعوذ في سجوده أن يزني أو يسرق، أو يكفر، أو يعمل كبيرة، فقيل له: أتخاف ذلك؟ فقال: ما يؤمنني وإبليس حي، ومصرف القلوب يصرفها كيف يشاء؟([11]).
ومن فضائله وكراماته:
ما جاء عن أبي الطيب الطبري، قال: كنَّا في حلقة النضر بجامع المنصور، فجاء شاب خراساني، فسأل عن مسألة المصراة، فطالب بالدليل، فاحتج المستدل بحديث أبي هريرة الوارد فيها، فقال الشاب: أبو هريرة غير مقبول الحديث، فما استتم كلامه حتى سقطت عليه حية عظيمة، من سقف الجامع، فوثب الناس من أجلها، وهرب الشاب، وهي تتبعه، فقيل له: تب تب، فغابت الحية، فلم يرَ لها أثر([12]).
وذكر أبو هريرة -رضي الله عنه- حديث: ((بينما رجل يتبختر في بردين خسف الله به الأرض)) فقال فتى: يا أبا هريرة أهكذا كان يمشي ذاك الفتى الذي خسف به، ثم ضرب بيده، فعثر عثرة كاد ينكسر منها، فقال أبو هريرة -رضي الله عنه-: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر (95)]([13]).
ومن فضائله: برِّه بأمه:
فعن أبي حازم، أنَّ أبا مرة، مولى أم هانئ ابنة أبي طالب أخبره، أنه ركب مع أبي هريرة إلى أرضه بالعقيق، فإذا دخل أرضه صاح بأعلى صوته: عليك السلام ورحمة الله وبركاته، يا أمتاه، فتقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، يقول: رحمك الله ربيتني صغيراً، فتقول: يا بني، وأنت فجزاك الله خيراً، ورضي عنك، كما بررتني كبيراً([14]).
ومن فضائله: رواية الصحابة عنه:
فعن أشعث بن سليم عن أبيه قال: سمعتُ أبا أيوب يحدث عن أبي هريرة، فقيل له: أنت صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتحدث عن أبي هريرة؟!
فقال: إنَّ أبا هريرة قد سمع ما لم نسمع، وإني أن أحدث عنه أحبُّ إليّ من أن أحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يعني ما لم أسمعه منه([15]).
وقال عنه ابن كثير: وقد كان أبو هريرة من الصدق والحفظ والديانة والعبادة والزهادة والعمل الصالح على جانب عظيم([16]).
وقال عنه أيضاً: وله فضائل ومناقب كثيرة، وكلام حسن، ومواعظ جمة، أسلم كما قدمنا عام خيبر، فلزم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم يفارقه إلا حين بعثه مع العلاء بن الحضرمي إلى البحرين، ووصاه به، فجعله العلاء مؤذناً بين يديه، وقال له أبو هريرة: لا تسبقني بآمين أيها الأمير، وقد استعمله عمر بن الخطاب عليها في أيام إمارته، وقاسمه مع جملة العمال([17]).
سيرته الاحتسابية
أمَّا سيرته الاحتسابية، فحدث ولا حرج، فلقد كانت سيرة حافلة بالاحتساب، وبالأمر والنهي، إلى درجةٍ يصعب حصرها، أو الوقوف على جميع مواقفها، ولعلنا نذكر منها نزراً يسيراً، لعلها تحفز الساكن، وتنبه الغافل، ومن ذلك:
1- إنكاره على من لم يُحسن الوضوء:
فعن محمد بن زياد أنَّ أبا هريرة -رضي الله عنه- رأى رجلاً مبقع([18]) الرجلين، فقال: أحسنوا الوضوء، فإني سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ويلٌ للأعقاب من النار))([19]).
2- إنكاره على بعض مظاهر عقوق الأب:
عن هشام بن عروة عن رجلٍ: أنَّ أبا هريرة -رضي الله عنه- رأى رجلاً يمشي بين يدي رجل، فقال: ما هذا منك؟! قال: أبي، قال: فلا تمشِ بين يديه، ولا تجلس حتى يجلس، ولا تدعه باسمه، ولا تستسب له([20]).
وعن ليث بن أبي سليم، أنَّ أبا هريرة -رضي الله عنه- رأى رجلاً معه أبوه، فسأل الفتى: من هذا؟ فقال: هذا أبي، قال: فلا تمشِ بين يديه، ولا تجلس قبله، ولا تدعه باسمه، فإنه من العقوق([21]).
3- إنكاره على من يسيء إلى غلامه:
فعن أبي المهزّم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه رأى رجلاً على دابته، وغلاماً يسعى خلفه، فقال: يا عبد الله، احمله، فإنما هو أخوك، روحه مثل روحك، فحمله([22]).
4- إنكاره على من رآه يشير بإصبعيه في الدعاء:
عن ابن سيرين، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه رأى رجلاً يدعو بإصبعيه كليهما، فنهاه، وقال: بإصبع واحد، باليمنى([23]).
5- إنكاره على من خرج من المسجد بعد الأذان:
فعن أشعث بن أبي الشعثاء المحاربي عن أبيه، قال: سمعتُ أبا هريرة -رضي الله عنه- ورأى رجلاً يجتاز المسجد خارجاً بعد الأذان، فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-([24]).
6- إنكاره على مروان:
عن سليمان بن يسار، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال لمروان: أحللتَ بيع الربا، فقال مروان: ما فعلتُ؟ فقال أبو هريرة: أحللتَ بيع الصكاك([25])، وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الطعام حتى يُستوفى، قال: فخطب مروان الناس، فنهى عن بيعها، قال سليمان: فنظرتُ إلى حرس يأخذونها من أيدي الناس([26]).
7- إنكاره على ابن عباس:
عن أبي سلمة عن أبي هريرة -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الوضوء مما مست النار، ولو من ثور أقط)) قال: فقال له ابن عباس: يا أبا هريرة أنتوضأ من الدهن؟! أنتوضأ من الحميم؟! قال: فقال أبو هريرة: يا ابن أخي إذا سمعتَ حديثاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا تضرب له مثلاً([27]).
8- إنكاره على بيع حاضرٍ لبادٍ:
عن مسلم بن أبي مسلم، قال: رأيتُ أبا هريرة، ونحن غلمان نجيء الأعراب، نقول: يا أعرابي نحن نبيع لك، قال: دعوه، فليبع سلعته، فقال أبو هريرة: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يبيع حاضر لبادٍ([28]).
9- إنكاره على رجل مسبل الإزار:
عن أبي سلمة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه مر به رجل من قريش، يجر سبله، قال: فقال أبو هريرة: يا ابن أخي، إني سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)) فقال الفتى: قد سمعنا ما تقول، ثم مر به أخرى، وهو كذلك، فقال أبو هريرة مثل ذلك، فقال الفتى: قد سمعنا ما تقول، لئن عدت الثالثة لأحملنك على عاتقي، ثم لأكبن بك في الأرض، فقال أبو هريرة،: لا أعود([29]).
وفي صحيح مسلم: عن محمد وهو ابن زياد، قال: سمعتُ أبا هريرة، ورأى رجلاً يجر إزاره، فجعل يضرب الأرض برجله، وهو أمير على البحرين، وهو يقول: جاء الأمير، جاء الأمير، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله لا ينظر إلى من يجر إزاره بطراً))([30]).
10- إنكاره على معترض:
عن أبي سلمة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قام أحدكم من النوم، فليفرغ على يده من وضوئه، فإنه لا يدري أين باتت يده)) قال قين الأشجعي لأبي هريرة: فإذا جئنا مهراسكم([31]) هذا كيف نصنع؟! فقال أبو هريرة: نعوذ بالله من شرِّك([32]).
11- إنكاره على مَن لم يُحسن إلى جاره:
عن أنيس بن أبي يحيى، أنَّ أبا هريرة، كان صديقاً لرجل من أهل اليمن، يقال له: أبو طريفة، وكان أبو هريرة يزوره في بيته، وكان لأبي طريفة جار يقال له: أمين، يجتمع عنده التجار، ويصنع لهم الطعام، فقال أبو هريرة لأبي طريفة: هل يهدي لك جارك من هذا الطعام شيئاً؟ قال: لا؛ قال: فخرج أبو هريرة، حتى وقف على أمين، فقال وهو رافع صوته: “ويل لأمين من أبي طريفة يوم القيامة” ثلاثاً، فجاء أمين، فقال: ارجع يا أبا هريرة، فو الله لا يدخل بيتي شيءٌ إلا دخل عليه منه([33]).
12- موقف آخر من إنكاره على مروان:
عن يزيد بن شريك أنَّ الضحاك بن قيس بعث معه بكسوة إلى مروان بن الحكم، فقال: انظر من بالباب، فقال: أبو هريرة، فقال: ائذن له، فدخل، فقال له مروان: حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ليتمنين أقوامٌ ولوا هذا الأمر، أنهم خروا من الثريا، ولم يلوا من هذا الأمر شيئاً)) فقال: زدنا، فقال: سمعته يقول: ((فناء هذه الأمة على يد أغيلمة من قريش))([34]).
13- إنكاره على امرأة:
عن عاصم بن عبيد مولى أبي رهم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ امرأة مرت به، فوجد منها ريح عصار، فقال أبو هريرة: المسجد تريدين؟! قالت: نعم، قال: وله تطيبت؟! قالت: نعم، فقال أبو هريرة: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أيما امرأة تطيبت، ثم أتت المسجد لم تقبل لها صلاة، حتى تغتسل، كاغتسالها من الجنابة))([35]).
14- إنكاره على غاشٍ:
عن عبد الله بن أبي جعفر، أنَّ صفوان بن سليم أخبره، أنَّ أبا هريرة مرَّ بإنسان يحمل لبناً، قد خلطه بالماء، يبيعه، فقال له أبو هريرة: كيف لك إذا قيل لك يوم القيامة: خلِّص الماء من اللبن!([36]).
15- إنكاره على شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة:
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: لقيتُ بصرة بن أبي بصرة الغفاري، فقلت له: من أين أقبلت؟ قال: من الطور، فقلت: أما لو أدركتك قبل أن تخرج إليه، ما خرجت إليه، سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد، إلى المسجد الحرام، وإلى مسجدي، وإلى مسجد إيلياء، أو بيت المقدس)) يشك([37]).
16- إنكاره على من لم يدرِ ما قرأ الرسول في الصلاة:
فعن سعيد المقبري، قال: قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: يقول الناس: أكثر أبو هريرة، فلقيت رجلاً، فقلتُ: بما قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البارحة في العتمة؟ فقال: لا أدري؟ فقلتُ: ألم تشهدها؟ قال: بلى، قلتُ: لكن أنا أدري، قرأ سورة كذا وكذا([38]).
17- إنكاره على التباهي في البناء:
عن إبراهيم بن نشيط، عن بني الأسود، قال: بنى رجل داراً بالمدينة، فلما فرغ منها مرَّ أبو هريرة عليها، وهو واقف على باب داره، فقال: قف يا أبا هريرة، ما أكتبُ على باب داري؟ قال: -وأعرابي قائم-، قال أبو هريرة: اكتب على بابها:
ابنِ للخراب، ولد للثكل، واجمع للوارث، فقال الأعرابي: بئس ما قلت يا شيخ، فقال صاحب الدار: ويحك! هذا أبو هريرة، صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-!([39]).
18- إنكاره على التنعم الزائد:
عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه مرَّ بقوم بين أيديهم شاة مصلية، فدعوه، فأبى أن يأكل، وقال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الدنيا، ولم يشبع من خبز الشعير([40]).
19- نصحه للشاعر الفرزدق:
عن أشعث بن عبد الملك، عن الفرزدق، قال: نظر أبو هريرة إلى قدمي، فقال: يا فرزدق أرى قدميك صغيرتين، فاطلب لهما موضعاً في الجنة، فقلتُ: إن لي ذنوباً كثيرة، فقال: لا تيأس، فإني سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن بالمغرب باباً مفتوحاً، لا يغلق، حتى تطلع الشمس من مغربها))([41]).
20- موقف آخر من إنكاره على مروان:
عن جابر، قال: سمعت يزيد بن الأصم، قال: كنتُ بالمدينة مع مروان بن الحكم وأبي هريرة، فمرت بهما جنازة، فقام أبو هريرة، ولم يقم مروان، فقال أبو هريرة: إني رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرت به جنازة فقام، فقام عند ذلك مروان([42]).
21- إنكاره على رجل من قريش:
عن أبي رافع أنَّ رجلاً من قريش أتى أبا هريرة في حلة، وهو يتبختر فيها، فقال: يا أبا هريرة إنك تكثر الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهل سمعته يقول في حلتي هذه شيئاً؟ قال: والله إنكم لتؤذوننا، ولولا ما أخذ الله على أهل الكتاب {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران (187)] ما حدثتكم بشيء، سمعتُ أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن رجلاً ممن كان قبلكم بينما هو يتبختر في حلة إذ خسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها حتى تقوم الساعة)) فو الله ما أدري لعله كان من قومك، أو من رهطك، شك أبو يعلى([43]).
22- إنكاره على عائشة:
عن سعيد أنَّ عائشة -رضي الله عنها- قالت لأبي هريرة: أكثرت الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يا أبا هريرة، قال: إني والله ما كنتُ تشغلني عنه المكحلة، والخضاب، ولكن أرى ذلك شغلك عما استكثرت من حديثي، قالت: لعله([44]).
23- إنكاره على رجل من أهل العراق:
عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يزالون يسألون حتى يُقال: هذا الله خلقنا، فمن خلق الله -عز وجل-؟)) قال: فقال أبو هريرة: فو الله إني لجالس يوماً إذ قال لي رجل من أهل العراق: هذا الله خلقنا، فمن خلق الله -عز وجل-؟ قال أبو هريرة: فجعلتُ أصبعي في أذني، ثم صحتُ، فقلتُ: صدق الله ورسوله، الله الواحد الصمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد([45]).
24- إنكاره في مجلس القضاء:
عن محمد بن نعيم، عن أبيه قال: شهدتُ أبا هريرة -رضي الله عنه- يقضي، فجاء الحارث بن الحكم، فجلس على وسادته التي يتكئ عليها، فظن أبو هريرة أنه لحاجة غير الحُكم، فجاءه رجل فجلس بين يدي أبي هريرة، فقال: ما لك؟! قال: استأدى علي الحارث، فقال أبو هريرة: قم، فاجلس مع خصمك، فإنها سنة أبي القاسم -صلى الله عليه وسلم-([46]).
25- إنكاره على ذي مالٍ:
عن أبي عمر الغداني، قال: كنتُ عند أبي هريرة -رضي الله عنه- جالساً، قال: فمرَّ رجل من بني عامر بن صعصعة، فقيل له: هذا أكثر عامري نادى مالاً، فقال أبو هريرة: ردوه إليَّ، فردوه عليه، فقال: نبئتُ أنك ذو مال كثير، فقال العامري: إي والله إن لي لمائة حمراً، ومائة أدماء، حتى عُد من ألوان الإبل، وأفنان الرقيق، ورباط الخيل، فقال أبو هريرة: إياك، وأخفاف الإبل، وأظلاف الغنم، يردد ذلك عليه، حتى جعل لون العامري يتغير، أو يتلون، فقال: ما ذاك يا أبا هريرة؟ قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من كانت له إبل لا يعطي حقها في نجدتها، ورسلها)) قلنا: يا رسول الله، ما نجدتها ورسلها؟ قال: ((في عسرها ويسرها، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت، وأكبره، وأسمنه، وآشره، ثم يبطح لها بقاع قرقر، فتطؤه بأخفافها، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس، فيرى سبيله، وإذا كانت له بقر لا يعطي حقها في نجدتها، ورسلها، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت، وأكبره، وأسمنه، وآشره، ثم يبطح لها بقاع قرقر، فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها، وتنطحه كل ذات قرن بقرنها، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس حتى يرى سبيله، وإذا كانت له غنم لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت، وأكبره، وأسمنه، وآشره، ثم يبطح لها بقاع قرقر، فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها، وتنطحه كل ذات قرن بقرنها -يعني ليس فيها عقصاء ولا عضباء- إذا جاوزته أخراها أعيدت أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله)) فقال العامري: وما حق الإبل يا أبا هريرة؟ قال: أن تعطي الكريمة، وتمنح الغزيرة، وتفقر الظهر، وتسقي اللبن، وتطرق الفحل([47]).
26- إنكاره على رجل بعض قوله:
فعن أبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنه سمع رجلاً يقول: إن الظالم لا يضر إلا نفسه، فقال أبو هريرة -رضي الله عنه-: بلى والله، حتى الحبارى لتموت في وكرها هزالاً لظلم الظالم([48]).
وعن يحيى بن أبي كثير، قال: قال رجل عند أبي هريرة: إن الظالم لا يظلم إلا نفسه، فقال أبو هريرة: كذبت، والذي نفس أبي هريرة بيده، إن الحبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم([49]).
وعن الشيباني، قال: سمع أبو هريرة رجلاً يقول: كل شاة معلقة برجلها، فقال أبو هريرة: كلا والله، إن الحبارى لتهلك هزلاً في جو السماء بظلم ابن آدم نفسه([50]).
27- إنكاره على من يمنع النساء من البكاء على الميت دون نياحة:
عن محمد بن عمرو بن عطاء بن علقمة، أنه كان جالساً مع ابن عمر بالسوق، ومعه سلمة بن الأزرق إلى جنبه، فمر بجنازة يتبعها بكاء، فقال: عبد الله بن عمر: لو ترك أهل هذا الميت البكاء لكان خيراً لميتهم، فقال سلمة بن الأزرق: تقول ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: نعم أقوله، قال: إني سمعتُ أبا هريرة ومات ميت من أهل مروان، فاجتمع النساء يبكين عليه، فقال مروان: قم يا عبد الملك فانههن أن يبكين، فقال أبو هريرة: دعهن، فإنه مات ميت من آل النبي -صلى الله عليه وسلم-، فاجتمع النساء يبكين عليه، فقام عمر بن الخطاب ينهاهن ويطردهن، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((دعهن يا ابن الخطاب، فإنَّ العين دامعة، والفؤاد مصاب، وإنَّ العهد حديث)) فقال ابن عمر: أنت سمعت هذا من أبي هريرة؟ قال: نعم، قال: يأثره عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم قال: فالله ورسوله أعلم([51]).
وعن وهب بن كيسان، قال: توفي بعض كنائن مروان، فحضر الجنازة مروان، وأبو هريرة معه قال: فسمع مروان نساء يبكين، فشد عليهن، أو صاح بهن، فقال له أبو هريرة: يا أبا عبد الملك، إنا كنَّا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جنازة، فرأى عمر نساء يبكين فتناولهن، أو صاح بهن، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا عمر، دعهن؛ فإن العين دامعة، والنفس مصابة، والعهد حديث))([52]).
28- ومن احتسابه:
أنَّ رجلاً قال لأبي هريرة -رضي الله عنه-: إنا نتراهن بالحمامين، فنكره أن نجعل بينهما محللاً تخوف أن يذهب به المحلل، فقال أبو هريرة: ذلك من فعل الصبيان، وتوشكون أن تتركوه([53]).
29- إنكاره على سائل مجادل:
عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج)) ثلاثاً غير تمام، فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ فقال: اقرأ بها في نفسك؛ فإني سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد… الحديث بتمامه، وهو في مسلم([54]).
وفي رواية ابن ماجه: “فقلتُ: يا أبا هريرة، فإني أكون أحياناً وراء الإمام، فغمز ذراعي، وقال: يا فارسي، اقرأ بها في نفسك([55]).
30- موقف آخر من إنكاره على مروان:
عن الوليد بن رباح قال: سمعتُ أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول لمروان: والله ما أنت بوالٍ، وإن الوالي لغيرك فدعه -يعني حين أرادوا يدفنون الحسن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن تدخل فيما لا يعنيك، إنما يريد بهذا إرضاء من هو غائب عنك -يعني معاوية-، قال: فأقبل عليه مروان مغضباً، فقال: يا أبا هريرة إن الناس قد قالوا: إنك أكثرت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحديث، وإنما قدمت قبل وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بيسير، فقال أبو هريرة: نعم! قدمتُ ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخيبر سنة سبع، وأنا يومئذٍ قد زدت على الثلاثين سنة، وأقمتُ معه حتى توفي، أدور معه في بيوت نسائه وأخدمه، وأنا والله يومئذٍ مقل، وأصلي خلفه، وأحج، وأغزو معه، فكنتُ والله أعلم الناس بحديثه، قد والله سبقني قوم بصحبته، والهجرة إليه من قريش والأنصار، وكانوا يعرفون لزومي له، فيسألوني عن حديثه، منهم عمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، فلا والله ما يخفى عليَّ كل حديث كان بالمدينة، وكل من أحب الله ورسوله، وكل من كانت له عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منزلة، وكل صاحب له، وكان أبو بكر صاحبه في الغار وغيره، وقد أخرجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يساكنه -يعرض بأبي مروان الحكم بن العاص-، ثم قال أبو هريرة: ليسألني أبو عبد الملك عن هذا وأشباهه، فإنه يجد عندي منه علماً جماً ومقالاً، قال: فو الله ما زال مروان يقصر عن أبي هريرة، ويتقيه بعد ذلك، ويخافه، ويخاف جوابه.
وفي رواية: أنَّ أبا هريرة قال لمروان: إني أسلمتُ وهاجرتُ اختياراً وطوعاً، وأحببتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حباً شديداً، وأنتم أهل الدار، وموضع الدعوة، أخرجتم الداعي من أرضه، وآذيتموه وأصحابه، وتأخر إسلامكم عن إسلامي إلى الوقت المكروه إليكم، فندم مروان على كلامه له، واتقاه([56]).
من أقواله الاحتسابية
كان لأبي هريرة -رضي الله عنه- أقوال احتسابية كثيرة، مشهورة، منها:
1- عن محمد بن سيرين أنا أبا هريرة قال لابنته: لا تلبسي الذهب، فإني أخشى عليك حر اللهب([57]).
2- وعن أبي سعيد عن أبي هريرة، قال: إذا زوقتم مساجدكم، وحليتم مصاحفكم، فالدمار عليكم([58]).
3- وعن معمر قال: بلغني عن أبي هريرة أنه كان إذا مر به جنازة قال: روحوا فإنا غادون، أو اغدوا، فإنا رائحون، موعظة بليغة، وعقلة سريعة، يذهب الأول، ويبقى الآخر، لا عقل له([59]).
4- وعن صفوان بن عمرو، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: “الفتنة الرابعة عمياء مظلمة تمور مور البحر، لا يبقى بيت من العرب والعجم إلا ملأته ذلاً وخوفاً، تطيف بالشام، وتغشى بالعراق، وتخبط بالجزيرة بيدها ورجلها، تعرك الأمة فيها عرك الأديم، ويشتد فيها البلاء حتى ينكر فيها المعروف، ويعرف فيها المنكر، لا يستطيع أحد يقول: مه مه، ولا يرقعونها من ناحية إلا تفتقت من ناحية، يصبح الرجل فيها مؤمناً، ويمسي كافراً، ولا ينجو منها إلا من دعا كدعاء الغرق في البحر، تدوم اثني عشر عاماً، تنجلي حين تنجلي، وقد انحسرت الفرات عن جبل من ذهب، فيقتتلون عليها حتى يقتل من كل تسعة سبعة”([60]).
5- وعن أبي المهزم، أن رجلاً أتى أبا هريرة في غريم له، فقال: احبسه، قال: قال أبو هريرة: “هل تعلم له عينا فآخذه به؟” قال: لا، قال: “فهل تعلم له عقاراً أكسره؟” قال: لا، قال: “فما تريد؟” قال: احبسه، قال: “لا، ولكني أدعه يطلب لك، ولنفسه، ولعياله”([61]).
مروياته الاحتسابية
أما مرويات أبي هريرة الاحتسابية فقد كثرت، كما كثرت مروياته في أبواب الشريعة كلها، ومنها:
1- عن الأعرج، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا يسوق بدنة، فقال: ((اركبها)) فقال: إنها بدنة، فقال: ((اركبها)) قال: إنها بدنة، قال: ((اركبها ويلك)) في الثالثة، أو في الثانية([62]).
2- وعن محمد وهو ابن زياد، عن أبي هريرة، أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً لم يغسل عقبيه، فقال: ((ويل للأعقاب من النار))([63]).
3- وعن محمد وهو ابن زياد، قال: سمعتُ أبا هريرة، ورأى رجلاً يجر إزاره، فجعل يضرب الأرض برجله، وهو أمير على البحرين، وهو يقول: جاء الأمير، جاء الأمير، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله لا ينظر إلى من يجر إزاره بطراً))([64]).
4- وعن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يتبع حمامة، فقال: ((شيطان يتبع شيطانة))([65]).
5- وعن أبي زياد الطحان، قال: سمعتُ أبا هريرة، يقول: عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنه رأى رجلاً يشرب قائماً، فقال له: ((قه)) قال: لمه؟ قال: ((أيسرك أن يشرب معك الهر؟)) قال: لا، قال: ((فإنه قد شرب معك من هو شر منه، الشيطان))([66]).
6- وعن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً مضطجعاً على بطنه، فقال: ((إن هذه ضجعة لا يحبها الله))([67]).
7- وعن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يدعو هكذا بإصبعيه يشير، فقال: ((أحد أحد))([68]).
8- وعن يحيى بن أبي عمرو السيباني، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الفتنة الرابعة تعرك فيها أمتي عرك الأديم، يشتد فيها البلاء حتى لا يعرف فيها المعروف، ولا ينكر فيها المنكر))([69]).
9- عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عمن حدثه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تأتيكم من بعدي أربع فتن، فالرابعة منها الصماء العمياء المطبقة، تعرك الأمة فيها بالبلاء عرك الأديم، حتى ينكر فيها المعروف، ويعرف فيها المنكر، تموت فيها قلوبهم كما تموت أبدانهم))([70]).
10- عن أبي عياض، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((على كل مسلم في كل يوم صدقة)) قالوا: يا رسول الله، ومن يطيق ذلك؟ فقال: إرشادك المسلم على الطريق صدقة، وردك السلام على المسلم صدقة، وأمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر صدقة))([71]).
11- وعن الحسن، عن أبي هريرة، قال: لا أعلمه إلا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: ((على كل سلامى من ابن آدم صدقة حين يصبح)) فشق ذلك على المسلمين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن سلامك على عباد الله صدقة، وإماطتك الأذى عن الطريق صدقة، وإن أمرك بالمعروف صدقة، وإن نهيك عن المنكر صدقة)) وحدث أشياء من نحو هذا لم أحفظها([72]).
12- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المجالس بالصعدات، فقالوا: يا رسول الله ليشق علينا الجلوس في بيوتنا، قال: ((فإن جلستم، فأعطوا المجالس حقها)) قالوا: وما حقها يا رسول الله؟ قال: ((إدلال السائل، ورد السلام، وغض الأبصار، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر))([73]).
13- وعن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قال: أتي عمر بامرأة تشم، فقام فقال: أنشدكم بالله، من سمع من النبي -صلى الله عليه وسلم- في الوشم؟ فقال أبو هريرة: فقمتُ فقلتُ: يا أمير المؤمنين أنا سمعتُ، قال: ما سمعت؟ قال: سمعتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا تشمن، ولا تستوشمن))([74]).
14- وعن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، قال: كنتُ محصوراً مع عثمان بن عفان في الدار، فرمي رجل منا، فقتل، فقلتُ لعثمان: يا أمير المؤمنين أما طاب الضراب؟ قتلوا رجلاً منا، فقال: “عزمت عليك يا أبا هريرة إلا طرحت سيفك، فإنما تراد نفسي وسأقي المؤمنين اليوم بنفسي” قال أبو هريرة: فرميتُ بسيف، فما أدري أين هو حتى الساعة؟([75]).
([1]) تاريخ الإسلام (4/ 347) والبداية والنهاية (8/ 111) والأعلام للزركلي (3/ 308).
([2]) أخرجه مسلم (4/ 1938-2491).
([3]) البداية والنهاية (8/ 113).
([4]) أخرجه البخاري (4/ 208-3648).
([5]) البداية والنهاية (8/ 114).
([6]) البداية والنهاية (8/ 114).
([7]) البداية والنهاية (8/ 114).
([8]) البداية والنهاية (8/ 116).
([9]) تاريخ الإسلام (4/ 355).
([10]) تاريخ الإسلام (4/ 354).
([11]) البداية والنهاية (8/ 118-119).
([12]) تاريخ الإسلام (4/ 354) والبداية والنهاية (12/ 208).
([13]) الحجة في بيان المحجة (2/ 322-278).
([14]) الأدب المفرد (ص: 19-14).
([15]) البداية والنهاية (8/ 117).
([16]) البداية والنهاية (8/ 118).
([17]) البداية والنهاية (8/ 121).
([18]) يريد به مواضع في رجليه لم يصبها الماء، فخالف لونها لون ما أصابه الماء. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 146).
([19]) أخرجه أحمد (15/ 151-9265).
([20]) شعب الإيمان (10/ 292-7511) وجامع معمر بن راشد (11/ 138-20134).
([21]) الجامع لابن وهب ت مصطفى أبو الخير (ص: 168-103).
([22]) مصنف ابن أبي شيبة (5/339-26684) والزهد والرقائق لابن المبارك والزهد لنعيم بن حماد (1/133-395).
([23]) مصنف ابن أبي شيبة (6/ 87-29687).
([24]) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن الخروج من المسجد إذا أذن المؤذن (1/454-655).
([25]) الصكاك: جمع صك، وهو الورقة المكتوبة بدين، ويجمع أيضاً على صكوك، والمراد هنا الورقة التي تخرج من ولي الأمر بالرزق لمستحقه بأن يكتب فيها للإنسان كذا وكذا من طعام أو غيره، فيبيع صاحبها ذلك لإنسان قبل أن يقبضه، وقد اختلف العلماء في ذلك.
([26]) أخرجه مسلم في كتاب البيوع، باب بطلان بيع المبيع قبل القبض (3/ 1162-40).
([27]) أخرجه الترمذي في أبواب الطهارة، باب الوضوء مما غيرت النار (1/ 114-79) وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (1/ -79).
([28]) أخرجه أحمد (12/ 424-7456) وقال محققوه: “صحيح، وهذا إسناد حسن”.
([29]) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للخلال (ص: 44) وأحاديث إسماعيل بن جعفر (ص: 238-144).
([30]) أخرجه مسلم (3/ 1653-2087).
([31]) قال أبو عبيد: قال الأصمعي: المهراس حجر منقور مستطيل عظيم كالحوض يتوضأ منه الناس، لا يقدر أحدكم على تحريكه.
([32]) السنن الكبرى للبيهقي (1/ 78-215) وأحاديث إسماعيل بن جعفر (ص: 263-181).
([33]) البر والصلة للحسين بن حرب (ص: 121-234).
([34] ) مسند إسحاق بن راهويه (1/ 359-363).
([35]) مسند البزار = البحر الزخار (15/ 44-8254).
([36]) شعب الإيمان (7/ 231-4927).
([37]) أحمد (39/ 267-23848) وقال محققو المسند: “إسناده صحيح”.
([38]) أخرجه البخاري (2/ 67-1223).
([39]) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (1/ 385) وتاريخ دمشق لابن عساكر (67/ 374).
([40]) أخرجه البخاري (7/ 75-5414).
([41]) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (6/ 1116-1937).
([42]) مسند أحمد (15/ 172-9300).
([43]) البداية والنهاية (8/ 116).
([44]) البداية والنهاية (8/ 116).
([45]) مسند أحمد (15/ 10-9027) وقال محققوه: “حديث صحيح، وهذا إسناد حسن”.
([46]) مجموع فيه ثلاثة أجزاء حديثية – جرار (ص: 287-116) ومسند الحارث = بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث (1/ 518-460).
([47]) مسند أحمد (16/ 230- 10350) وقال محققوه: “حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عمر”.
([48]) شعب الإيمان (9/ 544-7075).
([49]) العقوبات لابن أبي الدنيا (ص: 178-269).
([50]) العقوبات لابن أبي الدنيا (ص: 179-272).
([51]) مسند أحمد (10/ 129-5889).
([52]) مسند أبي داود الطيالسي (4/ 327-2721).
([53]) الأدب المفرد بالتعليقات (ص: 717-1263).
([54]) أخرجه مسلم (1/ 296-395).
([55]) سنن ابن ماجه (1/ 273-838).
([56]) البداية والنهاية (8/ 116-117).
([57]) البداية والنهاية (8/ 119).
([58]) البداية والنهاية (8/ 120).
([59]) البداية والنهاية (8/ 120).
([60]) الفتن لنعيم بن حماد (1/ 238-676).
([61]) مصنف ابن أبي شيبة (4/ 349-20926).
([62]) أخرجه البخاري (2/ 167-1689).
([63]) أخرجه مسلم (1/ 214-242).
([64]) أخرجه مسلم (3/ 1653-2087).
([65]) أخرجه أبو داود (4/ 285-4940) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/692-3724).
([66] ) أخرجه أحمد، ط: الرسالة (13/ 381-8003) وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 337): “وهذا سند صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أبي زياد هذا، قال ابن معين ثقة”.
([67]) أخرجه أحمد ط: الرسالة (13/ 409-8041) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/ 451-2270).
([68]) أخرجه الترمذي ت شاكر (5/ 557-3557) وأحمد ط: الرسالة (16/ 432-10739) وقال الألباني في صحيح سنن الترمذي (8/ 57-3557): “حسن صحيح”.
([69]) الفتن لنعيم بن حماد (1/ 67-127).
([70]) الفتن لنعيم بن حماد (1/ 67-128).
([71]) مسند إسحاق بن راهويه (1/ 309-290).
([72]) أخرجه أحمد (14/ 94-8354).
([73]) الأدب المفرد (ص: 644-1149).
([74]) أخرجه البخاري (7/ 166-5946).
([75]) سنن سعيد بن منصور (2/ 386-2936).