احتساب عِمْران بن حُصَين رضي الله عنهما
(000 – 52 هـ = 000 – 672 م)
هو عِمْران بن حُصَين بن عبيد، الخزاعي، أبو نجيد، صحابي جليل، أسلم عام خيبر، سنة (7 هـ) وكانت معه راية خزاعة يوم فتح مكة، وبعثه عمر إلى أهل البصرة ليفقههم، وولَّاه زياد قضاءها، وتُوفي بها، وهو ممن اعتزل حرب صفين([1]).
وأبوه حصين بن عبيد: له صحبة أيضاً، روى عنه ابنه عمران بن حصين حديثاً مرفوعاً في إسلامه، وفي الدعاء([2]).
قال الطبراني: “حصين بن عتبة، أبو عمران بن الحصين الخزاعي، وقد اختُلف في إسلامه، قيل: أسلم، ويقال: مات على كفره، والصحيح: أنه أسلم”([3]).
وعن الحسن البصري، عن عمران بن حصين، قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي: ((يا حصين كم تعبد اليوم إلهاً؟)) قال أبي: سبعة، ستة في الأرض، وواحداً في السماء، قال: ((فأيهم تعد لرغبتك ورهبتك؟)) قال: الذي في السماء، قال: ((يا حصين أما إنك لو أسلمت علمتك كلمتين تنفعانك)) قال: فلما أسلم حصين، قال: يا رسول الله علمني الكلمتين اللتين وعدتني، فقال: ((قل: اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي)) أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب، وقد روي هذا الحديث عن عمران بن حصين من غير هذا الوجه([4]).
فضله ومكانته:
لعمران بن الحصين -رضي الله عنهما- فضائل جمة، منها:
تسليم الملائكة عليه:
كما جاء في صحيح مسلم: عن مطرف، قال: قال لي عمران بن حصين -رضي الله عنهما-: أحدثك حديثاً عسى الله أن ينفعك به: إنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جمع بين حجة وعمرة، ثم لم ينه عنه حتى مات، ولم ينزل فيه قرآن يحرمه.
وقد كان يُسلَّم عليَّ، حتى اكتويتُ، فترُكْتُ، ثم تركتُ الكي، فعاد([5]).
أنه كان مُجاب الدعوة:
روى إبراهيم بن عطاء بن أبي ميمونة، عن أبيه، أنَّ ناقة لنجيد بن عمران بن حصين رغت([6])، وعمران مريض، فتأذَّى بها عمران، فلعنها، فخرج نجيد، وهو يسترجع، وكانت ناقة تعجبه، فقيل له: ما لك؟! قال: لعن أبو نجيد ناقتي، فما لبثت إلا قليلاً، حتى اندق عنقها([7]).
علمه الغزير:
كان عمران بن حصين -رضي الله عنهما- من علماء الصحابة، وفقهائهم.
روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (130) حديثاً.
منها في الصحيحين (21) حديثاً، اتفقا على ثمانية، وانفرد البخاري بأربعة، ومسلم بتسعة([8]).
ومن أحاديثه المشهورة:
ما جاء في البخاري عن ابن بريدة، عن عمران بن حصين -رضي الله عنه-، قال: كانت بي بواسير، فسألتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة، فقال: ((صلِ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب))([9]).
روى عنه: الحسن، ومحمد بن سيرين، ومطرف بن عبد الله بن الشخير، وزرارة بن أوفى، وزهدم الجرمي، والشعبي، وأبو رجاء العطاردي، وعبد الله بن بريدة، وطائفة سواهم([10]).
وكان من أجلاء الصحابة، قال عنه محمد بن سيرين: ما قدم البصرة أحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يفضل على عمران بن حصين([11]).
ومن شدة حيائه: ما رواه عنه عن الحكم بن الأعرج، قال: قال عمران بن حصين: ما مسستُ ذكري بيميني، منذ بايعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-([12])
زهده:
روى عبد الله بن المبارك، قال: أخبرني جعفر بن النضر السلمي، قال: حدثتني أمي: أن عمران بن الحصين كان يكره الغُرف، وأنه لم يتخذ إلا غرفة لخزانته، فقال جعفر: كراهية أن يشرف على الناس([13]).
سيرته الاحتسابية
سيرة الصحابي عمران بن الحصين -رضي الله عنهما- الاحتسابية، حافلة بالمواقف العظيمة، في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، نذكر طرفاً، منها:
1- إنكاره على مَن يعترض على قول الرسول برأيه، أو بصحيفته:
ففي البخاري ومسلم عن قتادة، عن أبي السوار العدوي، قال: سمعتُ عمران بن حصين، قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((الحياء لا يأتي إلا بخير)) فقال بشير بن كعب: مكتوب في الحكمة: إن من الحياء وقاراً، وإن من الحياء سكينة!
فقال له عمران: أحدثك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتحدثني عن صحيفتك!([14]).
2- إنكاره على مَن يسأل بالقرآن:
فعن عمران بن حصين -رضي الله عنهما- قال: مرَّ برجل، وهو يقرأ على قوم، فلما فرغ سأل، فقال عمران: إنا لله وإنا إليه راجعون، إني سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيجيئ قومٌ يقرؤون القرآن، يسألون الناس به))([15]).
وعن خيثمة، عن الحسن قال: كنتُ أمشي مع عمران بن حصين، أحدنا آخذ بيد صاحبه، فمررنا بسائل يقرأ القرآن، فاحتبسني عمران، وقال: قف نستمع القرآن، فلما فرغ سأل، فقال عمران: انطلق بنا، إني سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((اقرؤوا القرآن، واسألوا الله به؛ فإن من بعدكم قوماً يقرؤون القرآن، يسألون الناس به))([16]).
وعن خيثمة قال: مرَّ عمران بن حصين برجل يقص، فقال عمران: إنا لله وإنا إليه راجعون، سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((اقرؤوا القرآن، وسلوا الله به من قبل أن يجيء قوم يسألون الناس به))([17]).
3- إنكاره على مَن طلَّق امرأته علانية، وراجعها سراً:
فعن العلاء بن زياد، عن عمران بن حصين -رضي الله عنهما- قال: قال له رجل: طلقتُ امرأتي علانية، وراجعتها سراً؟ فقال عمران: طلقتَ في غير عدة، وراجعتَ في غير سنة، اتقِ الله، وأشْهِد([18]).
4- إنكاره على مَن لَبِسَ دُمْلُج من الفضة للواهنة:
روى البغوي: أنَّ عمران بن حصين، نظر إلى رجل في يده دُمْلُج([19]) من صفر، فقال: ما شأن هذا؟! قال: جعلته من الواهنة.
فقال عمران: فإنه لا يزيدك إلا وهناً([20]).
وفي الطبراني: عن الحسن، عن عمران بن حصين، أنه رأى رجلاً في عضده حلقة من صفر، فقال له: ما هذه؟!
قال: نُعِتَتْ لي من الواهنة، قال: أما إن متَّ وهي عليك، وُكلت إليها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس منا من تطير، ولا تطير له، ولا تكهن ولا تكهن له)) أظنه قال: ((أو سحر، أو سُحِر له))([21]).
وفي مصنف ابن أبي شيبة: عن الحسن، عن عمران بن الحصين، أنه رأى في يد رجل حلقة من صفر، فقال: ما هذه؟ قال: من الواهنة، قال: لم يزدك إلا وهناً، لو مت وأنت تراها نافعتك لمت على غير الفطرة([22]).
5- إنكاره على من أراد التمثيل بعبده:
روى هياج بن عمران البرجمي: أنَّ غلاماً لأبيه أبق، فجعل للهِ -عز وجل- لئن قدر عليه ليقطعن يده، فلما قدم عليه، يعني إلى عمران بن حصين، فقال: قل لأبيك: لا يفعل، فإني سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحث في خطبته على الصدقة، وينهى عن المثلة، قل لأبيك: فليكفر عن يمينه، وليتجاوز عن غلامه([23]).
6- ومن احتسابه تحذيره من الفتنة، واجتنابها:
فقد كان -رضي الله عنه- ممن اعتزل الفتنة، وذمها.
فعن أبي قتادة، قال: قال لي عمران بن حصين: الزم مسجدك، قلتُ: فإن دخل عليَّ؟ قال: الزم بيتك، قلتُ: فإن دخل بيتي؟ فقال: لو دخل عليَّ رجل يريد نفسي ومالي، لرأيتُ أن قد حل لي قتاله([24]).
7- إنكاره على مَن يزعم الاكتفاء بالقرآن دون السنة:
عن أبي نضرة، أو غيره قال: كنا عند عمران بن الحصين، وكنا نتذاكر العلم، قال: فقال رجل: لا تتحدثوا إلا بما في القرآن، قال: فقال له عمران بن الحصين: “إنك لأحمق، أوجدت في القرآن صلاة الظهر أربع ركعات، والعصر أربعاً، لا تجهر في شيء منها، والمغرب ثلاثاً تجهر بالقراءة في ركعتين، ولا تجهر بالقراءة في ركعة، والعشاء أربع ركعات تجهر بالقراءة في ركعتين، ولا تجهر بالقراءة في ركعتين، والفجر ركعتين تجهر فيهما بالقراءة”.
قال علي: ولم يكن الرجل الذي قال هذا صاحب بدعة، ولكنها كانت منه زلة، قال: ثم قال عمران: لما نحن فيه يعدل القرآن، أو نحوه من الكلام([25]).
وعند الطبراني: عن الحسن، قال: بينما عمران بن الحصين يحدث عن نبينا -صلى الله عليه وسلم- إذ قال له رجل: يا أبا نجيد حدثنا بالقرآن، فقال له عمران: “أرأيت أنت وأصحابك تقرؤون القرآن، أكنتم محدثي كم الزكاة في الذهب، والإبل، والبقر، وأصناف المال، ولو شهدت وغبت أنتم؟”.
ثم قال: “فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الزكاة كذا وكذا”.
فقال الرجل: يا أبا نجيد أحييتني أحياك الله، ثم قال الحسن: “فما مات ذلك الرجل حتى كان من فقهاء المسلمين”([26]).
وفي رواية: عن أبي نضرة، عن عمران بن الحصين أنه قال لرجل: “إنك امرؤٌ أحمق، أتجد في كتاب الله تعالى الظهر أربعاً، لا تجهر فيها بالقراءة؟ ثم عدد عليه الصلاة، والزكاة، ونحوهما، ثم قال: أتجد هذا في كتاب الله تعالى مفسراً؟ إنَّ كتاب الله أحكم ذلك، وإنَّ السنة تفسر ذلك”([27]).
8- إنكاره على مَن تولَّى أمراً وهو مظنة أن يجور:
فعن ابن سيرين أن زياداً استعمل الحكم الغفاري، فقال عمران بن الحصين: وددتُ أني ألقاه قبل أن يخرج، قال: فلقيه فقال له عمران: أما علمت -أو قال: أما سمعت- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا طاعة لأحد في معصية الله)) قال: بلى، قال: فذاك الذي أردتُ أن أقول لك([28]).
9- إنكاره على قومٍ وقعوا في الفتنة:
عن حميد بن هلال قال: لما هاجت الفتنة، قال عمران بن الحصين لحجير بن الربيع العدوي: اذهب إلى قومك فانههم عن الفتنة، فقال: إني لمغمور فيهم، وما أطاع، قال: فأبلغهم عني، وانههم عنها.
قال: وسمعت عمران يقسم بالله: لأن أكون عبداً حبشياً أسود في أعين حضنيَّات([29]) في رأس جبل أرعاهن، حتى يدركني أجلي، أحب إليَّ من أن أرمي في أحد الصفين بسهم أخطأت أم أصبت([30]).
10- إنكاره على متساهل في صلاة الجمعة:
عن أبي نضرة قال: جاء رجل إلى عمران بن الحصين، فقال: رجل قد فاتته الجمعة كم يصلي؟ قال عمران: ولمَ تفوته الجمعة؟!
فلما ولَّى الرجل، قال عمران: أما إنه لو فاتتني الجمعة صليتُ أربعاً([31]).
11- إنكاره على الخوارج:
عن السميط بن السمير، عن عمران بن الحصين، قال: أتى نافع بن الأزرق وأصحابه، فقالوا: هلكت يا عمران، قال: ما هلكت، قالوا: بلى، قال: ما الذي أهلكني؟ قالوا: قال الله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [النفال (39)] قال: قد قاتلناهم حتى نفيناهم، فكان الدين كله لله، إن شئتم حدثتكم، حديثا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالوا: وأنت سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم، شهدتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد بعث جيشاً من المسلمين إلى المشركين، فلما لقوهم قاتلوهم قتالاً شديداً، فمنحوهم أكتافهم، فحمل رجل من لحمتي على رجل من المشركين بالرمح، فلما غشيه، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، إني مسلم، فطعنه فقتله، فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله هلكت، قال: ((وما الذي صنعت؟)) مرة أو مرتين، فأخبره بالذي صنع، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فهلا شققت عن بطنه، فعلمت ما في قلبه؟)) قال: يا رسول الله لو شققت بطنه لكنت أعلم ما في قلبه، قال: ((فلا أنت قبلت ما تكلم به، ولا أنت تعلم ما في قلبه)) قال: فسكت عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلم يلبث إلا يسيراً حتى مات، فدفناه فأصبح على ظهر الأرض، فقالوا: لعل عدواً نبشه، فدفناه، ثم أمرنا غلماننا يحرسونه، فأصبح على ظهر الأرض، فقلنا: لعل الغلمان نعسوا، فدفناه، ثم حرسناه بأنفسنا، فأصبح على ظهر الأرض، فألقيناه في بعض تلك الشعاب([32]).
12- إنكاره على معترض على حديث:
عن شعبة، قال: سمعتُ عبد الله بن صبيح، قال: سمعتُ محمد بن سيرين، قال: ذكروا عند عمران بن الحصين النوح، وقال: إن الميت يعذب ببكاء الحي، قالوا: وكيف يعذب ببكاء الحي؟ قال: قد قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-([33]).
13- إنكاره على والٍ:
عن إبراهيم بن عطاء، مولى عمران قال: حدثني أبي، أن عمران بن الحصين، استعمل على الصدقة، فلما رجع قيل له: أين المال؟
قال: وللمال أرسلتني؟! أخذناه من حيث كنا نأخذه على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ووضعناه حيث كنا نضعه([34]).
14- إنكاره على معاوية رضي الله عنه الجميع:
عن سبرة بن معبد، قال: قال عمران بن حصين: سمعتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((جهينة مني وأنا منهم، غضبوا لغضبي ورضوا لرضاي، أغضب لغضبهم وأرضى لرضاهم، فمن أغضبهم فقد أغضبني، ومن أغضبني فقد أغضب الله)) فقال له معاوية: إنما قال هذا الحديث في قريش، فقال عمران: أنا سمعته من النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنت يومئذٍ ميت([35]).
15- إنكاره على يعلى بن سهيل:
عن محمد بن أبي المليح الهذلي، حدثني رجل من الحي، أن يعلى بن سهيل مرَّ بعمران بن حصين، فقال له: يا يعلى ألم أنبأ أنك بعت دارك بمائة ألف؟ قال: بلى، قد بعتها بمائة ألف، قال: فإني سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من باع عُقدة مالٍ سلط الله -عز وجل- عليها تالفاً يتلفها))([36]). وفي رواية: ((من غير حاجة))([37]).
16- إنكاره على راوٍ:
عن الحسن، قال: قال سمرة: حفظتُ سكتتين في الصلاة، سكتة إذا كبر الإمام حتى يقرأ، وسكتة إذا فرغ من فاتحة الكتاب، وسورة عند الركوع، قال: فأنكر ذلك عليه عمران بن حصين، قال: فكتبوا في ذلك إلى المدينة إلى أبي، فصدَّق سمرة، قال أبو داود: كذا قال حميد، في هذا الحديث: “وسكتة إذا فرغ من القراءة”([38]).
17- إنكاره على أمرٍ:
عن ابن جريج قال: أُخبرت عن عمران بن حصين، أن وزغاً([39]) مات لهم، فلتُّوا به سويقاً، فشرب منه، ثم أُخبر بالذي كان من أمره، فقال: هل علمتم؟ قالوا: لا، فصفق بيديه، وقال: بيعوا السمن والسويق من غير أهل دينكم، وبينوا لهم الذي كان من أمره، قال بعض أهله: ألا نستسرج به؟ قال: بلى، إن شئتم([40]).
أقواله وآراؤه الاحتسابية
كان لعمران بن الحصين -رضي الله عنهما- كثيرٌ من الأقوال، والآراء المتعلقة بالحسبة والاحتساب، نذكر طرفاً منها:
1- عن سلمة بن علقمة، عن الحسن: أن عمران بن حصين أوصى لأمهات أولاده بوصايا وقال: أيما امرأة منهن صرخت علي، فلا وصية لها([41]).
2- وعن الحسن، قال: أوصى عمران بن حصين قال: إذا أنا مت، فأسرعوا المشي، ولا تهودوا كما تهود اليهود والنصارى([42]).
3- وعن محمد بن سيرين، أو غيره أن عمران بن حصين، صلى مع زياد الجمعة، ثم قام فصلى بعدها أربعاً، فقال الناس: لم يعتد بصلاة زياد، فبلغ ذلك عمران، فقال: لأن تختلف الخناجر في جوفي أحب إلي من أن أفعل ذلك، فلما كانت الجمعة الآخرة صلى معه الجمعة، ثم جلس، ولم يصل شيئاً حتى صلى العصر([43]).
وفي رواية: أن عمران بن حصين كان يصلي بعد الجمعة ركعتين، فقيل له: يا أبا نجيد، ما يقول الناس؟ قال: وما يقولون؟ قال: يقولون: إنك تصلي ركعتين إلى الجمعة، فتكون أربعاً، قال: فقال عمران: لأن يختلف التنازل بين أضلاعي، أحب إلي من أن أفعل ذلك، فلما كانت الجمعة المقبلة صلى الجمعة، ثم احتبى فلم يصل شيئاً، حتى أقيمت صلاة العصر([44]).
4- وعن قتادة، أن عمران بن الحصين، قال: كنا نقول في الجاهلية: أنعم الله بك عيناً، وأنعم صباحاً، فلما كان الإسلام نهينا عن ذلك، قال معمر: فيكره أن يقول: أنعم الله بك عيناً، ولا بأس أن يقول: أنعم الله عينك([45]).
5- وعن حجير بن الربيع، قال: قال لي عمران بن حصين: سر إلى قومك أجمع ما يكونون، فقم فيهم قائماً، فقل: أرسلني إليكم عمران ابن حصين صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقرأ عليكم السلام ورحمة الله، ويحلف بالله الذي لا إله إلا هو لأن يكون عبداً حبشياً مجدعاً، يرعى أعنزاً حضنيَّات، في رأس جبل، حتى يدركه الموت، أحب إلي من أن يرمي بسهم واحد بين الفريقين، قال: فرفع شيوخ الحي رؤوسهم إليه، فقالوا: إنا لا ندع ثقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لشيء أبداً([46]).
6- وعن إبراهيم بن عطاء مولى عمران بن حصين، عن أبيه: أن عمران قضى على رجل بقضية، فقال: والله لقد قضيت علي بجور، وما ألوت، قال: وكيف ذلك؟ قال: شهد علي بزور، قال: ما قضيت عليك، فهو في مالي، ووالله لا أجلس مجلسي هذا أبداً([47]).
7- وعن أبي رجاء عن عمران بن حصين: أنه كره بيع السلاح في الفتنة([48]).
مروياته الاحتسابية
كان لعمران بن الحصين -رضي الله عنهما- كثيرٌ من المرويات الاحتسابية، منها:
1- عن الحسن، عن عمران بن الحصين، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: رأى رجلاً في يده حلقة من صفر، فقال: ((ما هذه الحلقة؟)) قال: هذه من الواهنة، قال: ((انزعها، فإنها لا تزيدك إلا وهناً))([49]).
2- وعن أبي رجاء، قال: حدثنا عمران بن حصين الخزاعي، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً معتزلاً لم يصل في القوم، فقال: ((يا فلان ما منعك أن تصلي في القوم؟)) فقال يا رسول الله: أصابتني جنابة، ولا ماء، قال: ((عليك بالصعيد فإنه يكفيك))([50]).
3- وعن أبي المهلب، عن عمران بن حصين، قال: بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره، وامرأة من الأنصار على ناقة، فضجرت فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((خذوا ما عليها ودعوها، فإنها ملعونة)) قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس، ما يعرض لها أحد([51]).
4- وعن أبي رجاء العطاردي قال عمران بن حصين -رضي الله عنه-: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع السلاح في الفتنة([52]).
5- وعن أبي المهلب، عن عمران بن حصين، أن امرأة من جهينة اعترفت عند النبي -صلى الله عليه وسلم- بالزنا، وقالت: أنا حبلى، فدعا النبي -صلى الله عليه وسلم- وليها، فقال: ((أحسن إليها، فإذا وضعت فأخبرني)) ففعل، فأمر بها النبي -صلى الله عليه وسلم-، فشكت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم صلى عليها، فقال عمر: يا رسول الله رجمتها وتصلي عليها؟ قال: ((لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة وسعتهم، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله -عز وجل-))([53]).
6- وعن الحسن، عن عمران بن الحصين قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن إجابة طعام الفاسقين([54]).
وفاته:
قال الذهبي: تُوُفِّيَ عِمْرَانُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-([55]).
([1]) انظر ترجمته في: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (3/ 1208) ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (4/ 2108) والمنتظم في تاريخ الملوك والأمم (5/ 253) وتاريخ الإسلام (4/ 273) والأعلام للزركلي (5/ 70) وغيرها.
([4]) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات (5/ 519-3483) وضعفه الألباني في صحيح سنن الترمذي (7/ 483-3483).
([14]) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب الحياء (8/ 29-6117) ومسلم في الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها (1/ 64-37).
([18]) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطلاق، باب الرجعة (1/ 652-2025) والطبراني في المعجم الكبير (18/ 218-545) والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 611-15189) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (5/ 25-2025).
([29]) الحضنيات: منسوبة إلى حضن بالتحريك، وهو جبل بأعالي نجد، ومنه المثل: “أنجد من رأى حضنا” وقيل: هي غنم حمر وسود، وقيل: هي التي أحد ضرعيها أكبر من الآخر. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 401).
([32]) أخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن، باب الكف عمن قال: لا إله إلا الله (2/ 1296-3930) وحسن بعض فقراته الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (8/ 430-3930).
([34]) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزكاة، باب ما جاء في عمال الصدقة (1/ 579-1811) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (4/ 311-1811).
([37]) مسند الروياني (1/ 128-128) والكنى والأسماء للدولابي (2/ 704-1237) ومشيخة يعقوب بن سفيان الفسوي (ص: 65-63) والمنتقى من مسموعات مرو للضياء المقدسي (ص: 403-901).
([38]) أخرجه أبو داود في أبواب تفريع استفتاح الصلاة، باب السكتة عند الافتتاح (1/ 206-777) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة، والسنة فيها باب في سكتتي الإمام (1/ 275-845) وضعفه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ص: 2-777).
([49]) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطب، باب تعليق التمائم (2/ 1167-3531) وضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجه (8/ 31-3531).