إضاءات في منهجية الاحتساب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيراً.
أمَّا بعد:
فإنَّ الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدِّن، ووظيفة الأنبياء والمرسلين، وعبادة عظيمة، وقربة يتقرب بها المحتسب -الآمِر بالمعروف والنَّاهي عن المنكر- إلى الله سبحانه وتعالى.
وقد وعد الله القائمين بالأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر بالفلاح؛ فوزاً بالمطلوب، ونجاة من المرهوب؛ فقال عزَّ من قائل: ?وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ? [آل عمران:104].
وهذه الشعيرة العظيمة ينبغي أن تُؤدَّى وفق المنهج الشرعي، والهدي النبوي؛ ليظفر القائمون عليها بوعده تعالى بالفوز والفلاح في الدنيا والآخرة.
ومن أبرز متطلبات المنهج الشرعي في وظيفة الاحتساب:
1- العلم الشرعي بفقه الاحتساب، بكل أموره ومسائله. وفي ذلك يقول الإمام أبو حامد الغزالي -رحمه الله-: “فليعلم المحتسب مواقع الحسبة وحدودها ومجاريها وموانعها ليقتصر على حد الشرع فيها”.
2- الأمانة والشعور بمسئولياتها، واستشعارها في كل وقت، وأن يتقي الله في أداء عمله على الوجه الصحيح، وفق الأحكام الشرعية، وفق التعليمات الرسمية لمهام واختصاصات المحتسب.
3- الحكمة وأن يعالج كل وضع بما يناسبه.
4- الرفق بالقول والفعل؛ تأسِّياً بالحديث النبوي الشريف: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع مِن شيء إلا شانه» [أخرجه مسلم في صحيحه]، فإنَ ذلك أبلغ في استمالة القلوب وحصول المقصود.
5- الصبر: وله شأن عظيم في تحقيق أهداف الاحتساب عل الوجه الشرعي المطلوب، وعنصر حاسم في العمل الدعوي والوصول إلى غاياته المستهدفة.
6- الصدق ومن لوازمه: الالتزام بشعائر الدِّين وتطبيقاته؛ وفق هدي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ومن لوازمه كذلك: الوفاء بالعهد، والإخلاص، وإجادة العمل، والمثالية في التعامل.
7- حب العمل والاعتقاد الجازم بأنِّه عبادة يتقرب بها إلى الله عزّ وجل؛ لينال أجر وثواب أدائها على أكمل وجه، وأنِّ التقصير في ذلك قد يلحق به الإثم والعقوبة. وهذا الاعتقاد يدفع بالمحتسب نحو العمل بأقصى جهد وإبداعٍ ممكن، وليكون قدوة لغيره؛ يتأثر به، ويحذو حذوه؛ فينال أجرَه وأجرَ مَن اقتدى به.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
المصدر: الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر